د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

نظريات القيادة الإدارية Administrative leadership theories

نتعرف في هذا الممقال على نظريات القيادة حيث نتاول أولاً: النظريات التقليدية. ثانيًا: النظريات السلوكية. ثالثًا: النظريات الموقفية. رابعًا: الاتجاهات الحديثة في النظريات القيادية وتطبيقاتها المتعددة

January 18, 2025 عدد المشاهدات : 894

نظريات القيادة الإدارية Administrative leadership theories

نتاول في هذا المقال نظريات القيادة الإدارية حيث أن الملاحظ في بعض الكتابات إن هناك خلطا بين أنماط ونظريات القيادة إذ نجد في هذا المبحث إنهما يلتقيان في جانب ويفترقان من جانب آخر فعلى سبيل المثال إن نمط القيادة التحويلية هو نظرية القيادة التحويلية نفسها ولكن في نظرية الشبكة الإدارية لا يمكن القول إن نمط القيادة الشبكة الإدارية فمنها تظهر قيادية متنوعة وهكذا بقية الأنماط والنظريات. وسوف يتم تناول النظريات حسب التسلسل الزمني بهذه النظريات وهي:

  • أولاً: النظريات التقليدية.
  • ثانيًا: النظريات السلوكية.
  • ثالثًا: النظريات الموقفية.
  • رابعًا: الاتجاهات الحديثة في النظريات القيادية.


إن المدير الجيد يفترض أن يكون قائدا فعالا لكي يستطيع أن يمارس العمل الإداري بشكل صائب لتحقيق التفوق لمنظمته قياساً بالمنافسين، لذلك طرحت مجموعة كبيرة من النظريات لتفسير الجوانب السلوكية والقيادية المطلوبة لدى المدير. (المشهداني، 2005، 2) بل ومعرفة كيفية أن يكون القائد قائدا جيداً وكيف يستطيع إحداث التأثير الإيجابي في الآخرين العاملين معه. (Sean, 2007: 378). فالنظرية لغة هي (قضية تثبت ببرهان، وعند الفلاسفة: فهي طائفة من الآراء التي تكمن بها بعض الوقائع العلمية أو الفنية. ونظرية المعرفة هي البحث في المشكلات القائمة على العلاقة بين الشخص والموضوع أو بين العارف والمعروف أكانت وسائل المعرفة فطرية أو مكتسبة) (مصطفى، 2007: 932). وجاء في قاموس المورد (Theorem النظرية و Theoretical نظري و Theoretician الباحث الضليع في الجانب النظري من موضوع ما. و Theorist واضع النظرية أو الباحث في الجانب النظري من موضوع. و Theory فهو الجانب النظري من علم أو فن وتعني أيضًا فكرة أو رأي. أما Theorize فيقصد به وضع نظرية أو نظريات. (البعلبكي، 2006: 963).
وسيتم في هذا المبحث تناول نظريات القيادة وفق أربعة تقسيمات رئيسية هي (النظريات التقليدية، النظريات السلوكية، نظريات الموقف، الاتجاهات الحديثة في نظريات القيادية) وهي: (Daft, 2001: 389)


أولاً: النظريات التقليدية في القيادة (Classical Theories in Leadership)
شكل موضوع القيادة والقائد وكيفية ظهوره والسمات التي يتمتع بها نقطة محورية للبحث والاستقصاء في العلم الإدارية وإدارة الأعمال، باعتبار أن المدير القائد الذي يمتلك مؤهلات وصفات وخصائص معينة يستطيع استخدامها في التأثير الإيجابي على سلوك العاملين وبالتالي يتحقق نجاح المنظمة (الجميلي، 2004: 60). إن أول هذه النظريات مثلت مدخلاً تقليديا لدراسة ظاهرة القيادة بوصفها ظاهرة اجتماعية إنسانية تجد لها تفسيراً بدراسة سيرة القادة العظام وخصائصهم الشخصية (Gibson, 2003: 298)


أ- نظرية الرجل العظيم (The Great Man Theory)
(الرجل العظيم Great Man هو ذلك الإنسان الذي تأتي عظمته من خلال موهبة وقدرات فردية وراثية. ويتمتع بشخصية كاريزمية) (Bolden, 2004: 7) تمثل هذه النظرية حجر الزاوية في الفكر الإداري المتعلق بدراسة موضوع القيادة. لقد حاولت هذه النظرية دراسة موضوع القيادة من خلال التركيز على تحليل شخصيات قادة عسكريين وسياسيين متميزين لذلك اعتبروا إن القائد هو إنسان عظيم. (العامري، 2007: 432) مفترضين إن هذه العظمة هي نتيجة موهبة وقدرات خارقة أعطاها الله سبحانه وتعالى بالفطرة والوراثة لمثل هؤلاء الأشخاص. فالقائد في إطار هذه النظرية هو شخص عظيم يتمتع بشخصية كاريزمية ساحرة يحظى بولاء أعداد كبيرة من الناس ينقادون طوعا له ويقدمون التضحيات راغبين غير مكرهين لتحقيق إنجازات عظيمة. (Daft, 2001: 383) وفي الإطار السياسي أو العسكري يمكن أن نتذكر شخصيات فذة من التاريخ القديم والحديث. وفي إطار الأعمال يمكن أن نجد شخصيات فذة ساهمت في نجاحات هائلة. (عبد الوهاب، 2000: 140) ولتقييم هذه النظرية يمكن القول إنها تفسر جانبا من ظاهرة إنسانية معقدة ومهمة جداً في إطار تركيزها على أمثلة بارزة وواضحة لقادة عظام وكبار سياسيين وعسكريين ورجال أعمال لكنها لا تساعد على تفسير ظاهرة القيادة بشمولية من خلال وجود قادة صغار ناجحون ولكنهم غير معروفين. (Daft, 2001: 389) من جهة أخرى لا يمكن القول أن القيادة هي خصائص وراثية محضة توهب للبعض وتحجب عن الآخرين إلا إذا تحدثنا عن الأنبياء لكن عامة الناس قد يطوروا مهاراتهم القيادية من خلال التجارب والدراسة والاطلاع. (العلاق، 1999: 281)، (برنوطي، 2003: 365).


