مقدمة:
تعتبر القرارات جوهر العملية الإدارية والمحصلة النهائية لناتج عمل المديرين لذلك يجب أن تعار لها أهمية خاصة سواء من ناحية عملية صناعتها أو اتخاذها وتنفيذها أو مراقبة نتائجها. وبالتأكيد فإن القرارات في منظمات الأعمال ليست من نمط واحد ولا يتم تطويرها وفق أسلوب واحد لذلك يفترض معرفة هذه الأنواع واختيار الأسلوب الملائم لصناعة القرار. وفي الأعمال اليوم لا يمكن عملية صناعة القرار وتنفيذه عملية فردية بل هي عمل جماعي يأتي في إطار أسلوب فاعل المشاركة وتبادل الآراء بين مختلف مستويات التنظيم. وفي عصر المعرفة والمعلوماتية لا بد من الإشارة إلى الدور المهم لتكنولوجيا المعلومات وتأثيرها الكبير في تغيير الأعمال والمنظمات ومكاتب العمل.
أولًا: تأثير تكنولوجيا المعلومات على مكان العمل والعملية الإدارية
IT Effect On The Work Place And The Managerial Process.
لقد أصبحت منظمات الأعمال مستفيدات كبيرًا من تكنولوجيا لمعلومات وآلياتها في تحين أدائها وإنتاجيتها. وفي ظل الاقتصاد المعرفي فإن الإنتاجية المرتبطة بالمعرفة والعاملين المعرفين Knowledge Workers يعتبران عاملًا منافسة مهمان جدًّا بين منظمات الأعمال والعاملون المعرفيون، هم عاملون تتجسد قيمتهم للمنظمة في قدراتهم الذهنية والمعرفية وليس في القابليات البدنية. إن هؤلاء العاملين المعرفين يشكلون للمنظمة رأس مال معرفي الذي يمثل المعرفة والقوة الفعلية الجماعية للمنظمة أو المعرفة المشتركة التي يتقاسمها العاملون ويتم من خلالها خلق ثروة للمنظمة. إن رأس المال المعرفي والمعرفة مصادر مهمة لا يمكن تعويضها أو إحلال بديل عنها في المنظمات. إن أهمية المعرفة والعاملين المعرفيين جاءت من خلال نمو هائل في ميدان المعلومات وتزايد دورها في فضاء شبكي إليكتروني يعطي قدرة للمنظمة في أن ترتبط بأي مكان وفي أي لحظة بالعالم الخارجي وبكل مكوناته. وتتكلم هنا عن إنتاجية المعرفة والعاملين المعرفيين التي أخذت تتزايد بشكل كبير وهذه يمكن أن تكون قدرات وقابليات لدى المنظمة وعامليها في مجالين أساسيين: قابليات حاسوبية Computer Competency وهي القدرة على استخدام الحواسيب وبرامجياتها والاستفادة منها في خلق ميزات للمنظمة وقابليات معلوماتية Intellectual Capital وهي القدرة على استخدام التكنولوجيا لسحب وتقييم وتنظيم وتحليل المعلومات في سبيل اتخاذ قرارات مختلفة.
* العاملون المعرفيون Knowledge Workers هم عاملون تتجسد قيمتهم بإضافة قيمة معرفية وذهنية وليس بدنية للمنظمة.
* رأس المال المعرفي Intellectual Capital هو مجموع القوى الفعلية والمعرفية أو المعرفة المشتركة بين قوى العمل في المنظمة.
* تكنولوجيا المعلومات والمنظمات Organizations and IT.
"إن" تكنولوجيا المعلومات IT قد أزالت الكثير من الحواجز وجعلت من المنظمة أكثر انفتاحا وشفافية في تعاملها مع مختلف الأطراف الخارجية وخاصة الزبائن والمجهزين. إن هذا الأمر جعل المنظمات والعاملين فيها في مختلف المستويات والمواقع يتصلون بسهولة ويتقاسمون المعلومات بسرعة كذلك جعلت المنظمات في إطار هيكل تنظيمي أقل في مستوياته الإدارية حيث أن دور المديرين في الإدارة الوسطى والذين يساهمون يسهلون حركة المعلومات بين المستويات أصبح أكثر شفافية وأقل حاجة إلى أعداد كبيرة منهم وذلك لقيام أجهزة الحاسوب والاتصالات بجزء كبير من مهامهم اليوم.
لقد خلقت مجمل هذه التطورات فرصا لميزات تنافسية للمنظمات بسبب سرعة اتخاذ القرار واستخدام المعلومات بشكل أفضل وفي وقتها المناسب وكذلك من خلال تنسيق فعال للقرارات والأفعال. وساهمت تكنولوجيا المعلومات أيضًا بتقليل الحواجز بين المنظمة وعناصر بيئتها الخارجية وبالأخص المهمة منها حيث لعبت دورًا في إدارة العلامات مع الزبائن من خلال سرعة جمع معلومات عن احتياجاتهم وتفصيلاتهم وما يرضيهم وساهمت أيضًا في تقليل كلف الرقابة وخاصة في إطار إدارة سلسلة التوريد بدءًا من عمليات الشواء والعمليات اللوجستية الخاصة بالنقل والتخزين وغيرها.
كذلك أثرت تكنولوجيا المعلومات على الأعمال التي تمارس من قبل المنظمات وأصبحت التجارة الإلكترونية e-Commerce واقعًا جديدًا يجب التعامل معه. إن التجارة الإليكترونية تعني الشراء والبيع وعقد الصفقات عبر الإنترنت وبالتالي فإن صفقات الأعمال بين البائعين والمشترين تجري وتستكمل إجراءاتها إليكترونيا دون الحاجة إلى اللقاء وجهًا لوجه. ولا يقتصر البيع والشراء عبر التجارة الإليكترونية بين أفراد مستهلكين وأعمال منتجة (B2B) أي بين الأعمال نفسها. إن منظمات الأعمال اليوم تخرص على حضور فاعل في الفضاء الإليكتروني من خلال إنشائها مواقع للتعريف بنفسها ومنتجاتها وعقد صفقاتها. وتتباين سعة وتنظيم هذه الصفحات والمواقع حسب حجوم الشركات وقدراتها في مجال تكنولوجيا المعلومات فبعضها ضخم جدًّا مثل موقع شركة جنرال موتورز GM. إن مراحل تطوير موقع إليكتروني على شبكة الإنترنت يمر عبر المراحل التالية:
* تأمين حضور في القضاء الإليكتروني من خلال عنوان وموقع معلوم وصفحة معروفة.
* تأكيد الحضور من خلال استخدام الموقع للإعلان والترويج بدون تحقيق صفقات.
* تفعيل إمكانيات ممارسة التجارة الإليكترونية من خلال السماح لزائري الموقع طلب المنتجات المختلفة.
* التوسع في مجال البيع وخدمة الزبائن عبر الإنترنت وأجزاء بعض الأعمال مثل تدقيق الطلبات وحساب مستويات المخزون وغيرها.
* تطوير مجال الاستفادة من الموقع لمختلف وظائف المنظمة مثل التسويق والشؤون المالية والعمليات والإنتاج.
كذلك غيرت تكنولوجيا المعلومات مكاتب العمل من حيث سرعة إنجاز العمل وسرعة الاستجابة وسرعة الوصول للسوق ومعرفة ما يجري فيه. لقد أصبح المكتب المؤتمت شائعا وضروريا في منظمات الأعمال ويتداولون المعلومات بالنصوص والصور والأصوات وبجودة عالية. إن كل هذه التطورات جعلت البعض يطلق على مكاتب العمل اليوم المحطات الذكية الأنيقة Smart Stations حيث استخدام قليل للورق والكتابة تنجز إليكترونيا والمفكرات الإليكترونية وأجهزة الحاسوب المحمولة أصبحت مكاتب متجولة ويمكن إنجاز الأعمال حتى من خارج المكاتب الخاصة بالعاملين في منظمة الأعمال. كذلك فإن قواعد المعلومات وسهولة الوصول إليها والدوائر المغلقة التي تعقد في ظلها الاجتماعات والمؤتمرات وتتم الاتصالات والمحاورة كلها عوامل تغيير جوهري للمكاتب التقليدية والعمل الإداري بالأساليب القديمة. ولعل أهم الأساليب الحديثة في العمل الإداري الاتصال الفوري بين الأفراد Inslanl Messaging حتى يتم إرسال الأوامر والتقارير والمعلومات وتقاسمها ضمن شبكات داخلية أو مع الشبكة العالمية للإنترنت وهو ما يسمى Peer to Peer File Sharing
* الاتصالات الفورية بين الأفراد Instant Messaging إرسال الأوامر والتقارير والمعلومات وتقاسمها مع الآخرين بسرعة عالية.
