أنماط القيادة الإدارية Leadership styles
لتعميق الفهم والإدارك الشامل للمقصود بالقيادة الإدارية وسمات وأدوار القائد وأهمية الذكاء العاطفي لديه، نحاول التطرق إلى أنماط أو أنواع القيادة الإدارية كما تنولها الكتاب والباحثون بالدراسات كل حسب وجهة نظره أو تم بحثها من جوانب محددة دون الأخرى، ولقد تعمدنا الإسهاب في هذا المبحث كونه صلب عنوان الأطروحة، مع ملاحظة أنه تم جمع ومناقشة وتحليل أكثر الأنماط على كافة المستويات الإدارية (العليا والوسطى والتنفيذية) ومن ثم الخروج من هذه المناقشة بنموذجين للقيادة الجيدة ونماذج للقيادة السيئة. وهنا تظهر عدة تساؤلات: هل يمكن تبني نمطا قياديا واحداً في جميع الأوقات في المنظمة. وهل ظهرت الأنماط القيادية قبل النظريات القيادية أو العكس أو مزيج بين هذا وذاك، وهل من الضروري على الذي يريد أن يمارس القيادة أن يتعرف عليهما أو يطبق ما يراه ملائما؟ هذا ما سنجد إجابته في هذا المقال. وسوف نختار القيادة التبادلية والقيادة التحويلية من هذه الأنماط حيث أن القيادة التحويلية تعد أكثر ملائمة لظروف البلد الحالية لما تتطلبه من قيادة كاريزمية وأصحاب المبادئ والقيم الأخلاقية وهو وكيل تغيير محب للمخاطرة فهو ليس دكتاتورا بل لابد من مراعاة مشاعر الآخرين ويجب التعلم وقد ركز الباحث على القيادة التحويلية مع الإمكانات المتاحة في الوقت المحدد وبإمكان الباحثين الاستفادة من الأطر النظرية لمقالات القيادة التي نقدمها في موقع د. محمد العامري لمزيد من التفاصيل عن الأنماط القيادية. وسيتم تناول هذا المقال في ستة مواضيع رئيسية وهي:
- أولاً: أنماط القيادة الإدارية حسب المصدر.
- ثانيًا: أنماط القيادة الإدارية حسب الأسلوب القيادي.
- ثالثًا: أنماط القيادة الإدارية حسب قدرات الذكاء العاطفي الكامنة.
- رابعًا: أنماط القيادة الإدارية حسب السلوك القيادي.
- خامسًا: أنماط القيادة الإدارية التبادلية والتحويلية.
- سادسًا: أنماط القيادة الإدارية السيئة.
يمكن اعتبار أنماط القيادة الإدارية الطريقة التي يستخدمها القائد في التصرف بالصلاحيات المتاحة له لقيادة الآخرين، هذه الطريقة تتأثر بمكونات الوضع القيادي وهي (القائد، المرؤوسين والوضع نفسه) أي الهدف المراد تحقيقه والعمل المطلوب إنجازه، وبذلك نرى تباينا في القيادات فبعضها يلاقي المديح والآخر يتعرض للنقد وبعضها ينجح في تحقيق مهمته والآخر يخفق بل ونلاحظ القائد نفسه ينتقل من نمط قيادي معين لآخر مع نفس المرؤوسين وفي نفس المنظمة. ونقصد بالنمط لغويا هنا الطريقة أو الأسلوب (مصطفى، 2004: 955). وجاء في قاموس المورد (البعلبكي، 2006: 921) (Type تعني نمط، طراز) وفي صفحة 1002 (Style تعني أسلوب) لذكر هذين المصطلحين في الكتابات الدالة على نفس الشيء. ((إن الأعمال التي ستنجح في القرن الحادي والعشرين، ستكون تلك التي تتبنى فكرة الاختلاف في قوى العمل والتي يمكنها أن تتنافس عالميا والتي يمكنها تمييز منتجاتها وخدماتها على قاعدة العملاء الأكثر تمييزا، وأن المتغيرات في المحتوى الاجتماعي للأعمال ستتطلب قادة (رجال ونساء) ويمتلكون رؤية شاملة والقادرة على الرابط بين الموهبة والإبداع)) (San Silver, 2007: 2). ((يجب أن يكون القائد الجيد قادراً على إقناع الناس للسير في طريق معين الأمر الذي يتطلب القدرة على تغيير عقول الناس، ويجب أن يكون قادة الأعمال قادرين على التنبؤ بالديناميكيات المختلفة بين المنظمات القوية وفقا للاقتصاد الدولي المتعدد والأدوات الجيوبوليتيكية)) (Martha Lagace, 2007: 4). وانطلاقا من مقولة الحكيم الصيني كوفنشيوس (صورة واحدة تغني عن ألف كلمة) عمد الباحث إلى وضع أنماط القيادة الإدارية على شكل نخلة (مخطط) سمي (نخلة أنماط القيادة) من وجهة نظر الباحث ليبقى الباب مفتوحا للباحثين لإضافة أنماط قيادية أخرى بإضافة سعف (أغصان) أنماط قيادية أخرى عليه. (هناك أنماط متكررة جاءت وفق التقسيمات) وسيتم تناول كل نمط على حدة حسب المخطط المقترح:
الشكل نخلة أنماط القيادة
أولاً: أنماط القيادة الإدارية حسب المصدر
تتأثر القيادة الإدارية بالعديد من المتغيرات. فهي تظهر حركة التفاعل الرسمي للفرد من خلال تأثيرها في تابعيه أو مرؤوسيه، بحق السلطة الرسمية التي يمتلكها (Sean, 2007: 5) كما يظهر الدور القيادي في حركة العلاقات غير الرسمية بين الأفراد حينما يظهر أحدهم متمتعا باحترام واعتزاز الآخرين في هيكل جماعة العمل، (العطية، 2003: 233) وهكذا فلا يعد الدور القيادي حكرا على الطابع الرسمي، بل قد يكون الإطار الرسمي للفرد غير محقق للتأثير المطلوب بدرجة عالية بالمقارنة مع التأثير الذي يحققه في إطار التفاعلات غير الرسمية للأفراد (Gitman, 2000: 98) وذلك يظهر نوعين من أنماط القيادة الإدارية حسب المصدر وهما كالآتي:
1- القيادة الرسمية:
وهي القيادة التي تستمد سلطتها من خلال التنظيم الرسمي وعلاقاتها المتداخلة حسب طبيعة الارتباطات والمسؤوليات الإدارية المتمثلة بخطوط الهيكل التنظيمي. ويلعب الجانب الإشرافي دوراً مهما في إدارة أنشطة المنظمة، حيث يمثل المدير فيها الشخص الذي يقوم بممارسة الوظائف الإدارية تجاه جماعة من الأفراد العاملين المسئول عنهم. وعليهم، كمرؤوسين، تلقي التعليمات وتنفيذها وفقا للأنظمة السائدة. ويمثل المدير بموجب ذلك أي مستوى تنظيمي في هيكل المنظمة، سواء أكان مديرا لقسم أو لشعبة أو لوحدة، أو ملاحظ للعمل. (كلالدة، 1997: 87) وتتأثر عملية القيادة الرسمية بالعديد من المتغيرات، مثل حجم المنظمة (أو الوحدة التنظيمية) التي يعمل رئيسا لها، وتعقيدها، ودرجة وضوح التعليمات والأوامر المستخدمة، ومدى تخويل الصلاحيات، وكفاءة التنسيق في الفعاليات المتعلقة بدرجات الارتباط مع التقسيمات الأخرى. (Jahn R., 1999: 286).
ب- القيادة غير الرسمية
تظهر القياد غير الرسمية نتيجة لمواقف اجتماعية معينة يمكن أن تمليها طبيعة العلاقات أو التفاعلات الاجتماعية القائمة بين الأفراد. إذ لا يكون للباعث الرسمي دور في بروز هذا النوع من القيادة. ومما يسهم في ظهور هذا النوع من القيادة التباين الكبير في طبيعة الأفراد، واختلاف قابليتهم، ومكانتهم الاجتماعية وأدوارهم، بحث يلاحظ من خلال أي تجمع إنساني بروز قادة غير رسميين تفرزهم طبيعة التفاعلات القائمة بين الأفراد، مثل السمات الشخصية أو المؤهلات أو الإمكانات المتراكمة (السابقة) التي يمتلكها الأفراد والتي تؤهلهم لقيادة الجماعة بصورة غير محددة رسميا. (Pride, 2000: 97) كما تسهم بعض المواقف التي تمر بها الجماعة في ظهور أفراد قادرين على تحقيق أهداف الجماعة عن طريق الدافع عن مصالحها أو اتخاذ المواقف المناسبة للتعبير عن آرائها. (زايد، 2006: 23) ومن هنا يتضح بأن القيادة غير الرسمية هي حصيلة اجتماعية هادفة تتبلور من خلال التفاعلات الاجتماعية بين الأفراد، وتقوم على أساس ثقة الفرد بالقائد على أنه ذو مؤهلات شخصية أو اجتماعية أو مهنية تؤهله للدفاع أو التعبير عن مصالح الجماعة. ولذلك اهتمت الأوساط الصناعية بصورة خاصة بتعميق الوعي في مجال الاستفادة من هذه الحالة بين الأفراد لتحقيق أهداف (Ross, 1999: 67) كما تطلعت بعض الإدارات الرسمية، بشكل عام، إلى الاستفادة من الأشخاص القياديين من خلال إعطائهم مراكز رسمية لكسب ولائهم للمنظمة الرسمية والاستفادة من مؤهلاتهم القيادية في نشاطات المنظمة التي يعملون بها. غير إن هذه الحالة غالباً ما تواجه الكثير من الصعوبات، وبخاصة المواقف المتعلقة بالإفادة من القيادات غير الرسمية لصالح المنظمة الرسمية. (مليوت، 2001: 77).
نلاحظ مما تقدم إن أنواع القيادة حسب المصدر نوعان، الرسمية وغير الرسمية، فالقيادة الرسمية: هي القيادة التي تمارس مهامها وفقا لمنهج التنظيم (أي اللوائح والقوانين) التي تنظم أعمال المنظمة. فالقائد الذي يمارس مهامه من هذا المنطلق تكون سلطته ومسئولياته محددة من قبل مركزه الوظيفي، والقوانين واللوائح المعمول بها التي تشكل قوة ضاغطة على الإدارة في تلك المنظمات. أما القيادة غير الرسمية: فهي تلك القيادة التي يمارسها بعض الأفراد في التنظيم وفقا لقدرتهم ومواهبهم القيادية وليس من مركزهم ووضعهم الوظيفي، فقد يكون البعض منهم في مستوى الإدارة الفنية أو الإدارة المباشرة إلا إن مواهبه القيادية وقوة شخصيته بين زملائه وقدرته على التصرف والحركة والمناقشة والإقناع يجعل من هذا القائد ناجحا. فهناك الكثير من النقابيين في بعض المنظمات يملكون مواهب قيادية.
