د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

العلاقات العامة Public Relations

ماذا يقصد بنشاط العلاقات العامة؟ ومن هم فئات أصحاب المصالح الذي يتعامل معهم نشاط العلاقات العامة؟

January 13, 2024 عدد المشاهدات : 3028

مقدمة:
إن اتساع حجم المنظمات بكافة أشكالها وكذلك التطور التكنولوجي الكبير في مختلف نواحي الحياة فرض على منظمات الأعمال ممارسة وظائف أخرى إضافية وخصصت لها إدارات لمتابعة شؤونها وإدامة عملها والعمل على تحسينه باستمرار. فمثلًا  إن نشاط العلاقات العامة أصبح نشاطًا حيويًا في هذه المنظمات بسبب تعدد فئات أصحاب المصالح وجماعات الضغط الأمر الذي تطلب وجود حلقة وصل بين المنظمة والفرقاء الخارجيين. كذلك الحال مع التطور التكنولوجي والمعلوماتي الحاصل في بيئة الأعمال واضطرار المنظمات إلى التعامل الواسع مع تكنولوجيا المعلومات والمعرفة والدخول في حقبة اقتصاد المعرفة اضطر المنظمات إلى استحداث وحدات خاصة بإدارة المعلوماتية والمعرفة. ونفس الأمر يقال عند ازدياد حدة المنافسة واضطرار منظمات الأعمال إلى تقديم ما هو جديد وتطوير منتجات جديدة، الذي تطلب الاهتمام بالبحث والتطوير والإبداع التكنولوجي. كل هذه الأمور سيتم تناولها في هذا الفصل المخصص للأنشطة المنظمية الأخرى.


العلاقات العامة Public Relations
تمثل العلاقات العامة وظيفة مهمة في منظمات الأعمال اليوم، حيث يتجسد دورها الرئيسي في إيجاد السبل والآليات والطرق المساعدة على تسويق المنظمة بصورتها الشاملة لتصبح مقبولة أكثر في بيئتها الخارجية وكذلك تأمين التفاعل الإيجابي بين المنظمة والفئات المختلفة في المجتمع. لكن العلاقات العامة كنشاط ليس سهلًا وواضحا على الدوام بسبب تباين واختلاف الممارسات التي تقوم بها منظمات الأعمال وكذلك تداخل هذا النشاط مع أنشطة أخرى يضاف إلى ذلك تعدد وجهات نظر وتطلعات الإدارة العليا للدور المرتقب لهذا النشاط.


* مفهوم العلاقات العامة وتطوره
public Relations: Concept and Development

تباين المداخل التي يتم النظر من خلالها لنشاط العلاقات العامة، ففي الإطار العام لهذا النشاط تتداخل الكثير من العلاقات الإنسانية والشخصية والمهنية والاجتماعية والسياسية والصناعية وغيرها. ففي إطار المنظور الإنساني تشكل العلاقات روابط إنسانية بين الأفراد والمجموعات في إطار من التعاون والثقة والود لتعزيز روح التعاون والتفاهم والانتماء كذلك لا تخلو هذه العلاقات من الالتزام بالحقوق والواجبات في إطار تبادل المصالح الاقتصادية والاجتماعية. إن مجمل هذه الجوانب تجسدت لاحقًا في منظمات الأعمال من خلال إدارة المصالح المشتركة بين العاملين والإدارة والمالكين في إطار إدارة العلاقات الصناعية أثناء الثورة الصناعية وما بعدها. وفي سياق هذه العلاقات الصناعية يتم تنظيم العلاقات بين هذه الأطراف بشكل حقوق والتزامات متقابلة لكي لا يصل الأمر إلى حدوث تصادم وصراع. ومع التطور الحاصل في حجوم المنظمات أصبحت إدارة العلاقات العامة ذات أدوار أخرى بسبب انفتاح منظمة الأعمال على البيئة وازدياد أصحاب المصالح المباشرين وغير المباشرين الذين يتبادلون التأثير مع المنظمة. فكلما ظهرت فئات جديدة بسبب التطور الاقتصادي والحضاري والتكنولوجي تشكلت ضرورة لإدارة العلاقة مع هذه الفئة الجديدة وأضيفت أنشطة وأعمال لهذه الإدارة. وبشكل عام وبعد هذا الاستعراض فإنه يمكن القول أن نشاط العلاقات العامة هو نشاط وآليات ومناهج يتم بواسطتها إدارة العلاقات مع مختلف فئات أصحاب المصالح لغرض تحسين صورة المنظمة لدى مختلف هذه الفئات التي تتعامل معها المنظمة.
إن ازدياد أعداد هذه الفئات في المجتمع وتبادلها العلاقة مع المنظمة.