* ربط الحواسيب Peer to Peer file Sharing إيصال الحواسيب الشخصية بعضها مع بعض أو مع شبكة الإنترنت بهدف تحصين إنجاز الأعمال.
* تأثير تكنولوجيا المعلومات على العملية الإدارية The IT Effect on the Managerial Process
لقد غيرت تكنولوجيا المعلومات بشكل كبير طبيعة الممارسة الإدارية من خلال تأثيرها على وظائف المدير حيث أن القدرة التي أتاحتها تكنولوجيا المعلومات في جمع الملومات وتحليلها وتقييمها وإيصالها ساهمت بشكل كبير في تحسين الأدوار الإدارية التي يلعبها المديرين سواء المتعلقة منها بالقرارات أو العلاقات بين الأفراد أو الاتصالات وكذلك الأدوار الأخرى. وفي حقيقة الأمر فإن يعني أن الممارسة الإدارية من خلال التخطيط والتنظيم والقيادة والرقابة قد تحسنت كثيرًا بفعل استخدام المديرين لتكنولوجيا المعلومات وهذا زاد من الفرص المتاحة أمام الإدارة لنجاح أفضل في بيئة الأعمال الحالية. ففي إطار العملية التخطيطية أعطت تكنولوجيا المعلومات قدرة أفضل للمديرين لتجميع معلومات والحصول عليها بوقت مناسب من خلال ازدياد عدد المشاركين في العمليات التخطيطية دون عناء كبير ودون استهلاك وقت طويل، حيث أن سرعة تبادل البيانات والمعلومات والآراء سهلت تبادل المعلومات وإغناء العملية التخطيطية. كذلك فإن ميزات تنظيمية كثيرة وجدت بفضل استخدام تكنولوجيا المعلومات من خلال سرعة الاتصالات بين أجزاء التنظيم وقد حسن هذا الأمر التكامل والتنسيق بين مختلف مستويات المنظمة. أما في مجال القيادة فإن تكنولوجيا المعلومات زادت من فرص الكوادر الإدارية والقيادات للتحاور مع مختلف أصحاب المصالح وخاصة من هم خارج المنظمة ويؤثرون بشكل مباشر على عملها. كذلك أعطت وضوحا لأهداف المنظمة في أعين جميع الأطراف والمؤثرين، وأخيرًا فإن استخدم تكنولوجيا المعلومات من قبل المديرين سهل وجود قياس سريع للنتائج وجوانب الأداء المختلفة في إطار الوظيفة الرقابية وأعطى للمنظمة قدرة على حل المشاكل حال ظهورها. وبشكل أم فإن استخدام تكنولوجيا المعلومات مثل ميزات كثيرة وفوائد عديدة ساهمت في تعزيز أدوار المديرين وتفعيل الممارسة الإدارية بكافة جوانبها.
ثانيًا: مفهوم القرار وأنواعه Decision Concept and Types
* مفهوم القرار ومراحل صناعته Decision Concept .
يتخذ المديرين والأفراد العاديون في حياتهم اليومية عشرات القرارات المتباينة في خطورتها وأهميتها ومداها الزمني. والقرار Decision يعني اختيار بديل من بين عدة بدائل في سبيل تحقيق هدف معين. وبهذا فإننا يمكن أن نلاحظ وجود ثلاثة أركان للقرار ولا يمكن أن يكون كذلك إذا غاب أي منها
* القرار Decision اختيار بديل من عدة بدائل متاحة في سبيل تحقيق هدف معين.
* وجود البدائل Alternatives: فعندما يكون هناك بديل واحد أو طريق واحد لابد من سلوكه نكون مجبرين على ذلك ولا قرار هنا.
* حرية الاختيار Free Choice: إن وجود البدائل لوحده لا يكفي بل لابد من وجود حرية في اختيار أي منها وإذا لم توجد هذه الحرية فنكون مجبرين على بديل معين وأيضًا لن يكون هناك قرار.* حل المشكلة Problem Solving عملية تتضمن تشخيص المشكلة واتخاذ إجراء مناسب لحلها.
* وجود الهدف Objective: إن وراء كل قرار هدف نسعى لتحقيقه وإن عدم وجود الهدف يجعل القرارات عملًا عبثيًا.
عادة ما يرتبط القرار بظهور مشاكل أو أداء غير مرضي لذلك تحاول الإدارة حل المشكلة Problem Solving بهدف تحسين الوضع القائم وتطويره. إن حل المشكلة يعني تشخيصها واتخاذ الإجراء المناسب لحلها. ويأتي هذا الحل عادة في إطار صناعة قرار مناسب Decision Making ، ومن ثم اتخاذه وتنفيذه. وهذه العملية من صناعة القرار واتخاذه وتنفيذه تقع ضمن ما نسميه عملية صنع القرار واتخاذه Decision Making and Taking Process والتي يمكن تعريفها بأنها إدراك وتعريف طبيعة القرار أو الموقف وتحديد البدائل واختيار أفضلها ووضعه موضع التنفيذ.
* صنع القرار Decision Making مجمل الإجراءات المرتبطة بتشخيص المشكلة أو الموقف وجمع البيانات وتطوير بدائل ومن ثم تقييمها والتوصية بأفضل البدائل.
* عملية اتخاذ القرار Decision Taking العملية التي تنصب على تقييم البدائل واختيار أفضلها وتنفيذه وتقييمه.
* عملية صنع واتخاذ القرار Decision Making and Taking Process مجمل الأنشطة المرتبطة بصنع القرار واختيار البديل الأمثل و وضعه موضع التنفيذ.
إشارة إلى ما ورد أعلاه، فقد تم التفريق بين عملية صنع القرار وعملية اتخاذ القرار، حيث أن العملية الأولى تشتمل على إدراك متطلبات القرار أو الموقف أو المشكلة أو الفرصة التي تحتاج إلى قرار ومن ثم جمع معلومات وبيانات وفرزها وتحليلها ودراستها بشكل جيد ثم تطوير البدائل المناسبة والتي هي عبارة عن حلول ممكنة بالتعامل مع المشكلة أو الفرصة أو الموقف وربما تنتهي هذه المرحلة بالتوصية بأفضل هذه البدائل وترك حرية للإدراك لتقرير ذلك لتبدأ بعدها العملية الثانية (اتخاذ القرار) والتي يتم ضمنها اختيار البديل المناسب للبدء بالتنفيذ والتقييم واتخاذ إجراءات تصحيحية إذا تطلب الأمر. وإذا ما أردنا الحديث عن عملية متكاملة لصنع واتخاذ القرار فإننا نتكلم عن مجمل مراحل العمليتين السابقتين.
* مراحل صناعة اتخاذ القرار Decision Making Stages
- مرحلة إدراك متطلبات القرار
Recognition of Decision Requirements
يواجه المدير الحاجة إلى اتخاذ قرار عندما تكون هناك مشكلة Problem أو فرصة Opportunity يجب اقتناصها. إن المشكلة تعني موقفًا تفشل فيه المنظمة في إنجاز أهدافها أو أن بعض أوجه الأداء غير مرضية. أما الفرصة فهي موقف يرى فيه المديرين إنجازات منظمية كامنة تتجاوز الأهداف الموضوعة حاليًا. إن هذه المرحلة من أهم المراحل التي تحدد توجه القرارات مستقبليًا وعادة ما يقع المديرين فيها بالعديد من الأخطاء الشائعة ومنها:
1- تعريف المشكلة أو الفرصة بشكل واسع جدًّا أو ضيق جدًّا، فإن إعلان المدير مثلًا عن برنامج منظم للصيانة هو أفضل صياغة كمشكلة من إعلانه الرغبة في التخلص من كافة التوقفات الطارئة.