ثانيًا: أنماط القيادة الإدارية حسب الأسلوب القيادي
هناك تقسيم آخر للأنماط القيادية حسب الأسلوب القيادي وأجواء العمل على أربعة أنماط رئيسية هي: القيادة الاستبدادية والتي يطلق عليها صفة (الأوتوقراطية) والقيادة الديمقراطية والقيادة الفوضوية والقيادة غير الموجهة. (James, 2007: 6) وسيحاول المقال تسليط الضوء على هذه الأساليب على وفق الآتي:
أ- القيادة الاستبدادية
غالباً ما تطلق صفة (الرئيس) على القائد الاستبدادي عوضاً عن صفة (القائد)، ذلك لأن الشخص المستبد يتحكم في تابعيه ويتلاعب بمصائرهم بغير إرادتهم، ويضع خطته لهم منفرداً وبعيدا عنهم. ولا يشاركهم الرأي ولا يستمع إليهم، بل يملي عليهم أوامره ويطالبهم بتنفيذ الأوامر الاستبدادية دون نقاش. (جراهام، 1996: 215) بل إنه يفرض هذه الأوامر عليهم بأساليب تحكمية مسيطرة. ويطلق على القائد المستبد لفظ أوتوقراطي، لأنه يعتقد أنه من حقه التحكم في أتباعه بسبب ما يمتلكه من امتياز عليهم (مثلاً كأن يكون مديرا عاماً له خبرة عريقة، أو قوة أو شخصية أو سطوة). والقائد الأوتوقراطي يتصف غالباً بالصراحة والإيجابية والموضوعية (Schermerhorn, 1999: 76) فهو يعرف بالضبط ما يريد ويفعل في سبيل ذلك ما يشاء، ويتجه مباشرة إلى هدفه وكلمته هي القانون الذي لا يعلى عليه. ويتصف القائد الأوتوقراطي بالصفات التالية: (الاعتداد بالنفس والثقة المطلقة والكبرياء وعدم الاعتراف بأخطائه والتفاخر بنفسه وبإنجازاته والقسوة، حيث لا يبالي بالشعور والعواطف الإنسانية حتى بالنسبة للمحيطين به، البحث الدائم عن القوة والجاه بأي ثمن، يحتفظ بأسراره وأسرار العمل لذاته ويلقي اللوم على معاونيه متى فشل لكنه يحصل على التقدير لشخصه في حالة النجاح). (Stevenson, 1999: 56) وهناك نوعان من القائدة المستبدين (قادة جائرين وقادة عادلين). (يونس، 2006: 46).
1- القائد الجائر - هو القائد المستبد الذي يغلو في الاستبداد، ويجعل شغله الشاغل الحفاظ على سلطته وسطوته حتى ولو ضحى بمصالح جماعته.
2- القائد المستبد العادل - غالباً ما يكون محبا للخير، يدير الجماعة بروح الأسرة بالرغم من أن أسرته تعتمد عليه اعتماداً مطلقاً في تدبير كافة شؤونها. بيد أن الاعتماد المطلق هذا للقائد يعرض الجماعة للخطر متى غاب قائدهم عنها.
وبصفة عامة يمكن القول أن القياد الاستبدادية قد تفيد في المدى القصير، وبخاصة في الأزمات أو عند نشأة الجماعة. ولكن على المدى البعيد، تتحول القيادة الاستبدادية إلى مصدر تدمير وخراب للمنظمة، لأنها تجعل المرؤوسين يتذمرون ويتحولون إلى أعداء، وبالتالي تضعف معنوياتهم وتقل كفاءتهم ويصبيهم الإحباط. كذلك، فإن الفرصة تكون ضعيفة أمام المعاونين لكي يصبحوا قادة في المستقبل لأن القائد المستبد يلغي شخصياتهم ويفقدهم القدرة على القيادة.
ب- القيادة الديمقراطية
وفيها يقوم القائد باستشارة مرؤوسيه وأخذ آرائهم وإشراكهم في اتخاذ القرارات وتفويض كثير من سلطاته إليهم. (Jay, 1997: 45) وبصفة عامة فإن هذا الأسلوب في القيادة يؤكد أهمية أفراد المجموعة التي يتم قيادتها ويرفع معنوياتهم ويثير حماسهم للعمل بجد وكفاءة ويتيح الفرصة لبث روح الفريق الواحد والتعاون بينهم، فضلاً عن كون هذا الأسلوب وسيلة عملية لتدريب المرؤوسين وتطوير قدراتهم الإدارية. (بسمان، 2004: 15) (Shukla, 1995: 878) ويوجد نوعان من القيادة الديمقراطية هما:
1- القيادة الجماعية: وهي التي يشترك فيها عدد من القادة وتصدر قراراتهم باتفاقهم، وذلك مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ (القرآن الكريم، سورة الشورى: 38).
2- القيادة الفردية مع الاستعانة بالمستشارين: حيث لا يتخذ القائد قرارا إلا بعد أن يستشير في ذلك معاونيه ليتعرف على مختلف وجهات ويلم بكافة الآراء والحلول ثم يتخذ في النهاية قرارا منفرداً بعد أن يكون قد استنار وتكونت عنده خلفية واسعة من المعلومات. (القريوتي، 2000: 76) وفي هذا النوع من القيادة يقول الله تعالى: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ...﴾ (القرآن الكريم، سورة آل عمران: 159).
ت- القيادة الفوضوية
يتميز هذا الأسلوب القيادي بأن القائد يسمح للأعضاء بحرية التصرف، ويترك لمعاونيه العنان ليفعلوا ما يشاءون. فهم الذين يحددون الأهداف ويختارون طرق الوصول إليها، ويعملون كل ما يحلو لهم. (Mullins, 1996: 810) والقائد الفوضوي لا يشترك اشتراكا له أثره في شؤون الجماعة والتنسيق بين وحداتها، لهذا فإن من سمات هذه القيادة: (ازدواجية الجهود وإضاعة الكثير من الوقت وإهمال بعض الجوانب المهمة في أوجه النشاط، التوسع في تفويض السلطات، عمومية التعليمات والتردد وعدم الاستقرار). ومن النادر أن نجد هذا النمط في الحياة العملية، ولكننا إذا أردناه هنا لمجرد اكتمال التقسيم فحسب. (ناصر، 2006: 12) أيضًا يندر أن نجد في واقع الأمر قيادة استبدادية أو ديمقراطية مطلقة. ولكن نجد القائد يمارس قدرا من الاستبداد وقدرا من الديمقراطية في إدارته وفقا لما تمليه عليه الظروف التي يواجهها وما تقتضيه طبيعة المواقف التي يعيشها والأفراد الذين يقودهم أو يتعامل معهم.
ث- القيادة غير الموجهة
هذا النوع من القيادة ينجح عندما يتعامل القائد مع أفراد من ذوي المستويات العقلية والعلمية والأكاديمية العالية كما في مؤسسات البحث العلمي والدراسات المتخصصة ومراكز العلوم الطبية وغيرها. (الهواري، 2002: 250) في هذا النوع من القيادة يتنازل المدير لمرؤوسيه عن سلطة اتخاذ القرارات ويصبح في حكم المستشار، فهو لا يسيطر على مرؤوسيه بطريقة مباشرة ولا يحاول أن يؤثر عليهم بطريقة غير مباشرة. (Chandan, 1997: 507).
وعليه فإنه إذا قسمنا الخواص التي يمتلكها الشخص على نوعين قيادي وتبعي، وقسمنا سلوكه على نوعين كذلك: جماعي (يسعى لتحقيق مصلحة) وذاتي (يسعى إلى تحقيق مصالحه الخاصة المادية والمعنوية)، فإنه يمكن التوصل للأنماط القيادية الأربعة التي كيفت وفق الجدول الآتي:
الأنماط القيادية حسب الأسلوب القيادي
الخواص | السلوك | |
سلوك جماعي | سلوك ذاتي | |
خواص قيادية | قيادة ديمقراطية | قيادة مستبدة عادلة |
خواص تبعية | قيادة فوضوية | قيادة مستبدة جائرة |
ثالثًا: أنماط القيادة الإدارية حسب قدرات الذكاء العاطفي
إن التجاوب بين القائد ومرؤوسيه لا ينبع فقط من الأمزجة الجيدة للقادة أو قدرتهم على قول الشيء الصحيح، بل ينبع أيضًا من مجموعة كاملة من الأنشطة المنسقة التي تتضمن أنماطا قيادية خاصة. (Sarah, 2007: 3) وعادة فإن أفضل القادة وأكثرهم فاعلية يتصرفون وفقا لواحدة أو أكثر من ستة أنماط مختلفة للقيادة، ويتحولون بمهارة بين الأنماط المتنوعة حسب الموقف. (جولمان، 2004: 329).
أ- ذو البصيرة يحدث تجاوبا وصدى The visionary resonates
النمط ذو البصيرة هو الذي يدفع بقوة المناخ العاطفي إلى الأفضل، ويحول روح المنظمة عند العديد من المستويات، فالقادة ذوو البصيرة مثلاً، يشكلون فريقا، ولكن لا يذكرون كيف يتم ذلك -مما يمنح الناس الحرية للتجديد والتجريب، والقيام بمخاطرة محسوبة. (Amyzigkin, 2000: 13) فمعرفة الصورة الكبرى وكيفية التكيف والانسجام معه الذي يعطي الناس صفاء واضحاً، ويفهمون ما هو متوقعا منهم. كما أن الشعور بأن الكل يعمل من أجل أهداف مشتركة يبني التزام الفريق: يشعر الناس بالاعتزاز بالانتماء لمنظمتهم. ويجني القادة ذوو البصيرة ثمرة أخرى: فهم يحتفظون بأكثر الموظفين قيمة وأهمية. فإذا بلغ الناس حد التجاوب مع قيم شركة ما وأهدافها ورسالتها، فإن تلك الشركة تصبح المكان الأفضل للعمل لديهم. فالشركة البارعة تدرك أن رؤيتها ومهمتها تمنحان الناس ماركة فريدة، وهي طريقة تميزها للتفرد عن باقي الشركات في نفسالصناعة، ومن خلال وضع المهمة الجماعية في صيغة رؤية رئيسية، فإن هذا النمط يحدد معيارا للتغذية العكسية للأداء الذي يدور حول تلك الرؤية، فالقادة ذوو البصيرة يساعدون الناس على إدراك كيف إن عملهم يجد مكانه في الصورة الكبرى، مما يمنحهم إحساسا واضحاً ليس فقط بأهمية ما يقومون به بل ومعرفة سبب ذلك العمل، مثل هذه القيادة تعظم الانخراط في الأهداف العامة ذات الأجل الطويل للمنظمة واستراتيجيتها. (Bob Alden, 2001: 59).
- ما الذي يصنع القائد ذو البصيرة؟ What makes a visionary
القيادة الملهمة، هي كفاءة الذكاء العاطفي التي تطوق بشدة نمط القائد ذو البصيرة وتثبته، من خلال استخدام الإلهام إلى جانب ثلاثي الذكاء العاطفي: الثقة بالنفس و الوعي الذاتي والتقمص الوجداني، حيث يشكل القادة ذوو البصيرة غاية تجد تجاوب صادقاً لديهم وتضبطها على قيم مشتركة بين الناس الذين يقودونهم. ولأنهم يعتقدون بصدق في تلك الرؤية، فإنهم يستطيعون توجيه الناس نحوها بقبضة ثابتة. (Carychenis, 2000: 56) وعندما تأتي وقت تغيير الاتجاهات، فإن كفاءات الثقة بالنفس تكون محركا نحو التغيير وتمهد ذلك للتحول الهادئ. وتعد الشفافية وهي كفاءة أخرى للذكاء العاطفي، وهي من الضروريات الأخرى، ولكي يكسبوا مصداقية، على القادة أن يؤمنوا فعلاً بآرائهم. فإذا كانت رؤية قائد ما مخادعة. فإن الناس يشعرون بذلك. إضافة إلى ذلك فإن الشفافية تعني رفع الحواجز الموجودة داخل الشركة. فهي إذن حركة باتجاه الأمانة والصدق وتجاه تقاسم المعلومات والمعارف حتى يشعر كل الناس في كل مستويات الشركة أنهم مشمولون وبإمكانهم اتخاذ أفضل القرارات الممكنة. وفي حين إن بعض المديرين قد يكون لديهم انطباع خاطئ من احتكار المعلومة يعطيهم قوة. فإن القادة ذوو البصيرة يدركون إن توزيع المعرفة هو سر النجاح، وكنتيجة يتقاسمونها علناً وبجرعات كبيرة. ومع لك فمن بين كفاءات الذكاء العاطفي نجد إن التقمص الوجداني هو الأهم بالنسبة للقادة ذوو البصيرة. إذ إن القدرة على تحسين كيفية شعور الآخرين وفهم وجهات نظرهم يعني إن القائد يستطيع أن يشكل رؤية نافذة بصدق، أما القائد الذي يسيء قراءة الناس فإنه وببساطة لا يستطيع إلهاب حماسهم. وبسبب تأثيره الإيجابي فإن نمط القائد ذي البصيرة يصلح جيداً في العديد من المواقف بالشركات والمنظمات، ولكن يمكن أن يكون ذا فعالية خاصة إذا كان التنظيم تائها -بلا هدف- خلال منعطف أو لما يكون في حاجة ماسة لرؤية جديدة ولا عجب أن يأتي النمط ذو البصيرة طبيعياً للقادة القادرين على التحويل -هؤلاء الذين يسعون لتغيير التنظيم تغييرا جذريا. إلا أنه وبرغم قوته، فإن نمط ذو البصيرة لا ينجح في كل المواقف. (Thomaslewis, 2000: 67) فقد يفشل، مثلاً، عندما يكون القائد يعمل مع فريق من الخبراء أو الرؤساء الذين يفوقونه خبرة -والذين قد يعتبرون القائد الذي يعرض رؤية كبيرة مغرورا، أو بعيداً عن برنامجهم الحالي. فهذه الخطوة الخاطئة يمكن أنت تحدث السخرية، التي تشكل أرضية خصبة للأداء الضعيف. أما القيد الآخر فهو عندما يصبح القائد الذي يسعى لأن يكون ملهما، يصبح مستبدا، فهو قد يقوض روح المساواة التي تميز الإدارة التي تعتمد عمل الفريق.
