مقدمة:
لقد أصبحت الإدارة الإستراتيجية والفكر الاستراتيجي من المواضيع التي تحظى باهتمام كبير في بيئة الأعمال اليوم حيث المنافسة الشديدة وندرة الموارد وسرعة التغيير والتي تتطلب إدارة واعية لطبيعة ما يجري حول المنظمة من أحداث أو تغيرات. إن الإدارة الإستراتيجية تعطي للمنظمة القدرة على خلق قابليات متميزة تستند عليها ميزات تنافسية مستدامة تؤدي إلى النجاح وتحقيق نتائج أفضل. لقد تطورت الإستراتيجية ومفاهيمها عبر فترات زمنية مختلفة وأصبحت اليوم تمثل رصيد معرفي تستفيد منه إدارات المنظمات في عملها. ومع وجود العديد من النماذج التي في إطارات توضع إستراتيجية المنظمة وتنفذ إلا أن نموذجًا عامًا شاملًا يمكن أن يغطي مراحل الإدارة الإستراتيجية جميعها ابتداء من عملية الصياغة ثم التنفيذ والتقييم والرقابة وقل أن تستعرض هذه المراحل في النموذج العام سنعرج على استعراض أهم المفاهيم التي تشكل طبيعة الإدارة الإستراتيجية في عالم اليوم.
أولًا: طبيعة الإدارة الإستراتيجية
تشتمل الإدارة الإستراتيجية اليوم على كم هائل من المفاهيم والتصورات والرؤى وضعت في إطار علمي ومهجي ومنظم تستفيد منه إدارات الأعمال. وقد تشكل في ضوء ذلك إطار عام للتطور التاريخي لهذه الإدارة إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن.
مفهوم الإدارة الإستراتيجية وتطورها التاريخي Strategic Management Concept and Historical Development
تعتبر الإدارة الإستراتيجية بوجودها العام قديمة وتمتد إلى العصور الأولى من التاريخ حيث القادة العسكريون اليونانيون يستخدمون المناورات العسكرية لتحقيق النصر على الأعداء من خلال الحشد الجيد للموارد، وضمن هذا السياق فإن الإستراتيجية تهتم بالهدف البعيد للحرب والتخصيص الجيد للموارد لتحقيق الهدف من خلال الاهتمام بما يحيط الجيش من بيئة وأحداث. بعد ذلك انتقلت هذه المفاهيم إلى الاقتصاد والأعمال لكي يتم الاستفادة منها، لكن هذه الاستفادة لم تكن في بدايتها كما هي علية اليوم. وإذا أردنا تتبع التطور التاريخي فإنه يمكن أن يستعرض في أربعة مراحل وكالآتي:
- المرحلة الأولى: التخطيط المالي الأولي.
تضع الإدارة أهداف محدودة وتخصص الموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف في ضوء تخليل بسيط جدًا لبيئة واضحة إلى حد ما وتتوفر فيها الموارد، وعادة ما تكون قدرة المنظمة على متابعة أحداث البيئة جيدة. ومع ظهور بوادر تذبذب الطلب على المنتجات لم يعد هذا الأسلوب كافيًا للتعامل مع الأحداث وتطلب الأمر تطوير وسائل جمع المعلومات من البيئة الخارجية.
- المرحلة الثانية: التخطيط القائم على التنبؤ
أصبحت الإدارة في هذه المرحلة أكثر اهتماما بجمع معلومات وتنبؤات لأحداث بيئية لفترات زمنية قد تمتد لثلاث سنوات أو أكثر وربما تؤثر هذه المعطيات في الأنشطة الإدارية وأساليب تحديد الأهداف المنظمة لأفق زمني متوسط أو طويل نسبيًا. ومع ذلك فإن وسائل التنبؤ الأولية أفادت المنظمات كثيرًا في وضع خطط موضوعية وعلمية.
* الإستراتيجية Strategy هي خطة شاملة توجه عمليات تخصيص الموارد لتحقيق أهداف المنظمة بعيدة المدى
- المرحلة الثالثة: الخطط الموجة خارجيا (التخطيط الاستراتيجي)
مع كثرة الأحداث والاضطرابات البيئية وندرة الموارد واشتداد المنافسة فإن إدارات المنظمات وجدت نفسها مجبرة على البحث عن بيانات ومعلومات حول متغيرات البيئة الخارجية. وفي البداية ازداد أفق العملية التخطيطية من الناحية الزمنية ليظهر التخطيط بعد الأمدLong Range Planning ثم بعد ذلك بدأت تظهر أحداث لا تنبع أهميتها من الأفق الزمني بقدر ما يطلب الأمر التركيز على العوامل الحرجة للنجاح وتبلورت حينئذ مفاهيم التخطيط الاستراتيجي الذي استفادت منه المنظمات كثيرًا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي ولا تزال.
- المرحلة الرابعة: الإدارة الاستراتيجية
لم تعد العملية التخطيطية وحدها كافية لإدارة منظمات الأعمال في عالم اليوم فإدارة الاستراتيجية تتجاوز العملية التخطيطية لتصبح هذه العملية جزءًا منها ومكملة لمفاهيم عديدة يدخل ضمنها التخطيط الاستراتيجي واستخدام الموارد النادرة وخلق الميزان التنافسية وتفعيل ثقافة المنظمة وغيرها. وتراكمت مجمل هذه المعارف لتشكل إرثا معرفيا هائلا تستفيد منه إدارات الأعمال في عالم اليوم. وبملاحظة هذا التطور التاريخي لمفهوم الإدارة الاستراتيجية ومحتوياتها فإننا يمكن أن نشير إلى طبيعة ذه الإدارة من خلال استعراض تعريف ينص على أن الإدارة الاستراتيجية هي عمليات إدارية شاملة ومستمرة موجهة نحو صياغة وتنفيذ استراتيجيات فعالة، وهي أسلوب منهجي للأعمال في تعاملها مع الفرص والتحديات.
* الإدارة الاستراتيجية Strategic Management عليها إدارية شاملة ومستمرة موجهة نحو صياغة وتنفيذ استراتيجيات معالة وهي أسلوب منهجي للأعمال في تعاملها مع الفرض والتحديات.
إن الاستراتيجية الفعالة Effective Strategy هي الإستراتيجية التي تحقق إلى انسجام وتناغم بين منظمة الأعمال وبيئتها وكذلك المنظمة وتحقيقها لأهدافها الاستراتيجية. وبذلك فإن الاستراتيجية Strategy عبارة عن خطة شمولية توجه تخصيص الموارد لإنجاز أهداف المنظمة بعيدة المدى ومع كون الاستراتيجية هي خطة شاملة إلا أن الاستراتيجية والتخطيط ليسا مفهوما واحدًا بل مفهومان يكمل بعضهما الآخر. فالاستراتيجية تهتم بماذا تريد أن تكون المنظمة مستقبلًا في حين يهتم التخطيط بكيفية الوصول إلى ما تريد المنظمة.
* الاستراتيجية الفعالة Effective Strategy هي الإستراتيجية التي تحقق أعلى انسجام وتناغم بين منظمة الأعمال وبينا وبين المنظمة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
* فوائد الإدارة الاستراتيجية Strategic Management Benefits
تشير البحوث والدراسات إلى أن منظمات الأعمال التي تدار بالفكر الاستراتيجي ومفاهيم الإدارة الاستراتيجية هي أفضل أداء من تلك التي لا تعي ولا تطبق هذه المفاهيم، خاصة وأن هذه المفاهيم تعطي لمنظمة الأعمال قدرة على خلق قابليات مميزة Distinctive Competenc وهي قدرات جوهرية ومحورية تسمى أيضًا Core competency تمتلكها المنظمة لوحدها وتتفرد فيها ويصعب تقليدها أو مجاراتها من قبل الآخرين وعادة ما تكون هذه القدرات المميزة مركزة في عدد قليل من القضايا والأمور الرئيسية وتستند عليها المنظمة في الحصول على ميزات تنافسية Competitive Advantage ناتجة عن عمليات توليف لهذا المقدرات المميزة للوصول إلى أداء يفوق أداء المنافسين. وقد يكون مصدر هذه الميزات التنافسية تكنولوجيا المعلومات التي تسمح مثلًا للمنظمة بالاستجابة السريعة لطلب الزبون خلال زمن قصير لا تستطيع المنظمات الأخرى مجاراتها فيها. ويمكن للمنظمة أن تحقق ما يسمى بالميزة التنافسية المستديمة Sustainable Advantage Competitive وهي ميزة لا يمكن تقليدها بسهولة من قبل النافسين وعادة ما تكون مستمرة لفترة طويلة لكونها تستند لقابليات متفردة وجوهرية لا يملكها الآخرون.
* القابلية المميزة Uistindive Competence نقطة قوة معينة تمتلكها منظمة واحدة أو عدد قليل من المنظمات المتنافسة
* الميزة التنافسية Competitiw Advantage ميزة تأتي بشكل خاص من القدرة على العمل بأساليب ناجحة يصعب على الآخرين تقليدها.
*الميزة التنافسية المستديمة Sustainable Competitive Advantageهي ميزة تنافسية تستطيع المنظمة الاستفادة منها لفترات زمنية طويلة ولا يمكن تقليدها بسهولة.