  • العلاقات العامة public Relations نشاط وآليات ومناهج يتم بواسطتها إدارة العلاقات مع مختلف فئات أصحاب المصالح لغرض تحسين صورة المنظمة.

لقد أصبحت إدارة العلاقات العامة في منظمات الأعمال علمًا وفنا وفي إطار هذه الإدارة يعمل متخصصون في العلوم السلوكية والنفسية والاجتماعية والاتصال والسياسة والتصميم وغيرها، خاصة وأن هذه الإدارة تجري بحوث ودراسات علمية واستطلاعات للآراء وتقوم بتحليلها لغرض تعزيز الجوانب الإيجابية وتقليل السلبيات في عمل المنظمة تجاه مختلف الفئات.

* التعامل مع فئات أصحاب المصالح Relations with Steakholders
إن كون نشاط العلاقات العامة نشاط متشعب يتعامل مع فئات عديدة بطرق سلوكية وأساليب إعلام واتصال لإقامة علاقات ثقة فإن الأمر يقتضي من إدارة العلاقات العامة إيجاد الصيغة المناسبة التي يتم بموجبها تصنيف هذه الفئات إلى مجموعات لغرض التعامل معها وفق استراتيجيات محددة واستنادا لاعتبارات الأهمية والتأثير وطبيعة الظروف التي تمر بها المنظمة. فمثلًا يمكن اعتماد التصنيفات التالية لهذه الفئات:
1- فئات داخلية وفئات خارجية.
2- فئات أساسية وفئات ثانوية وفئات هامشية.
3-  فئات تقليدية قديمة وفئات حديثة الظهور.
4- فئات حليفة وفئات محايدة وفئات معارضة.
وهكذا يمكن أن تستمر في تصنيف هذه الفئات وفق اعتبارات عديدة لإدامة العلاقة بالأساليب المناسبة مع كل مجموعة تضم عدد من المجموعات وفق اعتبارات التصنيف. إن هذا الأمر يظهر مدى تعقد وأهمية وظيفة العلاقات العامة خصوصًا وأنها ذات تماس مباشر بالسلوكيات للأفراد داخل هذه الفئات.
ويلاحظ أن العديد من منظمات الأعمال تهمل نشاط العلاقات العامة بحجة وجود قسم للإعلان والتسويق في المنظمة معتقدة أن صورة المنظمة الكلية تبني من خلال الترويج والإعلان عن السلع والخدمات المنتجة ورغم تكامل الإعلان مع نشاط العلاقات العامة إلا أن هذا الأخير ضروري لترويج المنظمة بشموليتها وتحسين سمعها في المجتمع. لذلك فإن الضرورة تقتضي بإدامة العلاقة مع هذه الفئات بأساليب مختلفة.


- أنشطة العلاقات العامة وسلوكياتها Public Relations Activities
يشمل نشاط العلاقات العامة العديد من الفعاليات تتباين في تكاليفها وفترتها والجهات الموجهة لها. ففي إطار الأنشطة التي تراعي مصالح المنظمة في المجتمع يمكن أن نجد:

  • العلاقات مع وسائل الإعلام وأساليب الاتصال الجماهيري.
  • إدارة العلاقة مع العملاء والمجهزين.
  • إدارة العلاقة مع المنافسين والمنظمات العاملة في نفس المجال.
  • القيام بالبحوث والدراسات ذات التأثير في سلوك ومعتقدات فئات محددة لتحسين صورة المنظمة.
  • تقديم المشورة للجهات المطالبة لها في إطار تعزيز علاقة المنظمة مع مؤسسات المجتمع المدني.
  •  التخطيط لأنشطة تعزز سمعة المنظمة وصورتها وفي إطار مناسبات محلية أو وطنية أو عالية.
  • إدامة العلاقة مع الحكومة في إطار برنامج واضح يتم مناقشته بين المنظمة والجهات الحكومية المسئولة عن الأعمال.

كما يمكن لأنشطة العلاقات العامة أن تدعم وتقوي الوضع الداخلي من خلال بناء اتصال فعال وإيجابي مع مختلف الأطراف الداخلية في المنظمة كإدارة العلاقة بين الوحدات التنظيمية أو تأمين علاقة إيجابية مع جميع العاملين في المنظمة وكذلك تأطير العلاقة مع المساهمين والمستثمرين وإدارة المنظمة والعاملين فيها.

