مقدمة:
تتنافس منظمات الأعمال اليوم في ما يمكن أن نسميه عالم بلا حدود Borderless World خاصة بعد التطور السريع والمستمر في مجال الاتصالات والمواصلات وظهور شبكة الإنترنت والمنظمات الافتراضية وغيرها من الأمور. لذلك يتطلب الأمر من مدراء منظمات الأعمال فهم البيئة الدولية ومتطلبات العمل فيها والتحديات التي يحتمل مواجهتها ومعرفة الفرص المتاحة التي يمكن أن تستغل ويتحقق منها عائد للمنظمة.
إن الأعمال الدولية تتباين في أشكالها وحجومها وأساليب إقامتها وطرق إدارتها وكذلك الظرف المحيطة بكل نوع منها. ويمثل التحدي الأخلاقي والتنوع الثقافي إشكالية أساسية تواجه الأعمال الدولية الخاصة الكبيرة منها والمؤثرة والتي يتطلب الأمر منها أن تتعلم تطبيقات إدارية تعني طبيعة التبادل والاختلاف الثقافي الحاد.
أولًا: العولمة وإدارة الأعمال الدولية
Globalization and International Business
* العولمة Globalization
تمثل المرحلة الاقتصادية التي يعيشها العالم ما يمكن أن يطلق عليه الاقتصاد العالمي Global Economy الذي تتشابك فيه العلاقات الاقتصادية الدولية من إنتاج وتجهيز موارد وتسويق ومنافسة وتكون في إطار عالمي أكثر منها ضمن حدود محلية. يتأثر الاقتصاد اليوم بظاهرة العولمة Globalization والتي تعني زيادة وتأثر التداخل والعلاقات بين مختلف عناصر الاقتصاد العالمي بسبب زيادة التطور التكنولوجي خصوصًا في مجال الاتصالات والمواصلات. وهنا سيكون التركيز على الجانب الاقتصادي من العولمة بالرغم من وجود مظاهر أخرى لهذه الظاهرة مثل العولمة الثقافية والسياسية وغيرها. لقد تحول العالم إلى قرية كونية بفضل التطور الهائل في الاتصالات والمواصلات وانتشار المعرفة وشبكة الإنترنت. إن الاقتصاد العالمي يتيح لمنظمات الأعمال فرصا كبيرة من خلال التزود بالموارد أو زيادة فرص التصدير والبيع لكن منظمات الأعمال تواجه أيضًا تحديات تنافسية ليست بالقلية في إطار هذا الاقتصاد العالمي. لذلك فإن منظمات الأعمال بحاجة إلى تطوير مفاهيم الإدارة الدولية International Management والتي يقصد بها إدارة منظمات الأعمال التي لديها مصالح في أكثر من بلد واحد.
* الاقتصاد العالمي Global Economy الاقتصاد الذي تشابكت فيه العلاقات سواء في مجال الإنتاج أو التسويق أو المنافسة وتعدت الحدود الوطنية لتشمل كافة دول العالم.
* العولمة Globalization زيادة وتأثر التداخل والعلاقات الدولية الاقتصادية بكافة أشكالها بسبب تطور الاتصالات والمواصلات.
* الإدارة الدولية
International Management
إدارة الأعمال على مستوى دولي وخارج الحدود الوطنية.
فمنظمات مثل إدارة شركة ماكدونالدز McDonald's وبوينغ Boeing ومايكروسوفت Microsoft بحاجة إلى إدارة دولية يلعب فيها قياديون ومدراء لديهم المعرفة الكافية بالإدارة الدولية ومتطلباتها دورًا فاعلًا سواء على مستوى المنافسة أو فهم وإدراك التحديات الثقافية والتنوع وهؤلاء المدراء يطلق عليهم مدارء عالميون Global Managers.
* المدير المالي Global Manager هو المدير الواعي بالثقافات المتنوعة للشعوب الأخرى ولديه معرفة بالشئون الدولية.
إن المدراء العالميين لديهم إطلاع واسع على ثقافات الشعوب الأخرى وكيفية العمل على فهم التقاطع الثقافي الموجود بين هذه الثقافات ويمكنهم بناء ثقافة تنظيمية تستوعب هذه الثقافات. وهناك الكثير من مدارس وكليات إدارة الأعمال التي تقدم تخصصات محورها الأساس إدارة الأعمال الدولية.
* الانتقال باتجاه العالمية والتدويل
إن مراحل الانتقال باتجاه العالمية والتدويل تأتي في سياقات متصاعدة ومتعددة، فالمنظمة أو الأعمال المحلية Domestic Business هي منظمات الأعمال التي تعمل وتحصل على جميع مواردها وتبيع منتجاتها في بلد واحد فقط ومن أمثلتها جميع الشركات الصناعية أو المالية الصغيرة أو المتوسطة التي تعمل في دولة معينة. أما الأعمال الدولية International Business فهي المنظمات التي تعمل وتقيم أساسا في دولة واحدة لكنها تتزود بجزء معتبر من مواردها أو تحصل على جزء معتبر من عوائدها أو الاثنين معًا من دول أخرى. وعادة ما تكون لهذا النمط من الأعمال جنسية واحدة وإن كان يعمل في أماكن متعددة مثال ذلك مخازن Sears الكندية الشهيرة حيث أن إيراداتها الشهيرة تأتي من أمريكا بنسبة 90% ومن كندا 10%. أما الأعمال متعددة الجنسيات Multinational Business فإنها تلك الأعمال التي لديها عمليات إنتاج وتسويق دولية واسعة في أكثر من بلد حيث تقام مرافق الإنتاج ودوائر التسويق في كل منها. وفي إطار ملكية هذه الشركات وجنسيتها يمكن أن نجد منظمات ثنائية الجنسية Binominal مثل شركة Shell الهولندية البريطانية حيث تكون الملكية والرقابة لكل من البلدين. وقد تكون الشركة متعددة الجنسيات وفي هذه الحالة فإن عددًا من الدول تتقاسم ملكية مثل هذه الشركات.
