د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

أخلاقيات الأعمال والمسئولية الاجتماعية للمنظمات

يقصد بمصطلح الأخلاق Ethics مجموعة المبادئ والمعايير والقيم التي تحكم سلوك الفرد أو المجموعة في ما يخص الصواب أو الخطأ وكذلك الجيد أو السيئ في المواقف المختلفة.

January 8, 2024 عدد المشاهدات : 12704

مقدمة
إن التطور الحاصل في البيئة العالمية على المستوى الاقتصادي والثقافي رافقة أيضًا العديد من الإشكالات على المستوى الأخلاقي والاجتماعي. لقد أظهرت العديد من الشركات الصناعية على سبيل المثال، وود خروقات في سلوكها الأخلاقي تجسد في عمليات عدم الوفاء بالالتزامات تجاه المستهلكين وكذلك تجاه البيئة الطبيعية، فهناك استنزاف للموارد وتلوث كبير في المياه والتربة والهواء نتيجة الاستهلاك الكثيف للموار الطبيعية والوقود المستخدم في تشغيل الكثير من وسائل الحياة الحديثة. إن جوانب السلوك الأخلاقي وضرورة تحمل مسئولية اجتماعية من قبل منظمات الأعمال لا ترتبط بمجتمعات محددة بل إنها أصبحت موضوعًا حيويا مهما تواجهه منظمات الأعمال في الدول المتقدمة والنامية. وإذا تجسد السلوك غير الأخلاقي من قبل منظمات أعمال كبيرة في العالم مثل شركة Enron فإن هذا لا يعني أنه غير موجود في أماكن أخرى ومنظمات أعمال في مختلف أنحاء العالم، لذلك ارتأينا استعراض فقرات أساسية توضح هذا الموضوع ويفترض أن يطلع عليها العاملون والإدارة وجميع شرائح المجتمع.
أولًا: أخلاقيات الأعمال
* مفهوم أخلاقيات الإدارة والأعمال
يقصد بمصطلح الأخلاق Ethics مجموعة المبادئ والمعايير والقيم التي تحكم سلوك الفرد أو المجموعة في ما يخص الصواب أو الخطأ وكذلك الجيد أو السيئ في المواقف المختلفة. والأخلاقيات تعزز المبادئ التي توجه سلوك الفرد في خياراته المختلفة. وفي الحياة العملية يمثل السلوك الأخلاقي Ethical Dilemma عندما تكون تصرفات الأفراد أو المنظمة مضرة أو نافعة للآخرين.
أما الأخلاقيات الإدارية Managerial Ethics فإنها تشير إلى معايير السلوك التي تقود المدراء وتوجههم في عملهم. وهكذا فالأخلاقيات تؤثر على عمل المدراء بطرق مختلفة يمكن أن نشير إلى ثلاث مجالات أساسية منها وكالآتي:
أ- كيف تعامل المنظمة العاملين فيها في ما يتعلق بالتعاقد معهم أو تسريحهم من العمل وكذلك الرواتب والأجور وظروف العمل واحترام خصوصية العاملين: 
ويمكن أن نجد في الواقع العملي أن بعض المدراء يميزون بين العاملين بسبب انتمائهم العرقي أو الديني أو بسبب الجنس أو المعتقد السياسي وهذا يمثل سلوكا لا أخلاقيا وغير قانوني في نفس الوقت.
ب- كيف يعامل العاملون أو الموظفون المنظمة: حيث تبرز هنا الكثير من الإشكالات المتعلقة بما يعرف صراع المصالح (أو تضارب المصالح) وكذلك النزاهة والثقة وحماية أسرار العمل. فمثلًا يمكن أن يوجد موقف فيه صراع أو تضارب مصالح بين الفرد العامل والمنظمة عندما يتم قبول هدية من مجهز المواد الأولية للمنظمة من قبل الشخص المسئول عن استلام هذه المواد. كذلك فإن إفشاء أسرار المنظمة والعمل أو استخدام موجوداتها بشكل يخدم المصالح الشخصية يعتبر عملًا لا أخلاقيا وغير نزيه.
ج- كيف تتعامل المنظمة والعاملين فيها مع الأطراف الأخرى: هنا يتجسد السلوك الأخلاقي بالتعامل مع أطراف كثيرة يأتي في مقدمتهم المستهلكون والمنافسون والمجهزون والوسطاء والنقابات العمالية وغيرها. إن التعامل مع هذه الجهات قد يتضمن بعض الغموض الأخلاقي في إطار الإعلان والترويج والإفصاح المالي والمفاوضات والمساومات الجماعية بين المنظمة ونقابات العمال.

الأخلاق Ethics مجموعة المبادئ والقيم التي تحكم سلوك الفرد في ما يتعلق بما هو صواب أو خطأ.

السلوك الأخلاقي Ethical Behavior هو السلوك الصائب والخيار السليم الملتزم بالمبادئ الأخلاقية وهو عكس السلوك اللا أخلاقي Unethical Behavior الذي لا يخضع للمبادئ الأخلاقية الصحيحة.
المشكلة الأخلاقية Ethical Dilemma هو الموقف الذي يرتبط بخيارات سلوكية ينجم عنها عواقب سلبية يصعب معها التمييز بين ما هو صحيح أو خطأ.
الأخلاقيات الإدارية Managerial Ethics هي المعايير الأخلاقية التي توجه سلوك المدراء في العمل.
القيم Values هي قناعات عامة حول السلوك المناسب.

* مداخل مختلفة لتفسير الأخلاق
يحتم المدراء إلى رؤى أخلاقية مختلفة قائمة على أساس المنظور الذي يفسرون بموجبه السلوك الأخلاقي وهذا الأمر يستند إلى وجود مداخل مختلفة طورها باحثون وعلماء وفلاسفة حاولوا تقديم تفسير للأخلاق كل حسب قناعاته. وقد شاعت هذه المداخل والتفسيرات بحيث أصبح الكثير من المدراء متأثرين بمدخل أو آخر وهذا انعكس على قراراتهم. ومن المفيد هنا استعراض هذه المداخل الرئيسية.    
- المدخل النفعي Utilitarian Approach
بموجب وجهة النظر هذه فإن السلوك يعتبر أخلاقيا إذا تمخضت عنه أكبر فائدة أو نفع لأكبر عدد من الناس. وفي الإدارة فإن بعض المدراء ممن يؤثر هذا المدخل في قراراتهم قد يبررون مثلًا تسريح ما يعادل 30% من القوة العاملة بسبب ظروف السوق للاحتفاظ بالباقي وهو 70% من القوة العاملة. أي أن ما يراعى هو العواقب الناجمة عن القرار والتي يجب أن تقدم أقصى منفعة ممكنة لأكبر عدد ممكن من العاملين.