2- التركيز على الأعراض للمشاكل وليس على أسبابها، والأعراض هي مؤشرات عن وجود مشكلة ولكن الأسباب مختلفة عن ذلك، إن كثرة الغياب تخفي وراءها أسبابًا حقيقية لظهور هذه الأعراض.
3- اختيار المشكلة أو الفرصة الخطأ والتعامل معها، لذا على المديرين تحديد أسبقيات للمشاكل التي يمكن أن تكون قابلة للحل فعلًا.
* المشكلة Problem موقف تفشل فيه المنظمة من إنجاز أهدافها أو أن بعض أوجه الأداء غير مرضية.
* الفرصة Opportunity موقف يرى فيه المديرين إنجازات منظمية كامنة تتجاوز الأهداف الموضوعة حاليًا.
تشخيص وتحليل الأسباب Causes Diagnosing and Analysis
بمجرد تشخيص المشكلة أو الفرصة فإن المرحلة الثانية تبدأ بتحديد الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه المشكلة أو سنوح هذه الفرصة وذلك بجمع بيانات ومعلومات وتحليلها ودراستها بعمق ودقة. وكثيرًا ما يحصل خطأ شائع وهو القفز على هذه المرحلة والقيام بتطوير البدائل قبل استطلاع أسباب المشكلة بشكل متعمق. وهنا تجدر الإشارة إلى الأسلوب الياباني الشائع تحليل السبب والأثر Cause - Effect Analysis الذي يحلل بعمق الأسباب المحتملة لظهور مشكلة بهدف الوصول إلى الأسباب الحقيقة التي أدت إلى ظهورها.
* التشخيص Diagnosis مرحلة تحليل الأسباب الرئيسية من قبل المدير والمرتبطة بالموقف أو المشكلة أو الفرصة.
إن المشاكل عمومًا يمكن أن تكون وفق هذا المخطط بسبب سبعة عوامل هي: المكائن والتجهيزات وطرق العمل والعاملون والإدارة والصيانة وعمليات القياس والمواد المستخدمة. فقد تكون المشكلة بأحد هذه الأسباب أو أكثر لذا يجب البحث عن السبب الحقيقي من خلال دراسة كل سبب رئيسي واحتمال وجود عوامل فرعية فيه يمكن أن تؤدي إلى ظهور هذه المشكلة. كذلك هناك أسلوب آخر لتحديد الأسباب هو أسلوب العصف الذهني Brainstorming حيث يشترك مجموعة من المديرين أو المسؤولين ويطرحون أفكارهم بطريقة حرة ودون نقد ومن ثم تتكامل هذه الأفكار جميعًا ويتم تصفيتها وصياغتها لكي توضح الأسباب الحقيقية للمشكلة.
- تطوير البدائل Alternatives Development
بعد أن تعرف الأسباب تحاول الإدارة تطوير بدائل تمثل حلولًا مقترحة لمعالجة الأسباب أو حل المشكلة أو الاستفادة من الفرصة. وأحد الأسباب لفشل القرارات في المنظمة هو محاولة الإدارة البحث عن حلول محدودة جدًّا وفي إطار علاقة ضيقة بالأسباب وبعد أن تكون البدائل قد طورت يتم تقييمها.
- تقييم البديل Alternatives Evaluation
إن عملية تقييم البدائل تجري وفق اعتبار وبوسائل وأدوات كثيرة من أجل معرفة أي البدائل أفضل لحل المشكلة أو الاستفادة من الفرصة. وأحد هذه الوسائل هو تحديد الفائدة التي يحصل عليها مختلف أصحاب المصالح أو المستفيدين وذلك باستخدام أسلوب تحليل المستفيدين Stakcholders Analysis وهنا لابد من معرفة أصحاب المصالح الأساسيين الذين تعنيهم الحالة ومدى تأثير كل خيار عليهم. كذلك هناك أسلوب آخر يسمى تحليل المنفعة -الكلفة - Cost Benefit Analysis وهو مقارنة ما يكلفه الخيار بالمنافع المتوقعة منه. وعلى الأقل يجب أن تكون المنفعة أكبر من التكاليف لكل خيار لكي يؤخذ في الاعتبار. وأهم الاعتبارات التي يجب مراعاتها لتقييم البدائل هي:
- المنفعة والفوائد.
- التكاليف والآثار الجانبية المتوقعة عند تنفيذ القرار.
- التوقيت الخاص بحصول المنافع وبداية ظهور التأثير الإيجابي.
- مدى القبول من جميع المعنيين بالأمر.
- الجوانب الأخلاقية والاجتماعية ومدى مراعاتها للمسئولية الاجتماعية تجاه مختلف الأطراف.
- مدى قدرة الخيار على فتح آفاق علمية وإبداعية يمكن أن تعزز موقف المنظمة وشهرتها.
إن شخصية المدير وميله لقبول المخاطرة له تأثير كبير في مستوى تحليل الكلفة - المنفعة المؤدية للقرار وتسمى هذه النزعة أو الميل للمخاطرة Risk Propensity.
* تحليل أصحاب المصالح Stakeholders Analysis معرفة أصحاب المصالح المهمين الذين سيؤثر عليهم القرار في حال تنفيذه.
* تحليل التكلفة - المنفعة Cost Benefit Analysis مقارنة الكلف والمنافع المحتملة لكل بديل.
* الميل للمخاطرة Risk Propensity الاستعداد لتحمل المخاطرة في ضوء وجود فرصة واعدة بالربح والفائدة.
- اختيار البديل المناسب The Best Alternative Choice
بعد التقييم فإن هناك بدائل ستستبعد وسيتم اختيار أفضل البدائل في ضوء نتائج التقييم والمعايرة والمعايير الموضوعة عند المقارنة. فقد يكون المعيار هو أكبر ربح يتحقق من البديل أو أدنى كلفة أو غير ذلك.
- تنفيذ البديل المختار Chosen Alternative Implementation
هنا تبدأ مرحلة التنفيذ للبديل الذي تم اختيار كحل للمشكلة أو وسيلة للاستفادة من الفرصة. إن البعض القرارات تكون سهلة التنفيذ مقارنة بأخرى تحتاج إلى جهد كبير واستجابة من العاملين وتعاون لتنفيذها. وقد تظهر هنا صعوبة نقص المشاركة وهنا تظهر أهمية اندماج العاملين ومشاركتهم في القرارات بشكل عام وإشعارهم بأنهم جزء من المنظمة.
* تنفيذ البديل
Implementation
ترجمة الخيار الذي تم اختياره إلى أفعال من خلال القابليات التنظيمية والإدارية للحصول على نتائج مرغوبة.
- تقييم وتغذية عكسية Evaluation and Feedback
إن القرار لا ينتهي عندما يوضع موضع التنفيذ فلابد من تقييم للنتائج الناجمة عن هذا القرار وجميع المعلومات عن الآثار والنتائج وتحليلها ومقارنتها بما استهدف من نتائج وتوفير تغذية عكسية بشكل تقارير وتصويبات وتوضيحات تستهدف زيادة فاعلية القرار وقد تكون هناك نتائج إيجابية وسلبية وفي كلا الحالين يجب أن تدرس بعناية، بحيث تكون عملية القرار ديناميكية ومستمرة.
- إجراء تصحيحات إذا تطلب الأمر أو إقرار النتائج كما هي وتوثيقها للاستفادة منها مستقبلًا.