ب- نظرية السمات (Traits Theory)
(السمات Traits هي خصائص أفراد متميزين يتمتعون بالذكاء والحماس والثقة والحزم وغيرها) (Hellriegel, 2001: 329) جاءت نظرية السمات لتكمل النظرية السابقة في إطار المدخل التقليدي للقيادة والسمات وهي مجموعة الخصائص والصفات التي يمتلكها القائد ويتفرد بها بحيث تجعل منه قائدا فذا لجميع الظروف والأحوال، والقائد هو الشخص الذي يمتلك هذه السمات أو الخصائص. في إطار هذه النظرية تم دراسة خصائص مجموعة كبيرة من المدراء والقادة الناجحين لمعرفة الصفات والخصائص التي يمكن اعتبارها ضرورية ومحددة لنجاح القائد. (القريوتي، 1993: 139). (العلاق، 1999: 281) وبالرغم من أنه النظرية والباحثين في إطارها أشاروا إلى مجموعة كبيرة من الصفات والخصائص إلا إنها لم تؤشر بدقة خصائص معينة ترتبط دائماً بتحقيق النجاح. (سهيلة، 2004: 15) فالفرد الذي لديه شعور عال بالمسؤولية ودرجة الذكاء عالية وتصرف حاسم في المواقف الحرجة والاندفاع العالي والثقة بالنفس والقدرة على فهم المعلومات والتفكير الإبداعي والأصالة والاستقامة والأمانة والإلمام بالمعرفة الجيدة بالعمل وغيرها يمكن اعتبارها صفات ضرورية للنجاح لكنها غير كافية لتفسير ظاهرة القيادة. (Robbins, 2001: 314) وفي مراحل متأخرة حدد بعض الباحثين سمات ضرورة للقيادة إذ ترتبط بجوانب السلوك والقدرة على العمل مع الآخرين وامتلاك مهارات الاتصال والتواصل، بحيث يستطيع إثارة حماس الآخرين ويعطي القدوة الحسنة للآخرين باعتباره مرجعا للسلوك الملتزم والأخلاقي القويم، وتأتي هذه في إطار كون القائد ذا بصيرة ورؤية وأصالة واستقلالية في التفكير. إن جميع هذه الجوانب تعتبر سماتا تساعد على النجاح وتساهم في زيادة تأثير القائد. (Daft, 2001: 321) ولتقييم هذه النظرية فإنه يمكن القول إنها كانت مدخلاً لدراسة شخصية القائد وسماتها ومكنت أيضًا من إيجاد وسيلة لقياس مدى تمتع المدراء والقادة بهذه السمات أو الخصائص واستعدادهم لاستخدامها في العمل. (George, 1996: 368) وبالمقابل فإن أهم ما يؤخذ عليه هو توسع قائمة السمات وازدياد الخصائص التي يفترض أن يتمتع بها القائد وصعوبة وضع هذه السمات في إطار أولويات حسب أهميتها وهكذا تبرز دائماً سمات جديدة حسب الزمان والمكان والموقف (Gibson, 2003: 302) وبالتالي فإنها تفسر جانبا من القيادة لا يمكن اعتباره قطعيا. أما المأخذ الآخر عليها فإنها لم تقدم تفسيراً مقبولاً لعدم استطاعة من يمتلكون هذه الصفات أن يصبحوا قادة معروفين وناجحين في حين برز آخرون يتمتعون بخصائص أو سمات أقل. وبشكل عام فإن هذه النظرية تعطي توجها يساعد مراكز البحوث والجهات المعنية بأمر القيادة بتأهيل مناسب للأفراد وتعزيز هذه السمات الإيجابية لديهم من خلال الدراسة والبحث والاستقصاء. (Alkhafaji, 2001: 48)


ثانيًا: النظريات السلوكية (Behavioral Theories)
النظريات السلوكية في القيادة تعتبر ظاهرة ترتبط بالدور الذي يلعبه القائد في المجموعة فبدلا من التركيز على الخصائص والسمات انتقلت الدراسات إلى بحث السلوك والأفعال للقادة، ويعبر عن ذلك بأسلوب القيادة Leadership Style وهي نماذج وسلوكيات تعتمد من قبل القائد. وإذا كان أحد الأساليب هو الأفضل فإن نتائج تطبيقه ستكون هي الأحسن. (سهيلة، 2004: 16) وهكذا يتدرب القادة على مهارات استخدام هذا الأسلوب في المنظمات الإدارية. وسيتم تناول ثلاثة نظريات سلوكية هي: دراسات ميشيغان (Michigan Study)، دراسات أوهايو (Ohio Studies) ونظرية الشبكة الإدارية (Managerial Grid Theory) (Hellriegel, 2001: 330) (عبد الوهاب، 2000: 141).


أ- دراسات ميشيغان (Michigan Study)
(السلوك الذي يركز على العمل job- centered Behavior هو السلوك القيادي الذي يعطي اهتمامًا كبيراً للعمل وإجراءاته وطرق انجازه). (Robbins, 2003: 317) تبلورت هذه الأفكار بناء على مجموعة من دراسات قام بها باحثون من جامعة ميشيغان في أربعينية القرن الماضي. وفي إطارها تم مقابلة مجموعة كبيرة من المدراء ومرؤوسيهم وإن هذه البحوث حددت نوعين من سلوكيات القادة هما التركيز على العمل job- centered Behavior أو التركز على العاملين Employee centered Behavior (سلوك يركز على العاملين سلوك قيادي يهتم بتشكيل فرق العمل وتحقيق رضا العاملين) إن المدراء الذين يعتمدون سلوكيات تركز على العمل يولون اهتمامًا عالياً لكيفية أداء العمل من قبل العاملين وتوضيح إجراءات العمل واهتمام عالي بالأداء. (Bolden, 2004: 5) أما المدراء المستخدمين لسلوكيات تركز على العاملين فإنهم يطورون مجاميع العمل ويهتمون برضا العاملين عن أعمالهم وأن من أهم أولوياتهم هو رفاه العاملين. إن هذين الأسلوبين لسلوك القائد يمثلان نهايتين على خط مستقيم في طرفها الأول تركيز تام على العمل وفي الطرف الآخر تركيز تام على العاملين. وفي إطار دراسات ميشيغان تم بحث هذين الأسلوبين بتعميق وافترضوا إن سلوك القائد الذين يركز على العاملين بشكل عام أكر فاعلية من الأسلوب الآخر. (Moorhead, 1995: 324)


ب- دراسات أوهايو (Ohio Srudies)
تشابه هذه الدراسات دارسة ميشيغان في بعض النواحي وكانت مقاربة لها بالفترة الزمنية. في إطار هذه الدراسة فإن الباحثين عرفوا نمطين سلوكيين مختلفين للقائد، الأول أطلقوا عليه اسم الاهتمام بهيكلية العمل وإجراءاته Initiating Structure وهو سلوك يركز فيه القائد على تنظيم الأشياء وكيفية انجاز العمل أما النوع الثاني فهو ما يسمى الاهتمام باعتبارات الحساسية والشعور بالعاملين CONSIDERATION وضمن هذا السلوك يتم التركيز على الثقة وعلاقات الصداقة ودفء العلاقة مع المرؤوسين. (Certo, 1997: 350) وإذا ما وضعنا هذين البعدين ضمن مصفوفة يتشكل فيها أربعة أساليب للقيادة ومن ملاحظة الشكل فإن الأسلوب المستهدف هو الذي يحقق الموازنة بين الاهتمام العالي بهيكلة وإجراءات العمل وبنفس القدر من الأهمية فإن القائد يهتم بالمرؤوسين ويوليهم عنايته ويشعرهم بالصداقة والثقة. وكما في الشكل:
مصفوفة أوهايو للقيادة


 Robbins, S. P., (2003), Organizational Behavior, 10th Ed., Prentice Hall, Inc., New Jersey. P 316


ج- نظرية الشبكة الإدارية (Managerial Grid Theory)
تمثل هذه الشبكة خلاصة مطورة للأفكار السابقة في هذا المدخل، فقد طور Jane Mouton, Robert Blake هذه الشبكة لوصف الأنماط القيادية للمدراء على وفق بعدين أساسين هما الأفراد والإنتاج. (Newstrom, 2002: 167) إن القائد الذي يركز على المهام والعملية التخطيطية وتحديد العمل المنجز على وجه الفرضية مؤشرا المسؤوليات وواضعا المعايير ومراقبا الأداء والنتائج يكون ذلك القائد الذي هو قائد يركز على الإنتاج والعمل. بالمقابل فإن القائد الذي يركز على الأفراد يكون داعما للمرؤوسين ومطورا للعلاقات الاجتماعية معهم ومحترما لمشاعرهم وحساسا لاحتياجاتهم ويثق بهم. ويعرض الشكل الآتي الأنماط التقليدية على وفق هذين البعدين (Bolden, 2004: 9).
الشكل الشبكة الإدارية
 
Source: Bolden, R., (2004), What is Leadership? Leadership South West, Research Report 1, p9