المدخل النفعي Utilitarian Approach السلوك الأخلاقي هو الذي ينجم عنه أكبر فائدة لأكبر عدد من الناس.

- مدخل الفردية Individualism Approach
يقوم السلوك الأخلاقي وفق منظور الفردية على أساس أن السلوك الأخلاقي هو الذي يؤدي إلى تعظيم مصلحة الفرد بذاته على المدى البعيد. لذلك يتخذ المدراء القرارات التي تحقق المصالح الشخصية أولًا وآخذين بنظر الاعتبار مصالح الأطراف الأخرى ثانيًا.

مدخل الفردية Individualism Approach السلوك الأخلاقي يستند إلى المنفعة الشخصية الذاتية على المدى الطويل.

- مدخل الحقوق Moral-Right Approach
يعتبر هذا المدخل السلوك أخلاقيا إذا احترم وحافظ على الحقوق الأساسية للأفراد وكذلك فإن القرار الإداري الأخلاقي هو القرار الذي يحترم هذه الحقوق لكل من يتأثر به. والحقوق الأساسية تتضمن حقوق الإنسان في الحرية والحياة والمعاملة الإنسانية وفق القانون وحق الخصوصية وحرية التعبير والصحة والأمان. إن هذه الحقوق قد تم تطويرها وتوسيعها من قبل منظمات الأعمال بناءً على الحقوق الأولى التي حددها John Locke و Thomas Jefferson والتي اشتملت على حق الحياة والحرية وأن يعامل العاملون وفق القانون.

* مدخل الحقوق Moral-Right Approach السلوك الأخلاقي هو السلوك الذي يحترم ويحافظ على الحقوق الأساسية للإنسان.

- مدخل العدالة Justice Approach
يشير هذا المدخل إلى أن السلوك الأخلاقي هو الذي يستند إلى معاملة الآخرين بحيادية وعدالة اعتمادًا على قواعد قانونية. لذا فإن معيار الحكم على القرار الإداري هنا هو مقدار عدالة ومساواته بين الجميع. ويميز الباحثون بين ثلاثة أنواع من العدالة: الأولى، العدالة الإجرائية Procedural Justice وتعني درجة وضوح صياغة سياسات وقواعد العمل واستقرار وحيادية تطبيقها، فعلى سبيل المثال أن ارتكاب نفس الخطأ من قبل مدير قسم أو عامل في أحد الأقسام يجب أن يعالجا بنفس الطريقة. الثاني هو العدالة الموزعة Distributed Justice وهذه تشير إلى مدى أو درجة توزيع وتخصيص الموارد والمخرجات دون تمييز بسبب العمر أو الجنس أو القومية إذا تساوت الكفاءة والمهارات. فمثلًا هل تحصل المرأة في موقع معين على نفس مرتب الرجل الذي يحمل نفس الكفاءة والخبرة؟
أما الثالث فهو العدالة التفاعلية Interactional Justice والذي يتضمن مدى معاملة الجميع بكرامة ونزاهة واحترام، مثال ذلك ما إذا كان الموظف في قسم التسجيل في الجامعة يعامل الجميع بنفس الطريقة ويخصص لكل منهم نفس الوقت الذي خصصه للآخرين من أجل توضيح إجراءات التسجيل وتقديم نفس النصائح لهم. 

مدخل العدالة Justice Approach المدخل الذي يستند إلى معاملة الناس بنزاهة وحيادية.
العدالة الإجرائية Procedural Justice مدى تطبيق الإجراءات والسياسات بعدالة.

العدالة الموزعة  Distributed Justice توزيع الموارد أو المخرجات بغض النظر عن الخصائص الفردية للعاملين.
العدالة التفاعلية Interactional Justice مدى معاملة الآخرين بكرامة ونزاهة واحترام.

