د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

إدارة الأداء الوظيفي: المفهوم، التطور، والموقع ضمن منظومة الموارد البشرية Employee Performance Management: Concept, Evolution, and Position within the HR System

يستعرض هذا المقال جذور مفهوم إدارة الأداء الوظيفي وتطوره التاريخي، موضحًا موقعه ضمن منظومة الموارد البشرية ودوره المحوري في تحقيق الترابط بين الأهداف الفردية والمؤسسية لضمان الأداء المتكامل والتحسين المستمر.

October 26, 2025 عدد المشاهدات : 49

منذ أن بدأت المؤسسات تدرك أن الإنسان ليس مجرد مورد إنتاجي، بل هو قلب المنظومة ووقودها المعرفي، نشأت فكرة إدارة الأداء بوصفها نظامًا يتجاوز التقييم إلى التطوير، ويتحول من الرقابة إلى التمكين. لم يعد الهدف هو قياس ما أنجز الموظف في نهاية العام، بل كيف يمكن للمؤسسة أن تصنع بيئةً تمكّنه من تحقيق إنجازٍ أفضل عامًا بعد عام.
إنّ إدارة الأداء الوظيفي (Employee Performance Management) ليست عملية معزولة عن بقية وظائف الموارد البشرية، بل تمثل محور الاتصال بين الاستراتيجية والعمليات، وبين الخطط والنتائج، وبين الإنسان والمؤسسة. فهي الأداة التي تترجم الأهداف الكبرى إلى أداء يومي ملموس، وتحوّل الجهود الفردية إلى أثر مؤسسي متكامل.
لقد تطور مفهوم إدارة الأداء من مجرد “تقييم سنوي للأداء” إلى منظومة متكاملة تشمل تحديد الأهداف الذكية (SMART)، وتخطيط الأداء في بدايات العام، وتقديم التغذية الراجعة المستمرة، وإدارة جلسات الحوار التطويري، وربط المخرجات بالجدارات السلوكية والتخصصية، وتحليل البيانات للوصول إلى قرارات عادلة في الترقيات والمكافآت والتطوير المهني.
وفي السياق الخليجي والعربي، أصبح لإدارة الأداء بعدٌ تشريعي وتنظيمي واضح. فقد أصدرت حكومات المنطقة أدلة إرشادية رسمية – مثل الدليل الإرشادي لإدارة الأداء في الحكومة الاتحادية بدولة الإمارات، والدليل الإرشادي للائحة الأداء الوظيفي في المملكة العربية السعودية – لتوحيد الممارسات وضمان العدالة والشفافية في التقييم. كما ربطت الأنظمة الحديثة بين الأداء الفردي والمخرجات المؤسسية، تعزيزًا لمبدأ “الأداء من أجل النتائج”، وانسجامًا مع رؤى التنمية الوطنية مثل رؤية السعودية 2030 ومئوية الإمارات 2071.
إنّ فهم موقع إدارة الأداء الوظيفي داخل منظومة الموارد البشرية يُعدّ الخطوة الأولى في بناء نظامٍ فعالٍ يوازن بين الإنتاجية والتحفيز، وبين المساءلة والدعم. فإدارة الأداء ليست غايةً بحد ذاتها، بل وسيلة لإطلاق طاقات الإنسان وتوجيهها نحو غايات المؤسسة العليا. وهذا المقال يمهّد الأساس العلمي لفهم هذا التحول، من خلال تحليل المفهوم، وتتبع تطوره التاريخي، وتوضيح مكانته في دورة حياة إدارة الموارد البشرية.


🗂️ فهرس المقال

1️⃣ مفهوم إدارة الأداء الوظيفي 🧠
2️⃣ التطور التاريخي والتحول من التقييم إلى الإدارة ⏳
3️⃣ الأسس الفلسفية والنظرية لإدارة الأداء 📚
4️⃣ موقع إدارة الأداء ضمن منظومة الموارد البشرية ⚙️
5️⃣ العلاقة بين إدارة الأداء وبقية وظائف الموارد البشرية 🔄
6️⃣ مبادئ إدارة الأداء في الأنظمة الخليجية الرسمية 📜
7️⃣ المقارنة بين المدرسة التقليدية والنهج الحديث لإدارة الأداء ⚖️
8️⃣ إدارة الأداء كأداة استراتيجية للتمكين والتحسين المستمر 🚀


1️⃣ مفهوم إدارة الأداء الوظيفي 🧠

(The Concept of Employee Performance Management)


تُعدّ إدارة الأداء الوظيفي (Employee Performance Management) واحدة من أكثر المفاهيم جوهرية في علم الإدارة والموارد البشرية الحديثة، لأنها تمثل الجسر العملي الذي يربط بين الاستراتيجية المؤسسية والمخرجات الفردية. فبينما تضع المؤسسة رؤاها الكبرى في خطط استراتيجية، يأتي نظام إدارة الأداء ليحوّل هذه الرؤى إلى سلوكيات وأفعال قابلة للقياس داخل بيئة العمل اليومية. ومن هنا، فإن جوهر إدارة الأداء لا يكمن في قياس النتائج فحسب، بل في إدارة العملية التي تؤدي إلى هذه النتائج.

عرّفت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية في دولة الإمارات إدارة الأداء بأنها “عملية تهدف إلى تحقيق التميز في أداء الموظفين من خلال التواصل المستمر بين الموظف والرئيس المباشر لتحديد الأهداف والنتائج المتوقعة، ومتابعة التقدم، وتقديم التغذية الراجعة، وتقييم الأداء وفق الكفاءات السلوكية والتخصصية”.
بينما عرّف الدليل الإرشادي للائحة الأداء الوظيفي في المملكة العربية السعودية النظام بأنه “عملية تواصل مستمر بين الموظف والمسؤول المباشر تهدف إلى تحديد المهام الرئيسية، وتوضيح مستوى الأداء المطلوب، وتقديم الدعم اللازم لتطوير الأداء وتحفيز الموظف على الإنجاز المستمر”.
ويُلاحظ من هذين التعريفين أنّ جوهر المفهوم يرتكز على ثلاثة محاور مترابطة: التخطيط – المتابعة – التطوير، وهي العناصر التي تشكّل دورة الأداء المتكاملة.

من الناحية الأكاديمية، تُعرّف جمعية إدارة الموارد البشرية الأمريكية (SHRM) إدارة الأداء بأنها "عملية منهجية تهدف إلى تحسين فعالية الأفراد والمنظمات من خلال مواءمة أداء الموظف مع أهداف المنظمة الاستراتيجية، وإقامة حوار مستمر حول التوقعات والتغذية الراجعة، وتحفيز التحسين الدائم". أما معهد تشارترد لتنمية الأفراد CIPD فيعتبرها "نظامًا ديناميكيًا يركّز على السلوكيات والنتائج معًا، لتحقيق أداءٍ مستدامٍ يعزّز الثقة والمساءلة والالتزام المهني".

وبتحليل هذه التعريفات، يمكننا أن نستنتج أنّ إدارة الأداء الوظيفي ليست مجرد تقييم للأداء (Performance Appraisal)، بل هي نظام إداري متكامل يهدف إلى إدارة الأداء قبل حدوثه وأثناءه وبعده. فهي تبدأ منذ وضع الأهداف في بداية الدورة، وتمرّ بمرحلة المراجعة الدورية، وتنتهي بمناقشة النتائج ووضع خطط التطوير الفردي (IDP). أي أنها تتحرك عبر دورة حياة الأداء الوظيفي بأكملها، بما يجعلها أحد أعمدة منظومة الموارد البشرية في المؤسسات الحديثة.

ويرى الباحثون أن القيمة الحقيقية لإدارة الأداء لا تكمن في الأداة أو النموذج، بل في الثقافة التنظيمية التي تحيط بها. فالمؤسسات التي تنجح في بناء ثقافة حوار الأداء (Performance Dialogue) والتغذية الراجعة البنّاءة (Constructive Feedback) تحقق معدلات رضا وظيفي ومشاركة أعلى، مقارنة بالمؤسسات التي تُمارس التقييم كإجراءٍ بيروقراطي فقط.
وفي هذا السياق، تشير الدراسات التطبيقية التي استندت إلى نماذج مثل BARS – Behavioral Anchored Rating Scales و360-Degree Feedback إلى أن نظم الأداء الفعّالة هي التي تمزج بين القياس الكمي (Quantitative) والتقدير السلوكي (Qualitative)، لتكوين رؤية شاملة عن أداء الموظف من حيث الإنجاز والسلوك معًا.

وتنبع أهمية إدارة الأداء أيضًا من كونها أداة استراتيجية لبناء العدالة التنظيمية والشفافية في القرارات المتعلقة بالترقيات والمكافآت والتطوير المهني. فهي تعزّز مبدأ "من يُنجز يتقدّم"، وتدعم ثقافة المساءلة والمكافأة القائمة على الأداء الفعلي لا على الانطباعات الشخصية.
وفي المقابل، فإن غياب نظامٍ واضحٍ لإدارة الأداء يؤدي إلى ضبابية في التوقعات، وتفاوت في معايير التقييم، وضعف في العدالة الداخلية، مما ينعكس سلبًا على الروح المعنوية والإنتاجية.