وتتميز هذه الشبكة بأنها تلخص اهتمامات القائد وأولوياته في قيادة المنظمة وتحقيق الأهداف متمثلة بالآتي: (Bolden, 2004: 10) (جراهام، 1999: 259) (Daft, 2003: 52l) (Robbins, 2001: 316) (Gibson, et al., 2003: 304)
1- القائد (1.1): هنا لا يهتم المدير بالعمل والإنتاج ولا بالعاملين كأفراد لهم احتياجات وبالتالي فهو قائد سيء حيث يمثل هذا النموذج غياب للقيادة مع وجد إدارة هزيلة وربما لا تستطيع المنظمة مع هكذا نمط من الاستمرار بالعمل.
2- القائد (1.9) يركز هذا النمط من القادة على العاملين وحاجاتهم وإقامة العلاقات الاجتماعية فيما بينهم، لا يؤدي القائد دوره وكأنه في ناد اجتماعي حيث الاهتمام بالعلاقات الإنسانية دون الاهتمام بالإنتاج ومتطلباته.
3- القائد (9.1): على النقيض من النمط السابق فإن القائد هنا يعطي اهتمامًا عالياً للعمل ومتطلباته لا مجرد أفراد أو قوى إنتاج تبادل الإنجاز بالمرتبات أو الأجور. وبالتأكيد فإن هذا النمط لا يمكن أن يكون ناجحا في ظل الاهتمام الكبير بالموارد البشرية وتنوعها والاهتمام بتمكينها.
4- القائد (5.5): هنا يعطي القائد اهتمامًا وسطاً ومتوازنا لكل العاملين والإنتاج فهو مدير أو قائد اعتيادي ولكنه ليس مبدعا أو استثنائيا.
5- القائد (9.9): هنا يكون هذا النمط مثاليا حيث يعطي اهتمامًا عالياً للأفراد والإنتاج على السواء ويفترض أن يكون هذا النمط هو المستهدف في السلوك القيادي لكي تحقق نجاحا وأداء متميزا للمنظمة.

 

ثالثًا: النظريات الموقفية Situational Theories
في إطار النظريات السابقة بدا واضحاً إن هناك العديد من المتغيرات والتفاعلات التي تحدد كفاءة القيادة وفاعليتها حيث تبدأ من ثقافة المنظمة وفلسفتاه وطبيعة البيئة التي تعمل فيها وعناصر أخرى كثيرة. فلا وجود لنمط سلوكي واحد فاعل في كل الظروف والأحوال وهذا ما عبرت عنه هذه النظريات التي رأيت أن متغيرات الظرف أو الموقف تؤثر تأثيراً مباشرا على النمط القيادي المستخدم. (Robbins, 2003: 319)


أ- نظرية Tannenbaum, Schmidt لسلوك القائد
قدم الباحثون تاننبوم وشميدت مصفوفة تعطي سلوكيات مختلفة للقائد وفق تأثره بخصائص المرؤوسين وخصائص الموقف فضلاً عن خصائص المدير أو القائد (Wes Kittle, 2006: 1) حيث تمثل هذه المصفوفة مدخلاً موقفيا للعلاقة بين درجة حرية المرؤوسين في التدخل بالقرار ومقدار السلطة المستخدمة من قبل القائد في هذا القرار. ويأتي هذا استنادا إلى خصائص الموقف التي يعتمد عليها هذا السلوك كما يظهر في الشكل الآتي: (العامري، 2007: 438).
الشكل Tannenbaum, Schmidt للقيادة
 
وضمن خصائص القائد المؤثرة نجد نظام القيم ودرجة ثقته بالمرؤوسين يشعره بالأمان. (برنو طي، 2003: 369) أما خصائص المرؤوسين المؤثرة فهي حاجة المرؤوسين إلى الاستقلالية واستعدادهم للقبول وتحمل المسؤولية وقدرتهم للعمل في ظل الغموض وعدم الوضوح واهتمامهم بالمشكلة المطروحة وخبرتهم وتوقعاتهم وغيرها.أما أبرز خصائص الموقف المؤثرة فهي نوع التنظيم وفعالية مجموعة العمل وطبيعة المشكلة أو المشاكل وضغط الزمن وغيرها. (Hellriegel et al, 2001: 330).


ب- النظرية التفاعلية Interaction Theory
في إطار هذه النظرية فإن القيادة هي عملية ناتجة عن تفاعل للتأثير المتبادل بين ثلاثة أبعاد مهمة وهي القائد ومرؤوسوه وطبيعة الموقف. لذا فقد عبر بعض الباحثين في إطار هذه النظرية عن مفهوم التبادل الاجتماعي المشتمل على العلاقات والتفاعل المشترك بين القائد والمرؤوسين وخصائص الموقف. (العلاق، 1999: 282) فإذا كان القائد مؤثرا على المرؤوسين فإن استجابتهم تتشكل من خلال طبيعة التفاعل الداخلي فيما بينهم من جهة وتفاعلهم مع خصائص الموقف أو البيئة من جهة أخرى ليتشكل في إطار ذلك عملية تفاعل وتبادل بين هذا النمط أو الأنماط القيادية السائدة والمؤثرة في المنظمة. (Newstrom, 2002: 63)


ج- نظرية فيدلر للسلوك القيادي Fiddler's Theory
تفسير القيادة والسلوك القيادي على وفق هذه النظرية العلاقة بين توجهين أحدهما للعلاقات والآخر للمهام، فالقائد المتجه نحو العلاقات هو قائد يهتم بالعاملين والعلاقات الاجتماعية، (سهيلة، 2004: 19) أما القائد المتجه نحو المهام فهو المحفز الأساسي لإنجاز المهام المطلوبة، ويقاس أسلوب القيادة من خلال استبيان يعرف بـ (LBC) Least PreferredCoworker وهو مقياس لتحديد زميل العمل الأقل تفضيلا. وهذا المقياس يتكون من ست عشرة خاصية أو صفة تقاس على سلم من ثمان درجات. (Ensley et al, 2004: 12) بعد إعداد هذه الاستبانة فإنه بالإمكان معرفة توجه المدير نحو العلاقات أو المهام وفق إجاباته فإذا كانت الإجابة تشير إلى النواحي الإيجابية للمفاهيم الواردة في المقياس، فإن المدير يكون ذا توجه نحو العلاقات وإلا فإنه متوجه للمهام وفي الحال الأولى يفهم أن المدير حساس تجاه العاملين ومراع لمشاعرهم. (جراهام، 1999: 257) عندما فحص فيدلر العلاقات بين أسلوب القائد والموقف وأداء المهام من قبل العاملين وجد أن القائد المتوجه للمهام يكون فاعلا عندما يكون الموقف مواتيا أو منجذبا لصالح القائد بشكل عال جداً أو غير موات وليس في صالحه بشكل كبير. أما إذا كان القائد متوجه نحو العلاقات فإنه يكون فاعلا عندما يكون الموقف لصالحه (Wright, 1998: 232) وكما هو موضح بالشكل الآتي: (العامري، 2007: 441).
الشكل مطابقة أسلوب القيادة مع الموقف
 
المصدر: بشير العلاق، أسس الإدارة الحديثة، (عمان، دار اليازوري، 1999)، ص224.


د- نظرية هيرسي وبلانشارد Heresy And Blanchard's Theiry
تقوم هذه النظرية على أساس قدرة القائد على تعديل أسلوبه القيادي بناء على جاهزية واستعداد المرؤوسين لأداء مهامهم حيث يمكن استخدام أربع أساليب قيادية (Heresy & Blanchard, 1996: 94) كما في الشكل المبين في أدناه:
الشكل مضمون نظرية هيرسي وبلانشارد
 
Heresy, D., and Blanchard K., (1996), Management of Behavior: Utilizing Human Resources, 6th Ed., Prentice Hall of India, New Delhi. P 96.

