أهمية الإبداع في القيادة The importance of creativity in leadership
يأخذ موضوع الإبداع في عصرنا الحالي أهمية خاصة فقد عقدت عشرات المؤتمرات والفت مئات البحوث والدراسات لتشرح وتقترح طرقا مهمة للإبداع وتنميته إذ أن عالمنا المعاصر وكما قدم العالم الكبير (بيتر دراكر) إلى طلبته في إحدى محاضراته يقول بأن هناك وظيفتين للمنظمات هما التسويق والإبداع إذ أننا في أدارة التسويق نقوم بالإبداع ضمن استراتيجيات التسويق المناسبة للزبائن. أن الإبداع والابتكار يأتي من طريقة المنظمة في تنفيذ الأفكار وتحويل المفاهيم الخلافة لموظفيها أو العاملين فيها إلى حقائق بالتسيب في التغيير أو بالاستفادة من التغيير، وأن الابتكار المنتظم الذي يستفيد من التغيير هو الأعظم فعالية (Jim Heskelt, 2008: 24).
يمكن التعرف على الإبداع لغويا وكالأتي: (Creative مبدع، قادر على الإبداع. Innovation ابتداع، ابتكار، تجديد فكرة أو طريقة أو إدارة جديدة) (بعلبكي، 2006: 229)
يمكن تعريف الإبداع (على أنه المواهب والقدرات إلى صنع شيء جديد فهم مدفوعون بالرغبة إلى توسيع أعمالهم والاشتراك في مشاريع ومغامرات جديدة) (عبودي، 2006: 26)
ونحاول هنا مناقشة طبيعة الإبداع والابتكار والتعرف على اختيارات الاستعداد وكيفية تنمية القدرات الإبداعية الفردية والتطوير التنظيمي وطرق ومراحل التطوير التنظيمي على وفق الآتي:
أ- طبيعة الابتكار: وهي كالآتي: (زايد، 2006: 5)
1- الابتكار الخاص بالمنتج Product: وينتج عن تفاعل الأشياء مع الأشياء للحصول على منتجات جديدة أو تحسين في الآلة أو في السلعة أو في البرنامج.
2- الابتكار الخاص بالعملية Process : وهو تفاعل الأفراد مع الأشياء ويوضح الكيفية التي يتم فيها إنتاج المنتج أو تطويره.
3- الابتكار الخاص بالإجراءات Procedures : وهو علاقة الأفراد فيما بينهم لتنفيذ العمليات وإنتاج المنتجات.
ب- اختيارات الاستعداد The Aptitude Tests
لقد انبرى البروفسور جليفورد وزملاؤه في جماعة جنوب كاليفورنيا في التصدي لهذا الموضوع ووضعوا سلسلة مع الاختبارات المعروفة باختبارات الاستعداد The Aptitude Tests حيث وضعوا الافتراضات الثمانية الآتية: التي تتعلق بالقدرات الإبداعية والتي تعتبر أساسا لاختبارات الاستعداد
(Ricky W, 2002: 488)(Martha Iagace, 2007: 3)
1- توجد فروق فردية للإحساس بالمشكلة Problems Sensitivity to بمعنى أن شخصاً ما يلمح مشكلة في وضع ما في حين أن شخصاً آخر لا يرى مثل هذه المشكلة. أن المبدع يمتلك حساسية مفرطة تجاه المشاكل فهو أقدر من غيره على رؤيتها والتعرف على أسبابها ويعرف بعمق لماذا يفكر في قضية دون أخرى ويدرك الأهداف التي دفعته للتفكير ويؤمن بها.
2- هنالك فروق بين الأفراد في عامل الطلاقة في الأفكار Ideation Fluency أي أنتاج أفكار عديدة في وحدة زمنية إذا تساوى الاعتبارات والظروف الأخرى فالمبدع تكون نسبة توليد الأفكار لديه عالية كما وأن الطلاقة الترابطية Association fluency المتعلقة بإكمال العلاقات وإعطاء التماثل أو التناقض (Antithesis & Analogy) تكون هي الأخرى واضحة.
3- الأفكار الجديدة Noval Iders إن درجة التحديد والإضافة التي يكون قادراً عليها الفرد مهمة بالنسبة للإبداع ويمكن اختيار هذه القدرة بمقدار تكرار ما هو غير شائع ولكنه مقبول.