وأخيرًا فإن الأعمال العالمية Global Business هي الأعمال العابرة للحدود الوطنية ولا ترتبط بأي بلد أو جنسية. ويمكن تصوير هذه المراحل بالشكل التالي:
* الأعمال المحلية Domestic Business هي منظمات أعمال تعمل وتحصل على جميع مواردها وتبيع منتجاتها في بلد واحد فقط.
* الأعمال الدولية International Business منظمات الأعمال التي تعمل وتقيم أساسا في بلد واحد لكنها تتزود أو تبيع في أقطار أخرى.
* الأعمال المتعددة الجنسية Multinational Business الأعمال التي لدها عمليات إنتاج وتسويق دولية واسعة في أكثر من بلد حيث تقام مرافق الإنتاج والتسويق في كل منها.
* الأعمال العالمية Global Business هي الأعمال العابرة للحدود الوطنية ولا ترتبط بأي بلد أو جنسية.
ثانيًا: أبعاد بيئة الأعمال الدولية International Business Dimensions
إن المنظمات العاملة في البيئات الدولية تواجه تحديات لم تكن مألوفة في البيئات المحلية ومنها ما هو اقتصادي أو سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو قانوني. إن اتساع رقعة البيئة التي تعمل فيها المنظمة وما يرتبط بهذا الاتساع من كثرة مكونات وتعقد نتيجة المنافسة والتشريعات والسياسات المختلفة للدول فإن الأمر يتطلب دراسة هذه الجوانب وفهمها لغرض التعامل معها بشكل صحيح. سوف نتناول في هذه الفقرة ثلاثة أبعاد أساسية لبيئة الأعمال الدولية وعناصرها.
* البعد الاقتصادي Economic Dimension
إن البعد الاقتصادي له أهمية خاصة لمنظمات الأعمال عندما تتعامل في البيئة الدولية ويشتمل هذا البعد على عناصر أٍساسية نشير إلى بعضها في أدناه:
- التطور الاقتصادي Economic Development
يتباين التطور الاقتصادي من دولة إلى أخرى بشكل كبير حيث يمكن تصنيف دول العالم إلى دول متقدمة وأخرى نامية أو دول عالم أول أو ثاني أو ثالث. إن المعيار الأساسي في هذا التصنيف هو متوسط دخل الفرد Per Capita Income والذي يعني الدخل المتولد من الناتج المحلي الإجمالي للسلع والخدمات في دولة معينة مقسوما على عدد سكانها. فدول أوروبا وأمريكا واليابان وكندا هي دول متقدمة صناعيا وتتمتع بمتوسط دخل عالي جدًّا مقارنة بدول أخرى في آسيا وإفريقيا. لذا فإن الشركات التي تعمل في البيئة الدولية غالبًا ما تقيم مقرات إدارتها الرئيسية في الدول الصناعية المتقدمة، ولكن هذا لا يمنع من استثمارها أموالًا طائلة في دول نامية في أمريكا اللاتينية وآسيا بالذات حيث أظهرت بعض الدول مؤشرات تطور عالية خصوصًا في مجال المعرفة والاتصالات.
- البنى التحتية Infrastructures
هي البنى المادية والتسهيلات الخدماتية في دولة ما والتي تسند الأنشطة الاقتصادية وتسهل أعمالها، ومن أهم أنواعها طرق المواصلات والمطارات وإنتاج الطاقة وشبكات الاتصالات والمجاري وغيرها. كذلك فإن نظم التبريد والتكييف في البنايات والمصاعد والبنى التحتية العلمية مثل المعاهد والجامعات والمختبرات ومركز البحث كلها عناصر تساعد على جذب الأعمال الدولية وتشجع الشركات على الدخول إلى الأسواق التي تتوفر فيها.
* البنى التحتية Infrastructures هي البنى المادية والتسهيلات الخدمية في دولة ما والتي تستند الأنشطة الاقتصادية.
- الموارد والأسواق Resources and Markets
عندما تدخل شركة أعمال إلى سوق في دولة أخرى فإنها تقوم بتقييم مستوى الطلب على السلعة أو الخدمة التي ستنتجها وكذلك تدرس مدى كفاءة السوق بتوفير متطلبات الإنتاج من مواد أولية وعمال ورأس مال وأرض وكفاءة إدارية وغيرها.
- معدل التحويل (سعر الصرف) Exchange Rate
هو معدل تحويل العملية الوطنية لبلد ما مقابل عملات البلدان الأخرى، حيث أن لتغير سعر الصرف اليومي أثر كبير في تحقيق أرباح أو خسائر للشركات العاملة في دول أخرى. وقد ظهر مصطلح Currency Risk أي مخاطرة العملة والذي يعني الخسارة المحتملة بسبب تذبذب سعر الصرف للعملات.
* مخاطرة العملة Currency Risk الخسارة المحتملة بسبب تذبذب سعر الصرف للعملات.