ومن زاوية فلسفية، يمكن النظر إلى إدارة الأداء بوصفها نظامًا للتعلّم المؤسسي (Institutional Learning System) أكثر من كونها نظامًا رقابيًا. فحين تُدار الأداءات بذكاء، تتحول نتائج التقييم إلى فرص تعلم، وتتحول الأخطاء إلى تغذية راجعة، وتتحول المقابلات السنوية إلى حوارات تطويرية تُنمّي مهارات التفكير والتخطيط والتواصل لدى الموظفين والمديرين على حدٍ سواء.

أما من المنظور العربي والخليجي، فإن إدارة الأداء باتت اليوم تمثل تحولًا ثقافيًا في الفكر الإداري. فبدلًا من الاقتصار على المراقبة وتسجيل الدرجات، أصبحت المؤسسات تركز على تطوير القدرات وتعزيز الجدارة والاستعداد للمستقبل. وفي المملكة العربية السعودية، جاء نظام تقويم الأداء الوظيفي الجديد ليؤسس لهذه النقلة، مؤكدًا أن التقييم وسيلة لتحفيز الموظف على النمو الذاتي، وليس للحكم عليه. وفي الإمارات العربية المتحدة، حددت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية أن نظام الأداء يهدف إلى دعم “الثقافة المؤسسية الإيجابية، وتحقيق السعادة في بيئة العمل، وتمكين الموظفين من الإنجاز والإبداع”.
هذه التوجهات الحديثة تعكس نضجًا في الفهم المؤسسي، وتحوّلًا من إدارة الموارد إلى إدارة القيمة التي يخلقها الإنسان داخل المؤسسة.

خلاصة القول إن مفهوم إدارة الأداء الوظيفي يقوم على تحويل الموظف من متلقٍ للأوامر إلى شريكٍ في صياغة الأهداف وتحقيقها، وتحويل المدير من مقوّمٍ للأداء إلى مدرّبٍ وميسّرٍ للتطوير، وتحويل التقييم من أداة للرقابة إلى منصة للحوار والتحفيز. وبذلك تتحول إدارة الأداء إلى فلسفة شمولية تحكم العلاقة بين الإنسان والمؤسسة، بين الطموح الفردي والرؤية المؤسسية، وبين الحاضر والمستقبل.


2️⃣ التطور التاريخي والتحول من التقييم إلى الإدارة ⏳

(The Evolution and Shift from Appraisal to Management)


إنّ فهم التطور التاريخي لإدارة الأداء الوظيفي هو مفتاح إدراك عمق التحول الذي شهدته المؤسسات في تعاملها مع العنصر البشري خلال القرن الماضي. فقد مرّ هذا المفهوم بعدة مراحل متتابعة، تمثل كلٌّ منها انعكاسًا للتطور في الفكر الإداري نفسه، من الإدارة العلمية الكلاسيكية إلى الإدارة الاستراتيجية المعاصرة.
ولعلّ الخط الفاصل بين مرحلتين أساسيتين هو الانتقال من تقييم الأداء (Performance Appraisal) إلى إدارة الأداء (Performance Management)؛ أي من التركيز على النتيجة النهائية إلى إدارة العملية بكاملها.

في بدايات القرن العشرين، ومع ظهور المدرسة التايلورية (Taylorism) في الإدارة العلمية، كان الاهتمام منصبًّا على قياس الإنتاجية الفردية، وتحديد معايير الأداء الكمي بدقة. كان الموظف يُنظر إليه بوصفه "عاملًا" يؤدي مهمة محددة ضمن سلسلة إنتاج، وكانت أدوات القياس تعتمد على الوقت والحركة والإنتاجية المادية. وفي تلك المرحلة، نشأت أنظمة تقييم الأداء بوصفها آلية رقابية تهدف إلى رفع كفاءة العمل، لكنها كانت تفتقر إلى البُعد الإنساني والنفسي في التعامل مع الموظف.

ثم جاءت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية لتشهد تطورًا في الفكر الإداري مع بروز مدارس العلاقات الإنسانية (Human Relations Movement) التي قادها إلتون مايو وماكس ويبر ودوغلاس ماكغريغور، والتي دعت إلى النظر إلى الإنسان ككائن اجتماعي تحكمه الدوافع والانفعالات والقيم، لا كآلة إنتاجية فقط. عندها بدأ مفهوم التقييم الوظيفي يدمج بين الأداء الكمي والسلوك التنظيمي، وظهرت فكرة “المقابلة التقييمية” التي تتيح للمدير مناقشة الموظف في نتائج عمله وتطلعاته.

وفي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، بدأت المنظمات الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا، تتحول تدريجيًا نحو مفهوم أشمل سُمّي إدارة الأداء (Performance Management)، وهو ما تبنّته مؤسسات كبرى مثل جنرال إلكتريك (GE) وIBM وBritish Petroleum. تزامن هذا التحول مع صعود نظرية الإدارة بالأهداف (Management by Objectives – MBO) التي طرحها بيتر دركر، والتي جعلت من الأهداف الواضحة محورًا لقياس الأداء ومتابعته. هنا أصبح التقييم السنوي مجرد جزء من منظومة أوسع تهدف إلى التخطيط والمتابعة والتغذية الراجعة المستمرة.

وفي التسعينيات، أسهمت أطر مثل بطاقة الأداء المتوازن (Balanced Scorecard) التي طوّرها كابلان ونورتن، في توسيع مفهوم الأداء من زاوية مالية بحتة إلى منظومة متعددة الأبعاد تشمل التعلم والنمو، والعمليات الداخلية، ورضا العملاء، والنتائج المالية. ومن هنا بدأت المؤسسات تربط الأداء الفردي بالأداء المؤسسي في نظام متكامل يعتمد على مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs).

أما في العقدين الأخيرين، ومع ظهور مفاهيم حوكمة الموارد البشرية (HR Governance) والمعايير الدولية للموارد البشرية (ISO 30414) ونماذج التميز المؤسسي (EFQM)، فقد أصبح إدارة الأداء الوظيفي جزءًا من منظومة الحوكمة الشاملة داخل المؤسسات، تُقاس فيها العدالة والشفافية، وتُوثّق القرارات المتعلقة بالتقييم والتحفيز والتطوير ضمن إطار مؤسسي متكامل.

وفي العالم العربي والخليجي، بدأت رحلة التحول في التسعينيات مع تأسيس أنظمة الخدمة المدنية الحديثة، وصدور لوائح تنظيمية لتقييم الأداء. غير أن التحول الحقيقي نحو “إدارة الأداء” بمفهومها الشامل بدأ في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، حين أطلقت حكومات الخليج أدلة إرشادية رسمية تعكس هذا النضج المفاهيمي.
ففي المملكة العربية السعودية، نصّ الدليل الإرشادي للائحة الأداء الوظيفي على أنّ الهدف من النظام هو “تحفيز الموظف وتطويره ورفع كفاءته، وتعزيز التواصل الإيجابي بينه وبين المسؤول المباشر”.
أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد تبنّت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية نظامًا متكاملًا لإدارة الأداء يقوم على ثلاث مراحل أساسية هي: تخطيط الأداء، والمراجعة النصف سنوية، والتقييم النهائي، وأكدت في قرار مجلس الوزراء رقم (35) لسنة 2020 أنّ النظام يُطبّق لتعزيز العدالة وتحفيز الإنجاز والإبداع.
وفي سلطنة عمان والبحرين وقطر والكويت، اتجهت السياسات الحكومية الحديثة إلى بناء نظم إلكترونية لإدارة الأداء ترتبط مباشرة بأنظمة الموارد البشرية (HRMS)، مما جعل الأداء جزءًا من دورة رقمية متكاملة تشمل التوظيف والتطوير والتحفيز.

وقد أثبتت التجربة الخليجية أن الانتقال من “تقييم الأداء” إلى “إدارة الأداء” لم يكن مجرد تغيير في المصطلح، بل كان تحولًا فلسفيًا وثقافيًا في نظرة المؤسسة للإنسان. فبينما ركزت النظم القديمة على مراقبة الأداء بعد وقوعه، تسعى النظم الحديثة إلى إدارته قبل أن يحدث، من خلال وضع أهداف واضحة، وتوفير الدعم والتغذية الراجعة، وتمكين الموظف من التطور الذاتي والمشاركة في صياغة معايير نجاحه.

إنّ هذا التطور التاريخي يعكس تحوّل الإدارة الحديثة من منهجية “التحكم” إلى منهجية “التمكين”، ومن “الثواب والعقاب” إلى “التحفيز والتطوير”، ومن “النظرة الإجرائية” إلى “النظرة الاستراتيجية”.
ولذلك يُعدّ مفهوم إدارة الأداء اليوم تجسيدًا لمبدأ القيادة بالشراكة، حيث يُنظر إلى الموظف كعنصر فاعل في التخطيط والإنجاز، لا كموضوع للتقييم فقط.
ويُختصر هذا التحول في المعادلة التالية:

من تقييم الأداء (Appraisal) → إلى إدارة الأداء (Management) → إلى تمكين الأداء (Empowerment).

ففي المرحلة الأولى كانت المؤسسة تحكم على الأداء، وفي الثانية تديره، وفي الثالثة تُمكّنه ليقود ذاته نحو التميز المستدام.


3️⃣ الأسس الفلسفية والنظرية لإدارة الأداء 📚

(Philosophical and Theoretical Foundations of Performance Management)


تستند إدارة الأداء الوظيفي إلى منظومة فكرية ونظرية واسعة تشكل الإطار الفلسفي الذي يوجّه ممارساتها وعملياتها داخل المؤسسة. فإدارة الأداء ليست مجرد آلية إدارية ميكانيكية، بل هي انعكاس لطريقة المؤسسة في فهم الإنسان والعمل والقيمة. وهي تتغذّى من مدارس الفكر الإداري والنفسي والاجتماعي، وتتكامل مع مفاهيم القيادة، والتحفيز، والجدارات، والتعلم التنظيمي.