* أنواع القرارات Decisions Types
يتخذ المديرين أنواع متعددة من القرارات في عملهم اليومي وهذه القرارات تتباين في أهميتها وحاجتها للموارد والمشاكل التي تتعامل معها والمدى الزمني لها والمستوى الإداري الذي تتخذ فيه ومدى عمومية أو خصوصية القرار وطبيعة المشاركة فيه. لقد أجمل الباحثون الأسس التي تصنف وفقها القرارات في إطار نوعين مهمين من القرارات، الأول يسمى القرارات المبرمجة Programmed Decisions والثاني قرارات غير مبرمجة Nonprogrammer Decisions فالقرارات المبرمجة عادة تستخدم حلولًا جاهزة متاحة من واقع خبرة سابقة وذلك لحل مشاكل نمطية أو مهيكلة Structured Problems وهذه المشاكل أو المواقف مألوفة للمدير وواضحة بالمعلومات التي تحتاجها كما أنها روتينية ويمكن توقعها. إن هذا يعني أن القرار يمكن برمجته وصياغته مسبقًا ويتم تنفيذه عند الحاجة. إن كثير من المواقف الخاصة بإدارة الموارد البشرية والإنتاج والمخازن والصيانة تكون متكررة وروتينية لارتباطها بالعمل اليومي الجاري وبذلك يمكن اعتماد صيغ وقرارات معدة مسبقًا لتنفيذها عند الطلب. كذلك يتعامل المديرين مع مواقف جديدة وغير مألوفة ومشاكل غير مهيكلة Unstructured Problems وعادة ما تكون محاطة بالغموض أو الإبهام أو ذات مخاطر عالية أو أن حالة عدم التأكد فيها عالية. إن هذه المواقف تتطلب قرارات غير مبرمجة أو تتخذ لألو مرة، وبذلك فهي حلول جديدة لمواقف مختلفة وغير اعتيادية، وعادة تكثير هذه القرارات في مستوى الإدارة العليا عند حصول تغيرات في البيئة الخارجية وآليات المنافسة الأساسية أو مواقف يتطلب الأمر فيها نفقات استثمارية عالية. ولعل أصعب القرارات غير المبرمجة هي تلك تتخذ في ظل حصول الأزمات. والأزمة Crisis هي موقف حرج غير متوقع يمكن أن يقود إلى كارثة إذا لم يعالج بسرعة وبشكل مناسب وإشارة لما تقدم حول تصنيف القرارات وفق أسس متعددة يمكن أن نجد قرارات استراتيجية Strategic Decisions، حيث أن القرارات الاستراتيجية عادة ما تكون قرارات غير مبرمجة في حين أن القرارات الأخرى هي مبرمجة.
* القرارات المبرمجة Programmed Decisions حلول جاهزة من واقع خبرة سابقة لحل مشاكل روتينية.
* المشكلة المهيكلة Structured Problems مشاكل واضحة ذات معلومات متاحة وقليلة المخاطر وروتينية الحدوث.
* القرارات غير المبرمجة Nonprogrammer Decisions حلول خاصة لمشاكل غير روتينية.* المشكلة غير المهيكلة Unstructured Problems موقف غامض وناقص المعلومات يتطلب قرار غير مبرمج.
* الأزمة Crisis موقف حرج غير متوقع يمكن أن يقود إلى كارثة إذا لم يعالج بسرعة وبشكل مناسب.
ثالثًا: ظروف اتخاذ القرارات ونماذجه Decision Conditions and Models
تختلف الظروف البيئية المرتبطة باتخاذ القرار وتتباين من حيث درجة المخاطرة وكذلك وفرة المعلومات أو ندرتها. كما أن نماذج اتخاذ القرار هي الأخرى مختلفة بناءً على تفضيل المدير للعمل في ظل نموذج عقلاني للقرار أو نموذج سلوكي. ولكن قبل أن نستعرض هذه الجوانب سنعرج على أهم المصادر التي يتأتي منها التعقيد الذي يرافق عملية صناعة القرار في بيئة الأعمال.
* مصادر التعقيد التي ترافق علمية صناعة القرار واتخاذه
إن عملية صناعة القرار واتخاذه اليوم ليست عملية سهلة وتشكل تحديًا كبيرًا أمام المديرين في منظمات الأعمال على اختلاف أنواعها. في بيئة سريعة التغيير ومعقدة فإن هذه العملية تحتاج إلى عناية كبيرة لكي يكون القرار صائبًا. وقد شكا الكثير من المدراء قلة الوقت المتاح لهم لاتخاذ القرار في دراسة حديثة فضلًا عن تعقد صناعته. ويأتي هذا التعقد من مصادر عديدة أهمها:
1- تعدد المعايير المعتمدة في صناعة القرار: حيث يتطلب الأمر من المديرين إرضاء أو الوفاء بمتطلبات مجموعات عديدة من أصحاب المصالح قد تتعارض أو تتقاطع مصالحهم. لذا فإن تشخيص المستفيدين أو أصحاب المصالح وموازنة مصالحهم المتعارضة أحيانًا يمثل تحديًا كبيرًا لصاعي القرار ومتخذيه.
2- عدم الملموسية والوضوح لكثير من العناصر التي ترتبط بالبدائل أو الخيارات التي يتم تطويرها لاختيار الأفضل منها. فهناك مثلًا سمعة الزبائن أو الروح المعنوية للعاملين أو الجماليات لبعض الحلول التي تتخذ كقرارات تؤدي إلى أن يكون القرار معقدًا وصعبًا في صناعته واتخاذه.
3- المخاطرة وعدم التأكد: فهذان الأمران هما من سمات القرارات في عالم اليوم، حيث أن نقص المعلومات وديناميكية الحياة وسرعة التغيرات في العالم اليوم تؤدي إلى إضفاء نوع من التعقيد على القرار.
4- المضمون بعيد المدى للقرار: إن أغلب القرارات قد يكون لها أثر سريع لكن تخلق موجات متتالية من القرارات اللاحقة وهذا يجعل من عملية صناعة القرار أكثر تعقيدًا.
5- الحاجة إلى متخصصين من مختلف فروع المعرفة والمهن: إن القرارات اليوم في جوانب كثيرة منها تتطلب استشارة فنيين مثل المهندسين أو المحامين أو متخصصين بالتسويق أو نظم الإنتاج وغير ذلك من الأمور التي تضفي نوعًا من التعقيد على القرار.
6- تدخل العديد من الأشخاص والمجموعات والأقسام والإدارات في عملية صناعة القرار واتخاذه ومن النادر أن يتخذ القرار مدير واحد بمختلف مراحله: إن هذا المزيج من المشاركة يجعل الكثير من الأفراد يتركون بصماتهم على القرار سواء بالتفسير أو بالتعديل والتحوير أو حتى بالمقاومة لبعض جوانب القرار وهذا لأمر يعقد صناعة القرار واتخاذه.
7- تباين اتجاهات وقيم وطموحات الأفراد أو المجموعات المشتركة في صناعة واتخاذ القرار: تجعل القرار يتسم بدرجة معينة من عدم الاتفاق حول ما هو صحيح وما هو خطأ أو ما هو رديء وما هو جيد أو ما هو أخلاقي أو غير أخلاقي.
8- النتائج غير المقصودة أو المتوقعة: قد تحتاج نتائج أو عواقب للقرار لم يكن في نية صانع وصناع ومتخذي القرار أن يصلوا إليها فقد تكون إيجابية وقد تكون سلبية مدمرة وهنا يصف بعض علماء الإدارة هذه الحالة تأثير الوحش المدمر لفرنكشتاين Frankesteing Monster Effect() أي القرار الذي تدمر آثاره صانعيه أو متخذيه والمنظمة التي يعملون فيها.
* قانون النتائج غير المقصودة Law of Unintended Consequences نتائج غير متوقعة لأفعال مقصودة أو نتائج أو عواقب غير مرغوبة القرارات معينة.