4- المرونة Flexibility أو القدرة على التغيير في ذات الفرد فالشخص الذي يتمتع بمرونة التفكير (عدم الجمود أمام المشاكل) يكون أكثر قدرة على الإبداع.
5- القدرة التركيبية Synthesizing والتحليلية Analyzing تعني مقدرة الفرد على تحليل البناءات الرمزية وتركيب بناءات جديدة أي أن الشخص المبدع أقدر على تحليل وتركيب الأفكار ثم تنظيمها في أنماط أوسع وأشمل.
6- وجود عامل القدرة في أعادة التنظيم أو أعادة التعريف للمجموعات المنظمة فالاختراعات في معظمها أعادة تشكيل أو تحويل بشيء موجود إلى وظيفة أو استعمال جديد.
7- وجود قدرات ذات علاقة بدرجة التعقيد Complexity وتعني كمية الأفكار المترابطة التي يستطيع الإنسان أن يستوعبها أو يديرها في نفس الوقت فالمبدع يتمتع بقدرات أعلى في هذا المجال.
8- الواقعية والقبول Objectivity and acceptability يحتاج العمل الإبداعي إلى الواقعية والقبول حتى يتم تقويمه.
ت- تنمية القدرات الإبداعية الفردية
تتلخص إستراتيجية تنمية المهارات الإبداعية بإتباع المنهج العلمي في تشخيص معوقات الإبداع ومحاولة أزالتها إذ هناك عدة مهارات يرى المتخصصون أنها أساسية في هذا المجال وهي تطوير مهارة التحليل حيث يتم تطوير هذه المهارة بتطوير مختلف الأبعاد اللازمة لمعالجة أي موضوع. (أرمسترونغ، 2001: 120)
ث- التطوير التنظيمي
ترتبط عملية التطوير التنظيمي بالأساليب الخاصة بتحسين العملية التنظيمية، حيث ترتكز عملية التطوير على أهمية تطبيق مبادئ العلاقات الإنسانية في العمل، وعلى أهمية مساعدة الفرد على تنمية وتحسين مكانته داخل وخارج المنظمة. ويحاول خبراء التطوير التنظيمي الترويج للأفكار التي تفترض أن تجمع الأفراد داخل المنظمة القادرين على تحمل المسؤولية، وأنه في ظل الظروف المناسبة فإن الأفراد يمكنهم أن يقدموا للمنظمة إضافات كبيرة. ويمكن تعريف التطوير التنظيمي بأنه (( مجموعة من الأساليب التي تهدف إلى تغيير المنظمة إلى الأفضل عن طريق عمل سلسلة من التدخلات المخططة في العمليات أو في العلاقات أو كليهما )) (جمال الدين، 2006: 362). وتأتي أهمية التطوير التنظيمي من التحديات العديدة والمتنوعة التي تواجه المنظمات الحديثة، ويمكن تلخيص هذه التحديات في أربع مجموعات هي: التطوير التكنولوجي والانفجار المعرفي وتقادم السلع والتغيرات الاجتماعية. وفيما يتعلق بالتطوير التكنولوجي فإن معدله في هذا العصر يفوق بكثير كل معدلات التطوير التي حدثت في الأوقات السابقة، ويصف أحد الكتاب هذه الحالة بقوله (( أن التطور التكنولوجي في هذا العصر تجعل الفرد يشعر بالغربة وعدم الأمان )). ويصفها آخر بقوله (( أنك مضطر لأن تجرى بأقصى سرعة حتى تستطيع البقاء في مكانك )).