من الناحية الفلسفية، تنطلق إدارة الأداء من رؤية ترى في الإنسان محورًا للتنمية لا أداةً لها، وهو ما يتسق مع المدرسة الإنسانية في الإدارة التي نشأت كرد فعل على التوجه الصناعي البحت في بدايات القرن العشرين. فالفكر الحديث في الأداء ينظر إلى الموظف على أنه شريك استراتيجي يمتلك قدرات وإمكانات يمكن توجيهها لتحقيق الأهداف المؤسسية، لا مجرد موردٍ يمكن قياس إنتاجيته بالأرقام.
هذه الفلسفة الإنسانية ترتكز على مبادئ أساسية أهمها: الاحترام المتبادل، والمشاركة، والمسؤولية المشتركة، والشفافية. ولذلك فإن نجاح نظام الأداء لا يقاس بعدد التقارير أو الدرجات، بل بمدى جودة الحوار بين المدير والموظف، وعمق الفهم المشترك للأهداف والمعايير.

أما من الناحية النظرية، فإن إدارة الأداء تمثل نقطة التقاء بين عدة نظريات إدارية وسلوكية.
أول هذه النظريات هي نظرية الإدارة بالأهداف (Management by Objectives) التي وضعها بيتر دركر في خمسينيات القرن الماضي، والتي أكدت أن الأداء الفعّال يبدأ بتحديد أهداف واضحة ومشتركة بين الرئيس والمرؤوس، ثم متابعة التقدم نحوها بأسلوب منظم. وتُعد هذه النظرية حجر الزاوية في كثير من أنظمة الأداء الحديثة التي تعتمد على مبدأ SMART في صياغة الأهداف (محددة، قابلة للقياس، قابلة للتحقيق، واقعية، ومحددة زمنًا).

النظرية الثانية هي نظرية التحفيز (Motivation Theory) التي طورها علماء النفس مثل أبراهام ماسلو وفريدريك هرزبرغ، حيث بيّنت أن الأداء لا يُبنى فقط على الكفاءة، بل على الدافع الداخلي. ومن ثمّ فإن إدارة الأداء الفعّالة لا تقتصر على تقييم النتائج، بل تهتم بفهم المحركات النفسية التي تدفع الموظف نحو الإنجاز، كالاعتراف والتقدير والإنصاف وفرص النمو. وهذا ما أكدته نظرية العدالة التنظيمية (Organizational Justice Theory) التي أوضحت أن إحساس الموظف بالعدالة في التقييم والحوافز يزيد من رضاه الوظيفي وولائه المؤسسي.

أما النظرية الثالثة فهي نظرية السلوك التنظيمي (Organizational Behavior Theory) التي ركزت على فهم السلوك الإنساني داخل بيئة العمل، وتفسير كيف تؤثر الثقافة التنظيمية والقيم المشتركة على أداء الأفراد. ومن هنا جاءت فكرة الجدارات السلوكية (Behavioral Competencies) بوصفها مكوّنًا أساسيًا في منظومة إدارة الأداء، لأنها تعبّر عن "كيف" يُنجز الموظف مهامه، لا "ماذا" ينجز فقط.
وتبنّت الأنظمة الخليجية الرسمية، خاصة نظام إدارة الأداء الإماراتي والدليل الإرشادي للائحة الأداء الوظيفي السعودي، هذه المقاربة من خلال ربط تقييم الأداء بالكفاءات السلوكية والتخصصية معًا، تحقيقًا للتوازن بين القيم والنتائج.

النظرية الرابعة هي نظرية التعلم التنظيمي (Organizational Learning Theory) التي ترى أن الأداء الفردي هو انعكاس لقدرة المؤسسة على التعلم من تجاربها. فالنظام الفعّال لإدارة الأداء لا يهدف إلى معاقبة الأخطاء، بل إلى تحويلها إلى فرص تعلم. وهنا يظهر الدور الحيوي لجلسات التغذية الراجعة (Feedback) التي تمثل لحظة تربوية مهنية بين المدير والموظف، يتحول فيها التقييم إلى أداة للنمو والتطوير.

النظرية الخامسة هي نظرية النظم (Systems Theory) التي تنظر إلى المؤسسة كنظام مترابط الأجزاء، بحيث يتأثر أداء الفرد بأداء الفريق والإدارة والبيئة المحيطة. وبذلك يصبح تقييم الأداء عملية تشاركية تسعى إلى تحقيق الاتساق المؤسسي (Institutional Alignment)، أي مواءمة الجهود الفردية مع الأهداف الاستراتيجية العامة.
ويظهر هذا الاتساق جليًا في النماذج الحديثة مثل بطاقة الأداء المتوازن (Balanced Scorecard) ومؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) والأهداف والنتائج الرئيسية (OKRs) التي تسعى لربط الأهداف الفردية بالأداء الكلي للمؤسسة.

من جانبٍ آخر، تتغذى إدارة الأداء على الأسس الأخلاقية التي أرستها نظرية المسؤولية الاجتماعية، حيث تُعتبر العدالة والشفافية والمسؤولية جزءًا من الأداء المهني. ولهذا، نجد أن المعايير الدولية مثل ISO 30414 الخاصة بحوكمة الموارد البشرية تشترط أن تكون أنظمة الأداء عادلة، شفافة، موثقة، وتخضع للمراجعة الدورية لضمان النزاهة المؤسسية.

وفي المنظور الإسلامي والعربي، يمكن القول إنّ فلسفة إدارة الأداء تتكامل مع مقاصد الشريعة في العدل والإتقان والمساءلة، كما جاء في قوله تعالى:

“إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ”
(رواه البيهقي).
فالإتقان هو لبّ الأداء، والمساءلة جزء من الأمانة المهنية، والعدل أساس في التقييم. ومن هذا المنطلق، فإن إدارة الأداء في بيئتنا العربية لا يمكن فصلها عن قيم المسؤولية والإحسان والمكافأة على العمل الصالح.

إنّ الجمع بين هذه الأسس الفلسفية والنظرية هو ما يمنح إدارة الأداء عمقها الإنساني واستقرارها المؤسسي. فهي تقوم على فلسفة احترام الإنسان، ونظرية تمكينه، ومنهجية تطويره، ونظامٍ متكاملٍ يربط بين الأهداف، والجدارات، والسلوكيات، والنتائج، في دورة تعلمٍ مستمرة تعكس روح التميز المؤسسي.


4️⃣ موقع إدارة الأداء ضمن منظومة الموارد البشرية ⚙️

(Position of Performance Management within the HR System)


تحتل إدارة الأداء الوظيفي موقعًا محوريًا في منظومة الموارد البشرية، إذ تُعدّ القلب النابض الذي يربط بين وظائف الموارد البشرية الأخرى ويمنحها الاتجاه والمعنى. فهي النظام الذي يُترجم رؤية الموارد البشرية إلى نتائج عملية ملموسة، ويضمن انسجام الجهود الفردية مع الأهداف المؤسسية العامة.
ولفهم موقع إدارة الأداء داخل هذه المنظومة، لا بد من النظر إلى سلسلة القيمة في الموارد البشرية بوصفها نظامًا متكاملًا يبدأ من استقطاب الكفاءات، ويمر بتطويرها وتحفيزها، وينتهي بتحقيق الأداء المؤسسي المتميز.

من الناحية الهيكلية، تقع إدارة الأداء عادة ضمن إدارة التطوير المؤسسي أو إدارة الموارد البشرية، لكنها في الواقع تتقاطع وظيفيًا مع جميع وحدات المنظومة. فهي ترتبط بإدارة التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية (HR Planning) من خلال تحديد احتياجات القوى العاملة بناءً على مستويات الأداء المطلوبة. وترتبط أيضًا بإدارة الاستقطاب والتعيين (Recruitment & Selection) لأنها تحدد معايير الجدارة والمهارات والسلوكيات التي يُفترض أن تتوافر في المرشحين الجدد بناءً على نماذج الأداء المعيارية.

أما علاقتها بإدارة التدريب والتطوير (Learning & Development) فهي علاقة تكاملية تقوم على مبدأ "الاحتياجات التدريبية المستندة إلى الأداء". فنتائج تقييم الأداء تُعتبر المصدر الرئيسي لتحديد الفجوات المهارية والسلوكية التي تحتاج إلى تطوير، مما يجعل نظام الأداء هو المحرّك الأساسي لخطة التدريب المؤسسية.
وفي هذا السياق، أشار الدليل الإرشادي السعودي للائحة الأداء الوظيفي إلى أن نظام الأداء يجب أن يُستخدم لتحديد الاحتياجات التدريبية بدقة، وأن يكون مدخلًا رئيسيًا لتخطيط المسار المهني وتطوير القيادات المستقبلية.

وترتبط إدارة الأداء كذلك بوظيفة المكافآت والتعويضات (Compensation & Rewards)، إذ تمثل الأساس الموضوعي الذي تُبنى عليه قرارات الترقيات والمكافآت والحوافز. فالمؤسسات الحديثة تعتمد على الربط بين الأداء والمكافأة (Pay for Performance) لضمان العدالة وتحفيز الإنجاز. وهذا ما أكدته أنظمة الموارد البشرية الخليجية التي نصت على أن نتائج الأداء السنوي تُعدّ مدخلًا لتحديد العلاوة الدورية والترقية الوظيفية.