* الظروف التي يتخذ في ظلها القرار Decision Conditions
بناءً على البيانات والمعلومات المتوفرة فإن القرارات يمكن أن تتخذ في ظل ظروف أربعة محددة تتباين فيها صعوبة عملية صناعة القرار واتخاذه وكذلك الآليات والأساليب المعتمدة في ذلك. وهذه الظروف هي التأكد التام والمخاطرة وعدم التأكد والإبهام أو الغموض التام.
- التأكد التام Certainty
يقصد بحالة التأكد التام توفر كافة المعلومات المطلوبة لاتخاذ القرار وبشكل كامل ودقيق، وهنا يكون لدى متخذ القرار معلومات عن الظروف التشغيلية وأسعار الموارد والقيود والمحددات المفروضة على العمل وكذلك الخيارات المتاحة والعائد المترتب على كل منها. وعلى سبيل المثال لو كان لدى شخص مبلغ من المال يرغب باستثماره في مجالات مختلفة ويعرف على وجه الدقة العائد الذي سيحصل عليه من كل مجال فإنه سيختار المجال الذي يعطيه أعلى عائد ممكن. ولكن هذه الحالة قليلة الحدوث في عالم اليوم وربما تختص بعدد بسيط من القرارات المبرمجة.
* التأكد التام Certainty ظرف يتخذ فيه القرار في ظل معرفة معلومات كاملة وخيارات محددة ذات عائد أو نتيجة معلومة.
- المخاطرة Risk
إن هذا الظرف يعني أن أهداف القرار واضحة جدًّا وأن هناك كمية جيدة من المعلومات متاحة لصانع القرار لكن العوائد المستقبلية المرتبطة بكل خيار من الخيارات هي عرضة للاحتمال وعدم اليقين. المعلومات المتوفرة سواء بناء على خبرة سابقة أو بيانات تاريخية تساعد على تحديد احتمالات النجاح والفشل. وقد تكون الاحتمالات أحيانًا موضوعية Objective أو شخصية أي حكم شخصي Subjective فالاحتمالات الموضوعية تشتق رياضيًا من بيانات تاريخية موثوق بها. في حين أن الاحتمالات القائمة على أساس الحكم الشخصي تكون مبنية على الخبرات السابقة. إن القرارات القائمة على الاحتمالات معروفة في بيئة الأعمال حيث تكون سجلاتها التاريخية وتجارب وخبرة مدرائها مصدرًا مهمًا لتحديدها.
* المخاطرة Risk ظرف يتخذ فيه ظله القرار يتسم بوضوح الهدف وعدم كمال المعلومات الأمر الذي يجعل متخذ القرار يعتمد الاحتمالات في القرار.
* الاحتمالات الموضوعية Objective Probabilities هي الاحتمالات المحسوبة بناءً على بيانات تاريخية موثوق بها.
* الاحتمالات الشخصية (الحكم الشخصي) Subjective Probabilities هي احتمالات مرتبطة بالحكم الشخصي القائم على الخبرة.
- عدم التأكد Uncertainty
ظرف يتخذ القرار في ظله حيث هناك نقص كبير في المعلومات بالرغم من وضوح الأهداف التي يرغب المديرون في إنجازها ولكن البدائل والعوائد المستقبلية محاطة بعدم تأكد كبير وعدم وضوح بحيث لا يستطيع المديرين تقدير المخاطرة أو احتمالات الحدوث. لذا يجب على المديرين اعتماد أساليب خلاقة وذكية وعمل افتراضات أولية صحيحة لصياغة قراراتهم. وغالبًا ما تكون أمور مؤثرة في عملهم مثل كلف الإنتاج والأسعار وحجوم الإنتاج أو معدلات الفائدة المستقبلية صعبة التحليل والتوقع، لذا فإن المديرين يجب أن يتحلون بالقدرات الفنية والحكم الشخصي السليم للتعامل مع هذه المواقف. وغالبًا ما تقصر القرارات المتخذة في ظل عدم التأكد عن تحقيق النتائج المرغوبة من قبل المديرين.
* عدم التأكد Uncertainty ظرف يتخذ القرار في ظله حيث هناك نقص كبير في المعلومات وأن النتائج والعوائد محاطة بغموض كبير.
- الإبهام (الغموض التام) Ambiguity
وقد تسمى أحيانًا حالة النزاع Conflict أو المنافسة الشديدة. وهنا يتسم ظرف اتخاذ القرار بعدم الوضوح التام كما أن الأهداف غير واضحة لمتخذ القرار والبدائل صعبة التحديد كذلك المعلومات حول العوائد غير متوفرة. مثال على هذا الأمر لو أن المدرس قسم طلابه إلى مجاميع وطلب من كل مجموعة إكمال مشروع بدون أن يعطيهم الموضوع أو يحدد لهم الاتجاهات أو أي دليل يساعد في عملهم وتوصف المواقف أو المشاكل التي تمثل حالة الإبهام بالمواقف الشريرة Wicked Problems حيث يواجه المدير صراعًا بين الأهداف والبدائل وأن الظروف تتغير بسرعة والمعلومات مضببة وأن الرابطة بين عناصر القرار مفقودة.
وزيادة في الإيضاح نود أن نضيف فكرة مفادها أن نسب نجاح القرار تكون أعلى في القرارات إذا ما اتخذت في ظل ظروف تأكد تام وهنا نتكلم عن قرارات مبرمجة وتقل درجة النجاح كلما اتجهنا إلى حالة الغموض والإبهام لكون القرارات هناك تتسم بعدم الوضوح التام.
* الإبهام Ambiguity حالة تتسم بعدم الوضوح التام كما أن الأهداف في ظلها غير واضحة لمتخذ القرار والمعلومات غير متوفرة.
* المواقف الشريرة Wicked Problems مشاكل أو مواقف يطلب اتخاذ القرار فيها تتسم بصراع بين الأهداف والبدائل وسرعة تغيير الظروف وغياب الرابطة بين عناصر القرار.
* نماذج صناعة القرار Decision Making Models
هناك نماذج متعددة لصناعة واتخاذ القرار. والمقصود بنماذج صناعة القرار واتخاذه المنظورات التي من خلالها يمكن أن تطور الحلول والبدائل لحل مشاكل بسيطة أو معقدة من حيث طريقة التفكير وهل هو منهجي منظم وقائم على أساس البحث عن معلومات كاملة ووضوح في الموقف أم لا. في هذا الإطار يتباين المدراء، فالبعض قد يكون أكثر ميلًا إلى التفكير المنظم Systematic Thinking كمدخل تحليلي رشيد للتعامل مع المشاكل وبذلك بفضل المديرين في إطار هذا المدخل وجود خطة رشيدة تسبق الفعل خاصة وأن المعلومات المهيأة مسبقًا تساعد على حل المشكلة بشكل تدريجي، في حين أن هناك بعض المديرين ينطلق من منهج تفكير حدسي Intuitive Thinking وهذا المنهج أكثر مرونة وعفوية ويعتمد الخبرة والإبداع للتعامل مع المشكلات خاصة المعقدة منها. وفي حالات كثيرة يوازن المديرين بين هذين المنهجين ويعتمدون منهجًا ثالثًا يسمى منهج تفكير متعدد الأبعاد Multidimensional Thinking أو بعبارة أخرى فهو منهج يعتمد رؤية متكاملة للمشكلة في إطار مدى زمني بعيد أو قصير أو التعامل مع الجانبين الموضوعي والذاتي ويستند للخبرة في صناعة قرارات أكثر واقعية واحتمالًا للنجاح.
وضمن الأدبيات النظرية للإدارة توجد العديد من نماذج صناعة واتخاذ القرار سنتناول منها ثلاثة: النموذج التقليدي والنموذج السلوكي والنموذج السياسي.
* التفكير المنظم Systematic Thinking مدخل لحل المشكلات بطريقة تحليلية رشيدة.
* التفكير الحدسي Intuitive Thinking مدخل لحل المشكلات بطريقة مرنة وعفوية.
* التفكير متعدد الأبعاد Multidimensional Thinking مدخل لرؤية مشاكل متعددة بنفس الوقت بعلاقاتها وتعقيداتها في إطار مدى زمني بعيد أو قصير.
