ما هي أهمية الموارد المعرفية والمعلوماتية، ولماذا تعتبر موردا نادرًا في منظمات الأعمال؟

مقدمة:
إن اتساع حجم المنظمات بكافة أشكالها وكذلك التطور التكنولوجي الكبير في مختلف نواحي الحياة فرض على منظمات الأعمال ممارسة وظائف أخرى إضافية وخصصت لها إدارات لمتابعة شؤونها وإدامة عملها والعمل على تحسينه باستمرار. فمثلًا  إن نشاط العلاقات العامة أصبح نشاطًا حيويًا في هذه المنظمات بسبب تعدد فئات أصحاب المصالح وجماعات الضغط الأمر الذي تطلب وجود حلقة وصل بين المنظمة والفرقاء الخارجيين. كذلك الحال مع التطور التكنولوجي والمعلوماتي الحاصل في بيئة الأعمال واضطرار المنظمات إلى التعامل الواسع مع تكنولوجيا المعلومات والمعرفة والدخول في حقبة اقتصاد المعرفة اضطر المنظمات إلى استحداث وحدات خاصة بإدارة المعلوماتية والمعرفة. ونفس الأمر يقال عند ازدياد حدة المنافسة واضطرار منظمات الأعمال إلى تقديم ما هو جديد وتطوير منتجات جديدة، الذي تطلب الاهتمام بالبحث والتطوير والإبداع التكنولوجي. كل هذه الأمور سيتم تناولها في هذا الفصل المخصص للأنشطة المنظمية الأخرى.

إدارة الموارد المعلوماتية والمعرفية
Knowledge and Informational Resources Management
لقد تغيرت المفاهيم كثيرًا في عصر الاقتصاد الرقمي والمعرفة، فبعد أن كانت المعلومات من بين موارد المنظمة أصبحت اليوم مع المعرفة من أهم بل أندر الموارد التي تمتلكها منظمات الأعمال، حيث أن الميزة التنافسية القائمة على المعرفة والمعلومات النادرة يمكن أن تكون ميزة تنافسية مستدامة ولا يمكن تقليدها. كما أن تطور تكنولوجيا المعلومات ساعد كثيرًا في تنويع قاعدة الاستفادة من قبل مختلف الأنشطة والوظائف الإدارية الأخرى لتحسين عملية صناعة القرار وجعلها أكثر فاعلية.

* نظم المعلومات الإدارية Management Information Systems
إن امتلاك المنظمة لنظام معلومات متكامل بين قدرة هذا النظام على تلبية استخدامات عديدة ومتنوعة من قبل أفراد ومجموعات وإدارات مختلفة في أسلوب اتخاذها للقرارات والأهداف التي تسعى إليها. إن هذا الأمر يعني أن نظام المعلومات في المنظمة أصبح معقدا باعتباره نظاما يخدم مستويات إدارية مختلفة وإدارات وأقسام مختلفة وعمليات ومجموعات متعددة. وإذا ما لاحظنا الهيكل التنظيمي فإننا نجد أن احتياجات المجاميع للقرارات في إطار المستوى التنظيمي تتباين وكذلك تختلف هذه الاحتياجات في ظل مجالات الأنشطة المختلفة. وهذا يعني أن النظام ومتطلباته يجب أن يأخذ في الاعتبار هذا التباين والاختلاف في الاحتياجات.
 