ب- فن الواحدة بواحدة (المعلم أو المدرب الخصوصي)
The art one - on - one: the coaching:
النمط التدريبي (coaching) إن كل قائد يحتاج لأن يكون مدربا خاصاً جيداً، فإن القادة يميلون إلى إظهار هذا النمط، ففي هذه الأوقات التي تتميز بارتفاع الضغط، والتوتر، يقول القادة: إنه ليس لديهم الوقت ليكونوا مدربين خصوصيين، وبإهمال هذا النمط، فهم يفقدون أداة فعالة، ولأن كان ذلك النمط يركز على التنمية الفريدة بدلاً من إنجاز المهام، فإن النمط عموماً ما يتنبأ باستجابة عاطفية إيجابية بشكل بارز وبنتائج أفضل، بغض النظر عن الأنماط الأخرى التي يعتمدها القائد. فمن خلال التأكد من النظر إنهم أجروا محادثات شخصية مع الموظفين، ينشئ القادة المدربون ألفة وثقة. يتصلون عن اهتمام حقيق بمرؤوسيهم، بدلاً من اعتبارهم مجرد أدوات لإنجاز العمل. وهذا النمط الذي يبدو فيه القائد وكأنه مدرب خاص بالتالي يخلق حوارا متواصلا يسمح للموظفين بالإصغاء للتغذية العكسية عن الأداء بانفتاح أكبر، إذ يرونه يخدم طموحاتهم الخاصة، وليس لمصلحة الرئيس فقط. ويقول (Patrick Obrian)، رئيس شركة (جونسون وات دورز) وهي شركة استجمام خارجي، (إن التمكن من معرفة الناس بشكل فردي وشخصي أهم من أي وقت، فإذا قضيت في البدء ساعة في حديث شخص مع شخص ما، فإنه يقفز إلى ذهنك حتى بعد مرور ستة أشهر). (Shelley, 2001: 3).
1- المدرب الخاص خلال عمله: the coach in action وكيفية إبراز مقدرة التدريب في القائد؟
إن المدربين يساعدون الناس على التعرف على قواهم الفريدة ونقاط ضعفهم، ويربطونها بطموحاتهم الشخصية والمهنية. فيشجعون الموظفين على وضع أهداف تنموية طويلة الأمد، كما يساعدونهم على تصور خطة لبلوغ تلك الأهداف، في حين يكونوا صرحاء بشأن مسؤولية القائد وما عسى أن يكون دور الموظفين في ذلك. وميلهم إلى الانجذاب نحو سمات الوظيفية التي يحبونها أكثر، خاصة السمات أو الوجوه التي تتعلق بأحلامهم، وهويتهم، وطموحاتهم. (James E, 2002: 87) ومن خلال ربط العمل اليومي للناس بهذه الأهداف طويلة الأمد، فإن أولئك القادة الذين يهتمون بالأفراد كل على حدة يبقون عليهم محفزين. من خلال التعرف على الموظفين على مستوى شخصي أعمق، يمكن للقادة أن يشرعوا في جعل تلك الصفة واقعاً. فأولئك القادة بارعون أيضًا في تفويض السلطات، وإعطاء الموظفين تكليفات تثير التحدي المبذول فيها الكثير من الجهد، بدلاً من تلك المهام التي تحقق إنجاز العمل ببساطة. ذلك النوع من بذل الجهد له تأثير إيجابي خاص على مزاج الشخص، فهناك طعم خاص للنجاح يدفع الناس إلى ما وراء قدراتهم. (Cynthia Noble, 2000: 44) إلى جانب ذلك فإن المدربين عادة ما يسمحون (بالإخفاق) على المدى القصير، إذ يدركون أن ذلك قد يعزز أحلام الموظف. ولا عجب إن وجدنا أن ذلك النمط من القيادة Coaching له تأثير أفضل مع الموظفين الذين يظهرون مبادئ ويرغبون في إحراز تقدم مهني. ومن جهة أخرى، فإن التدريب سيفشل عندما يكون الموظف يفتقر للحافز أو يتطلب توجيهاً شخصيا واضحاً وتغذية مرتدة- أو عندما يكون القائد يفتقر للخبرة لمواجهة الأزمة لدفع الموظفين قدما. وعندما ينجز هذا النمط دوره بشكل هزيل، فإنه يشبه إلى حد كبير الإدارة الجزئية أو الرقابة المفرطة على الموظف. مما يؤدي إلى نسف ثقة الموظف بنفسه وخلق هبوطاً لولبيا في الأداء. ولسوء الحظ، هناك مديرون يجهلون -غير بارعين في- ذلك النمط القيادي، خاصة إذا تعلق الأمر بإعطاء تغذية مرتدة مستمرة حول الأداء والتي تبني التحفيز بدلاً من الخوف واللامبالاة. فكثير، مثلاً ما يظن القادة، الذي يعتبرون منظمين - ممن يركزون فقط على الأداء العالي - إنهم يقومون بدور المدرب الخاص في حين إنهم في الحقيقة يقومون بأدوار جزئية أو ربما ببساطة يبلغون الناس كيف ينجزون أعمالهم. مثل هؤلاء القادة كثيرًا ما يركزون فقط على الأهداف القصيرة المدى، مثل أرقام المبيعات. تلك النزعة الموجعة تمنعهم من اكتشاف طموحات الموظفين على المدى الطويل - والموظفون، بدورهم، يمكن أن يعتقدوا أن القائد يعتبرهم مجرد أدوات لإنجاز مهمة ما، وهو ما يجعلهم محبطين بدلاً من كونهم محفزين. (Mitchell, 2000: 32) إلا أن نمط المعلم أو المدرب الخصوصي إذا ما تم إتقانه لا يدعم كفاءات الموظفين فقط بل أيضًا ثقتهم بأنفسهم، مما يساعدهم على العمل بحرية أكثر وبمستوى أعلى من الأداء.
2- ما الذي يصنع المدرب؟ Who Makes a coach
التدريب (Coaching) يمثل كفاءة الذكاء العاطفي في تطوير وتنميةالآخرين وتجعل القائد يتصرف كمستشار، يستكشف أهداف الموظفين وقيمهم ويساعدهم على توسيع ذخيرتهم الخاصة من القدرات إذ (يعتبر تطوير مجموعة من الخلفاء المتوقعين أحد أهم الوظائف الأساسية للرئيس التنفيذي) (Scan, 2007: 4). وهذه الكفاءة تعمل جنباً إلى جنب مع كفائتين أخريين اللذين يشكلان مثلاً أفضل للمستشارين: الوعي الذاتي العاطفي والتقمص الوجداني. الوعي الذاتي العاطفي يخلق قادة صادقين وقادرين على إسداء النصيحة التي تكون بصدق إلى أبعد حد في صالح الموظف، بدلاً من النصيحة التي تترك الإنسان يشعر أنه خدع أو حتى تعرف للاعتداء. والتقمص الوجداني يعني أن القادة يصغون (أم لا) قبل أن يكون لهم رد فعل أو يفسحون مجالاً لتغذية مرتدة، وهو ما يسمح بالتفاعل أو يبقى متمركزا نحو الهدف. وبالتالي فإن القادة الجيدين، كثيرًا ما يسألون أنفسهم: هل هذا يتعلق بقضيتي وهندفي، أو قضيتهم وأهدافهم؟ ومما يدعوا للدهشة أن ينبع التأثير العاطفي الإيجابي للتدريب الخصوصي بشكل كبير من التقمص الوجداني والصلة التي يقيمها القائد مع الموظفين. فالمدرب الجيد ينقل إيمانه بإمكانيات الأشخاص الآخرين، ويتوقع أن بمقدورهم أن يبذلوا قصارى جهدهم. والرسالة الضمنية هي: إني أؤمن بكم إني استثمر فيك، وانتظر منكم بذل قصارى جهدكم، وكنتيجة، فإن الناس يشعرون أن القائد يهتم لشأنهم، لذلك يشعرون بدافع داخلي لدعم مقاييسهم العالية من الأداء، ويشعرون أنهم مسئولون عن مدى إتقانهم عملهم. حيث يتخذ التدريب (Coaching) أحيانًا شكل برنامجا تعليميا إرشاديا نشيطا. كما في الشركات التي ازدهرت لتدوم عقود كثيرة، يظهر تطوير القيادة المتواصل. (James, 1994: 54). وفي الوقت الذي أصبحت فيه الشركات تجد صعوبة كبيرة في الاحتفاظ بالموظفين الموهوبين الواعدين، فإن هذه الشركات التي تزود موظفيها بخبرات تطوير مغذية هي أكثر نجاحا في خلق موظفين مخلصين أوفياء. وباختصار، فإن أسلوب التدريب (Coaching) قد لا يحدث أثراً كبيراً في النتائج الهزيلة، بل يخفف من حدتها بشكل غير مباشر ومدهش.
ت- بناء العلاقات (النمط الاندماجي) Relationship Builders: the affinitive style:
هذا التقاسم الصريح للعواطف يعد سمة مميزة لنمط القياد الاندماجية حيث يميل هؤلاء القادة لتقدير الناس ومشاعرهم - وتقليل التركيز على المهام المؤداة والأهداف، وزيادة التركيز على حاجات الموظفين العاطفية. فهم يكافحون لجعل الناس سعداء، ولخلق الانسجام وبناء التجاوب في الفريق، وبالرغم من محدوديته كدافع مباشر للأداء، إلا أن للنمط الاندماجي تأثيرا إيجابيا بشكل مدهش على المناخ العام للجماعة، لا يسبقه سوى النمطين ذويي البصيرة والمعلم أو المدرب الخصوصي في دفع كل المعايير إلى أعلى. (Daniel, 2001: 98) فمن خلال الاعتراف بأن الموظفين بشر - وتقديم الدعم العاطفي لهم في الأوقات العصيبة في حياتهم الخاصة- يبني هؤلاء ولاء هائلا ويزيدون في قوة الإحساس بالانتماء. فمتى يكون للنمط الاندماجي معنى؟ إن تأثيره الاندماجي بشكل عام يجعل منه بناء للتجاوب في كل الأحيان على اختلافها، لكن ينبغي على القادة أن يطبقوه بالخصوص عند السعي لزيادة انسجام الفريق، ورفع المعنويات، وتحسين التواصل، أو معالجة الثقة المهزوزة داخل التنظيم. لتضع العديد من الثقافات قيمة هائلة للروابط الشخصية القوية، جاعلين بناء العلاقات شرطاً أساسياً في نشاط الأعمال. ففي كثير من الثقافات الآسيوية كما في أمريكا اللاتينية أيضًا وبعض الدول الأوروبية يعتبر إقامة علاقة قوية شرطاً مسبقاً لممارسة نشاط الأعمال. وهذه الخطوة تأتي بشكل طبيعي للقادة الذين يعتمدون النمط الاندماجي.