- النموذج التقليدي (الكلاسيكي) للقرار
Classical Decision Model
لقد طور هذا النموذج في إطار النظرية الكلاسيكية التقليدية حيث يتم في إطاره صياغة واتخاذ القرار في ظل افتراضات اقتصادية قائمة على أساس وضوح الهدف وتمام المعلومات وقدرة كاملة على معرفة جميع البدائل ومعرفة نتائجها وكأن المدير يعمل في ظل ظروف تأكد تام ورشد مطلق. وبناء على هذا فإن المدير يصنع قرارات مثلى Optimal Decisions وتعني اختيار البديل الذي يعطي الحل الأمثل بشكل مطلق للمشكلة بمعنى أنه لا يوجد أفضل من هذا الحل أو البديل.
إن الافتراضات التي يقوم عملها النموذج التقليدي للقرار تتصف بعدم الواقعية وانتقدت من قبل علماء السلوك لأن قدرة الإنسان محدودة في تجميع المعلومات وتطوير البدائل كما أن الأهداف هي ليست دائمًا تعظيم أرباح أو تدنية تكاليف، لذلك فإن المديرين لا يمكن أن يكونوا على رشد تام في كل الأوقات وبهذا فإن أغلب القرارات تأتي في إطار الرشد المحدود Behavioral Rationality.
* النموذج التقليدي للقرار Classical Decision Model هو نموذج يصف عملية صناعة القرار واتخاذها في ظل معلومات كاملة.
* القرارات المثلى Optimal Decisions اختيار بديل يعطي الحل الأمثل للمشكلة.
- النموذج السلوكي للقرار Behavioral Decision
ضمن هذا النموذج فإن المديرين يعملون وفق ما يشعرون به فقط. وهذا الشعور كثيرًا ما يكون غير تام وعلى هذا فإن متخذ القرار لديه معرفة جزئية حول البدائل والنتائج والأفعال. ولهذا فإن البديل الأول عندما يظهر ويعطي حلًا مرضيًا يحتمل أن يتم اختياره بشكل كبير. وقد سمي سايمون Simon الذي حصل على جائزة نوبل عن هذا العمل هذه القرارات بالقرارات المرضية Satisfying Decision التي يختار المدير في ظلها أول بديل مرضي يظهر أمامه ويثير انتباهه.
إن هذا النموذج هو أكثر واقعية في وصف المدير كمتخذ قرار في ظل ظروف الإيهام وعدم التأكد.
* النموذج السلوكي للقرار Behavioral Decision Model نموذج يصف عمليات صنع القرار في ظل محدودية المعلومات والرشد المحدود.
* القرارات المرضية Satisfying Decision هي البدائل أو الخيارات التي تظهر أمام المدير أولًا وتثير انتباهه ليتم اختيارها كحل للمشكلة.
- النموذج السياسي للقرار Political Decision
يصلح هذا النموذج للظروف التي تتسم بعدم التأكد والإيهام أو الغموض التام وللقرارات غير المبرمجة. هنا تكون المعلومات محدودة جدًّا أو ناقصة بشكل كبير كذلك هناك عدم اتفاق بين المديرين حول الأهداف التي يراد الوصول إليها. يلجأ المدراء وفق تصور هذا النموذج إلى الحوار وتقاسم المعلومات وتبادل الآراء والوصول إلى ما يسمى تحالف Coalition لتطوير القرارات وإنضاجها وخاصة في المواقف المعقدة. والتحالف يمكن تعريفه بأنه تجمع غير رسمي للمديرين الذين يدعمون ويسعون لهدف معين. إن هذه التحالفات مهمة لتطوير وصياغة القرارات وفي حالة غيابها ربما يقود العملية مدير قوي أو مجموعة صغيرة منهم.
* النموذج السياسي للقرار Political Decision نموذج أكثر واقعية لتطوير القرار في البيئة الحالية يعتمد على تشكيل تحالفات بين المديرين لاتخاذ القرار في ظل نقص المعلومات والموارد.
* التحالف Coalition تجمع غير رسمي بين المديرين الذين يدعمون ويسعون لهدف محدد.
إن هذا النموذج لتطوير القرار هو أكثر قربًا لبيئة عمل المديرين ومتخذي القرار حاليًا، فالقرارات معقدة ويشترك فيها عدد كبير من الأفراد والمعلومات تتسم بالغموض كما أن عدم التوافق والصراع حول المشاكل والحلول حالة طبيعية لذا فإن هذا النموذج يراعي هذه الجوانب باهتمام كبير. وختامًا فإنه يمكن تلخيص أهم الأفكار الخاصة بهذه النماذج الثلاثة في الجدول التالي (جدول ملخص لخصائص نماذج القرار):
النموذج التقليدي للقرار | النموذج السلوكي للقرار | النموذج السياسي للقرار |
* مشكلة واضحة وأهداف واضحة. * حالة تأكد ومخاطرة. * معلومات كاملة حول البدائل ونتائجها. * الرشد والعقلانية في اختيار القرار من قبل المدير لتعظيم النتائج. |
* مشكلة غامضة وأهداف غير واضحة. * حالة عدم تأكد. * معلومات بسيطة عن البدائل ونتائجها. * خيارات مرضية لحل المشاكل باستخدام الحدس. |
* أهداف متعددة متعارضة. * حالة عدم تأكد وإبهام. * رؤية غير مستقرة ومعلومات مبهمة. * مساومات وحوار بين أعضاء التحالف. |
رابعًا: المشاركة في اتخاذ القرار ودور المعرفة
Participation in Decision Making Process and the Role of Knowledge
إن عملية اتخاذ القرار وصنعه في منظمات الأعمال اليوم في أغلبها عمليات جماعية وليست قرارات فردية ومن النادر أن تكون القرارات المهمة في عالم الأعمال هي من صنع واتخاذ فرد واحد بالكامل وهنا فإن فاعلية القرار تعتمد على قدرة المدير في مشاركة الأفراد المعينين فعلًا وبطرق صحيحة لمساعدة المدير في تطوير القرار وحل المشكلة. من جهة أخرى فإن القرارات اليوم تستخدم معارف متعددة لدعم فاعلية هذه القرارات وإنضاجها.
* المشاركة في اتخاذ القرار Participation in Decision Making
لقد ازداد تعقد بيئة الأعمال وكثرت المتغيرات التي تؤثر في عملية صنع القرار واتخاذه. ففي بداية الأمر كانت القرارات تصنع وتتخذ من قبل المديرين بشكل فردي أو مشاركة محدودة جدًّا بسبب استقرار البيئة ووفرة الموارد وسهولة التنبؤ بالطلب وقلة المنافسين. ولكن بسبب ضخامة حجم المنظمات وازدياد وحدة المنافسة وزيادة حدة مطالبة العاملين بمشاركة في القرار وتزايد قوة النقابات في مرحلة معينة فإن الإدارات بدأت تسمح بمشاركة العاملين في اتخاذ القرار وتزايدت بشكل تدريجي. لقد وجدت الإدارة فوائد ونتائج إيجابية من جراء مشاركة العاملين في صناعة القرار حيث الحماس للتنفيذ والفهم الجيد والوعي المتزايد بأهمية الالتزام والتفاعل الإيجابي. إن أوضح صورة للمشاركة هو نظام الإدارة بالأهداف الذي يشترك فيه الرؤساء والمرؤوسين في تحديد الأهداف والنتائج. بعد ذلك مثلت التجربة اليابانية أسلوبا فريدا ودرسته كل الإدارات في العالم الغربي وغيرها حيث كان جوهر هذا الأسلوب الجماعية في اتخاذ القرار. ويبرر اليابانيون ذلك بأن المشكلة يمكن أن تُرى من جوانب متعددة وتجمع حولها معلومات كثيرة كما أن الأفكار الإيجابية تتغلب على الأفكار السلبية في مجموعة اتخاذ القرار فضلًا عن أن المسئولية في حال إخفاق القرار لا يتحملها فرد واحد.