- مجاميع المستخدمين ومتطلبات النظام User Groups and System Requirements
بشكل عام يمكن أن نجد أربعة مجاميع من المستخدمين لكل منهم متطلباته الخاصة، أولهم العاملين المعرفيون Knowledge Workers وهم المتخصصون المهنيون العاملون في المنظمة في مجالات الهندسة والعلوم وتكنولوجيا المعلومات وغيرها، ويستخدمون تكنولوجيا المعلومات لتصميم منتجات جديدة أو لتنفيذ العمليات بسياقات عمل جديد. كذلك المدراء في مختلف المستويات الإدارية Managers at Different Levels تتباين احتياجاتهم للمعلومات بسبب تباين طبيعة المشاكل التي يتعاملون معها. فالإدارة العليا والإدارة الوسطى والإشرافية تختلف كل منها في درجة احتياجها للمعلومات سواء من ناحية تفصيلها أو كميتها أو نوعيتها أو غير ذلك من المؤشرات. فالإدارة الإشرافية تحتاج إلى معلومات تفصيلية يومية حول طبيعة العمل في مختلف الوظائف والمشاريع التي تتابعها ويحتاج العاملون المعرفيون معلومات خاصة لإدارة وتنفيذ مشاريع تكنولوجية معينة. أما الإدارة الوسطى فإن حاجتها تتمثل بملخصات فيها تحليل يساعدها على وضع الأهداف للمدى المتوسط للأقسام والمشاريع الرئيسية وأخيرًا فإن الإدارة العليا تقوم بتحليل واسع للاتجاهات الاقتصادية وبيئة الأعمال وأداء المنظمة الشامل وهذا يشكل خطة بعيدة الأمد للمنظمة. أما الفئة الثالثة فهي احتياجات وظائف المنظمة الرئيسية Functional Areas حيث الإنتاج والعمليات والتسويق والموارد البشرية والمالية والمحاسبية فلكل واحدة من هذه الإدارات احتياجاتها الخاصة من المعلومات التي تتخذ طابع معين وفق اعتبارات انفتاح النشاط على البيئة الخارجية أو عكس ذلك. ورابعا، فإن اختلاف ترتيب وانسيابية النشاط في العمل له أثر كبير في حاجة العمل للمعلومات سواء من حيث التفصيل أو العمومية أو من حيث السرعة أو الجودة أو غيرها. فإذا ما أخذنا جميع هذه العوامل بنظر الاعتبار نجد أن نظام المعلومات في منظمات الأعمال اليوم أصبح متشعبا ويخدم احتياجات متباينة. إن التطور الحاصل في تكنولوجيا الاتصالات والحواسيب والمعرفة تساعد هو الآخر في زيادة قدرة هذا النظام لأن يستجيب لتلبية هذه الاحتياجات بشكل كفوء.

- أنظمة المعلومات حسب المستويات Information Systems By Levels
هناك نظم متعددة تقدم تطبيقات مختلفة لمختلف المستويات الإدارية والعاملين فيها خاصة وأن الأعمال الروتينية المتكررة والقرارات المهيكلة تلائمها نظم وتطبيقات خاصة لها، في حين أن العاملين المعرفيين يحتاجون إلى أنظمة تستطيع أن تلبي احتياجاتهم المتخصصة جدًّا باعتبار أن المشاكل التي يتعاملون معها هي مشاكل فنية متخصصة. وبالنسبة للإدارتين العليا والوسطى فإنها تحتاج إلى تطبيقات مرنة لمواجهة مشاكل تتسم بالاختلاف والتجديد. ويمكن تصنيف النظم كالآتي:

• نظم معالجة الأعمال اليومية Transaction -Processing Systems (TPS) وهي نظم تختص بمعالجة التبادلات اليومية في المنظمة مثال ذلك استلام وتأكيد الحجوزات في الخطوط الجوية أو تسجيل الصفقات التجارية اليومية وغيرها. وهي أعمال روتينية للمستوى الإشرافي في الإدارة.
•  نظام معالجة الأعمال اليومية TPS هي نظم أو تطبيقات معالجة المعلومات الخاصة بالتبادلات والأعمال اليومية في المنظمة.

* نظم للعاملين المعرفيين والتطبيقات المكتبية 
Knowledge Workers and Office Applications Systems
وهذه النظم تلبي احتياجات العاملين المعرفيين والعاملين في الوظائف الكتابية في المنظمة حيث معالجة المعلومات وتصميم وثائق الاتصالات بين الأقسام. وقسم نظم المعلومات مثله مثل بقية الأقسام يضم عاملين معرفين وعاملين متخصصين بمعالجة البيانات Data Workers. إن توسع نظم الدعم والمعالجة ساعدت في التصميم للمنتجات الجديدة ومحاكاة سير العمليات من خلال نماذج معقدة وكذلك ساهمة في تطوير النشر المكتبي الأمر الذي زاد من  إنتاجية العاملين بشكل كبير في المكاتب الإدارية أو الفنية.

* نظم لمنفذي العمليات ومدخلي البيانات System For Operations/ Data Workers
إن العاملين في مجال التجهيزات الحاسوبية في المنظمة من ناحية إدخال البيانات أو اختيار البرامج الصحيحة للتطبيق ومراقبة ومتابعة كافة هذه البرامجيات، هم بحاجة إلى نظم معلوماتية خاصة بمتابعة تنفيذ هذه الأنشطة.