وقد لخص العديد من الدراسات الميدانية ما يمكن أن يكون فوائد يمكن تحقيقها من جراء الإدارة الاستراتيجية ومفاهيمها منها.
1- وضوح رؤية منظمة الأعمال بشكل جيد.
2- تركيز دقيق على القضايا الاستراتيجية والحيوية للمنظمة.
3- القدرة على فهم والتعامل مع التغيرات الحاصلة في البيئة.
4- تحسين أداء المنظمة الاستراتيجية منظمة الأعمال في أن تصبح منظمة متعلمة .Learning Organization وهي المنظمة التي لديها مهارات في أربعة أنشطة أساسية هي:
- حل المشاكل بطرق منهجية منظمة.
- تجرب دائمًا مداخل وأساليب جديدة.
- التعلم من تجاربها التاريخية وتجارب المنظمات الأخرى.
- نقل المعارف بسرعة إلى مختلف أجزاء المنظمة.
6- تساعد الاستراتيجية على خلق حالة من التداؤب Synergy من خلال إيجاد أفل ربط بين مختلف أجزاء المنظمة وعملياتها، فالصورة الكلية للعمل في المنظمة تتحقق من وجود قيادة للجهد الجماعي وحشد الموارد لتحقيق الأهداف.
* التداؤب Synergy حالة توجد عندما تتفاعل أجزاء المنظمة مع بعضها لإنتاج تأثير مشترك يفرق عمل هذه الأجزاء منفردة.
7- خلق قيمة.Value Creation إن الغرض الأساسي من الاستراتيجيات هو خلق قيمة يستفيد منها الزبون ومختلف أصحاب المصالح. والقيمة Value يمكن أن نعبر عنها كتوليفه من المنافع التي يحصل عليها الزبون قياسًا بالكلفة المدفوعة من قبله. إن المدراء يساعدون منظماتهم لخلق القيمة عن طريق ابتكار استراتيجيات تستثمر القدرات الميزة وتحقق تداؤب عالي. كذلك فإن الاستراتيجية تخلق قيمة للمستثمرين من خلال ما يتحقق من عائد يكون أعلى من متوسط العائد Above Average Return الذي يتوقعه المستثمر من مخاطرة مماثلة في استثمار أخر.
* القيمة Value حزمة من الفوائد أو المنافع يحصل عليها طرف ما قياسًا بالتكاليف التي تحملها
* العائد فوق المتوسط Above Average Return هو العائد المتحقق من خيار استثماري بعائد أعلى ضمن خيارات استثمارية متساوية في مخاطرها.
* مكونات الاستراتيجية ومستوياتها Strategic Components and Levels
منذ مطلع الستينيات أشار بعض الباحثين إلى أن الاستراتيجية المنظمة يجب أن تهتم وتوضح أربعة قضايا وعناصر أساسية وهي:
* تحديد ميزات التنافس.
* تحديد مجال النشاط.
* تحديد عوامل النمو والتطور.
* تأشير جهد التداؤب.
ثم توالت البحوث لنرى أن أي الاستراتيجية يجب أن تتوجه لتوضيح ثلاثة مجالات أساسية وهي: القدرات المميزة للمنظمة والمجال وحشد الموارد وتوزيعها ففي إطار القدرات المميزة يتطلب الأمر أن تستند استراتيجيات المنظمة على قدراتها المميزة والفريدة وهي نقاط القوة والمجالات التي استثمرت فيها وأصبحت تشكل قاعدة أساسية تستند عليها ميزاتها التنافسية التي لا تقلد وتعطيها سبقا في المنافسة. أمام المجال Scope فيعني في الإطار العام تحديد مديات السوق التي تنافس فيها المنظمة وعلى الإدارة أن لا تطئ أو تتوهم في تحديد هذه المجالات جيدًا لكي تعرف منافسيها بدقة ووضوح وكذلك أي من الزبائن تخدم. إن المنظمات الصغيرة تنافس في مجال مختلف عن تلك التي نطلق عليها التكتلات الكبيرة التي تنافس في المئات من الأسواق المختلفة. والاستراتيجية يجب أن توضح عملية حشد الموارد Resource Deployment المستقبلية وكيفية توزيعها على المجالات التي تنافس فيها بحديث تحقيق أفضل النتائج.
* المجال scope مديات السوق التي تنافس فهيا المنظمة
* حشد الموارد وتوزيعها Resource Deployment كيفية تجميع الموارد وتوزيعها على المجالات التي تنافس فيها المنظمة
وبالنسبة لمستويات الاستراتيجية فيمكن أن نلاحظ ثلاثة منها تمارس فيها الإدارة الاستراتيجية عملية صياغة وتنفيذ ورقابة الاستراتيجية وهي:
- مستوى استراتيجية المنظمة Corporate Level Strategy
يهتم هذا المستوى بإدارة المنظمة بصورتها الشمولية لتحقق ميزة استراتيجية أساسي وهو: في أي الصناعات والأسواق يجب أن تنافس؟ والغرض الأساسي من هذا المستوى هو تحديد الاتجاه وتوجيه الموارد للمنظمة ككل. وفي المنظمات الكبيرة جدًّا تهتم الاستراتيجية بتحديد أين تتم المنافسة في الأسواق المختلفة ومع الصناعات المتعددة. وفي العادة فإن القرارات الاستراتيجية في هذا المستوى ترتبط بتخصيص الموارد لتطوير أعمال جديدة أو للاستحواذ على منظمات أخرى أو الانسحاب من أعمال قائمة لتشكيل محفظة أعمال المنظمة ككل.
* استراتيجية المنظمة Corporate Level Strategy تحديد مسار أو اتجاه طويل الأمد للمنظمة بصورتها الكلية.
- مستوى استراتيجية الأعمال Business Level Strategy.
يهتم هذا النوع باستراتيجية وحدة أعمال واحدة أو خط إنتاجي معين وتصف أسلوب المنافسة في هذه الصناعة أو السوق المحدد والمعلوم. في الشركات الكبيرة المتكونة من عدة أمال ووحدات أعمال ولديها تنوع كبير في خطوط الإنتاج والصناعات مثل شركة جنرال إليكتريك وشركة جنرال موتورز وشركة هونداي فإن مفهوم وحدة الأعمال الاستراتيجية Business Sratcgy Unit (SBU) يستخدم لوصف عمل واحد رئيسي ومهم تمارسه هذه الشركات الكبيرة مثل صناعة السيارات. إن اختيار الاستراتيجية في هذا المستوى يجيب على السؤال: كيف سننافس من أجل الحصول على الزبائن في هذه الصناعة والسوق؟ إن القرارات الاستراتيجية في هذا المستوى تحتوي على خيارات تتعلق بالمزيج السلعي أو الخدماتي وموقع الوحدات الإنتاجية والتكنولوجية المستخدمة وغيرها. وفي الشركات ذات العمل الوحيد فإن هذا المستوى والمستوى السابق (استراتيجية المنظمة) يكونان مستوى واحد.
* استراتيجية الأعمال: Business Sratcgy تحديد كيفية المنافسة من قبل الأقسام الرئيسية أو وحدات الأعمال الاستراتيجية في منتجاتها وخدماتها الأساسية،
* وحدة العمل الاستراتيجي (SBUI). هي مجال عمل رئيسي تعمل باستقلالية نسبية.
- مستوى الاستراتيجية الوظيفية Functional Level Strategy.
يركز هذا النمط على قيادة وتوجيه استخدام الموارد لتنفيذ استراتيجية الأعمال. إن هذا المستوى يركز على الأنشطة ضمن وظيفة واحدة من وظائف المنظمة (الإنتاج، التسويق، المالية، الموارد البشرية، الموارد المعلوماتية). إن السؤال الاستراتيجي المهم الذي يثار عند هذا المستوى هو: كيف يمكننا استخدام الموارد بأفضل الطرق لتنفيذ استراتيجية الأعمال؟ إن الإجابة على هذا السؤال يتركز حول اختيار أفضل الممارسات الإدارية في مختلف وظائف المنظمة لتحسين الكفاءة العملياتية (الجودة، الخدمة، سرعة التسليم، الإيداع وغيرها). ويعرض الشكل التالي المستويات الثلاثة للاستراتيجية.
* الاستراتيجية الوظيفية Functional Strategy كيفية استخدام الموارد في كل وظيفة من وظائف المنظمة وتوجيهها لرفد استراتيجية الأعمال.
ولا يشترط تكون المنظمة كبيرة الحجم جدًّا لكي تتضح فيها هذه المستويات الثلاثاء فيمكن لجامعة مثلًا متوسطة الحجم أو صغيرة فيها عدد من الكليات (اقتصاد، صيدلة، علوم، آداب، تربية، الخ) حيث تشكل هذه الكليات وحدات أعمال استراتيجية تنافس الكليات المماثلة في جامعات أخرى لتشكل أقسام أي كلية من هذه الكليات استراتيجية وظيفية لاستخدام الموارد لغرض تعزيز الموقف التنافسي الكلية وبالتالي للجامعة. فمجلس الجامعة مسؤول عن وضع الاستراتيجية الكلية للجامعة وكيف تكون جامعة متميزة وفريدة في حين يضع مجلس. الكلية آليات للمنافسة مع الآخرين في ميدان العمل واجتذاب الطلاب لترى أن دور القسم يتحدد في أفضل استخدام للموارد في تعزيز هذا التوجه ويتم ذلك من خلال نوعية الخريجين وتحديث المناهج وتطوير قابليات التدريس فيه وهكذا فإن هذه المستويات الثلاثة مترابطة وتعمل بصورة موحدة لتعمل على تعزيز الموقع التنافسي للمنظمة والحصول على أفضل النتائج.