* البعد السياسي - القانوني Political- Legal Dimension
إن جذب الأعمال الدولية يعتمد بشكل كبير على طبيعة النظام السياسي الموجود في بلد ما ومدى استقرار الحكم فيه، فإن هذه الأعمال ستتعامل مع حكومات مختلفة عن تلك التي تعودت التعامل معها في بلادها. ويمكن أن نشير هنا إلى أهم ما يتضمنه هذا البند من عناصر وكالآتي:
- المخاطرة السياسية وعدم الاستقرار Political-Risk and Instability
يمكن تعريف المخاطرة السياسية Political Risk بأنها مخاطرة فقدان الموجودات أو الأصول أو الأرباح أو السيطرة الإدارية بسبب أحداث سياسية أو تصرفات من قبل حكومة الدولة المضيفة. لذا فإن شركات الأعمال الدولية غالبًا ما تقوم بإجراء تحليل المخاطرة السياسية Political- Risk Analysis وهو عبارة عن تنبؤ بمدى حصول أحداث سياسية مؤثرة في الاستثمار وعمل هذه الشركات وأوضح مثال للمخاطرة السياسية هو عمليات التأميم التي تستولي بموجبها دولة ما على ممتلكات شركات عالمية وتحولها إلى شركات وطنية. كذلك فإن أعمال العنف الموجهة للعاملين في هذه الشركات بسبب المواقف السياسية لدولها من حكومات الدول المضيفة. وهناك نوع آخر من المخاطر يسمى عدم الاستقرار السياسي Political Instability حيث يتضمن الأحداث والثورات وأعمال الشغب الموجهة للحكومة المضيفة وتنعكس سلبيًّا بشكل مباشر أو غير مباشر على أعمال الشركات الدولية.
- القوانين والتشريعات Laws and Regulations
تصدر الدول الكثير من القوانين والتشريعات والنظم التي تؤثر بشكل كبير على أعمال الشركات الدولية مثل القوانين الخاصة بحماية المستهلك والسلامة المهنية والأجور والنقابات العمالية وتعبئة وتغليف المنتجات لذا فعلى مدراء هذه الشركات أن يكونوا عارفين بقوانين وتشريعات الدولة التي سيستثمرون فيها. ولعل أهم ما يجب معرفته في هذا البعد هو ازدياد عدد الاتفاقيات الدولية المنظمة لعمل الشركات الكبرى والتجارة وكذلك التحالفات والتكتلات الاقتصادية التي يمكن أن نشير إلى بعضها.
* المخاطرة السياسية Political- Risk Analysis احتمال خسارة موجودات أو أصول أو أرباح أو السيطرة الإدارية والرقابية في الدولة المضيفة بسبب أحداث سياسية أو تغييرات حكومية.
* تحليل المخاطرة السياسية Political-Risk Analysis تنبؤ بمدى تأثير الأحداث السياسية على الاستثمارات والشركات العاملة في دولة أخرى.
* عدم الاستقرار السياسي Political Instability إحداث عنف أو شغب أو ثورات ضد حكومات الدولة المضيفة للأعمال الدولية وتنعكس سلبيًّا على هذه الأعمال.
1- الاتحاد الأوروبي European Union
تأسس هذا التكتل المهم في عام 1958 لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للدول الأعضاء وقد سمي في البداية المجموعة الأوربية الاقتصادية European Economic Community وقد تغير اسمه إلى European Union حيث يزيد عدد أعضائه الآن عن 22 دولة.
ولعل أهم حدث أوروبي هو توحيد عملة الدول الأعضاء والتي تسمى "اليورو" Euro. كذلك يلعب البرلمان الأوروبي دورًا فاعلًا في إقرار السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
* الاتحاد الأوروبي European Union هو اتحاد اقتصادي سياسي لمجموعة دول أوروبا,.
* اليورو Euro العملة الجديدة الموحدة لدول الاتحاد الأوروبي.
2- التكتل التجاري لدول أمريكا الشمالية (نافتا)
(NAFTA) North American Free Trade Agreement
أقيم هذا التكتل في عام 1994 بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك حيث يغطي أسواق يبلغ عدد سكانها 360 مليون نسمة. وأهم أهدافه تسهيل حركة العمالة والبضائع وتوحيد السياسات الاستثمارية وتوسيع فرص العمل في الدول الثلاثة ولعل أهم إنجازات هذا التكتل هو ما يسمى "ماكيادوراس" Maquilladoras وهي مجموعة كبيرة من المصانع الأجنبية التي تعمل في المكسيك وتتمتع بامتيازات خاصة وأهم أهدافها توظيف العاملين المكسيكيين وتطوير مهاراتهم وتقليل حركة نزوح العاملين إلى الولايات المتحدة.
3- منظمة التجارة العالمية World Trade Organization
تعتبر منظمة التجارة العالمية مؤسسة دولية مهمة انبثقت نتيجة التطور الحاصل للأعمال والتجارة الدولية حيث سبقتها منظمة GATT (جات) والتي تمثل اتفاقية عامة للتجارة والتعرفة الدولية The General Agreement on Trade and Tariffs. وتعتمد منظمة التجارة العالمية على إجراءات معينة أهمها الإعفاءات من الرسوم التي تمنح لبعض الدول وتسمى الدول الأكثر تفضيلا Most Favored ations حيث تحظي الدولة المستفيدة بمعاملة خاصة من قبل جميع الدول الأعضاء في المنظمة. كذلك هناك آلية الحماية Protectionism والتي توفر الحماية للصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية. ومن أهم ما توفره هذه المنظمة هو حل النزاعات المتعلقة بالتعرفة الجمركية والقيود التجارية المفروضة بين الدول.
4- وهناك عدد آخر من التحالفات والتكتلات التجارية منها على سبيل المثال الآسيان Association of South East Asian Nation (ASEAN) وتضم عشرة دول من جنوب شرق آسيا وكذلك تكتل مركاسور (Mercosur) والذي يضم أكثر من 30 دولة من دول أمريكا الجنوبية والوسطى. ولا ننسى هنا منظمات أخرى في منطقتنا مثل أوبك ومجلس التعاون الخليجي وغيرها.