* الإشكاليات الأخلاقية في مكان العمل
تمثل الإشكاليات الأخلاقية مواقف يصعب فيها التمييز بوضوح بين ما هو صحيح وما هو خطأ. ومن الصعب أن يكون هناك إجماع على هذه المواقف بسبب عدم وضوح الخصائص المميزة لكل موقف وكذلك مدى تأثير الموظف أو العامل بفلسفة معينة لتفسير الأخلاق والسلوك الأخلاقي. ويمكن أن نحدد المشاكل الأخلاقية الرئيسية التي يمكن أن يواجهها المدير كما يلي:
- تضارب المصالح Conflict of Interest تحصل هذه المواقف عندما تتعارض وتختلف مصلحة الفرد في موقف معين عن مصلحة المنظمة، مثال ذلك قبول هدايا أو رشاوى مقابل اتخاذ قرارات لصالح من دفع هذه الهدايا أو الرشاوى، كذلك الأمر عندما يكون هناك عمل خاص يملكه أو يديره أحد الموظفين وهو مشابه لعمل المنظمة حيث أن تشجيع الزبائن على التعامل مع العمل الخاص لتحقيق المصلحة الشخصية على حساب مصلحة المنظمة.
- ثقة الزبون Customer Confidence أوضح مثال لها تسريب معلومات ذات علاقة بالزبائن ونشاطاتهم إلى أطراف أخرى، مثال ذلك عندما يسرب بعض العاملين في المصارف معلومات عن الزبائن إلى شركات وجهات أخرى.
- التمييز Discrimination ويحدث هذا الأمر عندما تحجب الترقية أو التعيين في وظيفة معينة عن مرشح لها بسبب عرقه أو جنسه أو دينه أو عمره أو أي خصائص أخرى ليس لها علاقة بالكفاءة.
- التجاوز أو التحرش الجنسي Sexual Harassment مجمل التصرفات التي تسبب عدم الشعور بالراحة في مكان العمل والمتعلقة بالتجاوز بألفاظ مخجلة أو تعبيرات شفهية أو تصرفات تخدش الحياء ذات طابع جنسي وخصوصًا على المرأة العاملة.
- موارد المنظمة Organizational Resources هي إساءة استخدام الموارد المادية والمالية وتسخيرها للأغراض الشخصية مثل إساءة استغلال الإنترنت والهواتف والتجهيزات الأخرى المكتبية أو السيارات وغيرها.
- الاتصالات Communications وهذه تمثل حالة نقل المعلومات بين مختلف الأطراف بطريقة تؤدي إلى إلحاق الضرر بالمنظمة. وبعد الكذب والمبالغة وبث الإشاعات من أكبر المشاكل في مجال الاتصالات.
* العوامل المؤثرة في السلوك الأخلاقي
من السهل الحديث عن الأخلاق والسلوك الأخلاقي في إطار كتاب علمي أو بحث علمي أو في ندوة ثقافية ولكن الأمر مختلف تمامًا في واقع الحياة العملية حيث يتعرض المدراء أو العاملون لشتى الضغوط الخارجية التي تدفعهم إلى سلوكيات لا أخلاقية أو تتعارض مع بعض القواعد القانونية. فقد أشارت إحدى الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية أن 56% من العاملين يشعرون بضغوط قوية لممارسة سلوكيات غير أخلاقية وأن 48% منهم قد ارتكب فعلًا أفعالًا تتضمن مساءلات قانونية أو تصرفات لا أخلاقية خلال السنة السابقة في مكان عملهم. لذلك يتطلب الأمر من المنظمات الاهتمام بالبناء الأخلاقي السليم خاصة وأن الفرد يستمد سلوكه الأخلاقي متأثرًا بثلاثة عناصر أساسية مهمة وهي الشخص بذاته والمنظمة التي يعمل فيها والبيئة الخارجية.
- الفرد The person
يتأثر السلوك الأخلاقي للفرد بمجموعة من العوامل ترتبط بتكوينه العائلي والشخصي، فالقيم الدينية والمعايير الشخصية والحاجات الفردية وتأثير العائلة والمتطلبات المالية وغيرها تدفع الأفراد إلى نوع أو آخر من السلوك، فالمدير الذي ليس لديه قاعدة قوية من الأخلاق المكتسبة من العائلة والدين وغيرها نجد أن قراراته تتأرجح في المواقف المختلفة في ضوء تعظيم مصلحته الشخصية فقط. أما الذين يستندون إلى قاعدة أخلاقية قوية فإن ثقتهم بأنفسهم تكون أكبر وهناك تجانس سلوكي في قراراتهم. إن القيم الأخلاقية التي تعطي الأولية للنزاهة والعدالة والكرامة والاستقامة واحترام النفس توفر دعائم للمديرين تسندهم في عملية اتخاذ القرار وتجعله أكثر صوابا حتى لو كانت الظروف المحيطة غير واضحة أو غامضة والضغوطات كبيرة.
- المنظمة The Organization
إن للمنظمة تأثيرًا مهما في أخلاقيات مكان العمل من خلال الهيكل التنظيمي الموجود وخطوط السلطة وكذلك قواعد العمل والإجراءات وأنظمة الحوافز وغيرها.
كذلك فإن المجاميع والتنظيمات غير الرسمية الموجودة لها أثر في سلوكيات الأفراد.
ولعل الثقافة التنظيمية السائدة Organizational Culture - والتي تعني مجموعة القيم والأعراف المشتركة التي تتحكم بالتفاعلات بين أعضاء المنظمة بعضهم مع بعض ومع الجهات الأخرى خارج المنظمة -هي مؤثر كبير وفاعل في السلوك سواء كان أخلاقيا أو غير أخلاقي من خلال اعتماد الفرد العامل أو الإداري على هذه الأعراف والقيم ومدى تأكيدها على الالتزام أو عدم الالتزام بسلوكيات معينة.

* الثقافة التنظيمية Organizational Culture هي مجموعة القيم والأعراف المشتركة التي تتحكم بالتفاعلات بين أعضاء المنظمة وكذلك مع الأطراف الخارجية.

- البيئة The Environment
تعمل منظمات الأعمال في بيئة تنافسية تتأثر بقوانين الحكومة وتشريعاتها وكذلك بالقيم والأعراف الاجتماعية السائدة. فالقوانين تلزم المنظمات بسلوكيات معينة وتضع معايير لتصرفاتها وبحدود معينة، في حين أن التشريعات تساعد الحكومة في التحكم بسلوك المنظمات وجعله متماشيا مع المعايير المقبولة. وكثيرًا ما تتدخل الحكومة بسن تشريعات جديدة بناءً على حصول خروقات للقوانين أو عدم الالتزام بها من قبل بعض المنظمات كما حصل مع شركة Enron في فضيحتها الأخلاقية الشهيرة وتدخل الحكومة الأمريكية بتشريعات معينة لمعالجة الوضع. إن مجمل التشريعات والقوانين الحكومية وكذلك الأعراف والقيم الاجتماعية تعطي تصورًا عن طبيعة المناخ الأخلاقي السائد في صناعة معينة وهذه تؤثر بدورها بالسلوك الأخلاقي للمديرين.
 
* تبرير السلوك اللاأخلاقي Rationalization for Unethical Behavior
إن السلوكيات اللاأخلاقية في الأعمال من قبيل دفع رشاوى وهدايا للحصول على عقود عمل أو تغيير بسيط أو كبير في الأرقام الخاصة بفواتير المصروفات للحصول على عوائد شخصية أو أي سلوك آخر مشابه يكون موضع مسائلة يحاول القائمون به تقديم مبررات ليقنعوا أنفسهم بها وبصحة ما يعملون وغالبًا ما تكون هذه التبريرات في إطار أربعة تفسيرات للقيام بمثل هذه السلوكيات.
- إقناع النفس بأن السلوك الحاصل لا يدخل حقيقة في إطار اللامشروعية أو عدم القانونية لذلك فإن الإداري أو العامل يقوم به.
- محاولة إقناع الذات بأن جميع الأفراد في المنظمة يتصرفون وفق مصالحهم الشخصية أولًا وضرورة تعظيم هذه المصالح لذلك فهو يقلدهم ولم يأت بجديد.
- التبرير بأن ما قام به لن يكشفه أحد سواء من داخل المنظمة أو خارجها وأنه لا يلفت النظر.
- إقناع النفس بأن المنظمة التي يعمل فيها من قام بالسلوك اللاأخلاقي سوف تحميه من طائلة القانون وأن ما قام به إنما هو لمصلحتها.
إن هذه التبريرات هي محاولات بسيطة رغم أنها شائعة وعادة ما تقع سلوكيات لا أخلاقية مستندة إليها وكثيرًا ما ينجم عنها عقوبات ويلحق بالقائمين بها ضرر بعد اكتشافها. ففي المواقف الغامضة والتي يصعب التمييز فيها بسرعة وبدقة بين ما هو صحيح أو خطأ فإن الحكمة تقتضي عدم اتخاذ القرار وفعل أي شيء إلا بعد أن ينجلي الوقف.
أما المواقف التي يبدو فيها الأمر وكان أي تصرف يستفيد منه أحد العاملين هو مبرر كافي لأن يقوم به الآخرون فإن ذلك غالبًا ما يكون ذو فائدة على المدى القصير ولكنه ذو آثار سلبية على المدى البعيد وكيف يتأكد من أن لا أثر سلبيًا على مصلحة الآخرين أو المنظمة. كذلك فإن التبرير المتعلق بعدم اكتشاف السلوك اللا أخلاقي من قبل الآخرين فإن أفضل وسيلة لإزالة هذه القناعة هو أن يكون بعلم الجميع أن هذا الأمر غير ممكن وأن المسئولين لديهم الرغبة بالإطلاع على كل شيء وأن هناك عقوبات واضحة لمثل هذه السلوكيات كما أن العقوبات ستتخذ بحق من يرتكب مثل هذا السلوك حتى لو اكتشف الأمر بعد فترة طويلة. وأخيرًا، فإن الحماية التي يتوقع القائم بالسلوك اللا أخلاقي أن تتوفر له من قبل المنظمة وإدارتها، لا يمكن أن تحصل وأن الولاء للمنظمة لا يجب أن يقوم على أسس وتصرفات لا أخلاقية أو غير مقبولة وأن مصلحة المنظمة هي فوق هذه الاعتبارات ولا يجوز المجازفة بها من أجل حماية أفراد معينين حتى لو أخطاؤا وتصرفوا بصورة غير مشروعة أو لا قانونية ويعتقدون أنها في صالح المنظمة.