ثانيًا: صياغة الاستراتيجية Strategy Formulation.
تعتبر صياغة الاستراتيجية مرحلة مهمة جدًّا في نموذج عمليات الإدارة الاستراتيجية. عن صياغة الاستراتيجية هي مرحلة تشتمل على تحديد رسالة المنظمة وأهدافها الاستراتيجية وخياراتها الاستراتيجية على المستويات الثلاثة (المنظمة بأكملها، الأعمال، الوظائف). ولكن إذا كانت المنظمة مستمرة في العمل ولديها هذه المفردات الثلاث التي يشملها مفهوم التوجه الاستراتيجي فإنها في ضوء تحليل واقع عملها في بينتها الخارجية ومكونات بينتها الداخلية تؤشر مجموعة الفرص والتهديدات ونقاط القوة والضعف لتعيد النظر جذريا أو برسالتها وأهدافها الاستراتيجية وخياراتها
إن المعنى الدقيق لصياغة الاستراتيجية هو مجمل العمليات التي بواسطتها يتم خلق أو بناء استراتيجيات، وهذا يتضمن تقييم الاستراتيجيات الحالية وتقييم لوضع المنظمة وبيئتها بهدف تطوير استراتيجيات لاحقة أيضًا قادرة على خلق ميزات تنافسية مستقبلية. وضمن الإطار العام فإن عمليات ياغة الاستراتيجية قد تتأتى من خلال تحليل موضوعي وعملي للخيارات وتطوير الخطط اللازمة وتنفيذها لتدعيم أهداف المنظمة المحددة وهذه تسمى الاستراتيجيات المدروسة Deliberate Strategy .في حين أن بعض المنظمات تظهر لها خيارات استراتيجية وتطور هذه استراتيجيات في ظل غياب وعدم وضوح لرسالتها وأهدافها بعيدة الأمد وتسمى هذه الاستراتيجيات Emergent Strategies أي استراتيجيات طارئة (يسميها البعض ناشئة) من واقع الخيرات وتعتمد بالأساس على تجربة المدراء والقادة الكبار. وكلا الاستراتيجيتين تقعان في إطار رغبة منظمة الأعمال في تبني استراتيجية تركز على استخدام اقصى تداؤب تنظيمي ممكن توحد في إطاره الجهود لتحقيق الأهداف وتمثل هذه استراتيجيات محصلة نهائية تسمى الاستراتيجية المقصودة .Intent Strategy
* صياغة الاستراتيجية Strategy Formulation مجمل العمليات التي يتم بواسطتها خلق و بناء استراتيجيات وتركز على محتواها بشكل أساس.
* استراتيجيات المدروسة Deliberate Strategy خطة يتم اختيارها وتنفيذها لدعم أهداف محددة.
* استراتيجية الطارئة (الناشئة) Emergent Strategy خطة تطور في المنظمة في غياب أو وجود رسالة المنظمة وأهدافها استراتيجية
* استراتيجية المقصودة Intent Strategy استراتيجية وتستخدم التداؤب لتوحيد الجهود باتجاه تحقيق الأهداف المنشودة.
* أنماط صياغة الاستراتيجية Strategy Formnlation Modes
إن عملية صياغة الاستراتيجية معقدة ومبعثرة وكثيرة التشعبات ولا تأخذ نمطا واحدًا للوصول إلى الاستراتيجية التي ستعتمدها المنظمة. إنها عملية تطوير خيارات وقرارات استراتيجية ذات أهمية خاصة بالمنظمة لأنها تحكم التوجه المستقبلي بعيد الأمد. وكما أشار الباحثان Mintzberg و Queen أن أنماط اتخاذ القرار الاستراتيجي وصناعة الاستراتيجية تندرج في أربعة أنماط وكالآتي:
1- النمط الريادي :Entrepreneurial Mode
في هذا النمط يعلب القائد الريادي دورًا كبيرًا وتكون توجهات المنظمة مركزة على الفرص وتعتبر الإشكالات المثارة أمامها ثانوية. في المنظمة الصغيرة توجه الاستراتيجية برؤية المؤسس والأهداف المهيمنة هي النمو والتوسع. إذا استمرت الإدارة الرائدة في مراكمة خبرتها في ظل توسع منظمة الأعمال فإن مضمون هذا النمط يتجسد أكبر في التأثير على صياغة استراتيجية بشكل طارئ واستنادا إلى الخبرة والتجربة المتراكمة للمديرين.
2- النمط التخططي :Planning Mode
إن القرارات الاستراتيجية في هذا النمط تحتوي على أسلوب طرق منهجية لتجميع المعلومات وتحليل الموقف وتوليد عدة خيارات استراتيجية يغلب عليها طابق الراشد واختيار الأفضل من بينها. وعادة ما يكون هذا النمط حاويا للمبادرات الاستباقية Proactive للفرص الجديدة وكذلك ردود الفعل Reactive وإيجاد حلول للمشاكل التي تظهر خلال عمليات تطوير القرار الاستراتيجي.
* القرارات الاستراتيجية Strategic Decisions هي القرارات المهمة التي تحدد توجه المنظمة في الأمد البعيد وتتصف بكونها غير اعتيادية ويترتب عليها تغيير لصورة المنظمة المستقبلية.
3- النمط التكيفي :Adaptive Mode
تطور القرارات الاستراتيجية وفق هذا النمط بأسلوب رد الفعل على المشاكل التي تظهر وليس بأسلوب المبادر الباحث عن الفرض. والاستراتيجيات تطور هنا باتجاه متدرج ومتزايد وصولا إلى الخيارات المعتمدة. وعادة ما نجد هذا النموذج متجسدا في عمال الجامعات والمستشفيات والوكالات الحكومية أكثر من منظمات الأعمال الخاصة.
4- نمط التدرج المنطقي :Logical Incrumentalism Mode
وفق هذا النمط الذي يوصف بكونه توليفة أو تركيب من النمطين التخطيطي والتكيفي وبصورة أقل من الريادي لتوضح من خلاله الإدارة العليا وبشكل عقلاني وواضح رسالة وأهداف المنظمة لغرض تطوير خيارات استراتيجية لاحقًا. هنا فإن الخيار الاستراتيجي هو عمليات تفاعلية لتوجيه المنظمة مستقبلًا وضمن خبرة وتعلم متراكم متزايد أكثر من كونها التزاما مسبقًا لصياغة أهداف واستراتيجيات معتمدة.
* الخيار الاستراتيجي Strategic Choice بديل تعتمده المنظمة وتجد أنه يحقق أهدافها الاستراتيجية وفق أي نمط من أنماط صياغة الاستراتيجية.
* رسالة المنظمة وقيمها وأهدافها Organization Mission, Values and Objectives
إن عملية صياغة الاستراتيجية تبدأ بمراجعة وتوضيح دقيق لرسالة المنظمة وقيمها وأهدافها. وهذا التوضيح يمثل مرحلة مهمة جدًّا تؤدي إلى فحص البيئة الخارجية للمنظمة لمعرفة الفرص والتهديدات والبيئة الداخلية لتأشير نقاط القوة والضعف.
- الرسالة Mission
يقصد بالرسالة الغرض الأساسي أو السبب الجوهري لوجود المنظمة في المجتمع. وفي الحقيقة فإن الرسالة يجب أن تعرض وتوضح ماهية الإنجاز الذي تريد المنظمة تحقيقه، بعبارة أخرى تجيب الرسالة على العديد من الأسئلة من قبيل: إلى أين نتجه؟ ما هي أحلامنا؟ ما نوع المنتجات المختلفة التي نرغب أن نقدمها للمجتمع؟ بماذا يجب أن نعرف ونشتهر؟ ويعد الوضوح في الرسالة مقياسا لنجاح المنظمة خاصة وأنه يعطي معايير واضحة لاستخدام الموارد في إطار منظور استراتيجي يؤدي إلى التميز ومن الممكن أن تكون رسالة المنظمة مشتملة على العديد من العناصر (مثل مجال النشاط، الزبائن، نوع المنتجات، نوع التكنولوجيا وتغيرها) أو قد تكون مختصره ومركزة على عدد محدود منها. ومن أمثلة الرسالة المركزة القصيرة ما تعرضه إحدى شركات صناعة السفن حيث تنص رسالتها على الآتي:
"نحن نصع هنا سفنا جيدة، بربح إذا كان ذلك ممكنا، وبخسارة إذا تطلب الأمر لكن دائمًا نصنع سفنا جيدة. وقد تكون بعض رسالات المنظمات من عدة صفحات.