إن المقصود من الجاهزية أو الاستعداد Readiness هو مدى قدرة العاملين على إنجاز المهام وتوفر الخبرة لديهم أو الرغبة بإنجاز العمل وتحمل المسؤولية ومدى إمكانية الاطمئنان لقدراتهم وقابليتهم للأداء بشكل صحيح. (عبد الوهاب، 2000: 142) فإذا كانت الجاهزية الصريحة المحددة والدقيقة لما يجب عمله بالضبط أما إذا كانت جاهزية المرؤوسين متوسطة فإن أسلوب البيع Selling هو الأفضل حيث إن المرؤوسين يتصفون بنقص في المهارات والقابليات ولكن لديهم رغبة بالعمل ويمكن الاطمئنان إليهم فيضطر القائد إلى تفسير قراراته ويوضحها (Robbins, 2003: 325) أما إذا كانت جاهزية العاملين عالية فإن أسلوب المشاركة Participating يكون الأكثر فعالية حيث إن المرؤوسين لديهم قابليات وخبرات ولكن لا يمكن الاطمئنان إليها فهم بحاجة إل بعض الوجيه من قبل القائد. وعندما تكون جاهزية العاملين عالية جداً فإن أسلوب التفويض Delegating هو الأصلح حيث هناك استعداد لتحمل المسؤولية. (Ivancevich & Matteson, 2002: 429)


هـ- نظرية المسار - الهدف Path- Goal Leadership Theory
لقد طور هذه النظرية روبرت هاوس Robert House وأساسها أن القائد الأفضل هو الذي يستطيع رسم مسارات واضحة للمرؤوسين لغرض الوصول إلى الأهداف سواء أكانت أهداف المنظمة أو أهداف شخصية لهم وذلك لتحفيزهم ومساعدتهم على سلوك هذه المسارات وتشير النظرية إلى أن المرؤوسين يمكن أن يزيلوا العقبات من هذه المسارات (Robbins, 2003: 314) وبالتالي يصلون إلى أهدافهم ويعتقد هوس أن المدراء يجب أن يكونوا مرنين ويتحركون ضمن أربعة أنماط قيادية هي: 
(George & Jones, 1996: 359) (سهيلة، 2004: 21) (جراهام، 1999: 266) (Mckenna, 2000: 378)
1- قيادية توجيهية Directive Leadership حيث يحتاج المرؤوسين إلى توجيه ومعرفة ماذا وكيف ينجز العمل وضرورة وضع معايير جدولة أو ورقة عمل واضحة.
2- قيادة مساندة Supportive Leadership: حيث يجب جعل العمل أكثر متعة من خلال المساواة بين أعضاء المجموعة ومد جسور الصداقة والاحترام والاهتمام بالعاملين كافة بلا تمييز.
3- قيادة متوجهة للإنجاز Achievement - Oriented Leadership: توضع هنا أهدافا تثير التحدي مع توقع أداء عال ومواجهة تحسين مستمر للأداء مع إظهار الثقة الكاملة ووضع معايير أداء مرتفعة.
4- قيادة تشاركية Participative Leadership: تقوم على أساس دمج العاملين في عملية اتخاذ القرار واستشارتهم وطلب اقتراحاتهم واعتمادها في اتخاذ القرارات.
في إطار هذه النظرية التي يفترض فيها استخدام القيادي المناسب للموقف مع تجنب حصول أعمال أو سلوكيات زائدة، والشكل الآتي يوضح مضمون النظرية: (Daft, 2003: 527)
الشكل دور القائد في أنموذج (المسار - الهدف)
 
Source: (Daft, R. L. (2003), Management, 6th Ed., South Western U.S.A.)

أما أهم العوامل الموقفية التي تم الأخذ بها على وفق نظرية المسار - الهدف والتي تؤثر في سلوكيات المرؤوسين وانجازهم لما هو مطلوب منهم فهي (الخصائص الشخصية للمرؤوسين، والخصائص البيئية). ويتحدد السلوك القيادي الملائم على وفق اعتبارات الموقف سوءا من حيث خصائص المرؤوسين أو بيئة العمل ويمكن توضيح تلك العوامل الموقفية وسلوكيات القائد وتأثيراتها على أداء المرؤوسين من خلال الشكل الآتي:
الشكل العلاقات الموقفية في نظرية هاوس
 
Source: (Robbins, S. P., (2003), Organizational Behavior, 10th Ed., Prentice Hall, Inc., New Jersey)


و- نظرية فروم - جاغو (Vroom - Jago Theory)
تقوم هذه النظرية على أساس مساعدة القائد على اختيار الأسلوب الأفضل لاتخاذ القرار بصدد مشكلة معينة وكمية المشاركة المسموح بها من قبل المرؤوسين. تميز النظرية بين ثلاثة أنماط يعتمدها القائد لاتخاذ القرار: قرار السلطة A theory Decision (قرار يتخذ من قبل القائد ثم يعلن للمرؤوسين) وقرار استشاري Consultative Decision (قرار يتخذ بعد تشاور مع أفراد المجموعة) وقرار مجموعة Group Dicision (قرار يتخذ من قبل أعضاء مجموعة معينة). ويمكن للقائد أن يختار أحد البدائل الآتية عند اتخاذه للقرار: (Krishnan, 2005: 15) (سهيلة، 2004: 24)
1- يقرر لوحده وهذا يسمى قرار سلطة، ثم يعلن القرار للمجموعة.
2- يتشاور بشكل منفرد مع بعض المرؤوسين للإفادة من مقترحاتهم.
3- يتشاور مع مجموعة باستدعائهم إلى اجتماع تداول ثم يطرح المشكلة ويناقشها معهم وسماع آرائهم جميعاً.
4- يقوم بمهمة تسهيل مناقشة المشكلة ومن ثم اتخاذ القرار من قبل المجموعة كاملة.
5- يفوض صلاحية اتخاذ القرار إلى المجموعة.

وقد تكون الخيارات الخمسة المشار إليها ملائمة لبعض المواقف ولكل منها مزاياه وعيوبه، لكن نجاح القائد في اتخاذ القرار يعتمد على مدى تطابق الأسلوب المعتمد مع خصائص المشكلة المطروحة. إن القواعد التي يمكن أن تعتمد لاختيار الأسلوب المناسب هي: (George, 1996: 396)
1- جودة القرار المتخذ والقائمة على من يمتلك المعلومات المرتبطة بحل المشكلة.
2- قبول القرار والذي سيقوم على أساس أهمية قبول المرؤوس واستعداده لتنفيذ القرار.
3- وقت اتخاذ القرار القائم على أساس الوقت المتاح لاتخاذ وتنفيذ القرار.


إن مسألة مشاركة المرؤوسين في عملية صنع واتخاذ القرار تكون أكثر ملائمة في الحالات الآتية:
1- نقص المعلومات والخبرة لدى القائد حول المشكلة موضوع القرار.
2- المشكلة غير واضحة وهناك حاجة للمساعدة في توضيح الموقف.
3- قبول القرار والالتزام به ضروري لتنفيذه.
4- هناك وقت كافي ومتاح لمشاركة فعلية في صناعة واتخاذ القرار.


ز- نموذج دورة الحياة The Life cycle model
يحاول هذا النموذج ربط المعرفة السابقة حول القيادة مع أخذ استعداد التابعين المتضمنة قابليتهم ورغباتهم لانجاز مهام محددة. إن استعدادات التباعين تتحدد بدافعية الأداء والقابلية على تحمل المسؤولية لإنجاز المهام المحددة والخبرات والمستوى التعليمي المناسب للمهمة. إن نموذج دورة الحياة يربط بين كل من المهمة والسلوك حيث ينجم عن هذه العلاقة أربعة أنماط قيادية يحددها الشكل التالي: (سهيلة، 2004: 26) (جراهام، 1999: 273).
الشكل  القيادة الموقفية وفق نموذج دورة الحياة
 
المصدر: د. سهيلة عباس، القيادة الابتكارية والأداء المتميز، (عمان، دار وائل: 2004)، ص26.