وتثار العديد من الإشكالات والتساؤلات أمام هذه التكتلات التي من المؤمل أن تلعب دورًا مهما على صعيد الأعمال والتجارة الدولية وتحقيق التوازن الاقتصادي بين مناطق العالم المختلفة.
* النافتا NAFTA عبارة عن تكتل اقتصادي بين أمريكا وكندا والمكسيك ينظم حرية التجارة وحركة العاملين والاستثمار.
* ماكيادوراس Maquilladoras عدد كبير من المصانع الأجنبية التي أقيمت في المكسيك لغرض التطور وزيادة مهارة العاملين وتوظيفهم والحد من نزوح العاملين المسكيكيين إلى أمريكا.
* منظمة التجارة العالمية World Trade Organization عدد من الدول متوافقة على حل النزاعات المتعلقة بالتعرفة الجمركية والقيود التجارية من خلال المفاوضات.
* الدول الأكثر تفضيلا Most Favored Nations هي الدول التي تحظى بإعفاءات خاصة ومعاملة تفضيلية في الاستيراد والتصدير.
* الحماية Protectionism دعوة لحماية المنتجات المحلية من المنافسة الأجنبية.
* البعد الاجتماعي الثقافي Socio Cultural Dimension
يلعب البعد الاجتماعي الثقافي دورًا حيويا في نجاح الأعمال الدولية حيث أن فهم ثقافة الشعوب الأخرى تساعد على التفاهم معهم وبالتالي تسهيل إنجاز الأعمال. وثقافة بلد معين تعني المعرفة والمعتقدات والقيم المشتركة بين أفراد الشعب وكذلك أنماط السلوك العامة وطرق التفكير الشائعة بين أفراد المجتمع. وعندما تدخل الأعمال إلى بلد آخر غير مألوف قد يحصل لدى بعض العاملين ما يسمى صدمة الثقافة Culture Shock والتي تعني الغموض وعدم الارتياح الذي يتولد لدى بعض العاملين بسبب تعاملهم مع ثقافة جديدة غير مألوفة. وفي الحقيقة فإن مدارس إدارة الأعمال والجامعات أفردت تخصصات لدراسة ثقافة الشعوب الأخرى مع التركيز على بعض ثقافات عندما يكون توجه الطلاب نحو العمل في هذه البيئات الثقافية. وأهم عناصر البعد الثقافي الاجتماعي ما يلي:
- اللغة Language
اللغة هي وعاء الثقافة والوسط الناقل لها والمساعد على فهمها، واللغة نفسها قد تتباين في الاستخدام والتعبير من مجتمع لآخر فاللغة الإنجليزية لها خصوصياتها في أمريكا وبريطانيا وأستراليا وغيرها من الدول. ومعرفة اللغة من قبل المدراء والعاملين مهمة جدًّا للأعمال الدولية وأحيانًا يحتاج المدير إلى لغة وسيطة أخرى للتفاهم مع الآخرين في بعض الدول لتوضيح إجراءات العمل ومناقشة الصفقات وشراء الموارد وغيرها. ولابد من الإشارة إلى أن الثقافات المختلفة تتعامل مع اللغة بطريقة مختلفة فهناك ما يسمى الثقافة ذات السياقات اللغوية الواطئة Low-Context Culture حيث تكون معظم الاتصالات فيها مكتوبة أو شفهية وبكلمات دقيقة وواضحة جدًّا لذا فإن على المتلقي أن يقرأ بعناية أو ينصت بانتباه ليفهم ما يريد أن يقوله المرسل بالضبط. أما ثقافة السياقات اللغوية العالية High-Context Culture فإن الاتصالات تكون فيها بشكل كبير عن طريق وسائل غير شفهية أو كتابية بل تعتمد على لغة الجسد والإشارات والإيحاء الموقفي واستنباط ما مطلوب بناء على الفهم الضمني والعلاقات السابقة بين الأطراف التي تطورت بحيث تجعل الأطراف يفهمون بعضهم البعض الآخر وما يريد وطريقة تفكيره.
- الفضاء الفاصل بين الأفراد Interpersonal Space
يحتمل هذا العنصر معنيين: مجازي وحقيقي، فالمجازي يمثل اللغة الصامتة في الثقافة التي تفصل بين الأفراد المتحاورين فاستخدام بعض العبارات يمكن أن يجعل الأمور المطلوبة مفهومة وواضحة في بعض الثقافات في حين أن الأمر يحتاج إلى الكثير من التفسير والشرح لكي تفهم بشكل جيد. أما الحقيقي، فهو يشير إلى الجانب المادي حيث تفضل بعض الثقافات الخصوصية العالية والعمل في مكاتب واسعة ومعزولة في حين هناك فهم آخر في بعض الثقافات حيث يتم تقاسم المكاتب حتى أعلى مستوى الإدارات العليا كما هو الحال في اليابان.
* الثقافة Culture المعارف والمعتقدات والقيم المشتركة بين أفراد الشعب وكذلك أنماط السلوك وطرف التفكير الشائعة بين أفراد المجتمع.
* صدمة الثقافة Culture Shock الغموض وعدم الارتياح الذي يتولد لدى بعض العاملين بسبب تعاملهم مع ثقافة جديدة غير مألوفة.
* ثقافة ذات سياقات لغوية واطئة Low-Context Culture ثقافة تكون معظم الاتصالات فيها مكتوبة أو شفهية لكنها دقيقة واضحة ومحددة.
* ثقافة ذات سياقات لغوية عالية High-Context Culture ثقافة تكون معظم الاتصالات فيها بوسائل تعبيرية أو تلميحات إضافة إلى المكتوبة والشفهية.