وعموما فإن الرسالة الجيدة يجب أن تكون دليلًا للعاملين في المنظمة ومعبرة عن فلسفتها وأنها تخدم أصحاب المصالح أو المستفيدين من وجود المنظمة.
* الرسالة Mission هي الميرر أو السبب الجوهري لوجود المنظمة في المجتمع.
- القسم الأساسية Core Values
تتأثر سلوكيات المنظمات بالقيم والتي هي معتقدات تؤطر ما هو مناسب أو غير مناسب من السلوكيات. وقد سبق وأن عرفنا القيم عند الحديث عن الثقافة التنظيمية في فصل ابق، والثقافة المقصودة هنا هي القيم الأساسية التي يشترك في تقاسمها المدراء والعاملون وتعطي توجها مشتركًا للعمل. إن القيم الأساسية القوية للمنظمة تساعد في بناء الوحدة المؤسسية لها وتعطيها مشروعية عمل في المجتمع، وتعكس خصائص المنظمة للأطراف الداخلية والخارجية، كما أنها تمثل وعاء حاويا لرسالة المنظمة.
- الأهداف Goals
بعد أن توضع رسالة المنظمة في إطار فيمها ومعاييرها السلوكية فإن الأهداف الاستراتيجية تشتق من ذلك لتبدأ لاحقًا عملية وضع الأهداف التشغيلية التي تقود وتوجه الأنشطة المختلفة لتحقيق نتائج أداء محددة وعادة ما توضع هذه الأهداف التشغيلية للأعمال في إطار العديد من المعايير يمكن الإشارة إلى بعضها بالآتي:
- الربحية profitability: تحقيق أرباح في جميع أعمال المنظمة.
- الحصة السوفية :Market Share: الحصول على حصة سوقية مناسبة العمل على تطويرها أو على الأقل الاحتفاظ بها.
- كفاءات بشرية :Human Talen العمل على جذب وتعيين والاحتفاظ بقوة عمل تتمتع بكفاءات ومهارات عالية.
- موقف مالي جيد Good Financial Situation. العمل على الحصول على أموال واستثمارات وعائد على الاستثمار وسيولة جيدة.
- كلفة مناسبة :Cost Efficie استخدام الموارد بشكل كفوء وإنجاز الأعمال بأقل كلفة ممكنة.
- جودة المنتجات :Product Quality إنتاج سلع أو خدمات ذات جودة عالية.
- الإبداع إدخال Innovation: منتجات جديدة أو تحسين الموجود حاليًا كذلك ابتكار عمليات إنتاجية جديدة أو تحسين القائم منها.
- المسؤولية الاجتماعية Social Responsibility: الإسهام الإيجابي والفاعل في تطوير المجتمع وزيادة رفاهيته.
* تحليل SWOT SWOT Analysis.
بعد أن تجري المنظمة تقييم أولى لرسالتها وقيمها وأهدافها الاستراتيجية فإن تحليلا للبيئة الخارجية بمكوناتها وعناصرها المختلفة وكذلك بينتها الداخلية بهيكلها وثقافتها ومواردها يجب أن يجري لغرض تحديد خياراتها الاستراتيجية المناسبة. وعادة ما يطلق على هذا التحليل SWOT. حيث أن الحروف الأربعة ترمز إلى أربعة كلمات أساسية هي:
* تحليل SWOT Analysis.SWOT فحص نقاط القوة والضعف في المنظمة والفرص والتهديدات في بيئتها الخارجية.
* نقاط Strengths القوة قابليات داخلية تمتلكها المنظمة وتنافس على أساسها
*نقاط الضعف Weaknesses نقص أو فقدان بعض المهارات والقابليات التي تجعل المنظمة عاجزة عن اختيار وتنفيذ السترتيجيات تدعم رسالتها.
* الفرص Opportuniti مجال في البيئة الخارجية إذا استثمر من قبل المنظمة يولد أداء عاليًا للمنظمة.
* التهديدات Threats مجالات في البيئة من الإشكالات والمصاعب أمام المنظمة وتجعل من الصعب عليها الأداء العالي أو المتميز.
إن الهدف الأساسي لتحليل وضع المنظمة الداخلي هو تحديد القدرات المميزة (القابليات المميزة) بشكل نقاط قوة تمتلكها المنظمة بشكل منفرد وتتفوق فيها على المنافسين والتي عادة ما تكون قدرات نادرة تكلف الآخرين كثيرًا في حالة تقليدها وتتسم بالاستمرارية أو الديمومة، وهذه تشكل مصدر للميزات التنافسية ومصدر هذه القابليات قد يكون خبرة أو معرفة متخصصة وكلمات كانت هذه المعرفة ضمنية Tacit Knowledge كانت هذه القابليات أفضل مردودا وقوة. ولأهمية القابليات المميزة في حياة المنظمات وقدرتها على البقاء فقد اصبحت عملية تقييمها وفحصها والتأكد من استثمارها بشكل صحيح من قبل منظمة الأعمال من أولويات الإدارة الاستراتيجية ويتم فحصها من خلال نوع من التحليل يسمى تحليل VRIO وهو الآخر يتكون من أربعة كلمات تشير إلى أربعة تساؤلات مهمة وكالآتي:
* القيمة Value: هل أن القابلية المميزة تضيف قيمة وتوفر ميزة تنافسية؟
* الندرة Rareness: هل أن المنافسين الأخيرين لديهم هذه القدرة أم أنها تخصنا وحدنا؟
* القدرة على التقليد Limitability: هل أن عملية تقليد قابلياتنا المميزة من قبل الآخرين مكلفة وصعبة؟
* التنظيم : Organization هل أن المنظمة مرتبة ومهيأة للاستفادة القصوى أو استثمار هذه القابلية المميزة؟
إن تحليل البيئة الخارجية المباشرة وغير المباشرة قد لا يبدو أمرًا متاحا لجميع المنظمات بسبب محدودية إمكاناتها وقدراتها لذلك فإن بعض المنظمات قد تجد أن التركيز على جانب محدد من البيئة الخارجية وهو بيئة العمل المباشر وبابعاد ذات أهمية كبيرة للمنظمة هو الأهم لها. لذلك اقترح الباحث المعروف Porter تحليل لخمس قوى فاعلة وأساسية لعمل المنظمة وهي: الزبائن والمنافسون والمجهزون والداخلون الجدد والمنتجات البديلة، ويعرض الشكل التالي نموذج Porter للقوى الخمسة الاستراتيجية المؤثرة في المنافسة.
* المعرفة الضمنية Tacit Knowledge هي المعرفة التي ليس من السهل بثها وإيصالها للآخرين لأنها متجذرة في خبرة العاملين أو في ثقافة المنظمة.
تحليل VRIO
VRIO Analysis إطار تحليلي لفحص وتقديم القابليات المميزة للمنظمة.
* المنافسون في الصناعة lndustq: Competitors شدة أو حدة المنافسة بين المنظمات الموجودة في الصناعة.
* الداخلون الجدد New Entrant تهديد ناتج عن دخول منافسين جدد السوق في نفس الصناعة
* المجهزون Suppliers قوة المساومة من قبل المجهرين وقدرتهم على قرض شروطهم على المنظمة
* الزبائن Customerقوة مساومة المشترين وقدرتهم على فرض شروطهم على المنظمة.
* المنتجات البديلة Substitute Prnducts تهديد إحلال منتجات بديلة محل منتجات المنظمة.
إن هذه القوى الخمسة تؤثر على بيئة الصناعة وبذلك فإن مضمون هذا التأثير يتجسد لاحقًا بفرص وتهديدات مختلفة تحاول المنظمة الاستفادة منها أو تجنبها. وبذلك فإن جاذبية الصناعة أو عدمها ترتبط بالسلوكيات المختلفة لهذه القوى الخمسة فالصناعة قد تكون غير جذابة عندما تكون المنافسة فيها شديدة وتهديدات حلول منتجات بديلة محل منتجات المنظمة أو احتمال عالي لدخول منتجون جدد إلى هذه الصناعة وكذلك قوة المساومة للمجهزين أو المشتركين تكون عالية المنظمة، وعكس هذا الأمر يعني صناعة جذابة.
* الخيارات الاستراتيجية Strategie Choices
بعد أن تكون المنظمة قد أنهت تحليل البيئتين الداخلية والخارجية ربما يتطلب الأمر إعادة نظر برسالتها وقيمها، أما خياراتها الاستراتيجية فإنها قد تعتمد خيارات جديدة من بين عدد كبير من خيارات مطروحة أمامها ووفقًا لمستويات الاستراتيجية التي أشرنا لها سابقا (مستوى المنظمة، مستوى الأعمال، مستوى الوظائف).
- الخيارات الاستراتيجية على مستوى المنظمة Strategic Choices at the Organization Level.
تتاح أمام منظمة الأعمال في هذا المستوى العديد من الخيارات يمكن أن تجمل في ثلاث مجموعات أساسية: استراتيجيات النمو والتوسع، استراتيجيات الاستقرار والثبات، استراتيجيات الانكماش والتراجع.
