مقدمة:
إن اتساع حجم المنظمات بكافة أشكالها وكذلك التطور التكنولوجي الكبير في مختلف نواحي الحياة فرض على منظمات الأعمال ممارسة وظائف أخرى إضافية وخصصت لها إدارات لمتابعة شؤونها وإدامة عملها والعمل على تحسينه باستمرار. فمثلًا إن نشاط العلاقات العامة أصبح نشاطًا حيويًا في هذه المنظمات بسبب تعدد فئات أصحاب المصالح وجماعات الضغط الأمر الذي تطلب وجود حلقة وصل بين المنظمة والفرقاء الخارجيين. كذلك الحال مع التطور التكنولوجي والمعلوماتي الحاصل في بيئة الأعمال واضطرار المنظمات إلى التعامل الواسع مع تكنولوجيا المعلومات والمعرفة والدخول في حقبة اقتصاد المعرفة اضطر المنظمات إلى استحداث وحدات خاصة بإدارة المعلوماتية والمعرفة. ونفس الأمر يقال عند ازدياد حدة المنافسة واضطرار منظمات الأعمال إلى تقديم ما هو جديد وتطوير منتجات جديدة، الذي تطلب الاهتمام بالبحث والتطوير والإبداع التكنولوجي. كل هذه الأمور سيتم تناولها في هذا الفصل المخصص للأنشطة المنظمية الأخرى.
البحث والتطوير والإبداع
Research and Development & Innovation
تكاد لا تخلو منظمة من منظمات الأعمال من وحدة أو إدارة متخصصة بالبحث والتطوير حيث أن تطوير المنتجات الجديدة وإدخال الأساليب التنظيمية الجديدة صار واحدًا من السمات الأساسية للأعمال اليوم. وصار من أهداف المنظمات إدخال منتجات أو عمليات جديدة أو تطوير ما هو موجود منها فعلًا.
* البحث والتطوير Research and Development
إن المقاييس التي تعتمد الآن في تقييم القدرات التنافسية للدول وقدراتها على الإتيان بما هو جديد على صعيد المنتجات أو العمليات تعتمد على مقدار ما تنفقه الدول على البحث والتطوير نسبة إلى ناتجها القومي الإجمالي. إن مفهوم البحث والتطوير يندرج في إطاره أنواعًا مختلفة من الأساليب العلمية التي تؤدي إلى خلق معرفة إضافية تساعد على خلق قيمة تؤدي إلى إيجاد منتجات وعمليات جديدة في منظمة الأعمال لذلك يعتبر البحث والتطوير هو الطريق المؤدي إلى الإبداع التكنولوجي في المنظمة. ويمكن التمييز بين أربعة عناصر رئيسية في البحث والتطوير وكما يلي:
1- البحث الأساسي Basic Research: وهي البحوث التي تهتم بالحقائق الأساسية والنظريات مثل نظرية Electromagnetics والميكانيك الكمي أو أي بحوث أخرى في مجالات المعرفة المتنوعة.
2- البحوث التطبيقية Applied Research: وهي البحوث الموجهة لحل مشاكل عملية تمول في العادة من الشركات الكبيرة وتهدف إلى إجراء تحسينات أو زيادة فعالية تطبيقات علمية معينة أو تنقية أو صقل الأفكار الواردة من البحوث الأساسية.
3- البحوث التطويرية Development Research: وهي مجمل البحوث التي توجه إلى إيجاد حزم تكنولوجية لتحسين التصميمات أو العمليات بهدف زيادة قابلية تسويق المنتجات أو تسهيل عملية إنتاجها.
4- البحوث المساعدة Supporting Research: وتسمى بحوث تحسين المنتج وتهدف إلى إجراء تحسينات في وسائل وأدوات العمل التي تستخدم في الأنماط الثلاثة المشار إليها أعلاه. ولابد من الإشارة هنا للدور الفعال للإنترنت في دعم وتراكم المعرفة والمساعدة في تنمية البحث والتطوير في منظمات الأعمال ومراكز البحث العلمي والجامعات. وتشير بعض الدراسات إلى أن ما يقارب 95% من الباحثين والمهندسين يستخدمون الإنترنت في تصميم وتطوير أعمالهم وهذا يؤدي إلى ما يسمى الإيداع الافتراضي Virtual Innovation والذي يشار إليه أحيانًا .Cyber Innovation، كذلك يلاحظ الانتقال إلى مرحلة e-R&D وهي مرحلة متقدمة في مجال البحث والتطوير تلائم مرحلة الاقتصاد الرقمي أو الاقتصاد المعرفي. إن ما تقدم يشير إلى أن البحث والتطوير دورًا مهما في تنمية وترصين الإبداع التكنولوجي.