- الاهتمام بالوقت Time Orientation
وهذا العنصر يختلف باختلاف الثقافات، فبعض الشعوب تحترم المواعيد.
ودقتها والالتزام بالوقت المحدد عكس شعوب أخرى. ومن مظاهر الاهتمام بالوقت تحديد جدول أعمال واعتماد ترتيب اللقاءات وإنجاز الأعمال. وقد ظهر مصطلح الثقافة أحادية التركيز Monochromic Culture للدلالة على الأفراد الذين يميلون إلى إنجاز عمل واحد في الوقت الواحد. أما الثقافة متعددة التركيز Polychromic Culture فهي تعني ثقافة الأفراد الذين تعودوا على إنجاز عدة أعمال في وقت واحد، فنرى بعض المدراء عند لقائه بشخص أو مقابلة زبون يتعرض لعدة مقاطعات أثناء المقابلة لإنجاز أعمال أو توقيع أوراق أو رد على تليفونات مما يجعل الزبون أو المراجع يصاب بالإحباط أو يشعر بعدم الارتياح.
* ثقافة أحادية التركيز Monochromic Culture الأفراد الذين يميلون إلى إنجاز عمل واحد في وقت واحد.
* ثقافة متعددة التركيز Polychromic Culture ثقافة الأفراد الذين تعودوا على إنجاز عدة أعمال في وقت واحد.
- الدين Religion
من المهم جدًّا معرفة التقاليد والشعائر الدينية في البلد الذي يزوره المدير أو يعمل فيه، فتأثير الدين يمتد ليشمل مختلف نواحي الحياة للفرد فقد يصل إلى الأكل واللبس والسلوك. ويجب مراعاة التزام الناس وحسب دينهم ومعتقداتهم في العمل، كذل يجب احترام الأيام المقدسة وأوقات الصلوات وغيرها من المناسبات.
- العقود والاتفاقيات Contracts and Agreements
تعتبر العقود من الالتزامات المهمة التي يجب أن تحترم لكن في بعض الثقافات والدول يعتبر العقد نقطة البداية ويمكن أن يضاف عليه أو يعدل باتفاق الطرفين عند بدء سريان هذا العقد في حين أن ثقافات أخرى لا يمكن أن تقبل أي تعديل وتؤكد على الالتزام التام ببنوده. وكذلك فإن بعض الشعوب تحترم الكلمة التي تعطي ولا يحتاج الأمر إلى كتابة عقد أو اتفاقية.
* العقود الاجتماعية في الثقافات المختلفة
Social Values in Different Cultures
تتباين الثقافات المختلفة لدى الشعوب في نظرتها وتعاملها مع الآخرين الذين يحملون قيما وعادات وتقاليد مختلفة وكذلك تختلف النظرة لبعض القضايا الإنسانية الأساسية في الحياة الأمر الذي يجب أن يعيه المدراء في الأعمال الدولية. وفي بحثه الشهير فإن العالم هوفستيد Hofsted حاول دراسة عدد كبير من العاملين في شركة IBM في 40 دولية مختلفة بلغ عددهم 116000 موظف وعامل، حيث ركز على أبعاد القيم الاجتماعية الأساسية في ثقافات هذه البلدان وهذه القيم هي:
1- توزيع القوة Power Distance
وتعني مدى قبول أو رفض أفراد المجتمع ومؤسساته لتوزيع القوة بشكل غير متساوي في المجتمع ومؤسساته وأفراده.
2- تجنب عدم التأكد Uncertainty Avoidance
المدى يكون فيه الأفراد والمنظمات والمجتمع متقبلين أو رافضين وغير مرتاحين للمخاطرة وعدم التأكد والتغيير.
3- الفردية والجماعية Individualism and Collectivism
درجة تأكيد المجتمع على الإنجاز الفردي والمصلحة الذاتية مقابل الإنجاز الجماعي ومصلحة المجموعة.
4- الذكور والأنوثة Masculinity Versus Femininity
ويسميها البعض السلوك الدفاعي أو السلوك الهجومي في إنجاز الأهداف بمعنى ما الذي يحفز الأفراد لإنجاز الأهداف المختلفة بأولويات متباينة. فالتركيز على النجاح المادي والمركزية في العمل وتحقيق الإنجازات البطولية مرتبطة بالتوجه الذكوري أو السلوك الهجومي Aggressive Behavior في حين أن التركيز على القيم الاجتماعية وتطوير نوعية الحياة ورفاه الآخرين وسعادتهم هو توجه أنثوي أو Passive Behavior أي سلوك دفاعي إيجابي.
5- الاهتمام بالوقت Time Orientation
إلى أي مدى يركز المجتمع والأفراد والمنظمات على التوجه المستقبلي بعيد الأمد أو قصير الأمد والآني.
* توزيع القوة Power Distance مدى قبول أو رفض أفراد المجتمع ومؤسساته لتوزيع القوة بشكل غير متساوي في المجتمع ومؤسساته وأفراده.
* تجنب عدم التأكد Uncertainty Avoidance مدى قبول أو رفض الأفراد المخاطرة أو التغيير وعدم التأكد.
* الفردية والجماعية Individualism and Collectivism درجة تأكيد المجتمع على الإنجاز الفردي والمصلحة الذاتية مقابل مصلحة المجموع.
* الذكورة والأنثوية Masculinity Versus Femininity مدى تفضيل الإنجاز المادي والمالي والمركزية بالعمل أو الاهتمام بالقيم الاجتماعية ونوعية الحياة.