1- استراتيجيات النمو التوسع Growth and Expansion Strategies
وهذه استراتيجيات مفضلة من قبل المدراء كونها تشير إلى النجاح، واستراتيجيه النمو crowth Strategy هي زيادة الحجم والتوسع في العمليات القائمة. وتعتبر هذه الاستراتيجية في بعض الصناعات ضرورية للبقاء والاستمرار. ويمكن أن يحصل النمو بطرق متعددة وأساليب متنوعة فقد يرتبط هذا النمو بالتوسع في صناعة المنظمة الحالية وفي نفس أسواقها وفي هذه الحالة تسمى استراتيجية تمركز .Concentration Strategy أو قد تتوسع المنظمة من خلال التنويع Diversification ويعني هذا الحصول والاستحواذ على استثمارات وأعمال في مجالات جديدة وإذا ما تنوعت المنظمة في صناعات وقطاع صناعي موحد فإننا في هذه الحالة نتكلم عن تنويع مرتبط (مترابط) Related Diversification ويعني بقاء المنظمة في مجالات عملها الأساسية والمعروفة استفادة من الفرض المناحة وحفاظا على تداؤب عالي، لكون الخبرة السابقة مهمة كما تعمل بعض شركات صناعة المشروبات الغازية، أما إذا ذهبت منظمة الأعمال في استراتجياتها وتنوعت في قطاعات وأعمال مختلفة لا توجد بينها رابطة قوية فإنها قد مارست التنويع غير المرتبط Unrelated Diversification وفيه يكون التداؤب قليلًا قياسًا إلى التمركز والتنويع المرتبط ونذهب المنظمة إلى صناعات عديدة لأسباب مختلفة بعضها رتبط بالفرص المهمة في هذه الصناعات والبعض الآخر يرتبط بمحدودية الأفق المستقبلي للقطاع الصناعي الذي تعمل فيه.
* استراتيجية النمو Growth Strategies توسيع المنظمة لعملياتها الحالية في صناعاتها الحالية أو في صناعات جديدة
* التمركز Concentration النمو من خلال نفس مجال الأعمال والأسواق
* التنويع Diversification النمو من خلال الاقتناء أو الاستثمار في مجالات عمل مختلفة
كذلك يمكن أن يأخذ التنويع شكلين آخرين من خلال التكامل العمودي Vertical Integration وفيه تذهب منظمة الأعمال باتجاه المستهلكين والزبائن والتوزيع ويسمى في هذه الحالة التكامل العمودي الأمامي Forward Vertical Integration أو قد تذهب المنظمة باتجاه التجهيز والمواد الأولية اللازمة للإنتاج ويسمى في هذه الحالة تكمل عمودي خلفي Backward Vertical Integration ولكلا النوعين من التكامل أسباب عديدة ومبررات كثيرة تدرسها المنظمة لغرض الاستفادة منها. ويمكن أن يأخذ التنويع شكل تكامل أفقي Horizontal Integration وفيه تنمو المنظمة وتتوسع أفقيا من خلال شراء والاستحواذ على شركات وأعمال في نفس صناعتها أو إضافة مزيد من خطوط الإنتاج.
* التكامل الأفقي Horizontal Integration النمو من خلال الاستحواذ على أعمال مماثلة لمعمل المنظمة الحالي
ويمكن للمنظمة أن تنمو وتتوسع باعتماد مدخلين أساسيين يتمثل الأول بالتوسع والنمو اعتماد أعلى مواردها وإمكاناتها الذاتية أو أنها تعتمد على تحالفات استراتيجية مختلفة مع منظمات أخرى وهنا يمكن أن تظهر طرق متعددة للنمو مثل الاندماج Merger والاقتناء والمشاريع Acquisition والمشاريع المشتركة .Joint Venture وعلى المنظمة أن تفاضل بين هذه الطرق وما يمكن أن تحصل على من فوائد وعوائد من كل منها.
2- استراتيجيات الثبات والاستقرار Stability Strategies.
تعتمد منظمات الأعمال هذه المجموعة من الاستراتيجية لأسباب متعددة. وهي تعني في مجملها أن تبقى منظمة الأعمال في نفس حجمها أو تنمو بشكل بطيء وبصورة مسيطرة عليها. وعادة ما تأتي هذه الاستراتيجيات بعد فترة نمو سريع واستحواذ وبناء أعمال جديدة من قبل المنظمة. وهنا يأتي الاستقرار لالتقاط الأنفاس واستغلال ما تم الاستثمار فيه. وكذلك تعمد بعض المنظمات إلى هذه الخيارات إذا أصبحت البيئة أكثر عدائية وأصبحت اتجاهات التطور فيها غير واضحة المعالم لذلك تحاول المنظمة الانتظار إلى أن يتم استجلاء الموقف. ولا يعني الثبات والاستقرار عدم عمل أي شيء بل إن ما تعمله المنظمة يدرس بعناية كبيرة وفي إطار المحافظة على قدرتها وتطويرها إن أمكن. وفي إطار استراتيجية الاستقرار والثبات يمكن أن نجد بعض الخيارات الفرعية التي تعتمدها المنظمة من قبيل:
- استراتيجية التقدم بحذر إلى الأمام.
- استراتيجية الدفاع المرن بمعنى المحافظة على الوضع الراهن مع إمكانية اقتناص فرص نتاج في البيئة الخارجية لعمل المنظمة.
- استراتيجية المراوغة وكسب الوقت وهنا تستقر المنظمة في عملها لمحاولة تجاوز عقبات ثم تستعيد وضعها الطبيعي بالنمو والتطور.
* استراتيجية الثبات والاستقرار Stability Strategies بقاء المنظمة بنفس حجمها أو تنمو بشكل بطيء ومسيطر عليه.
3- استراتيجيات التراجع والانكماش Retrenchment Strategy
وهذا مجموعة من الاستراتيجيات غير المحبذة من قبل منظمات الأعمال لكنها مهمة وهي لا تعني الفشل بشكل مطلق، فساحة المنافسة قد تفرض على منظمة الأعمال التراجع عن بعض المجالات بسبب شدة المنافسة أو بسبب قد يرتبط بانخفاض النمو في هذه المجالات وبكونها أصبحت غير واعدة. وفي إطارها العام فإن استراتيجيات التراجع والانكماش تعني تغيير العمليات لتصحيح نقاط الضعف وهكذا تأخذ المنطقة حجمها الصحيح وشكلها الطبيعي في العمل سواء من خلال إعادة هيكلة عملياتها Restructuring الذي يعني تقليل مزيج العمليات أو دمج وحدات الأعمال والعمليات أو من خلال خفض حجوم العمليات Downsizing لغرض تحسين كفاءة العمليات والتركيز على البعض منها وعادة ما يأتي هذا من خلال تسريح جزء من قوة العمل أو إعادة تأهيلها لأعمال أخرى بهدف التركيز على تحقيق الأهداف وتحسين الأداء، وهنا فإن المنظمة تختار الحجم الصحيح Rightsizing. وفي بعض الأحيان فإن إعادة الهيكلة تأتي من خلال بيع أجزاء من المنظمة لغرض التركيز على مجالات العمل الأساسية وتسمى البيع الجزئي للعمل Divestiture وفي هذه الحالة فإن المنظمة تعيد التركيز على قابلياتها المميزة من خلال خفض التكاليف بشكل كبير وتحسين كفاءة العمليات وإدارتها بشكل فاعل. وفي بعض الأحيان فإن استراتيجيات التراجع والانكماش تصل إلى حدودها القصوى من خلال التصفية Liquidation قبل أن تصل هذه الأعمال إلى إشهار الإفلاس.
* استراتيجيات التراجع والانكماش Retrenchment Strategies تغير العمليات لتصحيح نقاط الضعف.
* استراتيجية إعادة الهيكلة Restructuring Strategy تقليل مزيج العمليات أو دمج وحدات الأعمال.
* استراتيجية تخفيض Downsizing Strategy تقليل حجوم العمليات.
* استراتيجية البيع الجزئي للأعمال Divestiture Strategy بيع جزء أو أجزاء من المنظمة لإعادة التركيز على مجالات العمل الرئيسية.
4- الاستراتيجيات العالمية Global Strategies
إذا كانت منظمة الأعمال تعمل ضمن بيئة عالمية من خلال استثمار مباشر في عمليات دولة فيجب عليها أن تعي طبيعة تأثيرات العولمة والاقتصاد العالمي ومخاط.
* الاستراتيجيات العالمية Global Strategies مجموعة استراتيجيات تعتمدها المنظمات كبيرة الحجم التي لديها استثمارات في بيانات خارجية مختلفة.
من وجهة Porter فإن القرارات استراتيجية على مستوى الأعمال يتحكم فيها عاملان أساسيان: الأول، نطاق السوق وهل أن المنظمة هدفها السوق الواسع أم سوق محدود. والثاني، ما هو مصدر ميزات التنافس هل هو السعر المنخفض أو تميز وتفرد المنتج من ناحية الجودة.
* استراتيجية الكلفة الشاملة Cost Leadership Strategy.