* نظم المعلومات الإدارية Management Information Systems (MIS)
تدعم هذه النظم الإدارة بالتقارير اليومية والجدولة والخطط والموازنات المعدة بالحاسوب وتستفيد كل الأقسام والوحدات الإدارية من هذه النظم ويعرض الشكل (3- 22) مفهوم نظام المعلومات الإدارية في إحدى المنظمات حيث يلبي احتياجات مختلف الوظائف المنظمية من جانب وكذلك المستويات الإدارية المختلفة.

• نظام المعلومات الإدارية  MIS نظام يدعم المدراء من خلال التقارير اليومية والجدولة والخطط والموازنات المعدة بالحاسوب.

وأنظمة المعلومات اليوم أصبحت من الاتساع والتطور وتعدد التطبيقات بحيث تجد أن هناك ما يسمى نظم مساندة القرار Decision Support System (DSS) ونظم دعم المدير ESS) Executive Support System) وكذلك النظم الخبيرة والذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence and Expert Systems، حيث تتباين أنواع الدعم المقدمة من هذه النظم للإدارة، فهناك الدعم الاستراتيجي والدعم الإداري والدعم التشغيلي والدعم المعرفي.

* الإنترنت The Internet
لعل أهم ثورة حصلت في تاريخ البشرية هي الشبكة العالمية للإنترنت وهي شبكة عملاقة من شبكات تخدم ملايين أجهزة الحاسوب وتقدم معلومات عن كل شيء وفي كل حقل علمي وتوفر اتصالات بين كافة بلدان العالم. وقد استفادت منظمات الأعمال بشكل كبير جدًّا من خدمات هذه الشبكة بل إن جزءًا كبيرًا من التجارة والأعمال أصبح بدار وينجز على هذه الشبكة. وقد تخصصت بعض الشركات بتقديم خدمات الإنترنت وتسمى مجهز خدمة الإنترنت Internet Service Provider وهي عبارة عن شركات تجارية تحتفظ باتصال دائمي مع الشبكة وتبيع الاتصالات المؤقتة للمشتركين، والشبكة العالمية الواسعة World Wild web (www). وتلجأ منظمات الأعمال إلى إقامة شبكاتها الداخلية الخاصة لنقل وخزن والاستفادة من المعلومات وتسمى Intranet وهي تماثل الإنترنت لكن تعمل داخل حدود المنظمة فقط. وأيضًا قد تسمح المنظمة لبعض المستفيدين الخارجيين الاستفادة من شبكة الإنترنت الخاصة بها بناءً على توفر معايير معينة فيهم وفي هذه الحالة تكون هناك شبكة اكسترانت Extranet أي شبكة المنظمة الخارجية.

• الإنترنت Internet شبكة اتصالات عملاقة تخدم ملايين أجهزة الحاسوب وتقدم معلومات عن كل شيء وفي كل حقل علمي وتوفر اتصالات بين كافة أنحاء العالم.
• مجهز خدمة الإنترنت Internet Service Provider شركة تجارية لها اتصال دائم بالشبكة العالمية وتتيح خدمة الاتصال المؤقتة للمشاركين.
• الشبكة العالمية الواسعة World Wild web (www) نظام بمعايير عالية متفق عليها لخزن وسحب وتنسيق وعرض المعلومات.