(Charles, 2001: 20)
ج- طرق ومراحل التطوير التنظيمي
قبل إلقاء الضوء على أهم طرائق التطوير التنظيمي التي يمكن استخدمها في تطوير منظمات الأعمال، فإنه تجدر الإشارة إلى أنه أياً كانت الطريقة المستخدمة في التطوير التنظيمي، فإن عملية التطوير تمر بثلاثة مراحل هي: مرحلة الاستعداد: حيث يتم إحاطة الأفراد -ذوي العلاقة بعملية التطوير- بسلبيات الوضع الحالي، وبالحاجة إلى تغيير، وبعد اقتناع الأفراد بالحاجة إلى التغيير يتم وضعهم في حالة استعداد وتأهب للقيام بعملية التغيير. ومرحلة الانتقال: حيث الانتقال من سلبيات الوضع الحالي إلى وضع المستهدف من خلال تنفيذ برنامج عمل أعد لهذا الغرض. ومرحلة الاستقرار: بعد تعديل بعض الجوانب في برنامج العمل- اعتماداً على المشاهدات التي تجمعت أثناء التنفيذ- نصل إلى مرحلة الاستقرار. (Ricky W, 2002: 488)
أما طرائق التطوير التنظيمي فهي: تدريب الحساسية وطريقة مستشار العمليات وطريقة التغذية المرتدة بنتائج البحث وطريقة الإدارة بالأهداف. وطريقة شبكة الأنماط. وطريقة بناء الفريق. إن كل طريقة من هذا الطرق بدأت بشكل معين، ثم تطورت عن طريق البحث فأصبح للطريقة الواحدة أشكال عدة، وأصبح كل شكل يلاءم ظرفاً أو ظروفاً معينة وكما مبين في الآتي:
1- تدريب الحساسية: وتهدف هذه الطريقة إلى تنمية بعض الجوانب في شخصية الفرد حتى يصبح أكثر تأثيراً داخل الجماعة. في الصيغة الأولى لنموذج تدريب الحساسية نجد المدرب -ولمدة ساعتين من بدء الفترة التدريبية- لا يتدخل ولا يزود الأفراد بأي معلومات. في هذه الفترة يحاول المتدربون اكتشاف ما الذي يجري حولهم، وما هو المقصود بالتحديد من هذا الموقف. بعد ذلك يتدخل المدرب ويعرف الجماعة بنفسه، ويبدى شعوره تجاه الجماعة ثم يطلب من المتدربين إبداء رأيهم في أحد الأعضاء. (Jim Heskelt, 2008: 26)
2- طريقة مستشار العمليات: أن الغرض الذي بنيت عليه هذه الطريقة، هو أن الاستشاريين بما لديهم من خبرة يمكن أن يساعدوا على تشخيص وحل بعض المشكلات الرئيسة التي تواجه المنظمات الحديثة والمتعلقة ببعض تصرفات العاملين التي تحدث في أثناء التدفق الطبيعي للعمل وأثناء الاجتماعات. والمواجهات التي تحدث بين الأفراد. فالمؤتمر Conference هو أسلوب يهدف إلى تحديد المشكلة ومحاولة إيجاد حلول ملائمة لها وعمل توصيات بشأن تطبيقها ومتابعتها. أما الندوة Semminer فهي مجموعة صغيرة من الأفراد المختصين ذوي الخبرة والمقدرة اجتمعوا لدراسة موضوع من الموضوعات المعينة الذي ليس له حل مقرر أو إجابة معروفة قبل المناقشة وذلك أمام مجموعة من المستمعين. (عبودي، 2006: 280)
3- طريقة التغذية المرتدة بنتائج البحث: وكما يشير عنوان هذه الطريقة، فإنه يتم عمل مسح ميداني للوحدة الخاضعة للتحليل (جماعة عمل أو قسم، أو المنظمة ككل) باستخدام بعض قوائم الاستقصاء وبعد تجميع البيانات يتم ردها إلى الوحدة الخاضعة للتحليل، فيقوم أعضاء هذه الوحدة بناء على هذه المعلومات المرتدة -بتشخيص المشكلات التي تواجههم ووضع الخطط اللازمة للقضاء على هذه المشكلات. يشير Bowers أنه باستخدام إجراءات هذه الطريقة في 23 منظمة، فإن طريقة التغذية المرتدة بنتائج البحث قد حققت مستويات مرتفعة من النجاح في تحسين المناخ التنظيمي لهذه المنظمات (Charles, 2001: 22)
4- طريقة الإدارة بالأهداف: لقد اكتسبت الإدارة بالأهداف قبولاً واسعا في منظمات الأعمال والمنظمات غير الهادفة للربح، كمنهج للإدارة إلا أنه في الآونة الأخيرة تم تضمين برنامج الإدارة بالأهداف إلى برنامج التطوير التنظيمي. ومن العناصر الرئيسية لبرنامج الإدارة بالأهداف: افتقار الإدارة بالأهداف إلى إطار موحد الذي يمكن تطبيقه في كل المنظمات ومع ذلك فهناك عناصر رئيسة يمكن ملاحظتها في أي برنامج للإدارة بالأهداف في شكل خطوات متتابعة هي: (سهيلة، 2004: 108) (عبد الوهاب، 2000: 267) (Martha, 2007: 6)
(أولاً) تحديد أهداف المنظمة: وهذه مهمة الإدارة العليا بالمنظمة، وغالباً ما ترتبط أهداف المنظمة بعلاقة المنظمة بالبيئة، وتأخذ هذه الأهداف صفة العمومية وتتعلق بالقضايا ذات التأثير البالغ على نتائج أعمال المنظمة (حجم الإنتاج أو جودة المنتج).