1- ما الذي يصنع قائدا اندماجيا؟ Who makes an affinitive Leader
يجعل النمط الاندماجي الكفاءة التعاونية على المحك. فمثل هؤلاء القادة نجدهم منشغلين بتعزيز التناغم وتشجيع التفاعلات الودية. ورعاية علاقات شخصية من شأنها توسيع النسيج التحامي مع الناس الذين يقودونهم. وبشكل مماثل فإن القادة الاندماجيين يثمنون الأوقات العصيبة (أوقات الركود والكآبة) في دور المنظمة، والتي تتيح مزيداً من الوقت لبناء الكفاءات العاطفية التي يمكن اللجوء إليها والاعتماد عليها عندما يكون هناك ضغط. عندما يكون القادة اندماجيين، تجدهم يركزون على الحاجيات العاطفية للموظفين، وربما من أهداف العمل. فالتركيز يشكل التقمص الوجداني - القدرة على إدراك مشاعر الآخرين وحاجياتهم ووجهات نظرهم - وهي كفاءة أساسية أخرى هنا. فالتقمص الوجداني يمكن القائد من الإبقاء على الناس سعداء وذلك من خلال الاهتمام بالكل. (John, 2000: 53).
2- عندما لا يكن كافيا أن تكون ودودا: When being nice isn't enough
قال أحد نواب رئيس شركة سلع استهلاكية عالمية رأس مالها 6 مليارات دولار: نحن لا نعرف كيف يمكننا أن نكون ودودين وصرحاء في نفس الوقت. نحن شركة عائلية موجهة بالعلاقات. إذ يركز قادتنا على تقدير الأشخاص واحترامهم. وإذا ما ضللنا طريقنا، فبسبب انشغالنا الكثير بالحفاظ على انسجام الأمور. فنحن طيبون بشكل مفرط. إذ إننا نتهرب من المواجهة، وبالتالي فإننا لا نعطي نوع التغذية العكسية التي من شأنها أن تساعد الناس على النمو. (Michael, 2008: 66) هناك خلل واضح إذا ما اعتمد القائد على المنهج الاندماجي فقط: فالعمل يحتل المرتبة الثانية بعد المشاعر، والقادة الذين يفرطون في استخدام هذا النمط يتجاهلون توفير التغذية المرتدة المصححة للأداء والتي تساعد الموظفين أن يتحسنوا. فهم يميلون نحو القلق المفرط بشأن تحقيق الانسجام مع الناس، وذلك على حساب المهمة أو العمل الذي بين أيدينا في غالب الأحيان. ولقد وجد أن هذا النوع من الاندماج القلق يفسد المناخ بدلاً من أن يحسنه. ويبقهم قلقون بشأن ما إذا كانوا محبوبين أو لا. وتفاديهم للمواجهة قد يسبب انحراف المجموعة، ويوجهها للفشل. ومن السهل أن يصبح هؤلاء القادة بدون معلومات موثقة، فموقفهم الاندماجي المفرط يخلق موقفا يكونوا فيه آخر من يعلم بالأخبار السيئة. وفي الأزمات عندما يكون الناس بحاجة لتعاليم واضحة لشق طريقهم عبر تحديات معقدة. فإن القادة الذين يفتقرون للمعلومة الموثقة -رغم أنهم ودودون - يتركون أتباعهم من دون دفة توجيه - وليس فقط المهام الموكلة لهم والتي تقع تحت مسؤوليتهم. والتقمص الوجداني لدى القائد يجعل من النمط الاندماجي أفضل منشط للروح المعنوية على الإطلاق، يزكي أمزجة الموظفين حتى عندما يمرون بجهد عبر مهماتهم الرتيبة والمتكررة. وأخيراً فإن النمط الاندماجي يعتمد أحيانًا أيضًا على كفاءة الذكاء العاطفي المتمثلة في إدارة الصراع عندما يشتمل التحدي على حبك نسيج يجمع بين أشخاص مختلفين أو متخاصمين في فريق عمل منسجم. بالرغم من فوائده، فإن النمط الاندماجي لا يجب أن يستخدم لوحده. (Robert J, 2001: 227) فتركيز هذا النمط الحصري على المديح يمكن أن يسمح بمرور الأداء الهزيل دون تصحيح، وربما اعتبر الموظفين إن تلك المقدرة المتوسطة مسموح بها.
من ذلك يتبين إن القادة الاندماجيين نادراً ما يقدمون نصيحة بناءة حول كيفية التحسين، فإن الموظفين يتركون لشأنهم لتصور كيف يمكنهم القيام بذلك. وربما لهذا السبب نجد أن العديد من القادة الاندماجيين يعتمدون هذا النمط بارتباط كبير مع النمط ذي البصيرة فالقادة الملهمون يطرحون مهمة، ويضعون المعايير، ثم يتركون الأشخاص يدركون ما إذا كان عملهم يدفع بأهداف المجموعة قدما وإذا جمعنا ذلك النمط الحريص لدى القائد الاندماجي، فإننا نحصل على مزيج فعال.
ث- النمط الديمقراطي: democratic type
إن المنهج الديمقراطي يعمل بشكل أفضل عندما يكون القائد غير متأكد من الاتجاه الذي ينبغي أن يسلكه ويحتاج إلى أفكار من الموظفين القادرين على تقديمها. (Morgan W, 1998: 75) ويبدو أن هذه هي الحال التي مر بـ (لوي جير ستنير- الابن) Louis gerster الذي أصبح رئيسا لشركة أي بي أم IBM عام 1993 عندما كانت الشركة على شفا الموت. بما أنه كان غريباً عن عالم صناعة الكمبيوتر، كان على (جير ستنير) أن يعتمد على النمط الديمقراطي، وكان يرجع إلى أكثر الزملاء تمرسا وحصافة طلباً للمشورة. وفي النهاية، بالرغم من أنه لجأ إلى تقليص النفقات بمبلغ 9 مليارات دولار في السنة، وتسريح آلاف الموظفين بشكل مؤقت، فقد قاد (جير ستنير) تحولا ناجحا بشكل مثير. راسما بذلك مسارا استراتيجيا جديداً للشركة. وعند تذكر ما حصل، تعجب (جير ستنير) من إن قراراته اليومية كانت تستند في الحصول على بعض النصائح الجيدة من الزملاء الذين كانوا يعرفون الكثير عن أي. بي. أم: Lou Gerstner on the 1993 IBM turnaround
(Srever, 2000: 322) وحتى عندما يكون للقائد رؤية قوية، فإن النمط الديمقراطي يعمل جيداً في الكشف عن أفكر تتعلق بكيفية تنفيذ تلك الرؤية، أو لتوليد أفكار مبتكرة لتنفيذها. يقضي David Morgan مثلاً، وهو رئيس تنفيذي لمصرف وست باك في استراليا، نحو عشرين يوماً كل عام مع مجموعات مختلفة من بين أفضل موظفيه الثمانمائة، بواقع أربعين في كل مرة. وقال (Morgan) إنها جلسة يمدونني خلالها بتغذية عكسية، أريد أن أعرف كيف يكون الأمر حقاً. إذا كان صحيحاً أنه بإمكان شخص ما جالس في ركن منعزل من مكتب، أن يدير نشاطا، لم يعد هذا صحيحاً اليوم. الخطر الكبير هو أن تبقى بمعزل عن مجريات الأمور وما يحدث. وحتى تكون جلسات التغذية العكسية تلك مفيدة، ينبغي أن يكون القائد منفحتا على كل شيء على الأخبار السيئة وعلى الجيدة على حد سواء. وأضاف (Morgan) قائلاً: (عليك أن تصغي إلى أشياء واقعية حادة القسوة، ولكن إذا ما قطعت رأس واحد منهم لقوله لي الحقيقة المرة، فإنهم سيمتنعون عن التحدث إلي مرة أخرى. على أن أبقي على الأمور آمنة لكل شخص حتى يعبر عن رأيه بصراحة دون خوف. لا توجد مشكلة لا نستطيع حلها إذا كنا غير متحفظين بشأنها). (Mark, 2000: 249) إذ إن للنمط الديمقراطي التي تثير السخط إلى ما لا نهاية له حيث يتم التفكير مليا في الأفكار، ويصبح الاجتماع في الرأي أمراً بعيد المنال، وتصبح النتيجة المرئية هي جدولة المزيد من الاجتماعات. فالقائد الذي يؤجل القرارات الحاسمة آملا في الحصول على استراتيجية جماعية قد يكون عرضة لمخاطر العصبية الشديدة وستتمثل التكلفة في الارتباك والتشويش. وفقدان الاتجاه مع تأجيلات متواصلة وتفاقم النزاعات، فإن طلب نصيحة الموظفين في حالة أنهم غير مطلعين أو غير أكفاء قد يؤدي إلى الكارثة. وبشكل مماثل فإن السعي وراء إجماع الرأي توجه خاطئ في وقت الأزمة، عندما تتطلب الأحداث الطارئة قرارات فورية. لنأخذ على سبيل المثال وضعية رئيس تنفيذي تحت ملاحظاته كانت شركته المتخصصة في الكمبيوتر مهددة بتقلب سوقها، إلا أنه أصر على الحصول على إجماع في الرأي حول ما ينبغي عليه أن يفعل. وبينما أن المنافسين استولوا على عملائه - وتغيرت حاجات العملاء- استمر هذا المدير التنفيذي في تعيين اللجان لدراسة استجابات بديلة. ولكن، ما أن تحول السوق فجأة بسبب دخول تكنولوجيا جديدة. تجمد هذا الرئيس التنفيذي في مساراته. وقبل أن يدعوا إلى اجتماع طارئ آخر للنظر في الوضع، قام مجلس الإدارة باستبداله.
- ما الذين يصنع القائد الديمقراطي؟ What Make a democratic Leader
يبنى النمط الديمقراطي على ثلاث قدرات من الذكاء العاطفي: فريق العمل (التعاون) وإدارة الصراع والتأثير. إن أفضل الأفراد الذين لهم القدرة على الاتصال هم منصتون ممتازون - والإصغاء قوة أساسية لدى القائد الديمقراطي. فهؤلاء القادة يخلقون شعورا بأنهم يريدون فعلا الإصغاء لأفكار موظفيهم واهتماماتهم وإنهم دائما متاحون للإنصات. كما أنهم متعاونون صادقون، يعملون كأعضاء في فريق بدلا من اعتبار أنفسهم قادة مهيمنين. ويعرفون أيضًا كيف يخمدون الصراع ويخلقون شعور بالانسجام -فيصلحون التصدعات التي تصيب الجماعة. مثلا تلعب كفاءة التقمص الوجداني وهي إحدى عناصر الذكاء العاطفي دورا في القيادة الديمقراطية، خاصة عندما تكون الجماعة متنوعة كثيرا. فبدون القدرة على الانسجام مع مجموعة كبيرة من الأشخاص يكون القائد أكثر عرضة للوقوع في الأخطاء. (Jim, 2001: 120).
- الأنماط الأربعة الأولى للقيادة- ذوي البصيرة والمدرب والاندماجي والديمقراطي، عوامل أكيدة لبناء التجاوب والصدى. فكل واحد منها له تأثيره الإيجابي القوي الخاص به على المناخ العاطفي في التنظيم. أما النمطان الآخران نمط المنظم ونمط الآمر المسيطر لهما أيضًا دورهما ضمن مجموعة أدوات القائد. ولكن يجب استخدام كل واحدة منها بمهارة إذا أردنا أن تكون ذات تأثير إيجابي. فعندما يفرط القادة في استعمال نمط المنظم ونمط الآمر المسيطر، وباعتماد هذين النمطين كثيرًا أو بشكل متهور، فإنهم يبحثون عن التنافر، وليس التجاوب.