يلاحظ من هذا النموذج أنه عندما يتوافق سلوك القائد مع مستوى الاستعدادات من قبل التابعين فإنه سينتج أداء أعلى من قبل التابعين، حيث يمكن وصف السلوكيات القيادية المعتمدة في كل من نمط: (عبد الوهاب، 2000: 143)، فالقائد الإخباري (1) يحدد المشكلة، يحدد الحلول ويعلن القرار للمرؤوسين لأجل تنفيذه من قبلهم ويشعر القائد بأن إشراك المرؤوسين في عملية صنع القرار غير مهم وغير مجد لذا لا يمنح أي مجال للمشاركة. أما القائد (2) فهو يتحمل مسؤولية تحديد المشكلة وصنع القرار النهائي مع محاولة إقناع المرؤوسين لقبول القرار ويتفهم القائد بأنه لا بد أن تكون مقاومة من قبل المرؤوسين عندما يعلن قراره عليهم لذلك يحاول البحث عن طرق لتقليل المقاومة من قبل المرؤوسين عندما يعلن قراره عليهم لذلك يحاول البحث عن طرق لتقليل المقاومة وإقناعهم. أما القائد المشاور (3) يحدد المشكلة، يستشير المرؤوسين للحلول المحتملة ومن ثم يعطي القرار النهائي ويفهم القائد ضرورة استقاء أفكار من المرؤوسين ويعتقد بأن ذلك يزيد في التزام المرؤوسين ودعمهم للحل النهائي. والقائد المشارك (4) يحدد القائد المشكلة من ثم يشرك المرؤوسين في صنع القرار النهائي، يفوض القائد المسؤولية الخاصة بصناعة القرار إلى المرؤوسين. ويعتقد القائد بأن المرؤوسين قادرين في صناعة القرارات ذات الجودة ويرغبون بعمل كل ما هو صحيح ويعتقد القائد بأن الموارد البشرية ستكون مستثمرة بشكل جيد عندما تكون صلاحية صنع القرار ممنوحة لهم. (العلاق، 1999: 278)


رابعًا: الاتجاهات الحديثة في القيادة ( New Trends Leadership)
إن امتدادات المداخل الموقفية للقيادة ركزت على أساليب القيادة وطبيعة المرؤوسين وخصائص الموقف. لقد أصبحت متغيرات الموقف محدداً أساسياً قوياً بحيث يمكن القول إنها فتحت الباب أمام الحديث عن عدم الحاجة إلى أسلوب قيادي مرتبط بشخصية القائد. (Schermerhorn, 1997 : 329) وسوف يتم التطرق هنا عن بديل معوض substitute للقائد (مجموعة متغيرات موقفية تجعل أسلوب القيادة غير ضروري). (Hitt , 2001 : 500) وفي إطاره يوجد هناك محيد Neutralizer (مجموعة متغيرات موقفية تقلص دور القيادة وتمنع من استعراض بعض السلوكيات) للدور الشخصي للقيادة بحيث يصبح سلوك القائد مرتبطا بهذه المجموعة من المتغيرات الموقفية. (Bolden , 2004 : 6) وقد مثلت هذه التوجهات مع غيرها إطارا عاماً لمداخل أكثر حداثة لدراسة القيادة نستعرض أهمها على وفق الآتي:

أ- القيادة الكاريزمية والقيادة الرسالية Charismatic and Visionary Leadership
(القائد الكاريزمي Charismatic Leader القائد الذي لديه قابلية للتأثير في المرؤوسين بالإيحاء والإلهام للحصول منهم على أداء يفوق التوقعات.) (الرؤية Vision مستقبل جذاب موعود وليس حالة آنية يمكن الوصول إليها الآن) (Gibson , 2003 :336 ) إن القائد الكاريزمي Charismatic Leader هو القائد الذي لديه القدرة على تحفيز العاملين للحصول منهم على أداء يتجاوز أو يتفوق على ما هو متوقع. والقائد من هذا النمط لديه قدرة على الإيحاء والإلهام للعاملين بحيث يستخدموا أقصى طاقة لديهم ويلتزمون تماماً تجاه المنظمة التي يعملون فيها متجاوزين مصالحهم الخاصة ومضحين من أجل صالح هذه المنظمة ويأتي الأثر الكاريزمي للقائد من الآتي: 
(Ardichvilli, 2002: 101)
1- صياغة رؤية شاملة لمستقبل طموح يكون الأفراد سعداء بالانتساب إليه.
2- بناء نظام قيمي متكامل يعرف كل عضو في المنظمة موقفه فيه.
3- كسب ثقة الزبائن وودهم وبالتالي إخلاصهم في العمل بشكل دائم.

وعادة ما يكون القائد الكاريزمي ذو شخصية قوية ومحبوبة وينظر إليه كبطل ولديه أيضًا مهارات في توضيح الرؤية القيادية Visionary Leadership التي تخاطب قلوب وأحاسيس العاملين جاعلة منه جزءا أساسياً من بناء كبير يتجاوز حدودهم الذاتية، (Moorhead, 1996: 327) فهم ينظرون إلى ما وراء الواقع والحقائق الظاهرة ويساعدهم على رؤية المستقبل كحالة براقة ومحتملة التحقيق حتى لو كانت خارج إطار الجوانب الملموسة في الوضع الراهن. (Bolden, 2004: 12) فالرؤية هي مستقبل جذاب وبراق موعود وليس حالة أنية جاهزة تصل إليها. والقائد الكاريزمي لديه رؤية قوية للمستقبل ويستطيع تحفيز الآخرين لمساعدته في انجازها، فتأثير العاطفي على المرؤوسين كبير ويتمتع بنظرة بطولية من هؤلاء المرؤوسين. ومن المفيد إجمال الصفات الكاريزمية التي أجمع عليها الباحثون وهي: (Daft, 2001: 402) ثقة عالية بالنفس. رؤية مستقبلية. قدرة على تفصيل غير معتاد وخارق. يتمتع بمظهر الرجل الذي يؤمن بالتغيير ويعمل من أجله باستمرار. حساسية عالية جداً للتغيرات البيئة وما يحيط به من أحداث. (Hill, 2000: 15)

 

ب- القيادة التبادلية والقيادة التحويلية
(Transactional and Transformational Leadership)

إن القيادة التبادلية Transactional Leadership (قيادة توجه بشكل إيجابي وتحشد جهود الآخرين من خلال المهام ونظام التحفيز والهيكل) (المطهر، 2003: 294). وبالتالي فإن القائد ضمن هذا السياق يهتم بتوضيح أدوار المرؤوسين ومتطلبات المهام الموكلة إليهم ويضع الهيكل الملائم ونظام التحفيز المطلوب وكذلك العناية ببناء علاقات تعزز العمل مع المرؤوسين. (Bass,  1999:  9) ومن هذا المنطلق فإن القيادة التبادلية تتمتع بالقدرة على إرضاء المرؤوسين كمدخل لتحسين الإنتاجية بمعنى إنها تتفوق في الوظائف الإدارية فهي مثابرة ومتسامحة ومتفهمة وذات عقلية عادلة وسطية. وهي تؤكد على المظاهر غير الشخصية للقيادة مثل الخطط الكفوءة الجدولة والموازنات الصحيحة. كما إن لها الرغبة في توليد الالتزام بالأعراف والقيم التنظيمية. (Bass,  2003: 218). والشكل التالي يوضح أدوار القائد التبادلي: (Matteson,2002:45)
الشكل  أدوار القائد التبادلي
 