عندما يكون مصدر اهتمام المنظمة متجها إلى تقليل التكاليف الخاصة بالعليات لفرض المنافسة وبالتالي فإنها تحقق أرباحا أكثر من المنافسين من خلال هذه الاستراتيجية وعادة ما يكون اهتمام المنظمة منصبًا على تحسين مستمر لكفاءة عمليات الإنتاج والتوزيع وباقي النظم الفرعية. وفي العادة فإن المنظمات التي لها سبق تكنولوجي نستطيع أن تنتهج هذا النوع من استراتيجيات أفضل من غيرها بسبب قدرتها على تحسين العمليات من خلال البحث والتطور والإبداع، وكذلك تنافس المنظمة هنا على السوق الواسع لغرض زيادة حجوم الإنتاج وتحقيق أرباح عالية.
* استراتيجية قيادة المكلمة الشاملة Cost Leadership Strategy الاستراتيجية التي تعتمد أولها تكاليف للعمليات قياسًا بالتافسين.
* استراتيجية التميز (التفرد) Differentiation Strategy.
تعتمد هذه الاستراتيجية عندما تكون المنظمة متجهة لجعل منتجاتها مختلفة ومتميزة عن المنظمات الأخرى. وعادة ما يفترض أن يشعر الزبائن بهذا التميز فالمنافسة مقادة بتميز المنتجات والخدمات بهدف جذب المستهلكين والحصول على ولأنهم لهذه المنتجات والعلامات. تتطلب هذه الاستراتيجية أن تكون للمنظمة قوة في مجال التسويق والبحث والتطوير والإبداع كما يجب أن يستشعر المستهلك نوعية المنتج واستمرارية هذا التفرد في النوعية.
* استراتيجية التميز Differentiation Strategy استراتيجية تعتمد تقديم منتجات متميزة ومختلفة عن المنافسين.
* استراتيجيات التركيز Focus Strategies.
تتبع المنظمة هذه الاستراتيجيات من خلال التركيز على سوق محدد أو جزء من السوق ويمكن أن تخدم هذا الجزء من السوق من خلال التركيز وقيادة الكلفة Focused Cost Leadership وهنا فإن الاستراتيجية تخدم هذا الجزء من السوق من خلال تقديم المنتجات منخفضة الكلفة بأسعار منخفضة إلى المستهلكين ويتطلب الأمر خبرة ومعرفة بهؤلاء المستهلكين وتوزيعهم الجغرافي. أما إذا كان التركيز على هذا الجزء من السوق مرتبطا باستراتيجية تقديم منتج متميز ومتفرد فالمنظمة تتبع استراتيجية التركيز والتميز Focused Differentiation Strategy وضمن هذه استراتيجية فإن المنظمة تخدم هذا الجزء من السوق من خلال تقديم منتج بنوعية ومواصفات عالية.
* استراتيجية التركيز وقيادة التكلفة Focused Cost Leadership Strateg.y استراتيجية تعتمد أوطأ تكاليف العمليات لخدمة سوق محدد أو جزء منه.
* استراتيجية التركيز والتميز Focused Differentiation Strategy استراتيجية تعتمد التفرد وتميز المنتج المقدم لسوق محددة أو جزء منها.
ومن المفيد أن نشير إلى مجموعة من الأفكار التي قدمها Miles and Snow وأكدوا فيها أن السلوك الاستراتيجي في المنافسة في مستوى استراتيجيات الأعمال يمكن أن يوضع في أربعة مجموعات وكالآتي:
أ- استراتيجية :Prospector يتحدد سلوك منظمات الأعمال واستراتيجياتها بالبحث الدائم والتنقيب عن الفرص والأسواق الجديدة وبذلك فإنها متجهة للنمو والتوسع في إطار قدرة عالية على قبول المخاطر.
ب- استراتيجية المدافعين Defenders Strategy هنا تسلك المنظمة سلوكا يجعلها تركز وتحافظ على أسواقها ومنتجاتها وتبحث عن كفاءة في العمليات لتحقيق أهدافها والحفاظ على نمو ثابت وخدمة مستهلكين معروفين لديها.
ج- استراتيجية المحلين :Analyzers Strategy تحاول المنظمة هنا الاستفادة من ميزات كلا الاستراتيجيتين السابقتين ومعالجة الإشكالات الواردة فيهما. وتقوم هذه الاستراتيجية على أساس الحفاظ على الأعمال الحالية وكفاءة العمل فيها والدفاع عنها وكذلك البحث عن فرص وأسواق جديدة من خلال سلوك المنقب.
د- استراتيجية القائم الفعل (المستجيبون) :Reactor Strategy في نطاق هذه الاستراتيجية فإن المنظمة لا يوجد لديها مدخل أو منهج ملائم للتعامل مع المنافسة ولذلك فإنها عادة ما تكون متخبطة في سلوكها الاستراتيجي وغير فاعلة.
* استراتيجية المنقبين Prospectors Strategy استراتيجية تقوم على أساس البحث الدائم عن الأسواق والفرص الجديدة لغرض النمو وتقبل المخاطرة
* استراتيجية المدافعين Defenders Strategy· استراتيجية تركز فيا المنظمة على أسواقها الحالية والحفاظ على نمو ثابت لخدمة أسواق معروفة.
* استراتيجية المحللين Analyzers Strategy استراتيجية تحافظ فيها المنظمة على أعمالها الحالية وكفاءتها والبحث عن أسواق وفرص جديدة.
* استراتيجية القاتم برد الفعل (المستجيبون) Reactor Strategy الاستراتيجية التي يغيب فيها المنهج الواضح للسلوك التنافسي.
2- الاستراتيجية التعاونية Cooperative Strategies.
يمكن للأعمال أن تتعاون في ما بينها بطرق وأساليب متعددة لتعتمد استراتيجية تحالفات Alliances Strategy وفي إطارها يمكن لعملين أو أكثر أن يتشاركا في مجالات معينة ذات نفع متبادل ويمكن أن يكون هذا التعاون في إطار الإمداد والتجهيز والتوزيع أو أي مجال آخر كذلك يمكن أن تكون هناك مشاريع مشتركة Joint Venture أو اندماج بين الأعمال Merger.
* الاستراتيجيات التعاونية Cooperative Strategy استراتيجيات تعتمد من قبل المنظمات للتعاون وتحقيق منافع متبادلة.
* الاندماج Merger أنضام إحدى الشركات لشركة أخرى لها نفس الحجم تقريبًا لتشكيل شركة جديدة أكبر.
- الخيارات الاستراتيجية على المستوى الوظيفي Strategic Choices at the Functional Level
توضع على المستوى الوظيفي العديد من التوجهات لغرض استغلال الموارد في مجالات الأنشطة المختلفة للمنظمة وتحقيق نتائج محددة مطلوبة تساهم في تدعيم استراتيجية الأعمال والموقف التنافسي وبالتالي نجاح المنظمة. والخيارات الاستراتيجية لا يمكن تحديدها بنمط واحد بل ترتبط بالأنشطة الأساسية للإنتاج والتسويق والمالية والموارد البشرية والبحث والتطوير. ويفترض أن تأتي منسجمة مع طبيعة الخيار الاستراتيجي على مستوى الأعمال وتخدم التوجه العام للمنظمة ورسالتها. أنها تمثل الجانب التنفيذي المباشر من الأستراتيجات المعتمدة من قبل المنظمة.
* استراتيجيات التحالفات Alliances Strategies استراتيجيات مشاركة في مجالات معينة لصالح الأطراف المستفيدة.
* الاقتناء Acquisition استحواذ إحدى الشركات على شركة أخرى أصغر منها بشرائها.
* تحليل محفظة الأعمال Business Portfolio Analysis أساليب وطرق تستخدمها منظمات الأعمال لاختيار أفضل مزيج استثماري من بين فرص الأعمال المتاحة.
* تحليل محفظة الأعمال Business Portfolio Analysis.
بعد أن تكون إدارة المنظمة قد أجرت التحليل اللازم لبيئة الأعمال وإمكانات المنظمة الداخلية وارتأت تحديد الخيارات المناسبة على مستوى المنظمة ثم على مستوى الأعمال فإنها يمكن أن تعمل فحص وتشخيص لمحفظة أعمالها بجميع مكوناتها لتتأكد من أن هذه المحفظة متوازنة وتعطي أفضل النتائج. وتوجد العديد من الوسائل والأساليب التي يمكن بواسطتها التأكد من ذلك يطلق عليها البعض تخطيط المحفظة Portfolio Planning والبعض الآخر يسميها أساليب إدارة المحفظة Portfolio Management Techniques وغيرها من المسميات. إن هذه الأساليب مفيدة جدًّا لفحص التوجه العام لمنظمة الأعمال والتأكد من صحة خياراتها بشكل عام. وسنختار هنا أسلوبين هما الأكثر شيوعا وتطبيقا في منظمات الأعمال الصناعية والخدمية.
1- تحليل BCG (مصفوفة بوسطن) BCG Matrix.
تم تطوير هذه المصفوفة من قبل مجموعة بوسطن الاستشارية Boston Consulting Group ويتمثل إطار تحليليا للأعمال استنادا إلى معدل نمو السوق والحصة السوقية.
* تحليل (BCG) (مصفوفة بوسطن) هو تحليل للفرص والأعمال في ضوء معدل نمو السوق والحصة السوقية.