- الأنماط المتنافرة تطبق بحذر The dissonant styles apply with caution
يمثل الصعود المذهل لشركة EMC وهي شركة نظم تخزين البيانات من لا شيء إلى شركة تحتل مركز الطليعة في العالم، بين الحماس من قبل أولئك الذين أخذوا على عاتقهم مبادئ تأسيس هذه الشركة وتحملوا مخاطرها. (Thomas, 2000: 65) فطيلة سنوات عديدة، عمدت قادة الإدارة العليا للشركة دفع قوتها البيعية فقي سباق محمود مقصود للتغلب على المنافسة. وبالفعل قال المدير التنفيذي للشركة Michael R Ruettgers: أنه انتقى مديري مبيعات بالاعتماد على توافر الدوافع للفوز لديهم، وهو يعزو نجاح EMC إلى روح القتال عند رجال التسويق فيها. قال أحد مديري المبيعات بالشركة: كنا مثل ثيران حلبة المصارعة، ولكن الفرق هو أننا كنا ثيران مطلقة العنان. وجلب ذلك العناد والمثابرة عائدات ضخمة: ففي عام 1995، العام الأول الذي شحنت فيه EMC نظم تخزين مفتوحة، بلغت المبيعات 200 مليون دولار. ومع حلول عام 1999، أصبحت EMC الشركة التي لم يكن يهتم لأمرها أحد - إحدى أربع شركات أمريكية حققت أعلى الرتب فيما يتعلق بعائد حملة الأسهم ونمو المبيعات ونمو الأرباح وصافي هامش الربح وعائد المساهمة (Business week, "The Best Performers," 29 March 1999, 98)) يجسد (Ruettgers) وفريق إدارته نمط المنظم وضابط الإيقاع في العمل: القادة الذين يتوقعون التميز ويجسدونه. بإمكان هذا النمط إن ينجح لحد كبير، خاصة في المجالات التقنية، بين محترفين ذوي كفاءات عالية، أو -مثلاً حصل في EMC بفريق مبيعات نشط للغاية، ونمط المنظم له جدواه خاصة خلال مرحلة الإنشاء وتحمل المخاطر من دورة حياة شركة ما، لما يكون النمو أمراً في منتهى الأهمية. فكلما كان كل أفراد الجماعة ذوي كفاءة عالية، ولديهم الدوافع القوية، وفي حاجة للتقليل من التوجيه، كان بإمكان هذا النمط أن يعطي نتائج مبهرة. فإذا ما كان لديهم فريق موهوب، تمكن القائد المنظم من إنجاز العمل في الوقت المحدد، أو ربما قبل الأوان. (Richard J, 2000: 890).
ج- الاقتصاد في استخدام المنظم: pacesetting: use sparingly
إن وجد نمط المنظم لنفسه مكاناً ضمن أدوات القائد، فينبغي عليه أن يستخدمه بشكل اقتصادي حسب الأوضاع التي قد ينجح فيها فعلاً. بالرغم من كل ذلك فإن سمات نمط المنظم تبدو محل إعجاب: فالقائد يمتلك ويجسد مقاييس عالية من الأداء بشكل أفضل وأسرع، ويتطلب من الكل فهم ذلك. (Jim Lohr, 2000: 89) وبسرعة يعترف على ذوي الأداء الضعيف، ويطلب منهم المزيد، وفي حال لم يرتقوا للمستوى المطلوب، فإنه ينقذ الموقف بنفسه. ولكن في حال ما إذا طبق القائد هذا النمط بإفراط أو تفريط. أو في الوضع غير المناسب، فإنه يقد يترك لدى الموظفين شعوراً بأنهم محل ضغط كبير من مطالب القائد القاسية. وبما إن المنظمين عادة ما يكونون غير واضحين حول الخطوط العريضة -يتوقعون من الآخرين أن يدركوا لوحدهم ما ينبغي فعله- فإن التابعين كثيرًا ما يخمنون مرتين بشأن ما يريده القائد. والنتيجة إن المعنويات تهبط عموديا عندما يرون قائدهم يدفعهم بقسوة - أو ربما الأسوأ إذا شعروا أن القائد لا يهتم فيهم في إنجاز العمل بطريقتهم.. والأكثر من ذلك هو أن المنظمين قد يركزون على أهدافهم بشكل يجعلهم يظهرون وكأنهم لا يهتمون بالأشخاص الذين يعدون لهم بلوغ الأهداف. والنتيجة الفعلية هي التنافر. إن المنظم، في أغلب الأحيان، يسمم المناخ العام - خصوصاً بسبب التكاليف العاطفية، عندما يعتمد عليها القائد أكثر من اللازم. وبالأساس تتمثل معضلة المنظم في التالي: كلما أكثر من الضغط على الناس لتحقيق نتائج، كما أثار ذلك الشعور بالقلق. بالرغم من أن الضغط المعتدل يمكن أن يزود الناس بالطاقة - فعند مواجهة تحدي إتمام العمل في الوقت المحدد، مثلاً - فإن الضغط العالي المتواصل يمكن أن يسبب الضعف والوهن. (Gabriel, 2000: 357) وإذا ما تحول الناس عن السعي وراء رؤية مثيرة، فإن هموم البقاء تتملكهم فالضغط يقيد موهبتهم عن التفكير الباعث على الابتكار والتجديد. بالرغم من إن المنظمين قد يحصلون على الطاعة والإذعان - وبالتالي على ارتفاع قصير المدى في النتائج - إلا أنهم لا يحصلون على الأداء الحقيقي الذي يمكن أن يحققه الأفراد.
- المنظم وضابط الإيقاع الفعال (المكونات) Effective pacesetting: the ingredients
ما الذي يلزم ليكون المرء قائدا يعتمد على ضبط الإيقاع بنجاح؟ يكمن أساس الذكاء العاطفي لهذا النمط في دافع بلوغ الأهداف من خلال إيجاد الوسائل باستمرار لتحسين الأداء - إلى جانب جرعة كبيرة من المبادرة لاغتنام الفرص السانحة. وتعني القدرة على الإنجاز سعى قادة ضبط الإيقاع لتعلم مناهج جديدة من شأنها أن ترفع من مستوى أداءهم وأداء أولئك الذين يقودونهم. كما تعني أيضًا أن هؤلاء القادة لا يتم تحفيزهم من خلال المكافآت الخارجية، مثل المال أو الألقاب، بل بالحاجة القوية لإشباع معاييرهم العالية للتمييز. ويتطلب ضبط الإيقاع أيضًا روح المبادرة واستعداد الشخص المغامر لاغتنام وخلق الفرص لتحسين الأداء. (Obias, 2008: 32) ولكن في حال ظهوره في غياب كفاءات الذكاء العاطفي الأخرى، فإن دافع الإنجاز هذا قد يخفق. فغياب التقمص الوجداني، مثلاً، يعني إن قادة من هذا الصنف قد يركزون وبسعادة على إنجاز الأعمال في حين يتناسون مخاطر التسبب في الشعور بالأسى لدى هؤلاء الذين يقومون بتلك الأعمال. وبشكل مماثل فإن غياب الوعي الذاتي يترك قادة ضبط الإيقاع لا يبصرون عيوبهم. من بين الكفاءات الأخرى التي قد يفتقر لها قادة من هذا الصنف نذكر القدرة على التعاون أو التواصل بفعالية (خاصة مهارة تقديم تغذية مرتدة مفيد حول الأداء في الوقت المناسب). والافتقار الأكثر فداحة هو الإدارة الذاتية العاطفية، وهذا النقص يظهر في شكل إدارة جزئية أو نفاد الصبر - أو شيئاً أسوأ من ذلك. وعموما، فإن ضبط الإيقاع يمكن أن يعمل جيداً بالترادف مع أساليب قيادية أخرى مثل الشغف بنمط ذي البصيرة وبناء الفريق بالنسبة للنمط الاندماجي. وتبرز أكثر المشاكل المعتادة لدى ضابطي الإيقاع عندما يرتقي فني بارز إلى منصب الإدارة، فإذا كان المنصب يفوق كفاءة الشخص حتى وإن كان لديه كل المهارات الفنية التي يحتاجها لمنصبه القديم، ولكن امتلك شريحة ضيقة من المهارات القيادية الضرورية لمنصبه الجديد. فإنه سيصبح قائدا يقوم بعمل الآخرين عندما يتعثرون، ولا يستطيع أن يفرض المسؤولية لأنه لا يثق بأن الآخرين قادرون على تقديم أداء يضاهي أداءه، ويسارع دوما إلى إدانة الأداء الضعيف، ويقتر في تقديم المديح للعمل الجيد. (Richard H, 1999: 73) هنالك علامة أخرى لضابطي الإيقاع وهي أنهم يفوقون في الجوانب الفنية من العمل الذي يريدونه، ولكنهم يستنكفون التوجه التعاوني الذي تتطلبه القيادة. عندما يستخدم القادة نمط ضبط السرعة، فإنه لا ينقصهم فقط الرؤية، بل أيضًا القدرة على التأثير (التجاوب). وغالباً ما نجد أن هؤلاء القادة تدفعهم الأرقام فقط - وهي ليست كافية دائماً لإلهام الناس أو تحفزيهم.
ح- نفذ الأوامر: القيادة من خلال إصدار الأوامر:
Do it because I say so: Leading by command:
كانت شركة كومبيوتر تنزف: المبيعات والأرباح تنهار، والأسهم تفقد قيمتها بسرعة كبيرة، والمساهمون في اهتياج. جلب مجلس الإدارة رئيسا تنفيذيا جديداً له سمعة طيبة وبارع في إحداث التحول والتحسن، فبدأ في تبديل الوظائف، وتصفية بعض الأقسام، والقيام بالأعمال القاسية والقرارات غير الشعبية التي كان يجب أن تتخذ منذ سنوات. وبالنهاية، تم إنقاذ الشركة - على المدى القصير- ولكن بثمن غال () فمنذ البداية، أوجد الرئيس التنفيذي جوا من الرعب، وعلى الخصوص في صفوف مرؤوسيه المباشرين. فقد كان عبارة عن جنكيز خان حديث، فقد كان يؤنب ويحقر كبار موظفيه، في الإدارة العليا ويعبر عن عدم راضه من أقل خطأ يقع. وخوفا من نزعته لـ قتل كل من لديه أخبار سيئة، توقف مرؤوسيه المباشرين عن تزويده بأية تقارير أو أخبار. وسرعان ما تخلى عنه أفضل موظفيه في الإدارة العليا - وقام الرئيس التنفيذي بطرد العديد ممن تبقى. وغابت المعنويات العالية عن الشركة برمتها، وانعكست هذه الحقيقة في انهيار آخر في الأعمال بعد الانتعاش القصير الذي شهدته، وفي النهاية تم طرد مجلس الإدارة ذلك الرئيس التنفيذي. فمن المؤكد إن عالم الأعمال يزخر بالقادة القمعيين الذين لهم تأثيرهم السلبي على مرؤوسيهم وعليهم مؤشرات وانتقادات كثيرة. فعندما كانت هيئة مستشفى كبيرة، على سبيل المثال، تخسر أموالاً كثيرة، قام مجلس الإدارة بتعيين رئيسا ليكون قادراً على إدارة دفة النشاط فقد قام بتقليص عدد الموظفين بدون شفقة أو رحمة، وخاصة في مجال التمريض. وبدا المستشفى يبدو وكأنه مربح أكثر، ولكنه في الحقيقة كان يشكو في نقص كبير في عدد العاملين. (James E, 2002: 65) فلم يستطع أن يفي بطلبات المرضى، وكان الكل محبطا. فلا عجب إذن، أن نجد معدلات رضا المريض قد انخفضت بسرعة كبيرة. ولما بدأ المستشفى يفقد حصته السوقية لصالح منافسيه، قام الرئيس بحقد بإعادة تعيين عدد كبير من الموظفين الذين طردهم من قبل. لكن رئيس المستشفى لم يعترف أنه كان قاسيا للغاية، وهو مستمر بإدارة المستشفى بالتهديد والترهيب. فالممرضات قد عدن ولكن الروح المعنوية لم تعد ولا يزال الرئيس يشكو من نقص في رضا المرضى، ولكنه لم يدرك أنه -هو - جزء من المشكلة.