Source: Ivancevich, J. M., and Matteson, M. T., (2002), Organizational  Behavior and Management, 6th Ed.,    McGraw Hill Company, New York. p45

أما القيادة التحويلية Transformational Leadership (قيادة إيجابية تعمل على التأثير في المرؤوسين بشكل كبير للقيام بالأعمال على أحسن وجه ممكن) (Crawford, 2003: 11)، فهي القيادة التي لها قدرة فائقة في الإيحاء للمرؤوسين للقيام بأفضل ما يمكن من جهود لصالح المنظمة للارتقاء بالأداء وأهم ما يميزها هو الأثر الاستثنائي الخارق على المرؤوسين. (Epitro, 2001:  2) والقيادة التحويلية تشبه القيادة الكاريزمية لكنها تتميز بكونها ذات قدرات خاصة لإحداث التغيير وتحقيق الإبداع عن طريق تنظيم حاجات المرؤوسين واهتماماتهم ومساعدتهم على استخدام طرق جديدة لحل المشاكل القديمة وتشجيعهم على مناقشة الحالة الراهنة دائماً. (Gibson,  2003:  339) والقيادة التحويلية تخلق تغييرا مهما على صعيد المرؤوسين والمنظمة فضلاً عن قدرتها على قيادة التغيير في رسالة المنظمة واستراتيجيتها وهيكلها وثقافتها وكذلك الارتقاء بالإبداع التكنولوجي سواء كان منتجات أم عمليات إنتاجية. (Macmillan, 2000: 201) إن القيادة التحويلية وهي تواجه تحديات إدارية مستمرة تحاول باستمرار إن تطور جوانب الشخصية للتعامل مع هذه التحديات، وهنا فإن امتلاك السمات القيادية والمعرفة بالسلوكيات القيادية والعوامل الموقفية لا يكفي لوحده للنجاح في مهمات أصبحت معقدة وهذا يعني إن المدير يجب أن يكون مهيئا للقيام بدور إيحائي روحي بدون أي قسر أو إكراه للمرؤوسين. (Finch am, 1999: 234) ومن المهم الإشارة إلى إن القيادة التحويلية المهتمة بالتطلعات وتحقيق الالتزام بالأداء وبناء الثقة يفترض أن تتمتع بالخصائص التالية (Daft,  2001  : 402): (الرؤية. التمكين للآخرين. الكاريزما. خصوبة الخيال. الرمزية. النزاهة). والشكل التالي يوضح خصائص القائد التحويلي (Macmillan, 2000: 201) (المظفر، 2003: 294) (Bass, 2003: 208)
الشكل خصائص القائد التحويلي
 


ج- القيادة في بيئة العمل الجديدة Leadership in New Workplace
إن التطور الحاصل في بيئة الأعمال والتحديات الكبيرة التي تواجه منظمات الأعمال قد غير من مفهوم القيادة، (McKenna, 2000: 383) فالعولمة والتجارة الاليكترونية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ساهمت في خلق مكان عمل جديد وغيرت من مصالح العاملين وتوقعاتهم وخلقت تنوع عال وهذه جميعها وجهت بشكل آخر إطار التفكير حول الممارسات القيادية بالرغم من إن المجالات التي أصابها التغيير كثيرة إلا إننا سنقتصر على مجموعة منها بما يأتي: (Dessler , 2003: 466)


1- المستوى 5 للقيادة (Level 5 Leadership)
تقوم فكرة هذا المنظور على أساس الدراسات التي قام بها Jim  Collins وآخرون حول إمكانية تحويل الشركات الجيدة إلى شركات عظيمة حقاً. ويقدم الباحثون المستوى الخامس للقيادة باعتباره أعلى مستوى هرم قابليات المدراء (Weiskittel, 2006: 1) ويوضح الشكل الآتي خصائص هذا المستوى: (العامري، 2007: 448).
الشكل المستوى 5 للقيادة
 
المصدر: د صالح العامري، د طاهر الغالبي، الإدارة والأعمال، (عمان، دار وائل: 2007)، ص448
ولعل أهم صفة للقادة في المستوى 5 للقيادة هو التواضع وعدم وجود مشاعر الأنانية وهذا يناقض مفهوم القيادة من وجهة نظر نظرية القائد العظيم التي تفترض أنانية عالية وطموح كبير شخصي.


2- القيادة الافتراضية (Virtual Leadership)
هناك الكثير من العاملين الذين يؤدون أعمالهم في فضاء الانترنت أو عن بعد من خلال منازلهم وهذا يعني وجود بيئة عمل مفترضة وليست فعلية وقد لا يجتمع العاملون مع بعضهم إطلاقاً. هنا تواجه القيادة مصاعب للموازنة بين الهيكل والمساءلة مع المرونة: فالمشكلة هنا كيفية التأكد من إن العاملين يؤدون ما هو مطلوب منهم بدون رقابة وإشراف مباشر بالطرق المعروفة. إذ يحدد القادة الأشراف والمهام بشكل واضح وتكون مهمتهم الرئيسية هي خلق الالتزام وتحفيزه لدى العاملين وإبقائهم على علم بما يجري في المنظمة بشكل مستمر بدون معرفة بعضهم البعض. وعليه فإن القادة الافتراضيين يجب أن يتمتعوا بصفة العقلية المتفتحة والمرنة مع التركيز على الحلول وليس المشاكل بذاتها. كما تكون لديهم قدرات اتصال عالية وقدرات تدريبية في مجال بناء العلاقات التي تعتبر أهم المهارات المطلوبة في هذا المجال. إن اختيار التكنولوجيا المناسبة وكيفية التعامل معها وتوظيفها بمقتضى طبيعة العمل هو مهمة أخرى من مهام القادة الافتراضيين. (Hellriegel, 2001 : 324)


3- القيادة الخدماتية الداعمة (Servant Leadership)
إنها قيادة تعمل من أجل انجاز حاجات وأهداف العاملين وكذلك الوصول إلى أهداف المنظمة وتحقيق رسالتها. إن القيادة في بيئة العمل الجديدة وضمن منظور القيادة الداعمة الخدماتية نرى إن وجود العمل وتطوره مرتبط بالعاملين الذين يفترض أن يؤدوا أعمالهم بأفضل الصيغ بعد أن تتاح لهم الفرصة كاملة بذلك. حيث ينظر للقيادة بشكل مقلوب تدعم الآخرين المرؤوسين لأن المهمة الأساسية للقائد هي خدمة الآخرين والمنظمة. إن القيادة الخدمية تنطلق في عملها من مستويين: الأول، انجاز أهداف وحاجات المرؤوسين من أجل هدف أكبر هو تحقيق رسالة المنظمة ومبرر وجودها. والثاني، إعطاء معنى للأفكار وللقوة وللمعلومات وللانجاز، وهنا فإنهم يقيمون الآخرين حقيقة ويشجعون المشاركة وتقاسم القوة والتكريس التام للجهود وإيقاظ قوى المرؤوسين على توليد الأفكار والإبداع والالتزام. (Krishnan, 2005: 16)


4- القيادة النسائية (Women Leadership)
تشير أدبيات الإدارة الخاصة بموضوع القيادة إلى أن هناك أساليب قيادية نسائية لها خصوصيتها حيث إن نتائج بعض الدراسات تشير إلى أن الأداء وتقييمه من قبل الرؤساء أو النظراء أو المرؤوسين والخاص بالمديرات هو أفضل منه لدى المدراء الرجال خصوصاً في بعض القابليات الإدارية مثل القدرة على تحفيز الآخرين وتشجيع الاتصالات ومهارات الإصغاء أو الإنصات. وقد سمي هذا المدخل الخاص بالقيادة النسائية بالقيادة التفاعلية Interactive Leadership (أسلوب قيادي يتصف بالعمل التعاوني وبناء العلاقات والعناية بالآخرين) (Ensley,2004: 8) وهذا يعني إن القائد يفضل أسلوب الإجماع والعمل التعاوني ويؤثر في الآخرين من خلال العلاقات وليس بالقوة النابعة من الموقع الوظيفي أو السلطة الرسمية. إن هذا يعني إن الأسلوب ليس مقتصرا على النساء فقط بل أصبح مطلوباً من كافة المدراء الرجال للنجاح في كل مكان العمل.