* التدريب من أجل بناء منظومة أخلاقية في المنظمة
Ethical Training

إن مفهوم التدريب لبناء المنظومة الأخلاقية في المنظمة أو الأفراد العاملين فيها يتمحور حول إعداد برامج تخص تدريب العاملين على معرفة مختلف الجوانب الأخلاقية في القرار الإداري وكيفية تمييز المواقف الأخلاقية من غيرها. إن هذه البرامج تساعد الأفراد على دمج المعايير الأخلاقية العالية في سلوكهم وتصرفاتهم اليومية. وقد تجلى الاهتمام بالتدريب في هذا المجال بإدخال كبرى الجامعات ومدارس إدارة الأعمال مقررات وبرامج تدريبية في مناهجها تتضمن التوعية والإعداد الجيد في مجال السلوكيات الأخلاقية والمسئولية الاجتماعية. ومن المفيد هنا استعراض قائمة مختصرة بخطوات ينصح باعتمادها لفحص الإطار الأخلاقي للقرارات وكالآتي:

التدريب الأخلاقي Ethical Training برامج تدريبية تهدف إلى مساعدة الأفراد على معرفة مختلف الجوانب الأخلاقية في قراراتهم.

1- إدراك الإشكالات الأخلاقية المحتملة.
2- جمع المعلومات والتأكد من الحقائق.
3- تشخيص الخيارات المتاحة.
4- اختبر وافحص كل خيار من ناحية الشرعية والصواب والدقة والفوائد المرجوة.
5- قرر أي خيار ستتبنى.
6- كرر التدقيق واسأل نفسك السؤالين التاليين:
- كيف سيكون موقفي إذا عرفت عائلتي بقراري هذا؟
- كيف سيكون موقفي إذا نشر القرار أو تداولته الصحف المحلية؟
7- تصرف القبول أو الرفض.
ومن المعلوم أن منظمات الأعمال في عالم اليوم تصدر لوائح مكتوبة تسمى المدونات الأخلاقية أو الدساتير الأخلاقية Codes of Ethics والتي هي عبارة عن مجموعة من القيم والمعايير والمبادئ الأخلاقية المكتوبة في لائحة والتي توجه سلوك المنظمة وأفعالها. إنها توفر دليلًا إرشاديا لمعالجة مختلف المواقف التي تثار فيها إشكاليات أخلاقية، وتصبح هذه المدونات بالتالي دساتير يمكن العودة إليها في حالة حصول تجاوزات غير مشروعة أو غير أخلاقية. ومن الضروري أن تفعل منظمات الأعمال هذه المدونات وتحاول أن تجسدها في السلوك اليومي للمديرين والعاملين فيها.

المدونات الأخلاقية Code of Ethics صيغة مكتوبة بشكل رسمي تتضمن القيم والمعايير الأخلاقية التي توجه المنظمة في أعمالها وتصرفاتها.

وتجدر الإشارة هنا إلى قضية مهمة تحصل في كثير من منظمات الأعمال تسمى الإفصاح عن الجوانب اللاأخلاقية Whistle-blowing والتي تعني قيام بعض الموظفين أو العاملين بالإفصاح عن ممارسات أو تصرفات غير قانونية أو غير شرعية أو غير أخلاقية يقوم بها بعض المدراء أو المسئولون في المنظمة أو قسم معين في المنظمة إلى جهات خارجية مثل مراسلي الصحف أو المسئولين الحكوميين أو بعض الدوائر الرسمية. وعادة ما يتعرض من يقوم بهذا العمل إلى مضايقات وضغوط وبما تؤدي إلى طرده أو إبعاده عن مكان عمله، لذلك يحجم الآخرون عن الكشف عن الكثير من الممارسات الخاطئة أو اللاأخلاقية في المنظمات. ولغرض التقليل من حالات الإفصاح هذه فقد تتبع المنظمات وسائل عديدة للحد منها وجعلها حالة داخلية أي أن الإفصاح يكون داخليا لإدارة المنظمة. 

الإفصاح عن الجوانب غير الأخلاقية Whistle-blowing إفصاح بعض العاملين عن الممارسات غير القانونية أو اللاأخلاقية غير القانونية أو غير الشرعية التي ترتكب في منظمة الأعمال إلى جهات خارجية.

ومن الأساليب المتبعة في هذا الإطار توفير خط ساخن يضمن سرية المتحدث ولا يفصح عن شخصيته وكذلك إعداد برامج تدريبية للعاملين تشجعهم على الإفصاح الداخلي وعدم تعريض المنظمة للفضائح. ولكن هناك منظمات وإدارات تحاول أن تمنع حصول هذا الأمر خارجيا أو داخليا عن طريق فرض رقابة صارمة من خلال سلسلة طويلة من المراجع والأوامر كذلك تقوية الولاء داخل مجاميع العمل بحيث لا يمكن تجاوز مشرفي العمل والتغطية على التصرفات اللاأخلاقية خوفًا من الفضائح.
وبشكل عام فإن منظمة الأعمال إذا ما أرادت أن تكون منظمات أخلاقية ومسئولة اجتماعيًّا فإن ثلاثة ركائز أساسية لابد أن يجري بناؤها وتقويتها وهي الأفراد والقيادة وبنية المنظمة وأنظمتها.  وإتماما للفائدة نعرض مخططًا متكاملًا يوضح عملية فحص المواقف أو القرارات من جانبها الأخلاقي.
 