إن أعمال أو منتجات المنظمة تتباين في وجودها داخل الأسواق حيث البعض في نمو عالي والآخر في نمو منخفض كما أنها تتباين أيضًا في حصتها السوقية النسبية وبالتالي فإن قدرة هذه المنتجات على توليد الأرباح والعوائد أو احتياجها إلى هذه العوائد مختلفة. ففي المربع الأول (علامات الاستفهام) توجد المنتجات أو الأعمال التي لديها حصة سوقية واطئة في سوق ذو نمو واعد وعالي وفي هذه الحالة على المنظمة أن تستخدم استراتيجيات للاختيار بين تطوير حصة البعض منها أو ترك البعض الآخر. أن الأعمال والمنتجات هنا بحاجة إلى الموارد لكن في نفس الوقت فإن هذه المنتجات قد تكون في بداية دورة حياتها وتحتاج إلى تعزيز الاستثمار وإلى الانتقال إلى الربع الثاني (النجوم). والأعمال في مربع النجوم هي أعمال أو منتجات واعدة لأنها تمتلك حصة سوقية كبيرة وفي سوق ذي نمو عالي وربما تعطي عوائد إيجابية للمنظمة. وفي نفس الوقت يجب أن نلاحظ أن ثمن النجومية يحتاج إلى إنفاق لغرض الاستمرار في هذا الموقع. وحالما تبدأ الأسواق بالتباطؤ في النمو بسبب دخول مستثمرين ومنظمات منافسة تكون الأعمال والمنتجات في مربع النجوم قد انتقلت إلى المربع الثالث (البقرة الحلوب). هنا تكون العوائد في أعلى مستوى لها ويمكن استخدامها لتمويل المنتجات والأعمال في المربع الأول. إن سيناريو النجاح التام يتحدد بقدرة الإدارة على إدارة محفظة أعمال تنتقل فيها المنتجات من المربع الأول. إلى الثاني قبل المنافسين ثم الوصول إلى المربع الثالث للحصول على عوائد عالية لتكرر الدورة عدة مرات. عمليًّا يصبح هذا الأمر غير ممكن لذلك تصل بعض الأعمال والمنتجات إلى المربع الرابع (الكلاب) وهي منتجات مثيرة للقلق يجب التخلص منها أو الاحتفاظ ببعضها إذا كانت متطلبات العمل تستدعي ذلك وأنها أي المنتجات في هذا المربع تحقق أرباح معقولة.
إن حقيبة الأعمال المتوازنة للمنظمة هي حقيبة تنتشر فيها منتجاتها وأعمالها أو خطوط إنتاجها داخل هذه المربعات الأربعة بشكل يعطي أفضل النتائج للمنظمة قياسًا بالمنافسين خاصة إذا عرفنا أن خلق الموارد المالية واحتياجها يختلف باختلاف موقع المنتجات والأعمال داخل مصفوفة BCG.
2- أسلوب GE (أسلوب شاشة الأعمال لجنرال إلكترك) The GE Business Screen
يسميه البعض أسلوب إشارات المرور، وقد تطور هذا الأسلوب من قبل شركة General Electric بعد النقد الحاصل للأسلوب السابق بسبب محدوديته في قياس جاذبية الصناعة والموقف التنافسي للمنظمة في هذا الأسلوب تم التعبير عن جاذبية الصناعة بمؤشرات عديدة من بينها معدل نمو السوق وكذلك تم التعبير عن الموقف التنافسي بمؤشرات عديدة من بينها الحصة السوقية النسبية.
يفترض بالمنظمة أن تعي طبيعة توزيع أعمالها ومنتجاتها داخل هذه المصفوفة ليساعدها ذلك في تقرير نوع الاستراتيجيات المعتمدة وفق اعتبارات تواجد هذه الأعمال والمنتجات من حيث جاذبيتها وموقعها التنافسي ويمكن أن تكون مصفوفة GE صيغة عملية لتطبيق تحليل SWOT لتنفيذ استراتيجيات التنويع المختلفة في المنظمة. وفي كل الأحوال فإن هذه المصفوفة تعطي تصورًا أكثر وضوحا ودفة من مصفوفة BCG السابقة.
ثالثًا: تنفيذ الاستراتيجية Strategy Implementation.
تعتبر هذه المرحلة من عمليات الإدارة الاستراتيجية مهمة جدًّا، حيث أن التنفيذ الفعال للاستراتيجيات المصاغة جيدًا يؤدي على النجاح في حين أن التنفيذ غير الفعال للاستراتيجيات المصاغة جيدًا يؤدي إلى ظهور إشكالات عديدة. ويمكن للتنفيذ الفعال أن يساهم في سد الفجوات في الاستراتيجية غير المصاغة جيدًا ويتجاوز الأخطاء الواردة في حين سيكون الفشل حليف الاستراتيجية غير المصاغة جيدًا وترافقها عمليات تنفيذ غير فعالة.
لذلك فإن الاعتقاد بأن الصياغة الجيدة تقود دائمًا إلى تنفيذ فعال ليست دقيقة بل تحتاج المنظمة إلى الاهتمام بمرحلة التنفيذ كونها تحتاج إلى مهارات وخبرات تختلف عن مرحلة الصياغة.
* مستلزمات تنفيذ الاستراتيجية Strategy Implementation Requirements.
إذا كان تنفيذ الاستراتيجية يتجسد بوضع مجموعة من البرامج والميزانيات والإجراءات كما ورد سابقًا فإننا نشير هنا إلى المستلزمات الضرورية لتنفيذ فعال لاستراتيجيات المنظمة. إن عمليات التنفيذ تستلزم الإجابة على استفسارات مهمة من قبيل من هم الأفراد المنفذون للخطة وماذا يجب أن يعلموا لمحاذاة عمليات المنظمة مع التوجهات الجديدة الواردة في الاستراتيجية وكيف يعمل الجميع بشكل مشترك لتنفيذ الخطط وتشير الدراسات إلى أن هناك عشرة مشاكل أساسية تثار دائمًا أثناء عمليات التنفيذ وتحد من قدرة الاستراتيجية للوصول إلى النتائج المستهدفة وهي:
* تأخذ عملية التنفيذ وقتًا أطول مما خطط لها.
* ظهور مشاكل أساسية غير متنبأ بها.
* عدم التنسيق بين الأنشطة بشكل كفؤ وفعال.
* تبعد الأزمات والمنافسة تركيز الإدارة عن عمليات التنفيذ
* ليس لدى العاملين المعنيين بالتنفيذ القدرات الكافية لتنفيذ فعال.
* المستويات الدنيا من العاملين لم يدربوا بما فيه الكفاية.
* عوامل بيئية غير مسيطر عليها تخلق مشاكل للمنظمة.
* إن مدراء الأقسام تنقصهم الكفاءة فإن إسهامهم بالتنفيذ لا يكون بالمستوى المطلوب.
* إن الأنشطة والمهام الرئيسية للتنفيذ لم تحدد بشكل واضح.
* إن نظام المعلومات يخفق في توفير متابعة دقيقة وفعالة للأنشطة.
أما مستلزمات تنفيذ الاستراتيجية فهي:
1- هيكل تنظيمي فعال وكفؤ Effective Organizational Structure.
في كل مرة يتم فيها صياغة استراتيجية مختلفة عن سابقتها يتطلب الأمر إجراء تغييرات مهمة أو بسيطة في الهيكل لكي يتلاءم أكثر مع الاستراتيجيات الجديدة ويكون قادرًا على تنفيذها، وهذا ما أشار إليه الباحث شاندلر Chandler بكون الهيكل التنظيمي يتبع الاستراتيجية حيث وجد في دراسته أنه عندما تتغير الاستراتيجيات من بسيطة ومحدودة إلى استراتيجيات نمو ثم إلى استراتيجيات تنويع كبير فإن الهيكل التنظيمي البسيط القادر على تنفيذ استراتيجيات محدودة يصبح غير فعال في تنفيذ استراتيجيات النمو وبذلك يبدل إلى هيكل وظيفي ثم يصبح هذا الهيكل غير فعال لتنفيذ استراتيجيات التنويع ويتحول إلى هيكل على أساس الأقسام.
وفي حقيقة الأمر فإن تغير الاستراتيجية من شكل إلى شكل آخر لا يتبعه بالضرورة الحتمية تغير الهيكل التنظيمي بل إن الهيكل القديم يراد منه تنفيذ الاستراتيجية الجديدة وعندما يكون غير قادرًا على تنفيذها ويتدنى الأداء تحاول الإدارة تغيير هذه الهيكل القديم إلى هيكل جديد أكثر انسجاما ووفاء بمتطلبات تنفيذ الاستراتيجية الجديدة. لذلك فإن إدارة المنظمة يجب عليها أن تتابع بانتظام عمليات التغيير في الهيكل التنظيمي من هيكل بسيط أو هيكل على أساس الوظائف أو هيكل على أساس الأقسام أو هيكل على أساس وحدات الأعمال أو هيكل شبكي أو مصفوفي وتتأكد من نوع الهيكل المختار ومدى ملاءمته لتنفيذ الاستراتيجية.
2- أنظمة الإدارة والأساليب الإدارية المستخدمة Management Systems and Styles.