(ثانيًا) تحديد أهداف الوحدات: يقوم رؤساء الوحدات بوضع الأهداف الخاصة بوحداتهم، وتستمر العملية إلى أسفل حتى تصل إلى المستوى الإداري الأدنى، ويجب أن يراعى عند تصميم الأهداف في المستويات الإدارية التالية أن يؤدي تحقيق هذه الأهداف إلى تحقيق الأهداف العامة للمنظمة، والتي تم تحديدها بواسطة الإدارة العليا.
(ثالثًا) مقترحات المرؤوسين: في هذه المرحلة يعرض المرؤوسون بكل وحدة للكيفية التي سيشاركون بها في تحقيق أهداف وحداتهم.
(رابعًا) التفاوض أو الاتفاق: يعقد الرؤساء والمرؤوسون اجتماعا عاماً لمناقشة الأهداف التي وضعت في المستويات المختلفة، وعمل التعديلات اللازمة حتى يصل الجميع إلى اتفاق تام حول هذه الأهداف.
(خامسًا) مراجعة الأداء: يتم مراجعة نتائج كل وحدة (على أساس ربع سنوي أو نصف سنوي) في ضوء الأهداف المحددة للوحدة، وتحديد معوقات التنفيذ وأجراء التعديلات اللازمة في برنامج العمل لتجنب هذه المعوقات في المستقبل ويوضح الشكل (2- 5) النظام الإبداعي في المنظمات:
الشكل النظام الإبداعي في المنظمات
المصدر: الصرف، رعد حسن، كيف تخلق بيئة ابتكاريه في المنظمات، ج2 (دمشق، سلسلة الرضا للمعلومات: 2001): 54.
هناك نوعان من الإبداع هما إبداع فني ويشمل الإبداع الإداري تغييرات في الهيكل التنظيمي وتصميم الوظائف وعمليات المنظمة وسياسات واستراتيجيات جديدة ونظم رقابة جديدة. أما الإبداع الفني فيمكن أن يشمل تطوير منتجات أو خدمات جديدة وتغييرات في التقنيات التي تستخدمها المنظمة.
يختلف الأفراد المبدعون عن الأفراد العاديين الذين لا يحبون التغيير، فمدير الإبداع فدر مبدع، وهو شخص يحب المغامرة والمخاطرة، ويسعى دوما للتفكير بطرائق جديدة للعمل. أن أهم الخصائص والصفات التي يتميز بها مدراء الإبداع (المبدعون) (Innovative Managers Characteristics) هي: التميز بالرؤية الإبداعية في تصور البدائل المتعددة، والقدرة على طرح الأسئلة الصحيحة والاستمرار بعملية التحليل بلا كلل أو ملل. والثقة العالية بالنفس وبالآخرين وعدم الاستسلام بسهولة إذ يعد الفشل أحد حقائق الحياة. التعامل بإيجابية وفعالية مع التغيير. الرغبة والقدرة على التكيف والتجريب والتجديد. الجرأة في طرح الأفكار والمقترحات حتى التي تأتي من المراجع العليا. أي أنه ليس فرداً مقلدا لا يفكر أو يهتم بما يمكن أن يحدث. الاستقلالية الفردية فلا تفرض عليه سلطة الآخرين. ولا يفرض سلطته على الآخرين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العمري، قاسم شاهين بسيم، أطروحة دكتورة بعنوان: أنماط القيادة الإدارية وـاثيرها في نجاح المنظمات الحكومية، دراسة تحليلية لآراء عينة من المدراء والعاملين في محافظة ذي قار، أطروحة دكتوراه تقدم بها الباحث إلى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد جامعة سانت كليمنتس وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في الإدارة العامة، كلية الإدارة والاقتصاد ، جامعة البصرة ، العراق، 1430هـ - 2009م.