ثانيًا: المسئولية الاجتماعية للمنظمات
Social Responsibility for Organizations

إن منظمات الأعمال تعمل في بيئة واسعة تتشابك فيها العلاقات مع عناصر المجتمع المختلفة تؤثر وتتأثر بها. إن المجتمعات اليوم تتطلع إلى الحصول على مزيد من المسااهمات الاجتماعية التي تقدمها منظمات الأعمال أو أصحاب رؤوس الأموال للشرائح الاجتماعية المختلفة. ويأمل المجتمع والحكومة أن تسهم هذه المنظمات بحماية البيئة والحد من التلوث البيئي والعمل على زيادة المساحات الخضراء. كذلك هناك جهات في المجتمع بدأت بتشكيل قوي ضاغطة يجب مراعاتها وتحقيق مطالبها مثل جمعيات حماية المستهلك وجمعيات الدفاع عن حقوق الأطفال والنساء وحريات الصحفيين وغيرها. من هذا المنطلق أصبح موضوع تبني المسئولية الاجتماعية من قبل منظمات الأعمال محورا أساسيًا في كثير من دول العالم وخصصت له مساقات دراسية في الجامعات والمعاهد وأقيمت الكثير من المؤتمرات والندوات لمناقشة جوانبه المختلفة.
* مفهوم المسئولية الاجتماعية
Social Responsibility Concept

يشير مفهوم المسئولية الاجتماعية إلى واجب إدارات المنظمات بالقيام باتخاذ قرارات أو التصرف بطريقة تساهم بزيادة رفاهية المجتمع ومصالحه إضافة إلى مصالح المنظمات، لقد تصاعدت الدعوات إلى أن تتبنى منظمات الأعمال وأصحاب رأس المال المسئولية بالصرف على الأنشطة الاجتماعية المختلفة بعد أن ازداد توجيه النقد إليها بتكديس الأرباح وعدم مراعاة المجتمع الذي تعمل فيه. وقد بدأ المفهوم بالظهور عندما قامت بعض المنظمات بتحسين ظروف العمل الداخلية وتحسين حياة العاملين وزيادة أجورهم وتوفير الرعاية الطبية لعوائلهم وغيرها من الممارسات. لكن المفهوم اليوم أصبح واسعا جدًّا ويركز على جوانب تحسين نوعية الحياة بشكل شامل وتوفير الاستقرار الاجتماعي وزيادة التكافل والعناية بشرائح المجتمع كافة دون تمييز. وهنا لابد من الإشارة إلى وجود اتجاهين متعارضين بصدد الدعوة إلى تبني المسئولية الاجتماعية من قبل منظمات الأعمال. فالاتجاه الأول الذي يمثله المفكرون الكلاسيكيون بزعامة ملتون فريدمان Milton Friedman الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والذي يركز على أن الوظيفة الأساسية للأعمال هي جعل الأعمال مربحة وتعظيم الربح والعوائد وعدم الصرف على أي أنشطة اجتماعية لأنها تؤدي إلى هدر أرباح المساهمين Shareholders أو Stockholders (تمييزا لهم عن أصحاب المصالح Stakeholders).

المسئولية الاجتماعية Social Responsibility  مجموعة الواجبات أو التصرفات التي تقوم بها المنظمة من خلال قراراتها بزيادة رفاهية المجتمع والعناية بمصالحه إضافة لمصالحها الخاصة.

كذلك يرى أصحاب هذه الفكرة أن الصرف على الجوانب الاجتماعية يزيد من كلفة الإنتاج ويمكن أن يتسبب في ذوبان الهدف الرئيسي للأعمال وهو تحقيق الربح. فضلًا عن ذلك فإن المدراء ليس لديهم خبرة بإدارة البرامج الاجتماعية إضافة إلى منح الأعمال مزيدًا من القوة التأثيرية في المجتمع.
بالمقابل فإن وجهة النظر الأخرى أو الاتجاه الثاني يرى أن منظمات الأعمال يجب أن تتبنى دورًا اجتماعيًّا واسعا وأن تنفق بسخاء على الأنشطة الاجتماعية ورفاهية المجتمع. ولعل أبرز المدافعين عن وجهة النظر هذه العالم الاقتصادي الأمريكي باول سامويلسون Paul Samuelson الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد. وفي إطار هذا المنظور فإن منظمات الأعمال يجب أن تراعي بشكل واسع مصالح جميع الأطراف وأن لا ينحصر دورها على مراعاة تحقيق الأرباح والعوائد للمساهمين. إن منظمات الأعمال يجب أن تحل مشاكل تسببت فيها مثل التلوث واستنزاف الموارد وأن تتصرف كمواطن اعتباري صالح. إن القيام بالدور الاجتماعي يساعد على تحسين صورة الأعمال في المجتمع ويجنب الأعمال التدخل الحكومي.

* مجالات المسئولية الاجتماعية Areas of Social Responsibility
يمكن لمنظمة الأعمال أن تمارس دورًا اجتماعيًّا تجاه أصحاب المصالح أو البيئة الطبيعية ورفاهية المجتمع بشكل عام. ونجد بعض منظمات الأعمال حاضرة في هذه المجالات الثلاث بقوة في حين أن البعض الآخر قد يكون متواجدا في مجال واحد أو اثنين وبممارسات محدودة وبسيطة.
1- أصحاب المصالح Stakeholders
إن واحدًا من المجالات المهمة التي تمارس فيها منظمات الأعمال دورًا اجتماعيًّا هو محور أصحاب المصالح. ومعنى مصطلح أصحاب المصالح هو الأفراد أو المجموعات أو المنظمات التي تتأثر مباشرة بسلوكيات ووجود المنظمة ولهم حصة أو فائدة منها أو من أدائها. وإذا ما أردنا استعراض بعض أصحاب المصالح فيمكن الإشارة إلى:     أصحاب المصالح Stakeholders
هم المستفيدون أو المتأثرون مباشرة من سلوك المنظمة ولهم حصة أو فائدة في أدائها أو وجودها.