ثالثًا: أنماط الأعمال الدولية
Forms of International Business
تتنوع طرق إقامة الأعمال الدولية ودخول أسواق الدول الأخرى حيث هناك استراتيجيات مختلفة الآليات والمخاطرة ومدى الاهتمام بالسوق الدولية ويمكن أن نجمل هذه الاستراتيجيات في مجموعتين:
* استراتيجيات الدخول إلى السوق:
Market Entry Strategies
في إطار هذا النمط من الاستراتيجيات يمكن أن نجد أعمال دولية تتزود بالمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج ومتطلبات الخدمات من مختلف أنحاء العالم وتسمى هذه باستراتيجية التزود العالمي (التجهيز العالمي) Global Sourcing. وتستفيد الشركات بإتباعها هذا الأسلوب من التقسيم العالمي للعمل حيث يكن أن تحصل على منتجات وقطع ومواد أولية منخفضة الكلفة وبجودة عالية لأن المزود متخصص بإنتاج هذه المواد. أما النوع الثاني من الاستراتيجيات فهو التصدير والاستيراد Exporting and Importing فالتصدير هو بيع المنتجات المحلية في بلدان أو أسواق أخرى والاستيراد هو شراء منتجات أجنبية وبيعها في الأسواق المحلية. وأخيرًا فإن هناك استراتيجية أخرى هي الترخيص والامتياز .Licensing and Franchising فالترخيص هو اتفاقية تحصيل بموجبها الشركة المرخص لها على حقوق تصنيع وبيع منتجات شركة أخرى في منطقة محددة مقابل رسوم متفق عليها ويسمح لها باستعمال تكنولوجيا الإنتاج الخاصة وبراءة الاختراع أو العلامة التجارية. أما الامتياز فهو صيغة من صيغ الترخيص تشتري بموجبه الشركة المستفيدة حقوق استخدام الاسم التجاري وطرق العمل في موطنها.
* التزود العالمي Global Sourcing الاستفادة من التقسيم العالمي للعمل للتزود بالمواد الأولية والمنتجات والخدمات وشرائها من مختلف أنحاء العالم لاستخدامها محليًا.
* التصدير Exporting بيع المنتجات المحلية في أسواق أجنبية.
* الاستيراد Importing شراء منتجات أجنبية وبيعها والاستفادة منها في الأسواق المحلية.
* الترخيص Licensing اتفاقية تدفع بموجبها شركة ما حقوق إنتاج وبيع منتجات شركة أخرى.
* الامتياز Franchising رسوم تدفع لاستخدام الاسم التجاري وطرق العمل لشركات أخرى.
* استراتيجيات الاستثمار المباشر
Direct Investment Strategies
يمثل هذا النمط وسيلة من وسائل الأعمال الدولية المباشرة حيث يتم استثمار مبالغ مالية ضخمة في إقامة أعمال دولية. وعادة ما تكون البداية من خلال الدخول بمشاريع مشتركة Joint Venture يقصد بها استثمار مباشر على أساس ملكية مشتركة وتقاسم للمخاطر والتكاليف والموارد بنسب متفق عليها بين شركة أجنبية وأخرى محلية، وهي تحالفات استراتيجية تسهل الدخول للأسواق التي يصعب دخولها بشكل منفرد. أما النوع الآخر فهو الفروع المستقلة للشركات Subsidiary حيث يكون فرع الشركة في سوق أجنبية مستقلة تمامًا ومملوك للشركة الأم تمامًا.
* المشاريع المشتركة .Joint Venture مشاريع تقام في دول أخرى بمشاركة شركاء محليين بنسب متفق عليها.
* الفروع المستقلة للشركات Subsidiary فروع لشركات أجنبية في دول معينة مملوكة بالكامل للشركة الأم ومستقلة تمامًا في عملها.
رابعًا: الإشكالات والتحديات الأخلاقية في الأعمال الدولية
Ethical Challenges for International Business
تثار أمام الأعمال الدولية العديد من التحديات والمشاكل يرتبط بعضها باختلاف وجهات نظر وتوقعات الدول المضيفة وإدارات هذه الشركات الدولية ويرتبط البعض الآخر بمجموعة كبيرة من انتقادات أخلاقية توجه للأعمال والشركات الدولية.
* اختلاف وجهات النظر بين الأعمال الدولية والدولة المضيفة
تتوقع الدولة المضيفة Host Country وكذلك الشركة القادمة فوائد مشتركة لكلا الجانبين يحصلان عليها من جراء إقامة العمل الدولي. إن الدولة المضيفة تستفيد بالشكل التالي:
- ضرائب يمكن أن تستحصلها نتيجة هذه العمليات الجديدة.
- فرص عمل جديدة يمكن أن تحل أزمة البطالة.
- إقامة صناعات جديدة.
- تطوير الموارد المحلية واستخداماتها.
ولكن في نفس الوقت فإن للدول المضيفة العديد من الانتقادات الموجهة للأعمال الدولية المقامة فيها ومنها:
- الشكوى من استنزاف الموارد بشكل كبير.
- تحويل نسبة عالية من الأرباح إلى الدولة الأم Home Country.
- التدخل بالشئون الحكومية الداخلية.
- عدم احترام العادات والتقاليد والقوانين.
- عدم تطوير الشركات المحلية.
- استقطاب الكفاءات المهمة المحلية للعمل فيها.
- لا تنقل التكنولوجيا المتقدمة جدًّا.
وفي إطار نفس التوجه فإن الدولة الأم التي ينتمي إليها العمل الدولي أو الشركة الدولية تثير بعض التساؤلات والإشكالات أمام شركاتها العاملة في الدول الأخرى ومن أمثلة هذه الإشكاليات:
- نقل الوظائف إلى دول أخرى.
- سحب جزء من رؤوس الأموال إلى أماكن أجنبية.
- فقدان بعض الأسرار التكنولوجية والمعرفية المهمة.