نظام الآمر المسيطر في الممارسة العملية: The commanding style in action
كيف يبدو منهج الآمر المسيطر -ويسمى أحيانًا النمط التعسفي- في الممارسة العملية؟ باعتماد شعار قم بذلك العمل، إني أمرتك به، يتطلب هذا النوع من القادة الإذعان الفوري للأوامر، ولكنهم لا يهتمون لتوضيح الأسباب من وراء ذلك. وإذا لم يتمكن تابعيهم من تنفيذ أوامرهم بدون تساؤلات فإن هؤلاء القادة يلجئون إلى التهديدات. وبدلا من تفويض السلطة، فإنهم يسعون إلى السيطرة المحكمة على كل موقف، والرقابة عليه بحرص شديد. (Paul R, 2000: 954) وبالتالي فإن التغذية المرتدة بخصوص الأداء - إذا ما وجد أصلاً- فإنها كثيرًا ما تركز على أخطاء العاملين وليس على أدائهم الطيب. وباختصار فهذه وصفة كلاسيكية للتنافر. من بين كل أنماط القيادة لا عجب أن يكون نمط السيطرة (والتحكم) هو الأقل فعالية في أغلب الأحوال والمواقف، ولنأخذ في الاعتبار ما يمكن لهذا النمط أن يحدثه لمناخ التنظيم. فبما أن (العدوى) العاطفية تنتشر بسرعة من أعلى إلى أسفل، فإن قائدا مسيطرا وبارد المشاعر يعكر مزاج الكل بعدوى، فيتكدر الجو العام ويهبط للحضيض. وبالرغم من أن شخصاً مثل الرئيس التنفيذي للمستشفى والذي قد تميز بنمطه التعسفي قد لا يدرك العلاقة بين نمطه في القيادة وهبوط معدل الرضا لدى المرضى، فإن الصلات الموجودة. أي تفاعلاتها مع المرضى والأطباء تفسد أمزجتهم، ويصبحون بدورهم أقل قدرة على إبداء روح الدعابة المرحة التي ترفع معنويات المرضى وتحدث تغييرا في كيفية شعور المرضى بالعناية الطيبة. فمن خلال الاستخدام النادر للمديح والانتقاد الصريح للموظفين، يقوم القائد الآمر بإحداث تآكل في معنويات المستخدمين وكرامتهم ورضاهم عن عملهم -أي الأشياء ذاتها التي تحفز أغلب العاملين ذوي الأداء العالي. (Cary, 2000: 32) ووفقا لذلك، فإن هذا النمط يقوض الأداة الحاسمة التي يحتاجها كل القادة: وهي القدرة على منح المستخدمين الإحساس بأن عملهم يعد جزئا من مهمة كبيرة مشتركة. وبدلا من ذلك فإن الناس يشعرون بالتزام أقل، ومن ضمنهم من هو دخيل على وظائفهم، كانوا يتساءلون عن مدى أهمية ما يفعلونه. إلا أنه بالرغم من نتائجه السلبية العديدة، نجد أن القادة الآمرين يتزايدون في العالم بإعداد كبيرة تدعو للدهشة، وهو إرث السيطرة والتحكم القديمة التي ميزت تنظيمات القرن العشرين التي تبنت مثل تلك التنظيمات المختصة بالقادة العسكريين (من أعلى إلى أسفل: آمرك أن ...) والذي كان بالفعل أكثر ملائمة في ساحة المعركة. إلا أنه حتى في تنظيمات اليوم العسكرية الخاصة بالقادة العسكريين الأكثر حداثة، بات نمط السيطرة يتم موازنته بأنماط أخرى بهدف بناء الالتزام (روح التضامن) Esprit de corps والعمل بروح الفريق. تقدم الجماعة الطبية مثالاً آخر. تواجه العديد من المنظمات الطبية في أمريكا اليوم أزمة قيادة يعود جانب منها إلى الثقافة الطبية فضلت نمط المنظم ونمط السيطرة والتحكم. وهذان النمطان، يناسبان غرف الحالات الطارئة والعمليات. ولكن غالبيتها تعني إن الكوادر الطبية التي ترقى إلى مناصب قيادية قلما تجد الفرص لتعلم مجموعة كاملة من هذه الأنماط. في أغلب التنظيمات الحديثة، إذن أصبح الرئيس صاحب شعار (قم بذلك فإني أمرتك به). وكما عبر عن ذلك رئيس تنفيذي لشركة تكنولوجيا بقوله (يمكنك أن تسحق الناس وتهزمهم، وتكسب المال، ولكن هل ستسمر تلك الشركة وقتاً طويلاً)؟. (Jenni, 2001: 58).
متى ينجح نمط المسيطر؟ When commanding work succeed
بالرغم من توجهاته السلبية، يمكن أن يكون لنمط التحكم والسيطرة مكانه هامة في جعبة القادة ذوي الذكاء العاطفي، وذلك عندما يستخدم هذا النمط بطريقة حكيمة. فالقادة الذين يديرون أزمة يمر بها النشاط، على سبيل المثال حالة تحول وتغير عاجلة يمكن أن يجدوا نمط السيطرة ذا فعالية كبيرة -خصوصاً في البداية- وذلك للتحرر من العادات العقيمة في مجال النشاط، ودفع الناس إلى طرق جديدة للقيام بالأعمال. وبشكل مماثل فإنه في حالة طارئة حقيقية، مثل اندلاع حريق في المبنى، أو هبوب إعصار - أو عند مواجهة عملية استيلاء عدائية- فإن القادة الذين يعتمدون نمط السيطرة قادرين على مساعدة كل فرد عبر حالة الشغب والاضطراب. (Alan, 2000: 52) وبالإضافة إلى ذلك فعندما تفشل كل الأنماط الأخرى، فإن نمط السيطرة هذا قد يكون ناجحا عند التعامل مع الموظفين المثيرين للمشاكل والشغب. إن أحد المديرين اعتمد نمط السيطرة ببراعة عندما عين رئيسا لأحد الأقسام الرئيسية في شركة أغذية لتغيير اتجاه الشركة التي تكبدت خسائر مالية كبيرة. فبدأ بالتعامل بقسوة في الأسابيع الأولى كمؤشر إلى التغييرات التي ينوي تدبيرها وتوجيهها. فكان فريق الإدارة العليا مثلاً، يجتمع بانتظام رسميا في قاعة للاجتماعات ويجلس أعضاؤه في كراسي كبيرة وفخمة حول طاولة من الرخام تشبه سطح سفينة مغامرات فضائية كما وصفها الرئيس الجديد للقسم. وتسببت المسافات بين الأشخاص في خنق الكلام التلقائي، وحتى الاجتماعات نفسه كانت مقيدة - فما من أحد كان يجرؤ على أن يحرك ساكنا. باختصار، باتت قاعة الاجتماع مثالاً لافتقار لغة الحوار والتعاون الحقيقي بين فريق كبار المسئولين. ولإعطاء إشارة باتجاه الانفتاح، قام الرئيس بتدمير القاعة -وهي حركة واضحة تشير إلى نمط الآمر المسيطر ولكنها ذات آثار إيجابية. ومنذ ذلك التاريخ أصبح فريق الإدارة يجتمع في حجرة عادية حيث يمكن للناس أن يتحدثوا مع بعضهم البعض كما قال الرئيس الجديد. لقد استخدم نفس المنهج في ما يتعلق بمجموعة الأدلة التفصيلية لاتخاذ القرار التي تحدد من يتعين لقائهم والتعاون معهم قبل اتخاذ القرار الإداري. وقال الرئيس الجديد شارحا إن التوضيح الجديد هو: كفى أدلة وأوراقا بلا نهاية أريد أناسا يتحدثون إلى بعضهم البعض، وأي شخص يمكنه أن يحضر اجتماع اللجنة التنفيذية إذا أراد، ويقول: هذا هو ما أنا بصدد القيام به، أريد مساعدتكم وأفكاركم، نريد أن نكون أكثر إثراء للجماعة بدلاً من أن نكون مجرد ختم على ورق. (Thomas, 2000: 47) ومن خلال تبليغ هذه الرسائل كان الرئيس الجديد فعالا وقويا. لكن تكتيكاته القوية نجحت لأنها هاجم الثقافة القديمة، وليس الأشخاص، وفي الحقيقة، لقد أوضح أنه يقدر مواهبهم وقدراتهم، أي إنها طريقة عملهم هي التي شعر بالحاجة لتغييرها بشكل جذري.
ما الذي يلزم تطبيق هذا النمط؟ What is necessary to apply this style takes
التطبيق الفعال للنمط المسيطر بهذا الشكل يستند إلى ثلاث كفاءات للذكاء العاطفي: التأثير والإنجاز والمبادرة، وكما هو الحال مع نمط ضبط الإيقاع، فإن الوعي الذاتي وضبط النفس العاطفي، والتقمص الوجداني أمور حاسمة لحماية النمط الآمري من الخروج عن الطريق. إن الدافع للإنجاز يعني أن يقوم القائد بممارسة توجيه فعال من أجل الحصول على نتائج أفضل. فالمبادأة، في النمط الآمري، كثيرًا ما تأخذ شكل (لا) فقط لاغتنام الفرص، بل أيضًا اعتماد نبرة « آمرة » غير مترددة، وإصدار الأوامر بشكل فوري بدلاً من التوقف للتفكير في اتخاذ إجراء ما. وتظهر مبادأة القائد الآمر أيضًا في عدم الانتظار للموقف أن يدفعه، بل اتخاذ خطوات فعالة لانجاز الأعمال. ربما كان ضبط النفس العاطفي الأهم في تطبيق هذا النمط ببراعة. (Jupiter, 2000: 61) فهذا يسمح للقائد بضبط وكبح غضبه ونفاذ صبره، أو حتى باستخدام غضبه في تفجر عاطفي موجه ببراعة وهادف للحصول على انتباه فوري وتعبئة الناس من أجل التغيير أو الحصول على نتائج. عندما يكون القائد يفتقر للوعي الذاتي الذي من شأنه أن يمكن من ضبط النفس العاطفي المطلوب - فربما الإخفاق هو الأكثر شيوعا لدى القادة الذين يعتمدون هذا النمط بشكل ضعيف- وعندئذ فإن المخاطر تكون أكبر. فالقادة التعسفيون الذين لا يظهرون الغضب والاحتقار أو الازدراء قد يكون لهم تأثير مدمر على من يعملون معهم. والأسوأ من هذا كله، أنه إذا ما ترافق هذا التفجير الذي تتعذر معه السيطرة لدى القائد مع نقص في التقمص الوجداني - أي صمم في النبرة العاطفية- فإن هذا النمط يندفع بشكل جنوني: فتجد القائد الدكتاتوري يصدر الأوامر بحنق، متناسيا ردود أفعال الناس عند الطرف الآخر. (Rosamund, 2000: 78) وبالتالي يتطلب تنفيذ نمط السيطرة بفعالية من القائد وأن يكون حانقا مع الشخص المناسب، وبالشكل المناسب، وفي الوقت المناسب، وللسبب المناسب. كما قال أرسطو، بناء عليه فإن نمط السيطرة يجب أن يستخدم فقط بقدر كبير من الحذر، يستهدف الحالات التي يكون فيها ضرورياً بشكل مطلق، مثل عملية تحول كبيرة، أو استيلاء عدواني وشيك. وإذا ما أدرك القائد متى تتطلب الأحوال يداً قوية في الأعلى -ومتى تسحب- عندئذ يمكن لتلك الصرامة البارعة أن تكون منشطة. أما إذا كانت الأداة الوحيدة لدى القائد هي المنشار الإداري، فإنه سيترك التنظيم خرابا.