- تفعيل نشاط البحث والتطوير في منظمة الأعمال
R & D Activation in the Organization
بما أن نشاط البحث والتطوير ذو مردود مادي وفائدة كبيرة لمنظمات الأعمال فقد أصبحت منظمات الأعمال تتبارى في الإنفاق على هذا النشاط خاصة وأن هناك علاقة بين هذا الإنفاق وعدد براءات الاختراع المسجلة لصالح منظمات الأعمال. فعلى سبيل المثال سجلت بعض الشركات الكبرى والتي تتميز بانفاقها الكبير على البحث والتطوير تزايدا في عدد براءات الاختراع المسجلة من قبلها كما توضح ذلك الإحصائية أدناه حول بعض الشركات الأمريكية في عام 2002:
الشركة | عدد براءات الاختراع |
IBM Canon Micron NEC Hitachi |
3288 1893 1833 1821 1602 |
ورغم أن منظمات الأعمال في الدول النامية ما تزال في بداية الطريق في الإنفاق على هذه الأنشطة حيث لم تشهد بيئة الأعمال تفعيلا لأنشطة التبادل العلمي وتطوير البحث باعتبارها القاعدة الأساسية لنشاط البحث والتطوير والإبداع في المنظمات. ويمكن أن تشكل الخطوات التالية مدخلًا ملائما لتنمية أنشطة البحث والتطوير والإبداع التكنولوجي للمنظمات في منطقتنا وكالآتي:
1- الاهتمام بالتوعية في مجال البحث والتطوير والإبداع التكنولوجي واعتمادها كاستراتيجية منافسة ملائمة للمنظمات.
2- خلو مناخ يساعد على تطوير الإبداع في المنظمة ودعم المبادرات والمشاريع الابتكارية والبحوث التطبيقية التي تساهم في تعزيز قدرة المنظمة.
3- التوسع في عمليات ربط الجامعات ومراكز البحوث بالمنظمات الصناعية والتواصل الدائم معها.
4- البدء بتكوين وحدات البحث والتطوير ودعمها ماليا وإداريا وبالمتخصصين وإتاحة المجال لها للإطلاع على ما يجري من تطوير بحوث في الحق لصناعي في الشركات العالمية وتحفيز ما يسمى بالتنبؤ التكنولوجي.
5- استخدام تجارب رائدة في نقل وتوطين التكنولوجيا في شركات صناعية مرموقة كدليل وقاعدة لتقليدها من قبل المنظمات.
6- الاستفادة القصوى مما تتيحه الإنترنت كوسيلة من وسائل التراكم المعرفي والتطوير العلمي وعدم الاقتصار على الاستخدام البسيط لها في مجالات الاتصال والممارسات اليومية.
7- حث الشركات الصناعية على دعم مشاريع البحوث التطبيقية وخاصة البحوث التي يجريها الباحثون وأساتذة الجامعات وطلبة الدراسات العليا وخاصة تلك البحوث التي تنعكس بفائدة على هذه الشركات الصناعية.
* الإبداع التكنولوجي Technological Innovation
لقد سبق وأن أشرنا إلى الإبداع التكنولوجي في فقرات سابقة في الفصول المتقدمة، وهنا نؤكد على أن الإبداع التكنولوجي هو تحديث وإضافة بأصالة في منتج معين أو عمليات محددة لذلك فهو يعتبر تطوير أو تحسين لمنتج موجود أو إطلاق منتج جديد للسوق وكذلك تطوير وابتكار عملية جديدة أو تحسين عملية موجودة أصلًا. وإجمالا يمكن أن نحدد الإبداع التكنولوجي بالآتي:
1- منتج جديد تمامًا يدخل السوق New Product
2- تحسين منتج موجود في السوق Product Improvement
3- عملية جديدة تمامًا New Process
4- تحسين عملية موجودة Process Improvement
5- خدمات Services
- دوافع الإبداع التكنولوجي وأهميته
Motives and Importance of Technological Innovation
تتحمل منظمات الأعمال مخاطر وهي تقدم على الإنفاق في أنشطة الإبداع التكنولوجي. ورغم أن لكل منظمة أسبابها ومبرراتها إلا أنه بشكل عام يمكن إجمال هذه الأسباب بالآتي:
1- المنافسة الحادة في السوق: حيث أصبحت بيئة أعمال المنظمة ديناميكية ولا يمر يوم دون أن تكون هناك تغيرات لذلك أصبح لزاما على المنظمات اللجوء إلى الإبداع وتحمل مخاطره من أجل الحفاظ على الحصة السوقية.
2- الثورة العلمية: فقد أصبحت الفترة بين التوصل إلى النتائج والاكتشافات وتجسيدها بمنتجات مادية قصيرة جدًّا وهذا يعني أن هناك تطبيق فوري لنتائج البحوث والاكتشافات. وقد شجع الأمر على تطوير الأبحاث والإكثار من التعاقدات مع مراكز البحوث والجامعات بل أقامت الشركات مختبراتها الخاصة للتطوير.
3- إمكانية الإنتاج بحجوم كبيرة: وهذا يعني أن كمية الأرباح المتولدة ستكون أكبر بسبب انخفاض بالتكاليف وإمكانية البيع بأسعار تنافسية.
4- أزمة الطاقة: وبسبب هذا الحدث فقد طورت كثير من المنظمات منتجات كثيرة خصوصًا في الصناعات الكهربائية والميكانيكية والطاقة وغيرها. وتؤشر هذه الحالة ازدياد الحاجة للبحث والإبداع التكنولوجي لغرض إيجاد حلول للمشاكل المترتبة على تلك الأزمات.
5- التسهيلات والمساعدات الحكومية: خاصة تلك التي تقدم لدعم عمليات الإبداع التكنولوجي سواء كانت مساعدات فنية أو مالية.
6- تكنولوجيا المعلومات: إن التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات انعكس إيجابا على أنشطة الإبداع والتطوير حيث يساهم الإنترنت في تقديم خدمات في مجال التصاميم والتحسين وغيرها في مختلف الشركات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العامري، صالح مهدي محسن، وطاهر محسن منصور الغالبي، (2011م)، (كتاب : الإدارة والأعمال)، الصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، الطبعة الثالثة.