كثيرة هي الأنظمة التي يجب أن تحشد لتنفيذ الاستراتيجية، فالتنفيذ الفعال يتطلب أنظمة معلومات استراتيجية لها القدرة على تزويد متخذي القرار بالمعلومات الرئيسية والمهمة بالسرعة والدقة والكفاءة المطلوبة وهنا فعلى إدارة المنظمة إعارة أهمية كبيرة لبناء نظام المعلومات باعتباره مورد ثمين للمنظمة تجب إدارته واستثماره باستخدام مختلف التقنيات الحديثة لكي يكون هذا النظام قادرًا على تقديم الدعم والإسناد للإدارة العليا وباقي المستويات أثناء عمليات التنفيذ. كذلك عليها أن تعير أهمية كبيرة لأنظمة التخطيط والسيطرة وكما ذكرنا سابقًا وفق ما ورد في خطط المنظمة التشغيلية وفي الصناعة تعتبر الأنظمة الحاسوبية التي تتكامل مع عمليات التصنيع ذات أهمية كبيرة في التنفيذ وإنجازات خيارات المنظمة على مستوى الأعمال من قبيل استراتيجيات التكاليف أو الجودة. وقد أشارت مؤسسة (ماكينزي) للاستشارات إلى أن التطبيق الفعال للاستراتيجية يأتي في إطار تكامل سبعة عناصر أساسية مع بعضها لتدعم الثقافة التنظيمية القادرة على الوصول إلى نتائج متميزة وقد سمي هذا التحليل بـ Mckinsey 7S Framework حيث بين هذا التحليل أن التنفيذ الفعال يتطلب الاهتمام بهذه الأبعاد السبعة وتنسيقها وهي:
* الهيكل Structure
* الأنظمة . S y»tems
* الاستراتيجية Strategy
* الأسلوب Style
* المهارات Skills
* الكادر Staff
* الثقافة المشتركة Shared Culture
3 - القيادة الاستراتيجية Strategic Leadership.
إن التنفيذ الفعال للإستراتيجية يتطلب قيادة قادرة على توفير التزام كبير وإيحاء للعاملين بحيث تضمن الاتصالات الفعالة وخلق إحساس بالمطالب الملحة والرئيسية والتأكد من أن الجميع قد فهموا الاستراتيجية والتوجهات العامة الواردة فيها. إننا نتكلم هنا عن قيادة تحويلية قادرة على أن تثير الهمم والحماس والتحفيز دون تقييد لحرية العاملين ومبادراتهم وكذلك تستطيع هذه القيادة المقاومة لعمليات التغيير الجذرية والبسيطة المطلوب إجراؤها في المنظمة وأنظمتها المختلفة. كذلك تتطلب عمليات التنفيذ الجيد الاهتمام بالحشد الفعال لموارد المنظمة على كافة المستويات.
* القيادة الاستراتيجية Strategk Leadership هي القيادة الملهمة للعاملين والإيحاء لهم بقبول التغيير المستمر وتحسين الاستراتيجيات وعمليات تنفيذها.
رابعًا: تقييم ورقابة الاستراتيجية Strategy Evaluation and Control.
لقد تقدمت الإشارة عند الحديث عن الرقابة على أنها عمليات منهجية ومنظمة تطال مختلف المستويات الإدارية وبهذا فإن الاستراتيجية هي رقابة عامة تتأكد بموجبها الإدارة من صحة التوجهات التي تسير عليها المنظمة. وعادة فإن نموذج الرقابة التقليدية الذي ينتظر تحقيق النتائج لغرض مطابقتها مع المستهدف وتصحيح الانحرافات لا يصلح كنموذج فعال للرقابة الاستراتيجية. وفي حقيقة الأمر فإن نظام أو نموذج الرقابة للتغذية الأمامية أو الرقابة قبل التنفيذ من خلال تهيئة المقدمات هو النموذج الأصلح للرقابة الاستراتيجية خاصة وإن نتائج القرارات الاستراتيجية لا تظهر إلا بعد فترات زمنية تمتد لسنوات عديدة. وقد قدم بعض الباحثين ما يسمى الإشراف الاستراتيجي Strategic Surveillance وهي أسلوب رقابي عام يؤكد على المسح الشامل والسيطرة على نطاق واسع على الأحداث داخل وخارج المنظمة والتي من المحتمل أن تهدد توجهات المنظمة ووصولها إلى تنفيذ فعال لاستراتيجياتها. إن هذا الإشراف الشامل يشابه المسح بالرادار لتحديد حركة الطائرات في أجواء بلد بأكملها. كذلك يمكن أن تشمل الرقابة الاستراتيجية الأخذ بالاعتبار بشكل كبير الأحداث ذات التأثير الخطير والعالي ولكن احتمالية حدوثها قليلة جدًّا والتي إذا ما حدثت تجد المنظمة نفسها في وضع مربك للتعامل معها. وفي حقيقة الأمر فإن الرقابة الفعالة تتطلب وجود هيكل مناسب وثقافة تنظيمية تشاركية وأنظمة معلومات متطورة لغرض تحسين كفاءة النظام الرقابي وزيادة دقة مؤشراته. لقد طورت مداخل عديدة للرقابة وتقييم الأداء منها:
1- مدخل التقييم لمجالات الأداء الرئيسية.
حيث توضع مؤشرات لكل من المجالات أو الأنشطة الرئيسية التي تروم المنظمة تقييمها ومراقبة أدائها.
2- مدخل المميزات الوصفية.
حيث أن الجانب المعياري يطغي على هذا المدخل فعادة ما تكون المنظمات الجيدة قريبة من المستهلك وموجهة بالتكنولوجيا ولديها روح ريادية وتعتبر الإنتاجية مرتبطة بالأفراد وراس المال المعرفي ولديها ثقافة تنظيمية قوية كما أنها تعزز جوانب الرقابة العضوية Clan Control ولديها قيادات استراتيجية رسالية تحويلية.
3- مدخل أصحاب المصالح.
ويركز على تقييم ورقابة أداء المنظمة من خلال قدرتها على الوفاء بمتطلبات أصحاب المصالح المهمين والمهيمنين.
4- نظام تقييم الأداء المتوازن Balanced Scorecard.
لقد تم تطوير هذا النظام لغرض تحقيق التكامل بين مختلف مؤشرات الرقابة والأداء في المنظمة. إنه نظام رقابي شامل يجمع بين المعايير المالية وغير المالية ضمن أربعة أبعاد أساسية وهي:
- البعد المالي :Financial Dimension وتشمل العائد على الاستثمار والربحية وغيرها. وهذا البعد يجب على سؤال مفاده: هل أن الفعاليات والأنشطة تحسن الأداء المالي؟
- البعد الخاص بالزبائن Customer Dimension: ومن مؤشراته المهمة رضا الزبائن وتمسكهم بالولاء لمنتجات المنظمة ونسبة الاحتفاظ بالزبائن وغيرها، ويجب هذا البعد على السؤال: كيف تخدم المنظمة زبائنها؟
- البعد الداخلي لعمليات المنظمة :Internal Business Process ويركز على مؤشرات الإنتاج والإحصاءات العملياتية مثل مدى الوفاء بالطلبيات ومتوسط كلفة الطلبية ويجب على السؤال: هل أن العمليات والأنشطة الداخلية تضيف قيمة للمستهلكين وأصحاب المصالح؟
- بعد التعلم والنمو :Learning and Growth Dimension ومن مؤشراته عدد المنتجات الجديدة أو المحسنة والإبداع المتحقق ونشاط البحث والتطوير ومدى قدرة المنظمة على الاحتفاظ بالعاملين الجيدين. ويجيب على السؤال هل أن المنظمة تتعلم وتتغير وتتحسن؟
إن تكامل هذه الأبعاد الأربعة يعطي قدرة عالية على تحقيق أهداف المنظمة وتدعيم رسالتها.
* نظام تقييم الأداء المتوازن. Balanced Scorecard نظام رقابي على الأداء شامل ومتكامل يوازن بين الأبعاد المالية وغير المالية للأداء.
5 - الإدارة على المكشوف Open-Book Management.
في النظام الرقابي الحديث وفي منظمات الأعمال المعاصرة فإن تقاسم المعلومات وبناء فرق العمل ودور المدراء في تقديم التسهيلات والدعم أصبح من الضروري إشراك العاملين فعلًا من خلال تزويدهم بكافة المعلومات المتعلقة بنتائج الأداء المالي للمنظمة. إن هذه الإجراءات وضعت في إطار نظام إداري يسمى الإدارة على المكشوف، هدفه الأساسي الحصول على المشاركة الفاعلة من قبل العاملين بالجهد العضلي والذهني وكأنهم مالكين للعمل وليس مجرد عاملين. ولغرض أن يحصل هذا يجب أن تشركهم الإدارة بالمعلومات التي تشرك المالكين فيها وفي مقدمة ذلك الإيرادات والنفقات.
* الإدارة على المكشوف. Open-Book Management نقاسم المعلومات المالية ونتائج الأداء مع جميع العاملين في المنظمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العامري، صالح مهدي محسن، وطاهر محسن منصور الغالبي، (2011م)، (كتاب : الإدارة والأعمال)، الصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، الطبعة الثالثة.