- العاملون Employees
- الزبائن Customers
- المجهزون Suppliers
- المالكون والمستثمرون وحملة الأسهم والدائنون
Owners, Stockholders, Investors and Creditors
- المنافسون Competitors
- الحكومة ودوائرها المختلفة Government and Agencies 
- جماعات الضغط Interest Groups 
 
2- البيئة الطبيعية Natural Environment 
منذ زمن ليس بالبعيد وتحديدًا عام 1970 عندما احتفل بيوم الأرض لأول مرة كان مدراء الشركات يرون أن الناشطين في هذا المجال والمحتفلين هم مجموعة من المتطرفين والمعارضين لحرية الاستثمار والعمل. أما اليوم فإن جماعات حماية البيئة من التلوث الذي يصيب الماء والهواء والتوبة هم قوة حقيقية ضاغطة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيا وثقافيا ولهم كلمتهم المسموعة وآراؤهم المحترمة التي يساندها ملايين الناس. لقد أصبحت البيئة محل اهتمام المدراء خصوصًا بعد صدور الحزمة الخاصة بالأمان البيئي المتمثلة بالآيزو ISO 14000.
هناك الكثير من الأعمال التي تتسبب بتلوث بيئي خطير مثل الشركات الصناعية الكيماوية والنفطية بشكل رئيس وكذلك المستشفيات بمخلفاتها الخطيرة بل إنه لا توجد منظمة أعمال اليوم إلا وينجم عن عملها مخلفات تضر البيئة وتؤدي إلى تأثيرات سلبية على الحياة النباتية أو الحيوانية. ويمكن لقيادات منظمات الأعمال أن تأخذ بنظر الاعتبار العناصر التالية المتعلقة بالبيئة.
* الأفراد العاملون في المنظمة: أن يكونوا واعين إلى أهمية العمل في بيئة صحية والموازنة بين حياتهم العائلية والعمل.
* المجتمعات المحلية: أن يسود الوعي بأن أداء المنظمات سيكون أفضل عندما تعمل في مجتمعات تقدر الصحة والنظافة.
* البيئة الطبيعية: كلما عاملت المنظمة البيئة الطبيعية باحترام وتنمية كلما كان ربحها وعوائدها أكثر.
* المدى البعيد: يجب أن يكون الاهتمام بالبيئة الطبيعية وحمايتها هدفا بعيد المدى ومستمرا.
* السمعة الحسنة: إن سمعة منظمة الأعمال الحسنة في مجال حماية البيئة وصيانتها له مردودات مستقبلية بل هو استثمار مستقبلي.


3- رفاهية المجتمع بشكل عام Society Welfare in General
يعتقد البعض أن منظمات الأعمال بالإضافة لاهتمامها بأصحاب المصالح والبيئة الطبيعية يجب أن تعمل على ترقية الرفاه الاجتماعي بشكل عام من خلال المساهمة في الأنشطة الخيرية Philanthropy وأعمال الإحسان Charity ودعم أنشطة ثقافية وفنية تساهم في رفع ذوق المجتمع وعدم خرق مبادئ وحقوق الإنسان وما يرتبط بها من أمور أخرى.

* استراتيجيات التعامل مع المسئولية الاجتماعية 
Social Responsibility Strategies

يمكن أن نجد الأداء الاجتماعي للمنظمة متمحورا في أربعة توجهات أو استراتيجيات أو مواقف تندرج في تبنيها لممارسات المسئولية الاجتماعية والإسهام في الإنفاق على الأنشطة الاجتماعية ابتداءً من استراتيجية الممانعة أو عدم تبني أي دور اجتماعي على الإطلاق وانتهاءً باستراتيجية المبادرة الطوعية الاجتماعية حيث هناك دورًا اجتماعيًّا رئيسيا لمنظمة الأعمال وكالآتي:
- استراتيجية الممانعة أو عدم التبني Obstructionist Strategy
وتعرض هذه الاستراتيجية اهتماما بالأولويات الاقتصادية لمنظمات الأعمال دون تبني أي دور اجتماعي لأنه يقع خارج نطاق مصالحها التي يجب أن تتركز على تعظيم الربح والعوائد الأخرى.    * استراتيجية الممانعة Obstructionist Strategy
تجنب الاتفاق على الأنشطة الاجتماعية والتركيز على الأولويات الاقتصادية.
- الاستراتيجية الدفاعية Defensive Strategy
القيام بدور اجتماعي محدود جدًّا وبما يتطابق مع المتطلبات القانونية المفروضة فقط وهو لحماية المنظمة من الانتقادات وبالحد الأدنى (Do The Minimum Legally Required ) ويقع هذا الدور ضمن المتطلبات الخاصة بالمنافسة وضغوط الناشطين في مجال البيئة.

الاستراتيجية الدفاعية Defensive Strategy القيام بالحد الأدنى القانوني المفروض من الدور الاجتماعي لحماية المنظمة.

- استراتيجية التكيف Accommodative Strategy,
هنا تخطو المنظمة خطوة متقدمة أخرى باتجاه المساهمة بالأنشطة الاجتماعية من خلال تبني الإنفاق في الجوانب المرتبطة بالمتطلبات الأخلاقية والقانونية إضافة إلى الاقتصادية. حيث يكون لها دور اجتماعي واضح من خلال التفاعل مع الأعراف والقيم وتوقعات المجتمع.

استراتيجية التكيف Accommodative Strategy قبول دور اجتماعي ومحاولة الوفاء بجوانب اقتصادية وقانونية وأخلاقية

- استراتيجية المبادرة التطوعية Proactive Strategy
تأخذ الإدارة هنا زمام المبادرة في الأنشطة الاجتماعية وذلك بالاستجابة للكثير من المتطلبات الاجتماعية وفقًا لتقديرات المدراء وتنسيباتهم وفق المواقف المختلفة. تتميز هذه الاستراتيجية بأن الأداء الشامل لمنظمة الأعمال يأخذ دائمًا في الاعتبار أن لا تكون القرارات المتخذة أو التصرفات ذات أثر معاكس لتطلعات المجتمع ومصلحته.

استراتيجية المبادرة التطوعية  Proactive Strategy تبني دور اجتماعي واسع جدًّا بحيث تؤخذ مصلحة المجتمع وتطلعاته في كل قرارات المنظمة.