واليوم فإن أساليب المديرين في التعامل مع المشاركة في القرار يمكن أن تتضح بشكل جلي من خلال عرض نموذج Vroom- Jago والذي صمم لمساعدة المديرين في تحديد مستوى وكمية المشاركة بالقرار سواء في صناعته أو اتخاذه. ويتكون هذا النموذج من ثلاث أجزاء أساسية وكالآتي:
* نموذج Vroom- Jago نموذج مصمم لمساعدة المديرين في تحديد كمية ومستوى مشاركة الأفراد في صناعة واتخاذ القرار.
أسلوب المدير في المشاركة Leader Participation Style
وضمن هذا الجزء فإن المشاركة تقع في واحد من خمسة مستويات تبدأ بالأوتوقراطية أو السلطوية حيث يقرر المدير بمفرده، وتمتد لتنتهي بالديموقراطية المطلقة.. حيث يفوض المدير المجموعة العاملة معه صلاحيات واسعة بالمشاركة واتخاذ القرار
- تشخيص العوامل المؤثرة بالمشاركة
إن اختيار أسلوب معين من أساليب المشاركة المشار إليها سابقًا يعتمد على مجموعة من العوامل الموقفية مثل: مستوى جودة المشاركة في القرار، مستوى خبرة المدير وكذلك المرؤوسين وأهمية التزام المرؤوسين لعملية صناعة واتخاذ القرار. إن المدير يستطيع تحديد المشاركة بطرح الأسئلة التالية:
1- مدى أهمية القرار: إلى أي مدى يعتبر هذا القرار مهمًا للمشروع أو المنظمة؟ هنا إذا كان القرار استراتيجيًا ومهمًا يتدخل المدير بفاعلية كبيرة.
2- أهمية الالتزام: إلى أي درجة يكون التزام المرؤوسين بالمشاركة بالقرار مهمًا؟ إذا كان التنفيذ يتطلب التزام عالي بالمشاركة من قبل المرؤوسين فإن المدير يجب أن يزج المرؤوسين في عملية صناعة القرار.
3- خبرة المدير: ما مستوى خبرة المدير وما مدى علاقتها بالمشكلة المطروحة؟ إذا لم تكن لدى المدير خبرة عالية وقدرة ومعلومات كافية ومعرفة فعلية أن يسمح بمشاركة أكبر من المرؤوسين لتعويض هذا النقص.
4- احتمال الالتزام من جانب المرؤوسين أو عدم التزامهم بالقرار إذا ما اتخاذ القرار بمفرده: في حالة كون المرؤوسين لا يتأثرون من ناحية الالتزام بالتنفيذ سواء اتخذ القرار من قبل المدير بمفرده أو غير ذلك فإن مشاركتهم بصنع القرار تصبح أقل ضرورة.
5- دعم المرؤوسين للأهداف: ما مدى الدعم الذي يقدمه المرؤوسون للأهداف التي يسعى القرار للوصول إليها. إذا كان المرؤوسين لديهم دعم قليل للأهداف فعلى المدير أن لا يتركهم يصنعون القرار بمفردهم.
6- خبرة المرؤوسين: ما مستوى خبرة المرؤوسين ومعارفهم وعلاقتها بالمشكلة المطروحة. إذا كان لدى المرؤوسين خبرة عالية مرتبطة بالمشكلة المطروحة فإن بالإمكان إعطاءهم مسئوليات أكبر في صناعة القرار.
7- خبرة الفريق وكفاءته: إلى أي مدى يستطيع المرؤوسين العمل كفريق متدائب وما مدى خبرتهم ومهاراتهم في مجال اتخاذ القرار بشكل جماعي.
إن هذه التساؤلات تساعد المديرين في أن يحددوا مستوى المشاركة المطلوبة وبالتالي يحققون أفضل النتائج:
* اختيار الأسلوب المناسب
في ضوء الإجابة على التساؤلات السابقة فإن المدير يكون لديه وضوح في الموقف حول إمكانية اختيار واحد من الأساليب الخمسة السابق ذكرها وتقرير ما إذا كان من الأفضل الاستئثار بالقرار وصنعه واتخاذه لوحده أو السماح بمستوى معين من المشاركة يتصاعد حسب استعداد وقدرات المرؤوسين على المشاركة الفاعلة التي تعزز من قوة القرار وتضفي عليه انسجامًا وتناسقًا بحيث يعطي أفضل النتائج.
* القرار الفردي والقرار الجماعي Individual Versus Group Decision Making
إن واحدًا من الجوانب المهمة في صنع القرار هو الخيار الخاص بفردية أو جماعية القرار المتخذ وأن المديرين الجيدين لا يلزمون أنفسهم دائمًا بطريقة واحدة من هذه الطرق. إن الأمر يتطلب فحص المشكلة لتقرير نوع الطريقة الملائمة لحلها باعتبارها الأكثر صحة لتعامل مع المشكلة. إن المدير يقرر ذلك في ضوء الوقت المتاح ونوعية القرار المرتبط بحل المشكلة. إن أهم المزايا المتحققة من جراء اتخاذ القرار بشكل جماعي تتلخص في الآتي:
* توفير كمية كبيرة من البيانات والمعلومات والمعرفة والخبرات التي ترتبط بحل المشكلة. إن هذه الكمية الكبيرة من المعلومات تساعد في تطوير بدائل أو خيارات كثيرة والمساعدة في تحليلها وفحصها بشكل دقيق. كذلك فإنها تساعد في تجنب الرؤية الضيقة واعتماد عدد محدود من الخيارات.
* إن القرارات الجماعية تساعد في زيادة فهم أعضاء المجموعة المتخذة للقرار لطبيعة هذه القرارات وتقبل نتائجها.
* زيادة دعم والتزام أعضاء فريق اتخاذ القرار بالعملية التنفيذية وتنفيذ الخطط بشكل دقيق.
ولكن بالمقابل هناك بعض نواحي القصور والمساوئ للقرارات الجماعية من أهمها: الضغوط التي قد تحصل داخل الفريق المشكل لاتخاذ القرار واضطرارهم لمجاراة رغبات بعض أعضاء هذا الفريق المتنفذين. كما أن سيطرة أو هيمنة فئة محدودة على القرار يمكن أن تظهر حيث قد يحصل تحالف بين بعض أعضاء المجموعة المكلفة بصنع واتخاذ القرار وبالتالي يفرضون آراءهم ووجهات نظرهم. وقد يحصل أحيانًا أن تزج الجهة التي تشكل مجموعة اتخاذ القرار بأفراد يمثلون مصالح شخصية ضيقة أو وجهات نظر الإدارة العليا وبالتالي فإن القرار يوجه باتجاه معين وقد تكون له آثار غير محسوبة. كذلك فإن هذا النمط يستهلك وقتًا طويلًا حيث أن المشاورات وجمع المعلومات وتحليلها والنقاش حول البدائل تحتاج إلى زمن غير قليل، فضلًا عن التكاليف التي تنجم عن هذه العملية.
وختامًا فإن القرار الفردي له مزايا وعيوب معاكسة للقرار الجماعي.