- تعريض سمعة الدولة الأم للخطر بسبب بعض الممارسات الخاطئة المحتملة.
والآن بعد استعراض تحفظات كلا الطرفين (على مستوى الدولة) فإن للشركة أيضًا شكاواها وتحفظاتها على الدول المضيفة ومن أهمها:
- قيود على نقل الأرباح للخارج.
- أسعار مبالغ فيها للمواد المحلية.
- إجراءات عمل استغلالية.
- قيود على سعر صرف العملة والتحويل الخارجي.
- الفشل في الالتزام بالعقود والاتفاقات المبرمة.
* الإشكالات الأخلاقية Ethical Issues
تبرز بعض القضايا ذات البعد الأخلاقي في عمل الشركات الدولية في بلدان أخرى ومن أهم هذه الإشكالات:
- الفساد الإداري Administrative Corruption
يقصد به التورط في ممارسات غير قانونية لمصلحة العمل أو تحقيق مكاسب غير مشروعة للشركة. وفي كثير من الدول فإن الحكومات تحاسب الشركات العاملة في دولة أجنبية إذا ما مارست أنواعًا من الفساد الإدارية مثل دفع الرشاوي وغيرها من خلال قوانين وتشريعات سنتها لهذه الغاية. *
*الفساد الإداري Administrative Corruption التورط في ممارسات غير قانونية أو شرعية لمصلحة العمل أو بهدف تحقيق مكاسب.
- استغلال العاملين Sweatshops
إن الترجمة الحرفية لهذا المصطلح هي "الورشة المجهدة" وتعني المعامل التي تستخدم عاملين بأجور منخفضة جدًّا وتشغلهم ساعات عمل طويلة في ظروف عمل سيئة. وتنتشر مثل هذه المصانع في دول آسيوية كثيرة.
- تشغيل الأطفال أو الأحداث Child Labor
التشغيل بوجبات عمل كاملة للأطفال والأحداث واستغلالهم لتحقيق أرباح عالية لا يمكن تحقيقها عند تشغيل العمال البالغين وخصوصًا في مجال الأعمال اليدوية كما هو الحال في كثير من الدول الآسيوية.
* الورشة المجهدة Sweatshops مصانع توظيف عاملين بأجور متدنية جدًّا ولساعات طويلة وفي ظل ظروف عمل سيئة.
- الاستنزاف البيئي والتلوث
Pollution and Environment Exploitation
عادة ما تتغاضى الأعمال الدولية عن الكثير من الآثار السلبية التي تتركها على البيئة في الدولة المضيفة دون مراعاة لمبدأ مهم وهو التنمية المستدامة Sustainable Development والذي يعني الوفاء باحتياجات الأجيال الحاضرة دون الإضرار بمصالح الأجيال القادمة. وقد أصدرت منظمة التقييس العالمية حزمة الآيزو 14000 وهو عبارة عن معايير تمنح فيها شهادة بالالتزام بالسياسات البيئية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من الشكاوى ترفع بصدد قيام بعض الدول غير شركات معينة بدفن النفايات النووية والمخلفات الكيمياوية في أراضي دول فقيرة أو نامية.
* التنمية المستدامة Sustainable Development الوفاء باحتياجات الأجيال الحاضرة دون الأضرار باحتياجات الأجيال القادمة.
* الآيزو 14000 - ISO 14000 حزمة من المعايير تمنح فيها شهادة الالتزام بالسياسات البيئية.
خامسًا: الممارسات الإدارية في ظل ثقافات الدول المختلفة
Management Practices across Cultures
إن الممارسات الإدارية المتمثلة بعمليات التخطيط والتنظيم والرقابة والقيادة تكتسب أهمية خاصة في الأعمال الدولية حيث تأثير الثقافات المختلفة يؤدي إلى إضفاء خصوصية كل ثقافة عليها وبالتالي جعلها مختلفة عن ما تعوده المدراء في البيئة الوطنية. إن الإدارة المقارنة Comparative Management تهتم بدراسة الاختلافات بشكل منهجي ومنظم بين الدول والثقافات المختلفة بكل ما يتعلق بجوانب الإدارة. لقد شجعت المنافسة الحادة والاقتصاد العولمي على تطور هذا النمط من الإدارة ولجوء المدراء العالميين إلى التعمق في معرفته وتمكنهم من النظر إلى الاقتصاد العالمي الأبعاد التكنولوجية والاجتماعية للبيئة العالمية بعمق وفهم أكثر لتحقيق إنجاز أفضل.
* الإدارة المقارنة Comparative Management حقل معرفي يعني بدراسة اختلافات الإدارة بين الثقافات والدول.
* التخطيط والرقابة Planning and Controlling
تواجه عملية التخطيط والرقابة تحديات حقيقية في بيئة الأعمال الدولية المعقدة. إن تكنولوجيا المعلومات تمثل التطور المهم والتحدي الحقيقي في هذا المجال فشبكات المعلومات وإمكانية نقل الوثائق والدخول إلى شبكة الانترنت ساعد في جعل فروع الشركة الواحدة ومكاتبها في مختلف الدول تتقاسم نفس قواعد المعلومات وتستفيد منها، كذلك أصبح بالإمكان عقد مؤتمرات افتراضية عبر الإنترنت أو اتخاذ قرارات دون الحاجة إلى المواجهة المباشرة واللقاء وجهًا لوجه. ومن الأمور الأخرى المهمة، يجب الأخذ بنظر الاعتبار المخاطر السياسية والأحداث المحتملة التي تتعلق بالعملة وتشريعات الحكومة المحلية. لذا يجب دراسة البيئة جيدًا ومعرفة المؤثرات التي يمكن أن تغير الخطط الموضوعة وكذلك التفكير بأساليب مواجهة مثل هذه الأمور عند حصولها.