 

لقد حاولنا في هذا الممقال استعراض أهم نظريات القيادة الإدارية فقد ساهمت العديد من النظريات والأبحاث في القيادة الإدارية في توضيح مصادر القيادة وفاعلية القائد الإداري حسب التسلسل الفكري. مثل نظرية السمات الشخصية traits      theory حيث تفترض هذه النظرية بأن هناك مجموعة من السمات أو الخصائص التي تفسر القدرات القيادية لدى الأفراد. من هذه السمات ما يكون مظهريا ومنها ما يكون نفسياً كالثقة بالنفس والقدرة على المبادرة والنضج الاجتماعي والذكاء والقدرة على التفكير والتحليل والشجاعة.. الخ وفق هذه النظرية فإن القادة يولدون، فالقدرة القيادية هي صفة موروثة غير مكتسبة، بالرغم من ذلك فإن هذه النظرية فشلت في التفسير الواقعي للقيادة الإدارية، إذ إن تطبيقات هذه النظرية محدودة فليس عمليا أو منطقيا أن تركز الإدارة بصورة عامة وإدارة الموارد البشرية خاصة على أولئك الأفراد العاملين المتقدمين لشغل الوظائف الشاغرة ممن يمتلكوا الخصائص والسمات المناسبة ولا تؤدي دورها في خلق وتطوير الأفراد عن طريق التدريب والتطوير. وهذا هو الدور الأساسي للقيادة الابتكارية، أي قيادة خلق جميع مكونات وعناصر العملية الإنتاجية، فالقيمة التي نضيفها إلى الإنتاج أو الخدمات لا بد أن تسبقها إضافات إلى من يقدم المنتج أو الخدمة. ومن أهم الانتقادات التي يمكن توجيهها إلى هذه النظرية هي: عدم التحديد الدقيق للسمات الإدارية الموروثة. وعدم الأخذ بتأثير الجماعة على المواقف والسياسات الإدارية. كذلك عدم خوضها في تحليل السلوك الإنساني وتفاعلاته واكتفت بالتركيز على السمات. ومجمل القول إن هذه النظرية لم تنظر إلى التفاعلات بين القائد والمرؤوسين وبينه وبين البيئة الخارجية وكيفية بناء العلاقات التي تخلق التفكير والسلوك القيادي لدى المرؤوسين.
تركز النظريات السلوكية على تفاعل القائد مع الجماعة وممارسة قيادتهم ولذلك فإن هذا التفاعل يؤدي إلى اكتساب الخبرات القيادية. إن شخصية القائد الناجح تحدد وفق بعدين رئيسين في علاقة القائد بتابعيه. البعد الأول: تحديد أدوار العاملين لتحقيق الأهداف، إذ يقوم القائد المبادر بتحديد المهام الرئيسية لأفراد الجماعة ومعايير الأداء المطلوب منهم. البعد الثاني: المناخ التنظيمي ونوعية العلاقة السائدة حيث يركز القائد على خلق الثقة المتبادلة بينه وبين العاملين وتقدير أدائهم واحترام مشاعرهم وتحقيق حاجاتهم ومساعدتهم في حل المشاكل. إن هذا التفاعل بين القائد ومرؤوسيه يتضمن جانبين الأول الاهتمام في العمل أو الإنتاج production  oriented والثاني العلاقة الإنسانية أو العاملين human  oriented وهذا النموذج من القيادة الإدارية عرف بالشبكة الإدارية managerial grid لبليك وموتون Blake and mouton.
إن النظرية الموقفية لفدلر fielder contingency  theory تبحث في إيجاد العلاقة بين سلوك القائد والأداء والاهتمام في تحديد فيما إذا كان القائد المتسامح تجاه مجموعته أكثر أو أقل احتمالا بالحصول على إنتاج مرتفع قياساً بالجماعة التي يقودها قائدا صلباً وصارما (غير متسامح) ولقد طور فدلر وزملاءه استقصاء للكشف عن اتجاهات الأفراد نحو التعامل مع الزملاء سمي باستقصاء التفضيلات الأدنى للعمل مع الآخرين least preferred  coworkers وكان الاستقصاء يتطلب من المستجيب بيان الأشخاص الذين ينظر إليهم بأفضلية أقل في التعاون والعمل معهم. ولقد وضعت نقاط أو درجات لكل سؤال ثم قدم فدلر وزملاؤه افتراضا هو إن النمط السلوكي للقائد يعتمد على ما إذا كان موقف الجماعة إيجابياً أو غير اعتيادي بالنسبة له وكان الموقف أو الحالة تتضمن ثلاثة أبعاد هي: العلاقة بين القائد ومرؤوسيه والثقة بينهم، والولاء والحب، والصداق.. الخ. هيكيلة العمل: تنظيم العمل، برمجته، وضع الأهداف وتوضيحها، تحديد الأدوار.. الخ. قوة المركز والصلاحيات والسلطات التي يتمتع بها القائد والتي تمكنه من إجبار المرؤوسين للانصياع له وتقبل قيادته وتوجيهاته. ولقد توصل فدلر من خلال تحليل للنتائج إلى أن النمط القيادي المناسب والذي يؤدي إلى أقصى أداء يستند إلى إيجابية الموقف الخاص بفريق العمل فعندما يكون الوضع ملائما كلياً على وفق الأبعاد الثلاثة ليبقى الاتجاه نحو الإنتاج أما إذا كانت الظروف غير ملائمة كلياً وفق الأبعاد الثلاثة يبقى الاتجاه حيث إن الإنتاج هو النمط الأكثر فاعلية، على الرغم من أهمية هذه النظرية في إبراز جانب مهم وهو العلاقة بين القائد والتابعين وتحديد الأدوار والمهام بوضوح، ولكن من الاستنتاجات المهم التي من الممكن استخلاصها من خلال الواقع هي محدودية المحتويات الموقفية (الثلاث) فالموقف القيادي قد يتضمن أكثر من الأبعاد الثلاثة. وإذا كانت الأبعاد الثلاثة متوافرة بدرجات مختلفة أو مزيج غير متوازن فإن القائد الذي يميل إلى العلاقات الإنسانية يكون فعالا أكثر.
يمكن تحليل الموقف في ضوء ثلاثة عناصر مهمة: نوعية العلاقة بين أعضاء المنظمة والقائد، هيكلة المهمات وقوة الموقع الوظيفي حيث يمكن وصف كلا منها بأنه مؤاتي أو غير مؤاتي للقائد. علاقة القائد بالأعضاء Leader  Member  Relations: تشير إلى المناخ السائد بين مجاميع العمل ومدى قبول الأعضاء للقائد فعندما يثق المرؤوسون ويحترمون القائد يمكن اعتبار العلاقات جيدة أما إذا لم تكن هناك ثقة واحترام يمكن اعتبار العلاقات ضعيفة. وثانيا هيكلة المهام Task Structure: تشير إلى كيفية تحديد المهام وأدائها من قبل الأعضاء وما إذا كان هناك إجراءات واضحة وأهداف مؤشرة فمثلاً في خطوط الإنتاج تكون المهام روتينية واضحة ومتكررة لذا فإنها مهيكلة بدرجة عالية، أما مهام البحث والتطوير الاستراتيجي فإنها مهام ليست مهيكلة وعندما تكون المهام مهيكلة وواضحة فإن الموقف يعتبر في صالح القائد ومؤاتي له أما إذا لم تكن مهيكلة فالموقف ليس في صالح القائد. وأخيراً قوة الموقع الوظيفي Position  Power: مدى وجود سلطة رسمية للقائد على المرؤوسين وقوه الموقع عالية عندما تكون لدى القائد قوة لوضع الخطة وقيادة اتجاه العمل وتقييمه وإمكانية منحاً لمكافآت أو إنزال العقوبات وتكون قوة الموقع منخفضة عندما يمتلك القائد سلطات قليلة على العاملين وبالتالي فإنه لا يقيم عملهم ولا يمنحهم المكافآت. وعندما تكون قوة الموقع كبيرة فإن الموقف في صالح القائد والعكس صحيح.