أما في علاقتها بوظيفة إدارة المسار الوظيفي (Career Management)، فإن إدارة الأداء توفر قاعدة بيانات دقيقة حول إمكانات الموظفين وقدراتهم ومستوى نضجهم المهني، مما يمكّن الإدارة من رسم مسارات التطور الوظيفي القائمة على الأداء الفعلي لا على الانطباعات. وبذلك، تتحول إدارة الأداء إلى خريطة طريق للموهبة المؤسسية (Talent Roadmap)، تساعد في بناء صف ثانٍ من القيادات.

وتتقاطع إدارة الأداء أيضًا مع إدارة الثقافة التنظيمية والانتماء المؤسسي (Organizational Culture & Engagement)، لأنها تؤثر مباشرة في القيم والسلوكيات داخل بيئة العمل. فحين يكون نظام الأداء قائمًا على العدالة والشفافية، ينمو شعور الموظفين بالثقة والانتماء. أما حين يُدار بمعايير غامضة أو متحيزة، فإنه يولّد الإحباط ويقوّض روح الفريق. ولهذا، فإن المؤسسات الرائدة تجعل من إدارة الأداء جزءًا من منظومة التجربة الشاملة للموظف (Employee Experience)، بما يشمل التواصل، والتقدير، والتطوير المستمر.

ويظهر الموقع الاستراتيجي لإدارة الأداء أيضًا في علاقتها بوظيفة إدارة التغيير المؤسسي (Change Management)، إذ تُستخدم مؤشرات الأداء كأداة لقياس فعالية التحولات التنظيمية. فكل تغيير مؤسسي يحتاج إلى نظامٍ يرصد أثره على السلوك والإنتاجية وجودة الخدمة، وهو ما توفره نظم الأداء المتقدمة من خلال البيانات التحليلية ولوحات القياس (Dashboards) وأنظمة ذكاء الأعمال (BI).

وإذا نظرنا إلى العلاقة بين إدارة الأداء ووظيفة القيادة والإشراف (Leadership & Supervision)، نجد أن الأولى تمثل الإطار الذي تُمارَس من خلاله الثانية. فالقائد في بيئة الأداء الحديثة لا يكتفي بمراقبة النتائج، بل يمارس دور المدرب (Coach) والمرشد (Mentor) الذي يوجّه الموظف نحو تطوير أدائه وتحقيق إمكاناته القصوى. ولذلك نصّت الأدلة الخليجية الرسمية على ضرورة تدريب المديرين على مهارات إدارة الأداء، وخاصة مهارات الحوار البنّاء والتغذية الراجعة الموضوعية.

وفي هذا السياق التكاملـي، يمكننا تمثيل موقع إدارة الأداء ضمن منظومة الموارد البشرية من خلال ما يُعرف بـ "حلقة الاتصال الذهبية" التي تضم:

التخطيط → الاستقطاب → التدريب والتطوير → إدارة الأداء → التحفيز والمكافآت → الاحتفاظ بالموهبة → التخطيط القيادي

كل عنصر في هذه الحلقة يعتمد على الآخر ويغذيه بالمعلومات، لكن إدارة الأداء هي التي تضبط الإيقاع العام للمنظومة، لأنها تمدّ كل وظيفة بالمؤشرات والمعطيات التي تُبنى عليها القرارات.

أما في المنظور التشريعي والتنظيمي، فقد نصّت أنظمة الموارد البشرية الخليجية على أن إدارة الأداء جزء لا يتجزأ من نظام إدارة الموارد البشرية الإلكتروني (HRMS)، وتخضع لتكاملٍ كاملٍ مع سجلات الموظفين، وساعات العمل، وخطط التدريب، والنتائج السنوية. وهذا التكامل يعزز الكفاءة التشغيلية ويضمن العدالة في المعالجة الآلية للبيانات، مما يقلل التحيزات البشرية ويزيد الثقة في النظام.

وبهذا المعنى، فإن إدارة الأداء ليست وحدة إدارية معزولة، بل هي منظومة محورية تتوسط جميع وظائف الموارد البشرية، وتحوّلها من أنشطة متفرقة إلى نظامٍ متكاملٍ يربط الإنسان بالأهداف، والعمليات بالنتائج، والتقييم بالتطوير، في دائرة واحدة من التحسين المستمر.


5️⃣ العلاقة بين إدارة الأداء وبقية وظائف الموارد البشرية 🔄

(Relationship between Performance Management and Other HR Functions)


تتجلى أهمية إدارة الأداء الوظيفي حين ننظر إليها بوصفها العمود الفقري الذي يوصل جميع وظائف الموارد البشرية ببعضها ويمنحها الاتساق الداخلي والتكامل الاستراتيجي. فهي ليست نشاطًا منفصلًا عن التوظيف أو التدريب أو التعويضات، بل منظومة معرفية وإجرائية تربط كل تلك الوظائف في إطار واحد، يجعل الإنسان محورًا لكل عملية إدارية.

من الناحية الوظيفية، ترتبط إدارة الأداء ارتباطًا مباشرًا بـ التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية، إذ توفر البيانات التحليلية اللازمة لتقدير احتياجات القوى العاملة. فحين ترصد المؤسسة مؤشرات الأداء الفردي والجماعي، يمكنها التنبؤ بمستويات الإنتاجية المستقبلية، وتحديد الفجوات في القدرات، والتخطيط لتوظيف أو تطوير كوادر جديدة.
وفي هذا السياق، أوضح الدليل الإرشادي لإدارة الأداء الإماراتي أن نتائج الأداء تمثل أحد أهم مدخلات التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية، لأنها تُظهر الاتجاهات طويلة المدى في كفاءة الكوادر وجودة الخدمات.

أما العلاقة بين إدارة الأداء والاستقطاب والتعيين (Recruitment & Selection) فتتمثل في كون الأولى مرجعًا ومعيارًا لاختيار الأنسب. فالمؤسسة التي تمتلك نظامًا متكاملًا لإدارة الأداء تعرف بالضبط ما تحتاج إليه من كفاءات، وما المهارات السلوكية والفنية المطلوبة لكل وظيفة، وما الصفات التي تميّز أصحاب الأداء العالي. وبذلك تتحول معايير الأداء إلى إطار جدارات (Competency Framework) يُستفاد منه في تصميم بطاقات الوصف الوظيفي واختبارات التوظيف والمقابلات السلوكية، كما نصّ دليل قياس الجدارات للوظائف الإشرافية وغير الإشرافية.

ويرتبط نظام الأداء أيضًا ارتباطًا وثيقًا بوظيفة التدريب والتطوير (Learning & Development)، إذ تُستخدم نتائج الأداء لتحديد الاحتياجات التدريبية بدقة. فبدلًا من الاعتماد على الانطباعات أو الطلبات الفردية، أصبح بالإمكان بناء خطة تدريب مؤسسية قائمة على تحليل الفجوات الفعلية في الأداء.
وقد أكّد نظام تقويم الأداء السعودي أنّ من أبرز أهداف التقييم هو “تحديد الاحتياجات التدريبية للموظف، وتوفير المعلومات اللازمة لتخطيط القوى العاملة، وتطوير العاملين بما يتناسب مع قدراتهم ومؤهلاتهم وأدائهم”.
وهكذا تتحول إدارة الأداء إلى أداة للتعلّم المؤسسي المستمر، لا إلى مجرد عملية تقييم دورية.

وفي جانبٍ آخر، نجد أن العلاقة بين إدارة الأداء ونظام المكافآت والتعويضات (Compensation & Rewards) هي علاقة تحفيزية استراتيجية. فالتقييم الدقيق للأداء يوفّر الأساس العادل لتوزيع المكافآت والحوافز والترقيات. ومن ثم، يتحول النظام إلى وسيلة لتكريس العدالة التنظيمية وإشاعة ثقافة “من يُنجز يُكافأ”.
وقد نصّت الأدلة الخليجية الرسمية، سواء في الإمارات أو السعودية، على أن العلاوة الدورية والترقية ترتبطان ارتباطًا مباشرًا بنتائج الأداء المعتمدة رسميًا.
ويُعد هذا الربط بين الأداء والمكافأة أحد أهم مقوّمات التحفيز المؤسسي، لأنه يحوّل العدالة من مفهومٍ نظري إلى ممارسة ملموسة يشعر بها الموظفون.

أما العلاقة مع إدارة المسار الوظيفي (Career Development) فتمتد إلى ما هو أبعد من الترقية. إذ يوفّر نظام الأداء بيانات دقيقة حول ميول الموظفين ونقاط قوتهم ومجالات تطويرهم، مما يمكّن إدارة الموارد البشرية من وضع خطط مهنية فردية (Individual Development Plans – IDPs) تُسهم في إعداد القيادات المستقبلية.
ويُلاحظ في النظام الإماراتي أن المرحلة الختامية من دورة الأداء تتضمن “اجتماع ختام الدورة وخطة التطوير الفردي”، كجزء أساسي من دورة الأداء السنوية.
هذا الدمج بين الأداء والتطوير المهني هو ما يمنح النظام طابعه التمكيني والاستراتيجي في آنٍ واحد.