* تقييم الأداء الاجتماعي 
Social Performance Evaluation

إن تقييم أداء منظمات الأعمال اليوم لا يقتصر على اعتماد المؤشرات بل أصبح أكثر شمولية باعتماده على معايير مالية وغير مالية ومن ضمن المعايير غير المالية تأتي المعايير الاجتماعية في المقدمة. ويعتمد تقييم الأداء الاجتماعي للمنظمة على معرفة أداء المنظمة ومساهماتها تجاه مختلف أصحاب المصالح من مالكين وعاملين ومنافسين ومجتمع محلي وبيئة طبيعية والأقليات وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها، وقد طورت هذه الفئات مؤشرات ترى ضرورة تبني المنظمة لها. ولابد من الإشارة إلى أن مصطلح التدقيق لجوانب المسئولية الاجتماعية  Social Responsibility Audit قد أصبح شائعا وبموجبه يتم فحص وتدقيق المساهمات الاجتماعية لمنظمات الأعمال في مختلف المجالات. كما ظهر حقل محاسبي جديد هو محاسبة المسئولية الاجتماعية Social Responsibility Accounting ويهتم بالقياس المحاسبي والمعالجات المحاسبية للإنفاق الاجتماعي الذي تقوم به منظمات الأعمال.    


* تدقيق المسئولية الاجتماعية 
Social Responsibility Audit

تقييم وفحص المساهمات الاجتماعية لمنظمات الأعمال في مختلف المجالات.
ونلخص في أدناه بعض فئات أصحاب المصالح والمؤشرات المعتمدة لقياس الأداء الاجتماعي:

فئة أصحاب المصالح  المؤشرات
* المالكون  * تحقيق أكبر الأرباح.
* تعظيم قيمة السهم.
* زيادة قيمة المنظمة.
* رسم صورة محترمة للمنظمة في المجتمع 
* سلامة الموقف القانوني والأخلاقي.
* العاملون * أجور ومرتبات مجزية.
* فرص ترقية متاحة وجيدة.
* تدريب وتطوير مستمر.
* ظروف عمل صحية مناسبة.
* عدالة وظيفية.
* مشاركة بالقرارات.
* خدمات وامتيازات أخرى.
* الزبائن * منتجات بأسعار مناسبة ونوعية جيدة.
* إعلان صادق وأمين.
* منتجات أمينة عند الاستعمال.
* متاحية وميسورية للحصول على المنتج أو الخدمة.
* التزام بمعالجة الأضرار إذا ما حدثت.
* إعادة تدوير بعض الأرباح لصالح فئات من الزبائن.
* التزام أخلاقي بعدم خرق قواعد العمل أو السوق.
* البيئة * ربط الأداء البيئي برسالة المنظمة.
* تقليل المخاطر البيئية.
* وجود مدونات أخلاقية خاصة بالبيئة.
* إشراك ممثلي البيئة في مجلس الإدارة.
* مكافآت وحوافز للعاملين المتميزين بالأنشطة البيئية.
* جهود تقليل استهلاك الطاقة وسياسات واضحة بشأن استخدام المواد.
* ترشيد استخدام المياه.
* معالجة المخلفات.
* حماية التنوع البيئي.
* المجتمع المحلي * دعم البنى التحتية.
* احترام العادات والتقاليد وعدم خرق القواعد العامة والسلوك.
* محاربة الفساد الإداري والرشوة.
* دعم مؤسسات المجتمع المدني.
* دعم الأنشطة الاجتماعية.
* دعم المراكز العلمية ومؤسسات التعليم.
* الحكومة  الالتزام بالتشريعات والقوانين الصادرة من الحكومة.
* تسديد الالتزامات الضريبية والرسوم بصدق.
* تعزيز سمعة الدولة والحكومة في التعامل الخارجي.
* تعزيز سمعة الدولة والحكومة في التعامل الخارجي.
* احترام مبدأ تكافؤ الفرص بالتوظيف.
* احترام الحقوق المدنية للجميع دون تمييز.
* تعزيز جهود الدولة الصحية وخصوصًا ما يتعلق بالأمراض المتوطنة.
* الموردون  * استمرار التعامل العادل.
* أسعار عادلة ومقبولة للمواد المجهزة.
* تطوير استخدام المواد المجهزة.
* تسديد الالتزامات والصدق بالتعامل.
* تدريب المجهزين على مختلف أساليب تطوير العمل.
* المنافسون  * منافسة عادلة ونزيهة وعدم الإضرار بمصالح الآخرين.
* عدم سحب العاملين من الآخرين بطرق غير نزيهة.
* الأقليات وذوي الاحتياجات الخاصة  * عدم التعصب ونشر روح التسامح نحو الأقليات.
* المساواة في التوظيف والعدالة في الوصول للمناصب العليا.
* تجهيزات للمعوقين.
* دعم الجمعيات التي تساعد المعوقين على الاندماج في المجتمع.
* احترام حقوق وخصوصية المرأة.
* فرص الترقية العادلة.
* تشجيع التفكير العلمي عند الشباب ونشر ثقافة التسامح.
* الاهتمام بكبار السن والمتقاعدين.
* الحفاظ على الطفولة واحترام حقوق الأطفال.
* جماعة الضغط الأخرى * التعامل الجيد مع جمعيات حماية المستهلك والنقابات.
* التعامل الصادق مع الصحافة ووسائل الإعلام.
* الصدق والشفافية بنشر المعلومات المتعلقة بالمنظمة.

    
* الحكومة ومنظمات الأعمال
Government and Society

لا يتوقع من إدارات منظمات الأعمال أن تقوم بالدور الاجتماعي المطلوب في أغلب الأحيان لذا تتدخل الحكومات باعتبارها الممثل الشرعي للشعب بجميع فئاته لتؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على منظمات الأعمال التي لا تلتزم دورًا اجتماعيًّا واضحًا أو على الأقل بحدوده الدنيا. فالتشريعات المباشرة Direct Regulation هي أدوات الحكومة القانونية والإجرائية المتمثلة بسن القوانين ووضع الضوابط التي تملي على المنظمة ما يجب أن تعمله أو ما يجب أن تتجنبه. أما التشريعات غير المباشرة Indirect Regulations فهي أدوات تشجيع أو حث على القيام بأعمال معينة أو الامتناع عنها ولكن ليست بصورة قوانين وإلزام مباشر عن طريق فرض ضرائب أو تقديم محفزات وإعفاءات. ويمكن للمنظمات أيضًا أن تؤثر بأساليب وطرق مختلفة على الحكومة لغرض تقليل ضغطها عليها لتبني المزيد والمزيد من المسئولية الاجتماعية ومن هذه الطرق:

التشريعات المباشرة Direct Regulation القوانين والضوابط التي تملي على المنظمة ما يجب وما لا يجب القيام به.
التشريعات غير المباشرة  Indirect Regulation تشجيع غير مباشر على القيام أو الامتناع عن أعمال معينة أو تصرفات من خلال فرض ضرائب من خلال فرض ضرائب أو تقديم إعفاءات أو حوافز.