* الأعمال الالكترونية E- Business
يعتبر مفهوم الأعمال الإليكترونية مرافقا لمفاهيم أخرى بشكل دائم وأن البعض يستخدمها بشكل مرادف. فهناك التجارة الالكترونية e-Commerce والتي هي عبارة عن مجمل عمليات البيع والشراء التي تتم على شبكة الإنترنت وتعتبر التجارة الالكترونية استخداما مكثفا لتكنولوجيا المعلومات في ممارسة التجارة والأعمال من خلال شبكات الحاسوب التي تتضمن التبادل الالكتروني للبيانات والبريد الالكتروني والتطبيقات الأخرى للإنترنت. ويرى البضع أن التجارة الالكترونية تعبر عن وجود سوق عالمي الكتروني يتمكن من خلاله العاملون في حلقات الإنتاج والتسويق من التعامل الآني الفوري لمصالح شركاتهم المتبادلة. ورغم أن البعض يستخدم التجارة الالكترونية مصطلحًا مرادفا للأعمال الالكترونية إلا أن الأمر لا يبدو كذلك حيث أن الأعمال الالكترونية هي أوسع في مداها ونطاقها حيث تشمل الخدمات المقدمة للزبائن والتعاون مع شركات الأعمال كما أنها تهدف إلى سرعة السير باتجاه عولمة الاقتصاد فضلًا عن السعي لزيادة الإنتاجية والوصول إلى زبائن جدد وتقاسم المعرفة عبر المنظمات المختلفة لتحقيق ميزات تنافسية. وعلى هذا الأساس فإن الأعمال الالكترونية أشمل من التجارة الالكترونية، فهي عبارة عن جهد الأفراد المنظم لإنتاج وبيع -لغرض الربح- سلع وخدمات تشبع احتياجات المجتمع من خلال تسهيلات متاحة على شبكة الإنترنت. ويعطي البعض مدى أوسع للأعمال الإلكترونية باعتبارها استخدام الشبكات الالكترونية وتكنولوجيا الويب في الأعمال. لقد ساعدت الأعمال الالكترونية على الانتقال من المفاهيم القديمة في الأعمال إلى مفاهيم جيدة فمثلًا سلسلة القيمة وفق المنظور القديم كانت تقوم على أساس فحص الأنشطة واحدًا تلو الآخر لمعرفة مدى قدرتها على إضافة قيمة للمنتج أو الخدمة في حين أن المنظور الجديد لسلسلة القيمة يتم بموجبه فحص السلسلة من خلال التداخلات والتأثير المتبادل بين الأنشطة مع بعضها البعض بشكل ثنائي أو جماعي للوصول إلى ما تضيفه هذه الأنشطة من قيمة حقيقة للمنتج سواء كان سلعة أو خدمة. إن الأعمال الالكترونية والاتصالات سمحت بالقيام بمثل هذا العمل. كما أن الأعمال الالكترونية لا يقتصر عملها على سلسلة التوريد بل يمكن أن يشمل كذلك إدارة علاقات الزبائن وإدارة العمليات الداخلية وإدارة سلسلة القيمة. وتقوم الأعمال عادة بالجمع بين الموارد المختلفة سواء المالية أو البشرية أو المعلوماتية أو المادية لغرض الإنتاج والبيع. ونفس الشيء يقال عن الأعمال الالكترونية لكن نجد هنا أن هناك تركيز على تكنولوجيا المعلومات وأجهزة الحاسوب.

• الأعمال الالكترونية E- Business جهد الأفراد المنظم لإنتاج وبيع سلع وخدمات بهدف الربح وإشباع احتياجات المجتمع من خلال تسهيلات متاحة على شبكة الإنترنت.

 - فوائد الأعمال الالكترونية e-Business Advantages
تعطي الأعمال الالكترونية العديد من المزايا لمن يمارسونها، وأول هذه الفوائد زيادة الإنتاجية للمستهلكين والعاملين عن طريق توفير الوقت والمال. كذلك فإنها تساعد في الدخول إلى المعلومات المتاحة على الشبكة من أي مكان في العالم. كما أنها يمكن أن تعطي مرونة عالية للشركات وذلك بمساعدتها في خدمة أسواق صغيرة أحيانًا والوصول إليها بسهولة. ومن المزايا المهمة أيضًا هي إمكانية عرض البضائع والخدمات على مدار الساعة في كل مكان في العالم كما أنها لا تحتاج إلى ديكورات وأجور مياه وكهرباء أو عاملين كثيرين وأن الكثير من الأعمال الصغيرة صارت أعمال كبيرة أو حتى عملاقة على الإنترنت. وقد ساهمت الأعمال الالكترونية في ظهور الكثير من الأعمال الأخرى التي لم تكن معروفة سابقًا كما أنها أسهمت في تنمية جيل جديد من رواد الأعمال. إن هذا النمط من الأعمال ساعد أيضًا في دعم الأعمال الصغيرة وساعد في تنشيط حالات الابتكار.

     ــــــــــــــــــــــــــــــ

المرجع: العامري، صالح مهدي محسن، وطاهر محسن منصور الغالبي، (2011م)، (كتاب : الإدارة والأعمال)، الصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، الطبعة الثالثة.