ونظرًا لكون أنشطة العلاقات العامة تتضمن قدرا كبيرًا من الاتصال والتفاعل الإنساني والاجتماعي لذلك فإنها تحمل مضامين أخلاقية وسلوكية وترتب مسئوليات يفترض أن تلتزم بها المنظمة تجاه مختلف الأطراف. فمثلًا نرى أن الجمعية الأمريكية للعلاقات العامة تقوم بجهود كبيرة لتقوية الجانب المهني والسلوكي والأخلاقي للعاملين في العلاقات العامة كما وضعت مدونة أخلاقية للسلوك المهني نجد فيها ستة قيم أساسية تمثل سلوكيات مهنة العلاقات العامة وهي:
1- الدفاع والمحاماة  Advocacy: أي أن العاملين في العلاقات العامة يدافعون عن مصالح المنظمة ولا يفشون أسرارها حتى لو كانت المغريات كبيرة.
2- النزاهة Honesty: أي الصدق في التعامل وإعطاء المعلومات الممكنة دون مبالغة أو تحريف.
3- الخبرة Expertise: يجب أن يتصف العمل بالمهنية واحترام سلوكياتها ومعاييرها الفنية.
4- الاستقلالية :Independence: يجب أن تتخذ المواقف باستقلالية وبعيدا عن توجهات تحاول التأثير في المواقف المطلوب الدفاع عنها.
5- الولاء Loyalty: الشعور المطلق بالانتماء للمنظمة والدفاع عن مصالحها.
6- العلاقة Fairness : أي التعامل بمسئولية مع المعلومات وعدم التشهير والتجريح مع وجوب التوازن في التعامل.
إن مجمل هذه الجوانب يفترض أن تشكل سلوكا أخلاقيا تعززه المنظمة بممارسات فعلية لتحسين صورتها في المجتمع.

* إدارة الأزمة والعلاقات العامة 
Public Relations and Crisis Management

تواجه منظمات الأعمال العديد من الأزمات مختلف المنشأ، وتلعب العلاقات ووسائل الاتصال دورًا ضروريًا في التعامل مع الأزمة وتقليل الضرر الحاصل على المنظمة جراء الأزمة وتداعياتها. وإدارة الأزمة تعني العملية التي تتبناها المنظمة للاستجابة للأحداث الطارئة والصدمات والكوارث التي تواجه المنظمة.
وفي العادة فإن إدارة العلاقات العامة تشكل لجنة أو مجموعة من بين أعضائها والإدارات الأخرى إذا تطلب الأمر للتعامل مع الأزمة. وإن ما يثير اهتمام الإدارة هنا هو الدور الفعال للناطق الرسمي لهذه اللجنة والذي يعد حلقة وصل مع وسائل الإعلام الأخرى والفئات الأخرى، حيث أن هذا الدور يحتاج إلى دقة وحذر عند إطلاق التصريحات  أو الإجابة عن استفسارات الصحافة. ورغم أن كل أزمة هي فريدة من نوعها ولكن يمكن تلخيص خصائص الأزمة بالآتي:

  • إدارة الأزمة  Crisis Management العملية التي تتبناها المنظمة للاستجابة للأحداث الطارئة والصدمات والكوارث التي تواجه المنظمة.

1- المفاجأة Surprise: حيث أن المنظمة لم تكن مستعدة أو جاهزة لمواجهة مثل هذا الحدث وبالتالي فإن الأمر يتطلب السرعة والتعامل بحذق مع الأزمة.
2- نقص المعلومات Lack of Information: على الرغم من كثرة المعلومات وتوفرها فإن ظهور الأزمات عادة ما يرافقه نقص كبير لمعرفة أسباب وتداعيات الأزمة وأن هذا الأمر يجبر الإدارة على التعامل بشكل سريع مع الأحداث مع نقص المعلومات.
3- التصاعد المتدرج للأحداث Escalating Pace of Events: حال بدء الأزمة فإن هنا سلسلة متتابعة من الأحداث تتزايد في عددها ودرجة تعقيدها مما يتطلب الأمر فرزها بشكل منطقي للتعامل مع الأحداث الحرجة.
4- التفحص الدقيق للموقف Intense Security: إن القرارات الصادرة خلال فترة الأزمة تكون عرضة للفحص الدقيق والتحليل العميق من قبل الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وإن التغذية الراجعة على هذه القرارات تأتي سريعة، كما أن القرارات تقيم بسرعة من قبل العديد من أصحاب المصالح والفئات التي ذكرناها سابقًا. إن هذه الجوانب تجعل من دور العلاقات العامة دورًا مهما ومحوريا في معرفة ردود أفعال هذه الفئات على أسلوب التعامل مع الأزمة وربما اتخاذها مدخلًا مناسبًا لمد جسور الثقة والعلاقات للعديد من أصحاب الفئات المشار إليها من خلال اتصال نزيه وشفاف وصادق.

     ــــــــــــــــــــــــــــــ

المرجع: العامري، صالح مهدي محسن، وطاهر محسن منصور الغالبي، (2011م)، (كتاب : الإدارة والأعمال)، الصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، الطبعة الثالثة.

تحميل محتوى الصفحة رجوع