- الاتصالات المباشرة الشخصية Personal Contact
ومن خلالها يتم الاتصال من قبل المدراء بالقادة السياسيين والمسئولين الكبار في الدولة فغرض إقناعهم بوجهة نظر المنظمات بشأن المسائل المطروحة والمتعلقة بالجوانب الاجتماعية.
- اللوبي Lobbying
يقصد باللوبي استخدام أشخاص أو مجموعات ممثلة للمنظمة أو لمجموعة منظمات بشكل رسمي للتفاوض والضغط على الحكومة وممثليها.
وهذه طريقة تستخدم لموازنة أو معادلة الضغط الحكومي وبيان قوة المنظمة أو المنظمات مقابل الأحداث السياسية التي ترى فيها الحكومة وجهة نظر مغايرة أو متناقضة مع رؤية منظمات الأعمال.

اللوبي Lobbying أفراد أو مجاميع تمثل منظمات الأعمال بشكل رسمي للتفاوض والتأثير على الحكومة وتشريعاتها.

- لجان الدعم السياسي Political Action Committees (PAC)
وهي لجان تشكل في الدول الديمقراطية وتساهم منظمات الأعمال في دعمها ماليا لغرض دعم مرشحين سياسيين من مختلف الأحزاب تتطابق وجهات نظرهم مع وجهات نظر مدراء هذه المنظمات وذلك من خلال التبرعات المالية والمشاركة في مساندة الحملات الانتخابية لهؤلاء المرشحين ولكن عن طريق اللجان هذه وليس بالتبرع المباشر للمرشحين من قبل منظمات الأعمال.

لجان الدعم السياسية (PAC) عبارة عن تنظيمات تقوم بجمع الأموال لدعم الحملات الانتخابية للمرشحين السياسيين وتدعمها منظمات الأعمال.

- الأفضال Favors
تلجأ أحيانًا منظمات الأعمال إلى أسلوب الأفضال، لإحداث التأثير المناسب بالمنظمات الحكومية واكتساب الدعم منها ورغم أنه أمر قانوني إلا أنه موضع نقد وإجماع على عدم قبوله في المجتمع.
وأخيرًا فإن الشكل التالي يلخص التأثير المتبادل بين منظمات الأعمال والحكومة.


* الحاكمية المؤسساتية والمواطنة الصالحة
Corporate Governance and Corporate Citizenship

لقد شاع في الآونة الأخيرة تداول مفاهيم مثل الحاكمية الشاملة أو الحاكمية الصالحة أو الحكمانية للدلالة على نظام الفحص والرقابة الشامل الذي يوضع من قبل مجلس الإدارة لمراقبة أداء الإدارة العليا لمنظمات الأعمال. وفي إطار هذا النظام تحاول المنظمات إيجاد علاقات متوازنة لمصالح كافة الأطراف وخاصة المستثمرين والإدارة والعاملين. إن شيوع هذا المفهوم وتطوره وكثرة البحث والدراسات فيه جاء بعد سلسلة فضائح وفساد عانت منها الشركات الكبيرة حيث أقدمت إدارات هذه الشركات وبمساعدة مكاتب الاستشارات والتدقيق المحاسبي بإخفاء وتحريف معلومات مهمة تتعلق بالجوانب المالية للشركات تسبب في انهيار هذه الشركات ومن ثم تسريح أعداد كبيرة من العاملين وضياع أموال صغار المستثمرين مما أدى إلى درة فعل قوية ومطالبة بأن تكون حاكمية هذه الشركات وقيادتها أكثر صلاحية وسلوكًا أخلاقيا والتزاما بالمسئولية الاجتماعية واعتماد معايير أخلاقية صارمة للقرارات المتخذة.
إن هذا الأمر لم يقتصر فقط على منظمات الأعمال بل انسحب على المنظمات غير الهادفة للربح وكذلك المنظمات الحكومية وأصبح ينظر إليه في إطار مسئولية شاملة لمنظمات الحكومة تجاه المواطنين والأطراف الأخرى. إن المفهوم توسع ليشمل المطالبة بوجود حكومات وقيادات سياسية صالحة ونزيهة تعمل بشفافية ووضوح وتراقب من قبل الجميع بآليات محددة وواضحة وتعرض قراراتها المهمة على عموم الجمهور لإبداء الرأي فيها. وإجمالا يمكن التعبير عن مؤشرات الحكم السياسي الصالح وحاكمية منظمات الأعمال الصالحة بالآتي:

الحاكمية المؤسساتية  Corporate Governance نظام للرقابة والفحص يحكم عمل المنظمات الأعمال على أعلى المستويات.

- التزام بالمبادئ الأخلاقية في جميع التصرفات.
- عدم الإضرار بمصالح الجهات الأخرى.
- الشفافية والإفصاح والصدق في تقديم المعلومات.
- عدالة ونزاهة بالتعامل مع كافة الأطراف.
- الالتزام بتجنب الفساد ومكافحته بكافة أشكاله.
- مراعاة المسئولية الاجتماعية والأخلاقيات في جميع القرارات.
وأخيرًا تجدر الإشارة إلى أن مصطلحًا آخر قد شاع استخدامه بشكل متلازم مع الحاكمية المؤسساتية ألا وهو المواطنة الصالحة Corporate Citizenship وبموجبه يفترض أن تعبر الشركات عن التزام عالي تجاه المجتمع والدولة وكأنها مواطن اعتيادي صالح ملتزم بما تمليه قواعد المواطنة الحقة. وبهذا فإن منظمات الأعمال عليها واجبات كما أنها تتمتع بحقوق كبيرة كفلها القانون. إن حماية البيئة واجب أساسي لمنظمات الأعمال حتى لو لم تكن هناك جهات ضاغطة أو جمعيات لحماية البيئة في بلد ما، حيث يراد هنا تطوير جانب الرقابة الذاتية والضمير الصالح بحيث تصبح منظمة الأعمال مواطنا واعيا قائمًا بواجباته برقابة ذاتية حتى لو استطاع التلمص منها أو إلقاء التبعات على غيره في الإطار العرفي أو القانوني.

المواطنة الصالحة  Corporate Citizenship تصرفات مسئولة من قبل منظمات الأعمال تجاه مختلف الأطراف وبما يراعي الواجبات بصورة شمولية وكأنها مواطن اعتيادي صالح.
 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

المرجع: العامري، صالح مهدي محسن، وطاهر محسن منصور الغالبي، (2011م)، (كتاب : الإدارة والأعمال)، الصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، الطبعة الثالثة، ص 28

تحميل محتوى الصفحة رجوع