* المعرفة ودورها في القرارات
Knowledge Role in Decision Making
في السنوات الأخيرة ازداد الاهتمام بالمعرفة وإدارتها في منظمات الأعمال واعتبرت إدارة المعرفة مفهومًا ذو أهمية كبيرة في النظريات والممارسات الإدارية الحالية. إن إدارة المعرفة هي تطوير أدوات وعمليات ونظم وبنى هيكلية وثقافة لتحسين عملية خلق المعرفة ونشرها وتقاسمها في منظمات الأعمال حيث أن الحاجة إليها أصبحت ماسة وحيوية في عمليات صناعة واتخاذ القرارات. لقد أصبح هذا الموضوع في قلب عمليات منظمات الأعمال اليوم والتي يشار إليها بالمنظمات المتعلمة Learning Organizations. إن العاملين المعرفيين Knowledge Workers هم تجسيد لرأس مال فكري كبير للمنظمات الناجمة في عملها ويمثلون موردًا نادرًا تستطيع المنظمة من خلاله تحقيق ميزات تنافسية لا يمكن تقليدها خاصة إذا كانت هذه الميزة مستندة إلى معرفة ضمنية Tacit Knowledge عالية الجودة ومهمة تستندها معرفة صريحة Explicit Knowledge وهي المعارف الموثقة والمعروضة في إطار تجارب وخبرات مكتوبة ومنشورة بوسائل النشر المعروفة مثل المجلات والكتب وغيرها. إن المنظمات الحديثة يمكن أن تجد فيها عناوين لوظائف من قبيل مسؤول وحدة إدارة المعرفة وغيرها من العناوين مهمتها الأساسية التأكد من إدارة ما يشبه المحفظة المعرفية أو الفكرية للأعمال في المنظمة. إن هذه المحفظة تستند إلى ثقافة مرنة لها القدرة على تطوير مداخل متجددة مستفيدة من الخبرات السابقة وخبرات الآخرين. إن للمعرفة ووجود إدارة لها في المنظمة يساعد كثيرًا في تحسين نوعية القرارات المتخذة في مختلف المستويات الإدارية. وهذا يبدو منطقيًا إذا علمنا أن نوعية القرار ترتبط بكمية ونوعية البيانات وقدرة المسؤولين على تحويلها إلى معلومات مفيدة ثم التعامل مع هذه المعلومات بحكمة لاشتقاق ما هو مهم للموقف أو المشكلة المراد اتخاذ قرار بشأنها. ونلاحظ أن قواعد البيانات والبرامجيات الجاهزة وغيرها أعطيت دعمًا كبيرًا لدور المعرفة في صنع واتخاذ القرار.
* إدارة المعرفة Knowledge Management تطوير أدوات ونظم لخلق المعرفة ونشرها وتقاسمها وخاصة في مجال دعم عملية صناعة القرار وبناء ميزات تنافسية.
* المعرفة الضمنية Tacit Knowledge المعرفة اللدنية (الشخصية) والحدسية والمعلومات غير الموثقة ولا يمكن تقاسمها.
* المعرفة الصريحة Tacit Knowledge هي المعرفة الموثقة أو المنشورة والمعلومات التي يمكن تقاسمها.
* قضايا أخرى في صناعة واتخاذ القرار Other Issues
هنالك بعض الأمور المهمة التي تتعلق بصناعة واتخاذ القرارات نجد من الضروري الإشارة إلى البعض منها نظرًا لازدياد دورها وتأثيرها في بيئة الأعمال المعاصرة. ومن أهمها:
المعلومات ونظم المعلومات Information and Information Systems
يمكن القول أن المعلومات Information هي القاعدة المهمة التي يستند إليها القرار فإذا كانت تتصف بمواصفات معينة تصبح أكثر فاعلية ودعمًا للقرار ويمكن تعريف المعلومات بأنها بيانات وحقائق تمت معالجتها وتحليلها وتصنيفها واستخرجت منها مؤشرات بحيث أصبحت ذات فائدة كبيرة لمتخذ القرار. أما البيانات فيمكن اعتبارها حقائق أو مشاهدات أولية (خام) لم تتم معالجتها حول موضوع معين. ويحتاج المديرين إلى معلومات جيدة في جميع الأوقات لكي تكون مفيدة للقرار وصناعة ونقصد بالجودة هنا هو أن تتصف المعلومات بالسمات التالية:
1- التوقيت المناسب: تكون المعلومات ذات قيمة كبيرة إذا جاءت في الوقت المناسب الذي تبرز فيه الحاجة إليها.
2- الدقة والمصداقية والثقة.
3- كاملة وكافية لموضوع القرار.
4- حديثة وتخص الموضوع بالضبط.
5- سهلة الفهم وواضحة لمتخذ القرار بدون تفاصيل غير مطلوبة.
أما نظام المعلومات Information System فله دور مهم اليوم في إسناد منظمات الأعمال في مجالات عديدة مثل الموارد البشرية والمخازن والإنتاج والحسابات وغيرها. ويعتمد نظام المعلومات على تكنولوجيا المعلومات لتجميع وتنظيم وتوزيع بيانات لاعتمادها في عمليات صنع واتخاذ القرار.
ونظم المعلومات الإدارية (MIS) Management Information Systems تعمل على الوفاء بمتطلبات المديرين واحتياجاتهم من المعلومات التي تساعدهم على اتخاذا لقرارات بكافة مستوياتها.
* المعلومات Information بيانات معالجة ومصنفة وتم استخراج مؤشرات مفيدة منها لإسناد متخذ القرار.
* البيانات Data حقائق أولية أو مشاهدات لم يتم معالجتها أو تصنيفها
* نظم المعلومات Information Systems أنظمة تعتمد تكنولوجيا المعلومات لتجميع وتنظيم وتوزيع البيانات لاعتمادها باتخاذ القرارات.
* نظم المعلومات الإدارية Management Information Systems نظام معلومات تفي بمتطلبات المديرين لاتخاذ وصناعة القرارات بمختلف أنواعها.
ويمكن أن تؤشر هنا بعض الأخطاء المرتبطة بالمعلومات وهي أخطاء شائعة يجب الانتباه إليها منها:
- الاعتقاد بأن كثرة البيانات والمعلومات مفيدة دائمًا.
- إن الحواسيب يمكن أن تلغي دور وحكمة وخبرة المدير.
- التكنولوجيا الجديدة دائمًا هي الأفضل.
- الاعتقاد والثقة المطلقة بالحواسيب والتصور بعدم وجود أخطاء محتملة تتسبب فيها.
- الاعتقاد بأن الجميع يفهم ويعي كيفية عمل نظم المعلومات وآلياتها.
وأخيرًا، لابد من الإشارة إلى أن بيئة نظم المعلومات وتكنولوجيا المعلومات تزخر بمصطلحات، ومفاهيم تشكل صلب العمل في منظمات الأعمال اليوم ومنها:
1- نظم دعم القرار (Decision Support System (DSS: هي نظم معلومات تفاعلية تسمح للمستخدمين لتنظيم وتحليل البيانات لغرض حل المشاكل المعقدة وحتى المشاكل غير المهيكلة وقد توجد نظم تدعم مجموعة متخصصة في اتخاذ القرار نسميها Group Decision Support System (GDSS) حيث تتمكن المجموعة بكل أفرادها من تبادل البيانات والملفات في نفس الوقت ويسمى هذا النمط Groupware.
2- نظم الخبير Expert System: إن الاستخدام المتطور لتكنولوجيا الحاسوب سمحت بتقليد الذكاء الإنساني من خلال ما يسمى النظم الخبيرة أو نظم الخبير، فهي نظم تسمح للحواسيب بتقليد الذكاء الإنساني في طريقة تعامله مع حل المشاكل.
- أخلاقيات القرار Decision Ethics
إن أي قرار يتخذ لا بد وأن تراعى حدوده الأخلاقية وأن يتحمل المدير مسؤولية أخلاقية واجتماعية لما سينجم عنه من آثار ونتائج على المنظمة والمجتمع لذلك يحاول المديرين التأكد التام من أن القرار سليم من الناحية الأخلاقية بحيث أن نشره أو تناوله في الصحف المحلية لا ينجم عنه آثار سلبية على شخصية متخذه أو عائلته أو المنظمة التي يعمل فيها. ويمكن أن يتبع المدير بعض المعايير للتأكد من الإطار الأخلاقي السليم للقرار ومنها:
1- المنفعة المتحققة من القرار لأصحاب المصالح كافة.
2- الحقوق والواجبات ومدى احترامها في القرار المتخذ.
3- العدالة ومدى تطابق القرار مع ركائزها.
4- الاختصاص، هل أن القرار يقع ضمن مسؤوليات متخذه أم لا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العامري، صالح مهدي محسن، وطاهر محسن منصور الغالبي، (2011م)، (كتاب : الإدارة والأعمال)، الصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، الطبعة الثالثة.