تناقض الناجحين في الأعمال: the sob paradox SOBs
بالرغم من وجود دليل بأن الرؤساء المفرطين في السيطرة (أو ضبط الإيقاع) يخلقون تنافرا كارتي زيا، فإن كل واحد بإمكانه أن يذكر رئيسا تنفيذيا غليظاً وقاسيا يمثل بكل المقاييس صورة مصغرة للتضاد في التجاوب والقدرة على التأثير الإيجابي، ومع ذلك يبدو وكأنه يجني نتائج أعمال كبيرة. فإذا كان الذكاء العاطفي ذا أهمية كبيرة، فكيف يمكن تفسير وجود أشخاص متوسطي الفعالية ولكنهم ناجحون في الأعمال SOBs؟ في البدء دعونا نلقي نظرة فاحصة على هؤلاء الأشخاص الناجحين في الأعمال. هل أن مديرا بعينه هو من يقود الشركة لمجرد أنه الأكثر بروزا؟ إن الرئيس التنفيذي الذي يقود شركة عنقودية بها العديد من الفروع قد لا يكون لديه تابعون يتحدث معهم، بل إن رؤساء الأقسام هم الذين يقودون الناس ويؤثرون أكثر على الربحية. يقال: إن bill gates وشركته مايكروسوفت. يعمل بهذا الشكل. وبإمكانه أن يكون ضابط للإيقاع له فعالية لأن مرؤوسيه المباشرين يتمتعون بمهارات فنية عالية، ومحفزون ولديهم دوافع ذاتي. (John R, 2000: 81) وبدورهم فان مرؤوسيه المباشرين يميلون إلى استخدام أنماط القيادة القادرة على إحداث التأثير والتجاوب داخل أقسامهم، حيث إن نسقا كهذا يعد ضرورياً لتشكيل عمل الفريق الذي تعتمد عليه الشركة لتحقيق نتائجها. يوجد إذا قادة، يستند نجاحهم إلى وهم، مثل الرسملة العالية للسوق أو إعادة الهيكلة العنيفة جداً. والتي تخفي إعادة تنظيم مدمرة للأشخاص الرئيسيين من شأنه أن يكلف الشركة الكثير في المستقبل. وفي أغلب الأحيان ما يتضح إن هؤلاء الرؤساء التنفيذيين أشخاصا نرجسيون يدفعهم الغرور وهم في الحقيقة قادة من نوع رديء جداً. لنأخذ على سبيل المثال Al dunlap الذي يفتخر في سيرته الذاتية mean business إن قيادته كرئيس تنفيذي لشركة Scott paper ستبقى في سجلات تاريخ نشاط الأعمال الأمريكي كواحدة من أنجح التحولات على الإطلاق. وبالرغم من أنه أشاد بالشدة، وحتى الحقارة، كوسيلة للقيادة لما طرد آلاف الموظفين، فإن التحليلات اللاحقة أظهرت أن تخفيضه لعدد الموظفين كان فرطا، ودمرت قدرات الشركة للقيام بنشاطاتها. بنجاحات ظاهريا قصيرة الأمد على الأقل في منصبه اللاحق في شركة Sunbeam تبدو نتيجة لتكتيكات أخرى، ففي خلال سنتين بعد أن طرد من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة (Sunbeam) تمت مقاضاة (Al dunlap) ومديرين آخرين من طرف لجنة السندات المالية والبورصة بتهمة الإعداد لخطة احتيالية لخلق إيهام بالقيام بعملية إعادة هيكلة ناجحة لشركة (Sunbeam) وتسهيل بيع الشركة بسعر متضخم (Flyod, 2001: 1) فالقادة بمثل هذا الغرور الهائل لديهم عادة غمامة (تحول بينهم وبين النظر جانبا) تركز انتباههم كثيرًا على الأهداف المالية الفورية، دون أي اعتبار أو اهتمام التكلفة البشرية والتنظيمية على المدى الطويل لكيفية تحقيق تلك الأهداف. (Micheal, 2000: 56) وفي كثير من الأحيان، مثلما هو الحال مع (Al dunlap)، فإن الشركات التي يرحلون عنها، قد تظهر كل علامات المساوئ والمفاسد الفاحشة Steroid إذ يتم ((نفخها)) لفترة مكثفة لإظهار ربحية عالية، ولكن على حساب الموارد البشرية والاقتصادية طويلة المدى الضرورية للإبقاء على تلك الأرباح (Collins, 2001: 66) أخيراً، قد يكون لدى هذا الرئيس نقطة أو نقطتا ضعيف بارزتين جداً في قدرات الذكاء العاطفي، ففي حين ما تزال لديه قوى تحقق له توازنا مضادا ليكون فعالا. بعبارة أخرى، لا يوجد قائد كامل بلا عيوب، كما أنه لا حاجة لأن يكون كاملاً. فتصويرنا للقادة كنماذج كاملة يمكن أن يقودنا لوضع مقاييس غير معقولة، حيث نريدهم أن يكونوا نماذج لكل الفضائل. عندما نتفحص مسألة الناجحين في الأعمال، نحتاج أيضًا دراسة ما إذا كان للقائد قوى هامة توازن ثقل السلوك اللاذع ولكن دون أن تجذب نفس القدر من الانتباه في صحافة الأعمال. ففي أيامه الأولى في شركة GE، أظهر jack Welch وهو على رأس الشركة قبضة شديدة عندما تولى تغييرا جذريا في الشركة. في ذلك الوقت وفي ذلك الموقف، كان نمط السيطرة، الصارم، من أعلى إلى أسفل مناسباً. أما ما الذي نال دعاية صحفية أقل فهو كيف أن (Welch) رسخ في السنوات اللاحقة، وبشكل واضح، نمطا واضحاً للقيادة ذات الذكاء العاطفي وبخاصة في تشكيل رؤية جديدة للشركة وتعبئة الناس لإتباعهم.
جدوى الذكاء العاطفي (تبديد الدخان): clearing away the smoke
إن من السهل على شخص أن يكون ميال إلى الشك ليجد حجة مقبولة ظاهرية ضد جدوى الذكاء العاطفي بسرد حادثة تتعلق بقائد غليظ وشديد كانت نتائج إعماله جيدة رغم غلظته. مثل هذه الحجة الساذجة - القائلة بأن القادة العظام ينجحون لكونهم أشداء وقساة (أو بالرغم من ذلك)- لا يمكن أن تقوم إلا في غياب بيانات ملموسة حول أي أنواع القيادة تحقق نتائج. فالدراسة العلمية للقادة تبدأ بتبديد الدخان، وتسوية أرضية الملعب للقيام بمقارنات منظمة. (Kat, 2000: 81) مثل هذه الطرق الموضوعية تفحص وتدقق في النجاحات المزيفة أو العابرة التي قد يعمل القائد الغليظ للتباهي بها وتسجيلها لحسابه والتي يمكن أن تعزى ربما إلى حسن حظ صناعة بأكملها تمر بفترة نمو كبيرة أو بمناورات قصيرة الأمد مثل تخفيض الإنتاج أو التلاعب بطرق حسابية. وفي شجاعة نادرة لإجراء تحقيق مفتوح كافة على سبيل المثال، غرفة التجارة لشركات تأمين أمريكية قامت بإجراء دراسة حول الميزات القيادية للرؤساء التنفيذيين والأداء العملي للشركات التي يقودونها. وبدا فريق بحث يتعقب النتائج المالية التي حققها 19 رئيسا تنفيذيا لكبرى شركات التأمين وقسموهم إلى مجموعتين -أحدهما بارزة والأخرى جيدة- وذلك على أساس مقاييس مثل ربح شركاتهم ونموها (Danial, 1995: 45) ثم أجرى الفريق مقابلات مكثفة لتقييم الكفاءات التي تميز الرؤساء التنفيذيين البارزين عن هؤلاء الذين حققوا عملاً جيداً فقط. وقيم الفريق كل رئيس تنفيذي على حدة، كما سعى الفريق أيضًا إلى عمليات تقسيم أمينة (وسرية) من قبل مرؤوسيهم المباشرين. فاتضح إن الموهبة الوحيدة التي ميزت الرؤساء التنفيذيين الأكثر نجاحا عن البقية كانت عبارة عن حجم كبيرة من كفاءات الذكاء العاطفي. فالرؤساء التنفيذيون الأكثر نجاحا يقضون وقتاً أطول في تدريب (ciaching) كبار موظفيهم وتطويرهم كمعاونين، وإنشاء علاقة شخصية معهم. ومن بين القدرات التي كانت غائبة بشكل واضح لدى قادة النمط الناجح في الأعمال، نجد طبعاً، وفي أعلى القائمة التقمص الوجداني، التعاون البارع، والاهتمام بتطوير أفضل ما لدي الموظفين. إضافة إلى ذلك، فكلما أبدى الرئيس التنفيذي للشركة قوى الذكاء العاطفي، كانت الأرباح والنمو المستدام أعلى - وأعلى بشكل كبير مما هو عليه لدى الشركات التي يقودها رؤساء تنفيذيون يفتقرون لتلك القدرات.
من يرغب العمل تحت قائد ناجح في أعماله؟ Who wants to work for an cob:
هنالك أمر آخر يخص هؤلاء الناجحين في أعمالهم: أنهم يشتتون المواهب. فأفضل الأشخاص في أي مجال - وهم القلة الموهوبون الذين يسهمون بشكل كبير في قيمة نشاط الأعمال ليسو مجبرين على القبول بالشقاء الذي يمارسه عليهم رئيس رديء. وتجدهم يغادرون بشكل متزايد إلى أماكن عمل ومهن أخرى. والسبب الأول الذي يذكره الموظفون لتركهم وظائهم هو عدم رضاهم عن رئيسهم. وفي سوق عمله ضيق، كلما توفرت للأشخاص فرصة الحصول على وظيفة مماثلة بسهولة، فإن نسبة احتمال مغادرة هؤلاء الذين لديهم رؤساء سيئون في العمل تبلغ أربع أضعاف أكثر من هؤلاء الذين يكنون إعجاباً للقائد الذي يعملون تحت إمرته. وبالفعل، أظهرت مقابلات جرت مع مليونين من الموظفين في شركة أمريكية إن ما يحدد مدى بقاء الموظفين في عملهم - ومدى إنتاجيتهم- هو نوعية العلاقة التي تربطهم برؤسائهم المباشرين. وبقول Marcus Buckingham من منظمة Gallup الذي قام بتحليل البيانات إن « الناس يلتحقون بالشركات ويتركونها بسبب القادة ». وأخيراً على القائد « الناجح في أعماله » أن يغير من سلوكه أو يغادر. (Amy, 2000: 91).