يحاول القائد وفق نظرية المسار - الهدف path – goal  theory التأثير على تصورات التابعين لأهدافهم وسبل تحقيقها، لذلك فإن هناك أربعة أنماط للقيادة يعتمد عليها القائد، هذه الأنماط هي: ألنمط التوجيهي Directive النمط المساعد أو الداعم supportive النمط المشارك participative النمط الموجه نحو الإنجاز achievement oriented إن اختيار النمط المناسب يتطلب تشخيص الموقف، ومن الجدير ذكره إن النمط المناسب هو ذلك الذي يؤثر في كل من: خصائص المرؤوسين أو التابعين وبصورة خاصة قدراتهم ورغباتهم الحالية والمستقبلية. البيئة المتضمنة المهام التي ينجزها التابعون ونظام الصلاحيات الرسمية وفرق العمل الرئيسية والثقافات التنظيمية. إن نظرية المسار - الهدف تساعد المديرين في تشخيص مواقفهم. إن النمط الأفضل والمرغوب فيه هو ذلك النمط الذي يحقق رضا التابعين ويدعم ويشجع حاجاتهم الذاتية ويؤدي إلى تحقيق الأهداف.
تركز نظرية فروم - جاغو على فكرة المشاركة في صنع القرارات وتضع السؤال التالي: إلى أي مدى يسمح القائد لتابعيه في المشاركة في صنع القرارات؟ وتجيب النظرية عن ذلك بأن مشاركة التابعين يعتمد على العوامل التالية: متطلبات الجودة للمشكلة (مشكلة القرار). موقع المعلومات الخاصة بالمشكلة. هيكلة المشكلة. قبول القرار من قبل المتأثرين به. عمومية الأهداف التنظيمية. الصراع المحتمل عند حل المشكلة أو أثناء صنع القرار.
إن أهم المتغيرات الموقفية التي لها تأثير على النمط القيادي وسلوك القائد هي الإدارة العليا وتوجهاتها وسلوكها حيث إن لهذه الإدارة تأثيراً كبيراً على باقي المدراء وسلوكياتهم في المستويات الإدارية الأخرى. فإذا ما كان توجه الإدارة لعليا إيجابياً أو سلبياً نحو مفردات مهمة في العمل فإن هذا التوجه سينعكس بشكل أو بآخر على طبيعة سلوك المدراء الآخرين. كما وإن خبرة شخصية القائد وشخصيته تؤثر أيضًا على نمط القيادي حيث يتحدد في ضوئها طبيعة علاقته ورؤيته للمرؤوسين ومدى التي يمنحها لهم. وتؤثر خبرات ومهارات وسلوكيات المرؤوسين وخصائصهم وتطلعاتهم في اختيار النمط القيادي الذي يستخدمه القائد معهم فالمستويات الإدارية الأعلى غالباً ما تكون أقل تحديداً وتوجيهاً في التدخل بشؤون المرؤوسين قياساً إلى المستويات الإدارية الأدنى. إن طبيعة العمل ومتطلباته ونمط المهام وأسلوب تحديدها يستلزم أداؤها تدخلا أو أوامر محددة تفرض نمطا معيناً قياسيا لأعمال أخرى. ويدخل ضمن هذه المتغيرات أيضًا المنظمة ونوع التكنولوجيا المستخدمة وغيرها. تعتبر استراتيجيات وثقافة المنظمة أيضًا عاملاً يؤثر على سلوك القائد الإداري وثقافة المنظمة وهي المصدر المهم الذي تشتق منه وفي إطاره تطلعات الرؤساء والمرؤوسين وتأثرهم بطبيعة المتغيرات الداخلية والخارجية أما السياسات فإنها تعتبر دليلاً إرشاديا يحدد نمط القرارات وسلوكيات اتخاذها وبالتالي فإنها تعتبر من العوامل الموقفية المؤثرة في السلوك. إن هذه العوامل وغيرها مثل البيئة التي تعمل فيها المنظمة وطبيعة المنافسة وتدخل الحكومة وطبيعة المعارضين للقائد في المنظمة كلها متغيرات موقفيه تؤثر على النمط القيادي المستخدم.
إن نموذج القيادة التحويلية: القائد التحويلي هو القائد الملهم الذي يستخدم إبداعاته والمهمة في التأثير في تابعيه، فهو يتحدث للتابعين حول كيفية الأداء ويثق بهم ويستخدم الكثير من الوسائل غير الاعتيادية لتجاوز الواقع الذي يزخر بالأخطاء محاولاً تغييره من خلال التابعين. ونلاحظ أيضًا بأن القائد التحويلي يغير المنظمة من خلال تمييز الفرص المتاحة واغتنامها وتطوير الرؤيا ومناقشة هذه الرؤيا مع أعضاء الجماعة مع بناء ثقة في هذه الرؤيا وهذا يتم عن طريق تحفيز الجماعة فهو أي قائد الجماعة يساعدهم في تحديد حاجياتهم والحاجة التنظيمية الخاصة بإجراء عن خطط وتوجهات المنافسين من جهة وللتعلم منهم من الجهة الأخرى. لذلك فإن القائد التحويلي يخلق رؤية جديدة مشتركة بينه وبين أعضاء الجماعة، هذه الرؤية تؤدي إلى زيادة مستويات الولاء للمهمة التي يؤديها أعضاء الجماعة والمنظمة التي ينتمون إليها. إن القائد الملهم (التحويلي) يمكنه تغيير تشكيلة الفريق ويساهم في إعادة تأطير التفكير وهو يفوض الصلاحيات المناسبة للمساعدة في إنجاز الأهداف وتحقيق التغيير الجذري من خلال الربط بين المهمات الفنية والسياسية والثقافية وتكاملها.
ومن خلال بيان بعض النظريات التي تناولت القيادة الإدارية لوحظ هناك متغيرات مشتركة في معظم هذه النظريات وقد اختارنا لبعض منها ليتم تناولها في المقالات التالية وليبقى الباب مفتوحا لبقية الباحثين لتناول المتغيرات الأخرى التي تؤثر أو قد تؤثر في العملية القيادية. ومن المتغيرات التي اختارناها (فريق العمل وتفيض الصلاحيات في عمل المنظمة، التحفيز والإبداع في تطوير المنظمة، التفاوض والاتصالات في مشاكل المنظمة، التدريب والتغيير، التوجه الاستراتيجي والقرار).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العمري، قاسم شاهين بسيم، أطروحة دكتورة بعنوان: أنماط القيادة الإدارية وـاثيرها في نجاح المنظمات الحكومية، دراسة تحليلية لآراء عينة من المدراء والعاملين في محافظة ذي قار، أطروحة دكتوراه تقدم بها الباحث إلى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد جامعة سانت كليمنتس وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في الإدارة العامة، كلية الإدارة والاقتصاد ، جامعة البصرة ، العراق، 1430هـ - 2009م.

تحميل محتوى الصفحة رجوع