ويرتبط نظام الأداء أيضًا بوظيفة الالتزام والانضباط (Discipline Management)، لأنه يوفر قاعدة بيانات دقيقة تساعد في معالجة الانحرافات السلوكية والمهنية بطريقة موضوعية مبنية على الأدلة. فبدلًا من القرارات الارتجالية، يمكن للإدارة أن تستند إلى سجلات الأداء وتقارير التغذية الراجعة عند اتخاذ الإجراءات التصحيحية. وهذا يعزز مبدأ المساءلة المبنية على البيانات (Evidence-Based Accountability) الذي أصبح من ركائز الحوكمة المؤسسية الحديثة.

أما علاقته بوظيفة الثقافة التنظيمية (Organizational Culture) فتتمثل في كون نظام الأداء أداةً لبناء ثقافة قائمة على الحوار والإنجاز. فالمؤسسات التي تمارس إدارة الأداء بأسلوبٍ تفاعلي ومنفتح تبني بيئة عمل إيجابية، لأن الموظفين يدركون أن التقييم يهدف إلى نموّهم وليس إلى معاقبتهم. ولهذا تؤكد الأدلة الخليجية على أن الحوار والتغذية الراجعة عنصران جوهريان في نجاح النظام، كما جاء في نصوص الدليل الإرشادي السعودي والإماراتي التي تشدّد على “تحويل التقييم إلى تواصل مستمر بين الرئيس والمرؤوس، يهدف إلى التطوير والتحفيز”.

ولا يمكن تجاهل الارتباط الوثيق بين إدارة الأداء ووظيفة حوكمة الموارد البشرية (HR Governance). فالنظام الذي يُدار بمعايير موحدة، وأدلة موثقة، وإجراءات شفافة، هو نظام يضمن النزاهة والعدالة في التعامل مع الموظفين. ولهذا تندرج إدارة الأداء ضمن متطلبات المعيار الدولي ISO 30414 الذي يشترط وجود سياسات واضحة للتقييم، وآليات موضوعية للتظلم، ومراجعة دورية لنتائج الأداء على مستوى الإدارة العليا.

وفي المنظور الشامل، تُعتبر إدارة الأداء بمثابة “حلقة الاتصال” التي تربط بين الوظائف التشغيلية للموارد البشرية (مثل التوظيف والتدريب) والوظائف الاستراتيجية (مثل تخطيط القوى العاملة وإدارة المواهب). فهي تُحوّل المعلومات التشغيلية إلى مؤشرات استراتيجية تُستخدم في اتخاذ القرارات العليا.
وبذلك تُصبح إدارة الأداء نظام تغذية راجعة مؤسسي (Institutional Feedback System) يغذي كل وظيفة من وظائف الموارد البشرية بالبيانات والتحليلات اللازمة للتحسين المستمر.

خلاصة القول إن العلاقة بين إدارة الأداء وبقية وظائف الموارد البشرية علاقة تكامل وليست تبعية. فكل وظيفة من وظائف الموارد البشرية ترفد إدارة الأداء بالمدخلات، وتتلقى منها المخرجات، في دورة متواصلة من البيانات والتطوير. وبهذا يصبح النظام برمته شبكة متكاملة تهدف إلى تعظيم قيمة الإنسان داخل المؤسسة، وتحقيق الانسجام بين الفرد والمنظمة، وبين الطموح الشخصي والرؤية المؤسسية.


6️⃣ مبادئ إدارة الأداء في الأنظمة الخليجية الرسمية 📜

(Principles of Performance Management in GCC Regulatory Systems)


لقد شهدت المنطقة الخليجية خلال العقدين الأخيرين تطورًا جوهريًا في بناء أنظمة إدارة الأداء الوظيفي على أسس تشريعية وتنظيمية واضحة، تعكس توجه الحكومات نحو تحقيق الكفاءة والعدالة والتحفيز في بيئة العمل الحكومية. هذه الأنظمة لم تعد مجرد لوائح إدارية، بل تحوّلت إلى إطارات حوكمة متكاملة تربط الأداء الفردي بالأداء المؤسسي، وتضع الإنسان في قلب التنمية المستدامة.
وفي هذا المحور، نستعرض المبادئ الرئيسة التي أرستها الأنظمة الخليجية — خصوصًا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة — والتي أصبحت اليوم نموذجًا إقليميًا في تطوير إدارة الأداء.


🟩 أولًا: مبدأ الشمولية والتكامل

ينصّ الدليل الإرشادي لإدارة الأداء في الحكومة الاتحادية بدولة الإمارات على أن إدارة الأداء تشمل جميع الموظفين الخاضعين للائحة الموارد البشرية الاتحادية، بغض النظر عن نوع العقد أو مدة الخدمة.
وهذا المبدأ يهدف إلى ضمان العدالة وتكافؤ الفرص في التقييم، فلا تُستثنى فئة إلا لاعتبارات فنية مرتبطة بطبيعة المهام (كالوظائف ذات الطابع الميداني أو الخدماتي).
كما أشار النظام الإماراتي إلى أن دورة الأداء تشمل مراحل مترابطة هي: تخطيط الأداء – المراجعة النصف سنوية – التقييم النهائي، مما يؤكد مبدأ التكامل بين التخطيط والمتابعة والتقييم.
أما في المملكة العربية السعودية، فإن اللائحة التنفيذية للأداء الوظيفي أكدت أن النظام يُطبّق على جميع الموظفين المدنيين في الجهات الحكومية، ويُعد جزءًا أساسيًا من دورة إدارة الموارد البشرية المتكاملة.
هذا الشمول يعزز الاتساق المؤسسي ويمنع التفاوت في التطبيق.


🟨 ثانيًا: مبدأ الشراكة في الأداء (Partnership in Performance)

تعتمد الأنظمة الخليجية الحديثة على مبدأ الشراكة بين الرئيس والمرؤوس في إدارة الأداء، بحيث لا يُفرض التقييم من طرف واحد، بل يُبنى على الحوار والتفاهم المشترك.
ففي النظام الإماراتي، تؤكد الوثائق الرسمية على أن الأداء يُدار عبر جلسات اتفاق على الأهداف في بداية الدورة، وجلسات مراجعة نصف سنوية لتقييم التقدم، ثم جلسة ختامية للتطوير الفردي.
وفي النظام السعودي، يُعرّف الأداء بأنه “عملية تواصل مستمرة بين المسؤول المباشر والموظف تهدف إلى تحقيق أهداف مشتركة، وتطوير الأداء، وتحديد العوائق والعمل على إزالتها”.
هذا المبدأ يُحوّل عملية التقييم من رقابة إلى شراكة تطويرية، تعزز الثقة المتبادلة وتزيد من الالتزام بالنتائج.


🟦 ثالثًا: مبدأ العدالة والشفافية (Fairness and Transparency)

أحد أبرز سمات أنظمة الأداء الخليجية هو الالتزام بمبدأ العدالة التنظيمية في جميع مراحل التقييم.
فقد نصّت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الإماراتية على أن تقييم الأداء يتم وفق معايير موضوعية قائمة على الأهداف والجدارات، بعيدًا عن الانطباعات الشخصية، مع وجود آليات تظلّم واضحة لضمان حق الموظف.
كما نصّ النظام السعودي على أن نتائج التقييم يجب أن تكون “مبنية على الحقائق والملاحظات الموثقة، وأن تُراجع من قبل جهة مختصة قبل اعتمادها النهائي”، وذلك منعًا للتحيز أو المجاملة.
هذا المبدأ يشكّل الأساس الأخلاقي للنظام، ويُترجم فلسفة العدالة المؤسسية التي تقوم عليها الإدارة الحديثة.


🟪 رابعًا: مبدأ الربط بين الأداء الفردي والمؤسسي (Alignment Principle)

يُعتبر هذا المبدأ من أهم التحولات في الأنظمة الخليجية، حيث انتقل التقييم من قياس الجهود الفردية إلى قياس الأثر المؤسسي الناتج عنها.
ففي الإمارات، رُبطت أهداف الموظفين مباشرةً بـ الأجندة الوطنية ورؤية الإمارات 2071، بحيث يُقاس الأداء وفق مدى الإسهام في تحقيق مؤشرات الأداء الاستراتيجية للجهة.
وفي السعودية، وُجّهت الجهات الحكومية لربط مؤشرات الأداء الفردي بمؤشرات الأداء المؤسسي ومؤشرات المبادرات في رؤية المملكة 2030، تحقيقًا لمبدأ الاتساق الاستراتيجي (Strategic Alignment).
وبذلك أصبح الموظف جزءًا من منظومة وطنية كبرى تقيس أثر عمله في تحقيق الأهداف العليا للدولة.


🟫 خامسًا: مبدأ التنمية المستمرة والتحفيز (Continuous Development and Motivation)

تؤكد الأنظمة الخليجية أن إدارة الأداء ليست عملية تقييم سنوي فحسب، بل نظام للتطوير المستمر.
ففي نهاية كل دورة، يجب على المدير والموظف إعداد خطة تطوير فردية (Individual Development Plan) تتضمن نقاط القوة وفرص التحسين، مع ربطها بالبرامج التدريبية المناسبة.
وقد خصص النظام الإماراتي المرحلة الختامية لدورة الأداء لمناقشة خطة التطوير الفردي، بينما نصّ النظام السعودي على أن أحد أهداف النظام هو “تحفيز الموظف عن طريق تحميله مسؤولية تنمية نفسه وتطوير مهاراته”.
هذا المبدأ يحوّل التقييم إلى منصة للتعلّم والتحسين المستمر، مما يعزز كفاءة الموارد البشرية على المدى الطويل.