* التنظيم والقيادة Leadership and Organizing
إن الذهاب باتجاه الأعمال الدولية سيترتب عليه إجراء تغييرات تنظيمية مهمة مثل افتتاح أقسام جديدة وإيجاد مواقع وظيفية جديدة مثل نائب رئيس لشئون العمليات الدولية أو مدراء أقسام جديدة. وقد تطور المنظمات هياكلها لتتلاءم مع طبيعة أعمالها الدولية سواء بشكل جغرافي أو على أساس مجاميع المنتجات الموجهة إلى الدول المختلفة بإسناد متخصصين أو خبراء في كل منطقة من المناطق والشكل التالي يوضح ذلك.
والملاحظ في الأعمال الدولية أن القيادة يفترض أن تعي ظواهر عديدة لكي تنجح منها التعامل مع عاملين من بلدان مختلفة (المغتربون) Expatriates يأتي بعضهم للعمل فترات زمنية قصيرة مثل الطلاب في فترات الصيف أو المهاجرين الذين يتخذون الدولة المضيفة وطنا لهم ومكانا للعمل والعيش وهنا يفترض أن ينتبه المدير إلى أن هؤلاء حتى وإن حملوا جنسية الموطن الجديد (موطن الشركة) فإنهم يحملون ثقافة وقيم بلدانهم التي جاؤوا منها كما هو الحال مع الأتراك في الشركات الألمانية والعرب المغاربة في الشركات الفرنسية. كذلك لابد من الإشارة إلى خصوصية في النظرة للمدراء من قبل العاملين حيث أن بعض الثقافات تعتبر أي علاقة هي علاقة شخصية كما أن بعضها الآخر يعتبر النقد الموجه إليه في العمل مسألة تهدر كرامة الفرد وتلحق عار بالعائلة، لذا فإن دراسة الثقافات قبل بدء الأعمال الدولية هو مسألة مهمة.
وأخيرًا يمكن أن نشير إلى أن عملية تحفيز العاملين تختلف من بلد إلى آخر حسب ثقافة ذلك البلد، فالبعض يمكن أن يكون التحفيز المالي فيه غير مهم كما هو في البعض الآخر ومسألة إظهار الاحترام في مكان العمل واستخدام الكلمات المناسبة لتشجيع العاملين وإشعارهم بأهميتهم وأنهم جزء من الشركة هو أمر ضروري في بعض البلدان، أكثر من بلدن أخرى.
* المغتربون Expatriates مهاجرون لفترة دائمة أو مؤقتة يعيشون ويعملون في دولة أجنبية.
* المنظمة المتعلمة عالميا Global Learning Organization
رغم أن التطبيقات الإدارية المعتمدة في الإدارة هي في غالبيتها أمريكية أو أوروبية إلا أن النظريات الإدارية هذه يفترض أن تكيف وفق معطيات الثقافات المحلية والاختلافات بين الدول وكما أشارت دراسة (هوفستيد) المشار إليها سابقًا. إن هذا يعني أن المنظمات العاملة في البيئة الدولية يتوجب عليها تعلم لدروس من تجاربها وتجارب الآخرين والتكيف مع كل ثقافة على حدة ولعل أبرز النجاحات هو ما حققته اليابان حيث القدرة العالية لشركاتها على التعلم واكتساب الخبرات والتكيف السريع. وتتفاوت قابليات المنظمات والمدراء في الاستفادة من العمل في البيئة الدولة فالبعض منهم هو حامل للسلوك المرتبط بفكرة أن الممارسات الإدارية وأساليب الإدارة في بلده هي الأفضل من أي مكان آخر Ethnocentric Attitude وبالتالي فهو لا يتقبل أي أساليب إدارية أخرى ولا يكتسب أي خبرة دولية. وهناك من المدراء من يرى وجوب احترام أساليب الإدارة والعمل في الدولة المضيفة ويسمح للعاملين المحليين بإدارة العمليات ويستفيد بنفس الوقت ولكن بشكل محدود وتسمى هذه الحالة Polycentric Attitude. وأخيرًا فإن بعض الأعمال الدولية تسلك سلوكا يوفر لها حالة تعلم غنية جدًّا مستفيدة من تجارب الآخرين المحليين (إضافة إلى تجربتها الخاصة. ويعتقد المدراء بأنه يجب الاستفادة من ممارسات الآخرين أينما كانوا وأن الموهبة يجب أن تقيم أيًّا كان حاملها ومن أي جنسية أو دولة، وتسمى هذه الحالة Geocentric Attitude. إن المهم في هذه الحالة الأخيرة وهو وجوب معرفة الممارسات الجيدة والأفكار الجديدة مع ملاحظة أثر الثقافة المحلية فيها.
* التصرف الإداري العنصري Ethnocentric Attitude فكرة كون الممارسات والأساليب الإدارية في البلد الأصلي للمدير هي الأفضل من أي مكان آخر.
* التصرف الإداري المتعدد Polycentric Attitude التصرف الذي يتقبل بشكل محدود الممارسات الإدارية الأخرى في الدول المضيفة.
* التصرف الإداري العالمي Geocentric Attitude تصرف يعتبر أن الممارسات والنظريات الإدارية من أي دولة مفيدة ويمكن أن تغني التجارب التي تمر بها منظمة الأعمال الدولية وإن الموهبة يجب أن تقيم أيًّا كان حاملها ومن أي جنسية أو دولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العامري، صالح مهدي محسن، وطاهر محسن منصور الغالبي، (2011م)، (كتاب : الإدارة والأعمال)، الصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، الطبعة الثالثة