🟧 سادسًا: مبدأ الجدارات والكفاءات (Competency-Based Management)

تُعدّ الجدارات السلوكية والتخصصية من الركائز الأساسية في أنظمة الأداء الخليجية.
ففي الإمارات، تم تحديث إطار الكفاءات السلوكية بما يتوافق مع نموذج الإمارات للقيادة الحكومية، ويشمل ثلاث مستويات للكفاءة: مدرك – ممارس – متمكن.
وفي السعودية، اعتمدت الجهات الحكومية “إطار الجدارات” الذي يربط بين السلوك المهني والأداء الفعلي للمهام، ويضمن تقييمًا متوازنًا بين ما يُنجز (الأهداف) وكيف يُنجز (السلوك).
وبهذا تتحقق العدالة في التقييم بين الوظائف المختلفة، وتُبنى ثقافة أداء ترتكز على السلوك الإيجابي والنتائج المحققة معًا.


🟥 سابعًا: مبدأ التحول الرقمي وحوكمة البيانات (Digital Transformation and Data Governance)

تتجه جميع الأنظمة الخليجية إلى أتمتة عمليات إدارة الأداء من خلال الأنظمة الإلكترونية الذكية (E-Performance Systems) التي تتيح للموظف والمدير إدارة دورة الأداء كاملة عبر المنصة الرقمية.
في الإمارات، يُدار النظام إلكترونيًا بالكامل، مع خاصية توثيق الاجتماعات والتغذية الراجعة وتحليل البيانات في الزمن الحقيقي.
وفي السعودية، يجري حاليًا دمج نظام الأداء في منظومة موارد (HRMS) الحكومية الموحدة، بما يتيح التكامل بين الأداء والتوظيف والترقيات والتدريب.
هذا التحول الرقمي يعزز الكفاءة التشغيلية ويقلل التحيز البشري، ويوفّر بياناتٍ تحليلية تُستخدم في التخطيط الاستراتيجي وتحسين السياسات.


🟦 ثامنًا: مبدأ المراجعة والتحسين الدوري (Continuous Evaluation and Policy Review)

من أبرز سمات الأنظمة الخليجية الحديثة إدراكها لأهمية التطوير المستمر للنظام نفسه. فكل من السعودية والإمارات أجرت تعديلات دورية على لوائح الأداء بناءً على الدروس المستفادة من التطبيق العملي.
وقد نصّ قرار مجلس الوزراء الإماراتي رقم (35) لسنة 2020 على مراجعة دورية للنظام بما يتوافق مع التوجهات المستقبلية للحكومة واحتياجات بيئة العمل.
وهذا المبدأ يجعل النظام حيًّا ومتجددًا، قادرًا على التكيف مع المتغيرات، وضمان استدامة فعاليته على المدى البعيد.


إنّ هذه المبادئ الثمانية تشكل الإطار المرجعي الذي يستند إليه التطبيق الخليجي لأنظمة الأداء، وتؤكد أن المنطقة لم تعد تكتفي بنقل الممارسات العالمية، بل أصبحت تُنتج نموذجًا عربيًا متميزًا يجمع بين الصرامة المؤسسية والبعد الإنساني، وبين الحوكمة والتحفيز، وبين المساءلة والتمكين.
إنها فلسفة أداء جديدة تُعبّر عن التحول من “إدارة العمل” إلى “تمكين الإنسان”، وهو جوهر التنمية الإدارية في القرن الحادي والعشرين.


7️⃣ المقارنة بين المدرسة التقليدية والنهج الحديث في إدارة الأداء ⚖️

(Traditional vs. Modern Approaches to Performance Management)


تُظهر المقارنة بين المدرسة التقليدية والنهج الحديث في إدارة الأداء الوظيفي تحوّلًا عميقًا في الفلسفة والمنهجية والأدوات التي تحكم العلاقة بين الموظف والمؤسسة. فقد انتقلت إدارة الأداء من نموذجٍ يقوم على الرقابة والمحاسبة إلى نموذجٍ قائمٍ على التمكين والتطوير، ومن ثقافة الخوف إلى ثقافة الحوار.
هذا التحوّل لا يُعدّ مجرد تحديثٍ في الأساليب، بل هو تحوّلٌ ثقافي وفكري يعكس نضج المنظمات في فهم طبيعة الإنسان ودوره في تحقيق القيمة المؤسسية.


🟥 أولًا: من التقييم إلى الإدارة

في المدرسة التقليدية، كان التركيز ينصب على تقييم الأداء (Performance Appraisal) في نهاية العام، حيث يجتمع المدير مع الموظف لمناقشة ما تمّ إنجازه وفق معايير محددة، وغالبًا ما يُقدَّم التقييم على شكل تقريرٍ رقمي أو وصفٍ سطحي للأداء.
أما في النهج الحديث، فقد أصبح التركيز على إدارة الأداء (Performance Management) كعمليةٍ مستمرة تبدأ بتخطيط الأهداف، وتمرّ بالمتابعة والتغذية الراجعة، وتنتهي بالتطوير.
التحوّل هنا من "الحكم على الأداء" إلى "تمكين الأداء"، ومن "التقييم بأثرٍ رجعي" إلى "الإدارة الاستباقية".
كما يوضح الدليل الإرشادي لإدارة الأداء في الإمارات أن النظام الجديد يهدف إلى “تحقيق التواصل المستمر بين الرئيس والمرؤوس على مدار العام، وتوثيق التغذية الراجعة، وتطوير الأداء بصورةٍ مستمرة”.


🟧 ثانيًا: من الرقابة إلى الشراكة

في المدرسة التقليدية، كان المدير هو الجهة الوحيدة المخوّلة بتقييم الموظف، وكانت العلاقة تتسم بالعمودية والسلطوية. أما في النهج الحديث، فقد أصبحت إدارة الأداء عملية تشاركية تعتمد على التقييم المتعدد المصادر (Multi-Source Feedback)، مثل تقييم الزملاء والمرؤوسين والعملاء، وهو ما يُعرف بنظام 360 درجة.
لقد تغيّر الدور من “المدير المقوِّم” إلى “المدير الميسّر (Coach)”، ومن “الموظف المراقَب” إلى “الموظف الشريك”.
هذا التحول أسّس لثقافةٍ مؤسسية تُشرك الجميع في مسؤولية الأداء، وتحوّل الإدارة من سلطة إلى شراكة في الأهداف والنتائج.


🟨 ثالثًا: من النتائج إلى العملية

اعتمدت النماذج التقليدية على قياس النتائج النهائية فقط، وغالبًا عبر مؤشرات كمية مثل عدد المهام المنجزة أو نسبة الالتزام بالخطة. أما النهج الحديث فيركّز على العملية المؤدية إلى النتائج، أي على السلوكيات، والكفاءات، والتعلّم، والتحسين المستمر.
ولذلك نجد أن الأنظمة الحديثة – مثل النظام الإماراتي والسعودي – تقيس الأداء عبر محورين:
1️⃣ الأهداف الذكية (SMART Goals)
2️⃣ الجدارات السلوكية والتخصصية (Behavioral & Technical Competencies).
هذا التوازن بين ماذا تحقق وكيف تحقق يجعل النظام أكثر عدالة وإنصافًا، ويعزز المسؤولية الأخلاقية والسلوكية في الأداء.


🟩 رابعًا: من التقييم السنوي إلى التغذية المستمرة

في المدرسة التقليدية، كانت جلسة التقييم تُعقد مرة واحدة سنويًا، وغالبًا ما تكون شكلية أو متأخرة عن الأحداث. أما النهج الحديث، فيعتمد على المتابعة الدورية والتغذية الراجعة المستمرة (Continuous Feedback).
تُعقد اجتماعات نصف سنوية لمراجعة الأداء المرحلي، مع توثيقٍ إلكتروني للتغذية الراجعة بين المدير والموظف على مدار العام.
وقد أشار الدليل الإرشادي السعودي للائحة الأداء الوظيفي إلى ضرورة أن “تتحول مقابلات الأداء إلى حوارٍ تطويري، وأن يتلقى الموظف تغذية راجعة فورية تساعده على تحسين أدائه قبل نهاية الدورة”.
بهذا أصبح الأداء عملية تعلّم مستمرة وليست حُكمًا مؤجّلًا.


🟦 خامسًا: من الانطباع إلى البيانات

في المدرسة القديمة، كان التقييم يعتمد على الانطباعات الشخصية، وغالبًا ما يتأثر بالتحيز أو العلاقات الشخصية. أما في النظم الحديثة، فالتقييم يستند إلى الأدلة والبيانات الموضوعية (Evidence-Based Evaluation)، ويُدار عبر أنظمة إلكترونية متكاملة (E-Performance Systems) تتيح تسجيل الأهداف، وقياس الإنجاز، وتحليل البيانات آليًا.
ويُعدّ هذا التحوّل أحد أبرز مظاهر الحوكمة الحديثة التي تضمن الشفافية وتقليل الأخطاء البشرية.
وقد نصّ قرار مجلس الوزراء الإماراتي رقم (35) لسنة 2020 على أن نظام إدارة الأداء يُدار إلكترونيًا بالكامل، مع حفظ جميع مراحل الدورة في النظام المركزي لضمان الدقة والعدالة.


🟪 سادسًا: من العقوبة إلى التحفيز

في النظم التقليدية، كان ضعف الأداء يُقابَل بالعقوبة أو التوبيخ، مما خلق بيئة عملٍ قائمة على الخوف. أما النظم الحديثة، فتعتمد على التحفيز والتطوير بوصفهما مدخلين أساسيين لمعالجة قصور الأداء.
تُحوّل النتائج السلبية إلى خطط تطوير فردية (IDPs)، وتُوفر فرص التدريب والإرشاد قبل أي إجراءٍ تأديبي.
وفي هذا السياق، يوضح النظام السعودي أن الهدف من تقييم الأداء هو “اكتشاف مسببات الأخطاء وتجنبها مستقبلًا، وتحفيز الموظف على تنمية نفسه”.
هكذا ينتقل النظام من ثقافة “البحث عن الخطأ” إلى ثقافة “البحث عن الحل”.


🟫 سابعًا: من الانغلاق إلى الشفافية

المدرسة التقليدية كانت تميل إلى السرية في النتائج، حيث لا يعلم الموظف إلا رقمه النهائي في التقييم، ولا يُتاح له حق التظلم إلا نادرًا. أما النهج الحديث فيكرّس الشفافية والعدالة من خلال توثيق كل مرحلة من مراحل التقييم، وإتاحة نتائج الأداء للموظف عبر النظام الإلكتروني، مع وجود قنوات رسمية للتظلم والمراجعة.
وقد أكّدت الأنظمة الخليجية أن الشفافية في التقييم هي شرطٌ للثقة المؤسسية، وأن الموظف شريك في فهم نتائجه وتطوير ذاته.


🟩 ثامنًا: من النمطية إلى المرونة والتخصيص

كانت الأنظمة القديمة تفرض نموذجًا موحّدًا للتقييم على جميع الوظائف، بغض النظر عن طبيعة العمل أو تخصصه. أما النهج الحديث، فيتبنّى التخصيص الوظيفي (Job-Specific Customization) الذي يراعي طبيعة المهام ومستوى الخبرة ودرجة التأثير المؤسسي.
ففي النظام الإماراتي مثلًا، يُستثنى أصحاب الوظائف الخدمية والميدانية من بعض عناصر التقييم، ويتم اعتماد معايير خاصة تناسب طبيعة أعمالهم.
هذا التخصيص يضمن العدالة ويزيد دقة التقييم وواقعيته.


🟦 تاسعًا: من المراقبة إلى التمكين

ربما يمكن تلخيص جوهر التحول في عبارة واحدة:

“المدرسة القديمة تراقب الموظف، أما الحديثة فتمكّنه.”
فالأنظمة الحديثة تجعل الموظف مالكًا لأدائه (Performance Owner)، يتحمل مسؤولية إنجاز أهدافه، ويشارك في تصميمها، ويملك حق مراجعتها وتعديلها وفق المستجدات.
وهذه الثقافة التمكينية هي ما يجعل إدارة الأداء اليوم أداة لبناء القادة لا مجرد أداة للمحاسبة.


🟨 عاشرًا: من البيروقراطية إلى الذكاء المؤسسي

النهج الحديث في إدارة الأداء يستفيد من الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية (AI & Predictive Analytics) لتحليل البيانات، وتوقع الاتجاهات، ورصد المخاطر السلوكية أو الإنتاجية مبكرًا.
فبدلًا من إدارة الأداء بأساليب تقليدية جامدة، أصبحت المؤسسات الخليجية تطوّر أنظمة ذكية تربط الأداء الفردي بمؤشرات الأداء المؤسسي في الزمن الحقيقي، كما هو الحال في أنظمة الموارد البشرية الإلكترونية الحديثة (HRMS – EPM – BI).
وهذا التحول يجعل النظام أكثر دقة ومرونة، ويعزز القدرة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية المبنية على البيانات.


إنّ المقارنة بين المدرستين تُظهر أن إدارة الأداء لم تعد مجرد وظيفة إدارية، بل أصبحت أداة استراتيجية لقيادة التحول المؤسسي. فهي لم تعد تقيس الجهود، بل تُلهم الإنجاز، ولم تعد تراقب الموظف، بل تُمكّنه، ولم تعد تركّز على الماضي، بل تصنع المستقبل.
وبهذا التحول، انتقلت إدارة الأداء من كونها نشاطًا إداريًا إلى أن أصبحت ثقافة مؤسسية تمثل جوهر التميز والحوكمة في بيئات العمل الحديثة.


8️⃣ إدارة الأداء كأداة استراتيجية للتمكين والتحسين المستمر 🚀

(Performance Management as a Strategic Tool for Empowerment and Continuous Improvement)


تجاوز مفهوم إدارة الأداء الوظيفي في الفكر الإداري الحديث دوره التقليدي كأداة للتقييم إلى أن أصبح منظومة استراتيجية تهدف إلى تحقيق التمكين والتحسين المستمر على مستوى الفرد والمؤسسة. فالنظام لم يعد مجرد آلية لضبط السلوك أو قياس الإنتاجية، بل أصبح إطارًا شاملًا يُمكّن القائد من بناء بيئة عمل محفّزة، ويمنح الموظف الفرصة للنمو الذاتي، ويزوّد المؤسسة ببيانات استراتيجية تدعم اتخاذ القرار وتوجيه الموارد نحو الأولويات الأكثر تأثيرًا.


🟩 أولًا: إدارة الأداء كأداة للتمكين المؤسسي

في جوهرها، تُعدّ إدارة الأداء وسيلة لتمكين الإنسان داخل المؤسسة. فهي تتيح له المشاركة الفاعلة في صياغة أهدافه، وتوضّح له معايير النجاح، وتمنحه الصلاحية والمسؤولية لتحقيق النتائج.
يشير النظام الإماراتي لإدارة الأداء إلى أن “التمكين يبدأ حين يدرك الموظف دوره في تحقيق رؤية الجهة الحكومية، ويشعر بأن إنجازه يحدث فرقًا حقيقيًا في النتائج المؤسسية”.
أما النظام السعودي فقد أكّد على “تحميل الموظف المسؤولية عن تطوير ذاته وأدائه” باعتبارها من ركائز التمكين.
وهكذا يصبح الموظف محور النظام، لا موضوعه، إذ يُعامل كصانع للنتائج لا مجرد منفّذ للتعليمات.

التمكين هنا يتجسد في ثلاثة أبعاد رئيسية:
1️⃣ الوضوح: وضوح الأهداف والتوقعات والنتائج المطلوبة.
2️⃣ التحكم: منح الموظف حرية اتخاذ القرار في نطاق عمله.
3️⃣ الثقة: بناء علاقة قائمة على المسؤولية المشتركة لا على الخوف أو الرقابة.
وعندما تتحقق هذه الأبعاد، يتحول نظام الأداء إلى منصة تمكين معرفي وسلوكي ترفع من مستوى النضج التنظيمي والثقة المتبادلة.


🟨 ثانيًا: إدارة الأداء كمنظومة تعلم وتنمية

تقوم فلسفة إدارة الأداء الحديثة على أن كل عملية تقييم هي فرصة للتعلم. فبدلًا من أن يكون التقييم نهاية الدورة، أصبح مدخلًا لدورة جديدة من التطوير.
تعتمد هذه المنظومة على أدوات مثل خطة التطوير الفردي (IDP) والتغذية الراجعة البنّاءة (Constructive Feedback)، التي تحوّل الملاحظات إلى خطط تطوير قابلة للتنفيذ.
وقد أكّدت الأدلة الخليجية الرسمية على أن مرحلة “اجتماع ختام الدورة” ليست لتسليم التقدير العددي، بل لمناقشة سبل التطوير والتدريب المستقبلي.
بهذا المعنى، تصبح إدارة الأداء جزءًا من نظام التعلم المؤسسي الذي يُغذّي المنظمة بالخبرة والمعرفة ويمنع تكرار الأخطاء.


🟧 ثالثًا: إدارة الأداء كأداة لتحفيز السلوك الإيجابي

لا يمكن الحديث عن إدارة الأداء دون التطرّق إلى التحفيز السلوكي الذي يحرّك دوافع الإنجاز لدى الأفراد.
فالنظام الحديث لا يكتفي بمكافأة النتائج، بل يحتفي بالسلوكيات الإيجابية التي تقود إليها، مثل التعاون، والمبادرة، والالتزام، والابتكار.
تُستخدم هنا نماذج القياس السلوكي مثل مقياس التقدير السلوكي (BARS) لتحديد درجات التميّز في الأداء بناءً على دلائل observable behaviors.
هذا الأسلوب يُرسّخ ثقافة “التميّز في الكيف قبل الكم”، ويحوّل بيئة العمل إلى مساحة تقدير متبادل تشجع الأداء الأخلاقي والمسؤول.


🟦 رابعًا: إدارة الأداء كمنظومة بيانات وتحليل

تُعدّ البيانات اليوم القلب النابض لإدارة الأداء الحديثة. فكل عملية تقييم تولّد بياناتٍ عن الأهداف، والسلوكيات، والإنجازات، والتحديات. هذه البيانات تُحلّل عبر أدوات ذكاء الأعمال (Business Intelligence – BI) لتوفير رؤى تساعد القيادة على اتخاذ قرارات استراتيجية دقيقة.
وفي الأنظمة الخليجية، أصبحت مؤشرات الأداء الفردي والمؤسسي تُدار عبر منصات رقمية متكاملة مثل منظومة موارد (HRMS)، ما يجعل الأداء قابلًا للقياس في الزمن الحقيقي، ويتيح تتبع أثره على الكفاءة والإنتاجية.
هذه التحليلات تمكّن صانع القرار من رصد الاتجاهات، وتحديد فرص التحسين، واكتشاف القادة المحتملين بناءً على الأداء الفعلي لا الانطباعات.


🟫 خامسًا: إدارة الأداء كأداة للحوكمة المؤسسية

تُسهم إدارة الأداء في تحقيق مبدأ المساءلة والشفافية داخل المؤسسات، وهو ما يُعرف اليوم بحوكمة الأداء (Performance Governance).
فالنظام العادل والموثّق يُوفّر بيئة يثق فيها الجميع بأن الجهود تُقدّر بموضوعية، وأن الترقية والمكافأة تُمنح وفق الأداء لا العلاقات.
وقد نصّ المعيار الدولي ISO 30414 على أن إدارة الأداء جزء أساسي من حوكمة الموارد البشرية، ويجب أن تُدار بمعايير قابلة للمراجعة والتدقيق لضمان النزاهة المؤسسية.
وفي هذا الإطار، تُصبح إدارة الأداء وسيلة لبناء الثقة التنظيمية، ومؤشرًا على نضج المؤسسة في ممارسة العدالة والشفافية.


🟪 سادسًا: إدارة الأداء كمدخل للتحسين المستمر

التحسين المستمر (Continuous Improvement) هو جوهر الأنظمة الحديثة. فكل دورة أداء تُنتج معرفة جديدة تُستخدم لتحسين الدورة التالية، وفق منهجيات مثل الكايزن (Kaizen) ودورة ديمنغ (PDCA: Plan–Do–Check–Act).
تُستخدم نتائج التقييم السنوي لتطوير مؤشرات الأداء (KPIs)، وتحديث أوزان الجدارات، وتحسين عمليات التقييم نفسها.
وفي البيئة الخليجية، باتت الجهات الحكومية تُراجع لوائح الأداء بصفة دورية، مستندة إلى تقارير التحليل السنوي ودراسات رضا الموظفين عن النظام.
وهكذا تتحول إدارة الأداء إلى نظام تعلّم مؤسسي متجدد يطوّر ذاته كما يطوّر أفراده.


🟩 سابعًا: إدارة الأداء كأداة لقيادة التحول المؤسسي

في عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، لم تعد إدارة الأداء مجرد أداة تشغيلية، بل أصبحت محرّكًا للتحول المؤسسي.
فهي تمكّن القادة من توجيه فرقهم نحو النتائج الاستراتيجية، وتساعد في ربط أهداف الأفراد بالمشروعات الوطنية الكبرى، كما في رؤية السعودية 2030 ومئوية الإمارات 2071.
إنّ إدارة الأداء هنا تُستخدم لتغيير السلوكيات والثقافات التنظيمية، عبر ضبط المؤشرات، وتحفيز الابتكار، وتكريس ثقافة الإنجاز، مما يجعلها من أهم أدوات القيادة الاستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.


🟨 ثامنًا: إدارة الأداء كمنظومة استدامة بشرية

يُختتم هذا الدور الاستراتيجي بإبراز العلاقة بين إدارة الأداء والاستدامة المؤسسية. فالمؤسسات التي تبني نظامًا متوازنًا بين المساءلة والتحفيز، وبين الحوكمة والتمكين، هي مؤسسات قادرة على الاستمرار والتكيّف.
ولذلك تؤكد الأنظمة الخليجية الحديثة على أن الهدف النهائي من إدارة الأداء ليس فقط تحسين النتائج، بل تحقيق السعادة المؤسسية والرفاه المهني، وضمان بيئة عملٍ تعزّز جودة الحياة الوظيفية.
بهذا تصبح إدارة الأداء أداة لتحقيق التنمية البشرية المستدامة، التي تُسهم بدورها في بناء اقتصادٍ معرفيٍّ مزدهر قائمٍ على الكفاءة والابتكار.


إنّ إدارة الأداء الوظيفي في فلسفتها الحديثة لم تعد مجرد نظام للتقييم، بل أصبحت لغةً مؤسسية تُترجم الرؤية إلى أفعال، وتحوّل الأهداف إلى قيمٍ متجسدة في السلوك اليومي للعاملين. إنها أداة للتمكين، ومنهج للتعلم، وآلية للتحسين المستمر، وجسرٌ يصل بين الفرد والمؤسسة، وبين الحاضر والمستقبل.
وبذلك، تُختتم دورة هذا المقال بتأكيد أن إدارة الأداء ليست نهاية الرحلة، بل بدايتها نحو بناء منظوماتٍ ذكيةٍ وإنسانيةٍ في آنٍ واحد.


🧩 الخاتمة التحليلية

(Analytical Conclusion)


إنّ استعراض مفهوم إدارة الأداء الوظيفي من جذوره الفكرية إلى ممارساته المعاصرة يكشف عن رحلة تطورٍ حضاري وإداري عميق، انتقلت فيها المنظمات من التفكير في الإنسان بوصفه أداة إنتاج إلى رؤيته كمحرّكٍ أساسي للتغيير والتنمية.
فما كان في بدايات القرن الماضي مجرد نظامٍ لتقييم الأداء أصبح اليوم نظامًا استراتيجيًا متكاملًا يربط بين التخطيط والقيادة والتحفيز والتحسين المستمر.

لقد أبرزت الدراسة أن إدارة الأداء الحديثة لا يمكن فصلها عن منظومة الموارد البشرية، بل تمثل القلب الذي يضخ الحياة في بقية وظائفها — من الاستقطاب إلى التدريب، ومن المكافآت إلى التطوير المهني — لتشكل جميعها دورةً متكاملة تستند إلى بياناتٍ وتحليلٍ وتعلّمٍ مؤسسيٍّ مستمر.
إنّ المؤسسات التي نجحت في بناء أنظمة أداءٍ فعّالة أدركت أن الأداء لا يُدار بالقرارات، بل يُبنى بالثقافة، وأن العدالة في التقييم ليست في الدرجة، بل في المشاركة، وأن التمكين لا يعني التفويض فقط، بل إشراك الإنسان في صياغة غايته المهنية ضمن غاية المؤسسة الكبرى.

كما أوضح المقال أنّ التجربة الخليجية — السعودية والإماراتية على وجه الخصوص — قدّمت نموذجًا ناضجًا يجمع بين الضبط المؤسسي والبعد الإنساني.
فقد انتقلت من لوائحٍ جامدةٍ إلى منظوماتٍ ذكيةٍ تربط الأداء الفردي بالوطني، وتجعل من كل موظف شريكًا في تحقيق الرؤية الاستراتيجية للدولة.
تجربةٌ تُدرّس في كيفية بناء نظام أداءٍ متوازنٍ بين الصرامة الإدارية والتحفيز النفسي، بين القياس الكمي والسلوك القيمي، وبين حوكمة البيانات وتمكين الإنسان.

ويؤكد التحليل النهائي أن إدارة الأداء الوظيفي في بيئات العمل الحديثة لم تعد خيارًا إداريًا، بل أصبحت ضرورة استراتيجية لضمان العدالة، وتعظيم الكفاءة، وتحفيز الإبداع.
فالنظام الفعّال هو الذي يُحوّل التقييم إلى تعلم، والمساءلة إلى تطوير، والمقابلة السنوية إلى حوارٍ مستمرٍ حول المستقبل.
إنها فلسفة تتجاوز الورق والنماذج إلى بناء الإنسان ذاته بوصفه رأس المال الحقيقي للمؤسسة، ومحور استدامتها وقدرتها التنافسية.

ولذلك، فإن أي مؤسسة تسعى إلى التميز يجب أن تنظر إلى إدارة الأداء لا بوصفها “نظامًا للتقييم”، بل “ثقافةً قياديةً للتحسين”، وأن تستثمر في تدريب قياداتها على إدارة الحوار البنّاء، وتطوير أنظمة القياس العادلة، وتفعيل التقنيات الذكية التي تجعل من الأداء مرآةً للواقع، وجسرًا إلى المستقبل.
ففي النهاية، لا تُقاس المؤسسات بما تُصدره من تقارير، بل بما تبنيه من طاقات بشريةٍ قادرةٍ على الإنجاز المستدام.


✍🏻 التوثيق للمحتوى

📢 يسعدني أن يُعاد نشر هذا المحتوى أو الاستفادة منه في التدريب والتعليم والاستشارات،
ما دام يُنسب إلى مصدره ويحافظ على منهجيته.

✍🏻 هذه الإضاءة من إعداد:
د. محمد العامري
مدرب وخبير استشاري في التنمية الإدارية والتعليمية، بخبرةٍ تمتدّ لأكثر من ثلاثين عامًا في التدريب والاستشارات والتطوير المؤسسي.

📲 للمزيد من الإضاءات والمعارف النوعية،
ندعوكم للاشتراك في قناة د. محمد العامري على الواتساب عبر الرابط التالي:
🔗 https://whatsapp.com/channel/0029Vb6rJjzCnA7vxgoPym1z

🌐 تصفّح المزيد من المقالات عبر الموقع:
👉 www.mohammedaameri.com


🔖 #إدارة_الأداء_الوظيفي #الموارد_البشرية #التميز_المؤسسي #الجدارات #التطوير_المهني #حوكمة_الأداء #التحفيز #التمكين #الكفاءة #التحسين_المستمر #ISO30414 #EFQM #CIPD #SHRM #د_محمد_العامري #مهارات_النجاح

تحميل محتوى الصفحة رجوع