7- تأثير الأنماط المرنة على الأعمال: The business impact on flexible style
من خلال إثراء رصيدهم من القدرات القيادية، يستطيع القادة المسببون للتنافر أن يغيروا من أنفسهم بالفعل. وأن (David Mc) وهو أستاذ بجامعة هارفارد اكتشف أن القادة الذين يظهرون نقاط قوة من قدرات الذكاء العاطفي الأساسية كانوا أكثر فعالية من زملائهم الذي كانوا يفتقرون لنقاط القوة هذه (David Mc, 1998: 331) كما اكتشف أيضًا أن أنوعا مختلفة من القادة اللامعين كونوا القدرة على إحداث التجاوب انطلاقا من مجموعة من الكفاءات القيادية المختلفة بشكل فريد. فعلى سبيل المثال، يمكن لقائد ما أن يتميز من خلال الثقة بالنفس، والمرونة، والمبادرة، والدوافع للإنجاز، والتقمص الوجداني، والبراعة في تطوير وتنمية مواهب الآخرين، في حين تتمثل نقاط قوة قائد آخر في الوعي الذاتي والأمانة وضبط النفس في وقت التوتر والوعي التنظيمي والتأثير والتعاون. إن حيازة رصيد أكبر من قوى الذكاء العاطفي يمكن أن يجعل القائد أكثر فعالية لأن ذلك يعني أن ذلك القائد لديه ما يكفي من المرونة للتعامل مع المتطلبات المتنوعة جداً لأمة إدارة المنظمة. فكل نمط يعتمد على قدرات مختلفة من الذكاء العاطفي، وأفضل القادة هم هؤلاء القادرون على استخدام الأسلوب المناسب في الوقت المناسب، ويقفز من أسلوب إلى آخر حسب ما تقتضيه الحاجة. والأشخاص الذين تنقصهم القدرات الأساسية لديهم رصيد قيادي ضئيل، وبالتالي كثيرًا ما يجدون أنفسهم عالقين في الاعتماد على نمط لا يتناسب مع التحدي الراهن. وإن دراسة شملت 19 رئيسا تنفيذيا في قطاع التأمين الأمريكي. توصلت إلى أن أكثر الشركات نجاحا كانت بقيادة رؤساء تنفيذيين لهم كم كبير من كفاءات الذكاء العاطفي -مثل الدوافع للتطوير، وقدرة على إحداث التغيير، والقدرة على التقمص الوجداني، وموهبة لتطوير وتنمية القادة الآخرين. لكن تلك الدراسة ذهبت إلى أبعد من ذلك: فقد سأل فريق البحث عن بعض الموظفين الأساسيين عن شعورهم وهم يعملون في هذه الشركات تحت إمرة هؤلاء الرؤساء التنفيذيين التسعة عشر، مركزين على مجالات ذات تأثير مباشر على قدرات الناس في أداء عملهم على أحسن وجه- وليس مجرد مدى ارتياحهم. (Jossey, 2000: 94) كان هناك اختلاف واضح بين جو المنظمات التي كانت تخضع لقيادة هؤلاء الرؤساء التنفيذيين والتي كانت نتائج أعمالهم بارزة وهؤلاء الذين كانت لديهم نتائج أفضل على مقاييس الجو العام، بدءاً من مقاييس الوضوح في التواصل وانتهاء بجعل الموظفين يشعرون بالمرونة والحرية والتجدد والابتكار لإنجاز أعمالهم. فالقادة ذوو الذكاء العالي يشجعون العاملين على الشعور بالملكية والمسئولية اتجاه عملهم، ويضعون مقاييس أداء أعلى، ويعبئون الناس لتأدية أهداف تتطلب مرونة أكثر. باختصار، فإن هؤلاء الرؤساء التنفيذيين قد أوجدوا مناخا يشعر فيه الموظف بالنشاط، والتركيز، ويشعرون بالفخر في عملهم، ويحبون ما يقومون به - ويتعلقون بمكان العمل. القيادة تدفع الأداء في المنظمات باختلاف أنواعها- وليس في مجال نشاط الأعمال فحسب - ففي المملكة المتحدة، أمرت الحكومة بإجراء دراسة تحلل أنماط القيادة في اثنين وأربعين مدرسة واكتشفت الأنماط التي تكمن وراء الإنجازات الأكاديمية للطلبة (Hay Group to the U.K., 2000: 65) وفي 69% من المدارس ذات الأداء العالي، أظهر مديرو المدارس أربع أنماط قيادية أو أكثر من تلك الأنماط الضرورية لإحداث التجاوب. ولكن في ثلثي المدارس ذات الأداء المتواضع، كان المدير يعتمد على نمط واحد أو اثنين من أنماط القيادة -وعادة ما تكون أنماط إحداث التنافر. والحلقة الخفية هي المناخ: فكلما كان مديرو المدارس مرنين في مخزونهم من الأنماط القيادية- قادرين على أخذ مدرس جانبا لعتاب هادئ خاص أو لرسم أهداف ملهمه (مثيرة للهمم) للمجموعة كلها، أو لمجرد الإصغاء كما يتطلب الأمر أحيانًا -كان المناخ بين المدرسين أكثر إيجابية، وكلما كان نمط المدير صارما- عالقا في نمط السيطرة والتحكم -كان المدرسون محبطين ومعنوياتهم بالحضيض. كلما أظهر القائد المزيد من الأنماط من بين الأنماط الستة كلما كان أفضل. فالقادة الذين تمكنوا من أربعة أنماط أو أكثر، لا سيما أساليب إحداث التجاوب ينشئون مناخ أفضل ويحققون أداء أعلى في مجال أعمالهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن التحول من نمط لآخر قد اعتمده كل من المحنكين والمتمرسين، الذين يستطيعون أن يوضحوا كيف ولماذا يقودون، والمنظمون الذين على استعداد لتحمل المخاطر Entrepreneurs الذين يزعمون أنهم يقودون بالإحساس الداخلي فقط.
مما تقدم يتضح بأنه من بين أنماط القيادة الستة، يعتبر أسلوب القائد ذي البصيرة هو الأكثر فعالية. فمن خلال تذكير الناس، بالهدف الأسمى لعملهم، يعطي القائد ذي البصيرة معنى كبيراً لمهام كانت تعتبر عادة أعمالا دونية وروتينية، ويفهم العاملون إن الأهداف المشتركة متناغمة ومتناسقة مع مصالحهم الخاصة على أفضل وجه. والنتيجة: عمل خلاق. وبشكل عام هناك أربعة من هذه الأنماط - ذو البصيرة، المعلم والمدرب، الاندماجي، الديمقراطي -تخلق نوع التجاوب (الصدى) الذي يعزز الأداء، في حين إن نمطين آخرين- المنظم والآمر أو المسيطر- بالرغم من جدواهما في بعض الحالات المعينة، إلا أنه يجب أن يطبق بحذر لاكتشاف كيف أن بعض أنماط القيادة تؤثر على تنظيم ما ومناخه العاطفي، وكيفية تأثير المناخ الذي نتج عن الأنماط المختلفة في القيادة على النتائج المالية، مثل العائد على المبيعات ونمو الإيرادات والكفاءة والربحية. إن القادة الذين اعتمدوا أنماطا ذات تأثير عاطفي إيجابي يحققوا بالطبع عائدات مالية أفضل من هؤلاء الذين لم يفعلوا. ولم يعتمدوا نمطا محدداً واحد فقط. بل إنهم في يوم أو أسبوع، تجدهم يعتمدون العديد من الأنماط المختلفة حسب الموقف العملي، الأنماط إذن، وكأنها مجموعة من مضارب الكرة في حقيبة محترف للعبة الجولف، فطوال المباراة، تجد اللاعب المحترف يختار من بين المضارب في حقيبته حسب متطلبات الضربة. وقد يقف أحيانًا مفكرا في اختياره، ولكن عادة ما تكون الحركة آلية. فالمحترف يتحسس التحدي الذي يواجهه وبرشاقة يسحب الأداء المناسبة، ويستخدمها. والقادة ذوو التأثير العالي يعملون بهذا الشكل أيضًا. بالرغم من إن الأنماط القيادية هذه قد حددت مسبقاً بأسماء مختلفة، فالجديد في ما يتعلق بهذا الأنموذج في القيادة هو فهم قدرات الذكاء العاطفي الكامنة والتي يتطلبها كل نمط، -وأكثر أهمية- العلاقة النسبية بين كل نمط مع النتائج. بحيث أنه يؤثر كل نمط على المناخ العام، وعلى الأداء بشكل خاص. وبالنسبة للمدراء التنفيذيين المنشغلين في المعركة اليومية للحصول على نتائج، فإن مثل هذه العلاقة السببية من شأنها أن تضيف جرعة علمية ضرورية جداً لفن القيادة الحاسم والخطير. وعليه فإن أربعة من أنماط القيادة هذه والتي تعزز التجاوب وتخلق الصدى، والنمطين الآخرين اللذين يولدان بشكل فوري التنافر في حين لا يستخدمان بشكل فعال يمكن إجمالها بالجدول الآتي:
الجدول أنماط القيادة الإدارية حسب الذكاء العاطفي
ذو البصيرة الملهم | المعلم أو المدرب | الاندماجي | الديمقراطي | المنظم أو ضابط الإيقاع | الآمر المسيطر | |
---|---|---|---|---|---|---|
كيف يبني التجاوب | تحريك الناس باتجاه أحلام مشتركة | يربط ما يريد الشخص مع أهداف التنظيم | يخلق الانسجام من خلال ربط الناس بعضهم ببعض | يثمن مدخلات (إسهامات) الأشخاص، ويحصل على الالتزام من خلال المشاركة | تلبية أهداف مثيرة وتمثل تحديات | يخفف من المخاوف من خلال إعطاء توجيه واضح في حالة طارئة |
التأثير على المناخ | إيجابي لأقصى حد | إيجابي بشكل كبير | إيجابي | إيجابي | بسبب إنه كثيرًا ما ينجز بشكل ضعيف، فهو كثيرًا ما يكون سلبياً جداً | لأنه كثيرًا ما يساء استخدامه، فهو سلبي جداً. |
متى يكون مناسباً | متطلبات التغيرات لرؤية جديدة، أو كلما ظهرت الحاجة لتوجه جديد | لمساعدة موظف على تحسين الأداء ببناء قدرات طويلة الأجل | لرأب الصدع في الفرق، والتحفيز في أوقات التوتر، أو تقوية الروابط | لبناء المشاركة في الاجتماع، أو للحصول على مدخلات (إسهامات) قيمة من الموظفين | للحصول إلى نتائج من نوعية راقية من فريق متحفز وكفء. | في الأزمات، لدفع نقلة نوعية، أو مع الموظفين الذين يسببون المشاكل |
رابعًا: أنماط القيادة الإدارية حسب السلوك القيادي
سنتناول أنماط القيادة الإدارية حسب السلوك القيادي. (Jim, 2007: 7) أي إن هناك مرتكزات للسلوك في كل نمط وهي أربعة رئيسية. منها ما يتعلق باهتمام العمل والعاملين وله خمسة أنماط، والنظم الإدارية وفيه أربعة أنماط، والفاعلية والكفاءة وفيه ثمانية أنماط وأخيراً التوجيه والدعم وفيه أربعة أنماط على وفق الآتي:
أ- الاهتمام بالعمل والعاملين
مرتكزات السلوك في هذا الجانب على قسمين هما الاهتمام بالعمل. والاهتمام بالعاملين، وعليه يمكن درج خمسة أنماط قيادية على وفق الآتي:
1- القائد السلبي (المنسحب)
فهو لا يقوم بمهام القيادة؛ ويعطي المرؤوسين حرية منفلتة في العمل. كما وأنه ضعيف الاهتمام بالعمل والعاملين على حد سواء. ولا يحقق أي أهداف؛ ويغيب الرضا الوظيفي عن العاملين معه. وأخيراً فإنه تكثر الصراعات والخلافات في العمل. (العلاق، 1999: 271).
2- القائد الرسمي (العملي)
هو شديد الاهتمام بالعمل والنتائج، كما وأنه ضعيف الاهتمام بالمشاعر والعلاقات مع العاملين، ويستخدم معهم السلطة والرقابة. (Bobbey, 1998: 729).
3- القائد الاجتماعي (المتعاطف)
لدى هذا القائد اهتمام كبير بالعنصر الإنساني من حيث الرعاية والتنمية. ويسعى حثيثا للقضاء على ظواهر الخلاف بين العاملين. ولديه اهتمام ضعيف بالعمل والإنتاج وتحقيق الأهداف.
4- القائد المتأرجح
هنا نرى القائد يتقلب في الأساليب؛ فأحياناً يهتم بالناس والعلاقات وأحياناً يهتم بالعمل والإنتاج. ويمارس أسلوب منتصف الطريق. ويفشل هذا الأسلوب في تحقيق التوازن وفي بلوغ الأهداف. (مايك ارمسترونغ، 2001: 130).
5- القائد الجماعي (المتكامل)
يهتم القائد هنا بالبعدين الإنساني والعملي، فاهتمامه كبير بالناس والعلاقات وكذلك بالعمل والإنتاج. وإن روح الفريق ومناخ العمل الجماعي يسودان المجموعة ويشكلان محورا مهما في ثقافتها. ويحرص على إشباع الحاجات الإنسانية. ويحقق المشاركة الفعالة للعاملين. ويستمد سلطته من الأهداف والآمال، ويربط الأفراد بالمنظمة، ويهتم بالتغيير والتجديد. (Robbins, 1998: 615).
ب- النظم الإدارية
وتمثل مرتكزات السلوك حسب النظم الإدارية وهي على قسمين هما: الثقة بالعاملين، وقدرة العاملين، وتظهر منها أربعة أنماط قيادية على وفق الآتي:
1- القيادة المستغلة (المتسلطة)
درجة الثقة للقائد هنا في المرؤوسين منخفضة جداً. والتركيز على أساليب الترهيب والترغيب. وضعف التداخل والاتصال بين الرؤساء والمرؤوسين. مع استخدام الأساليب الرقابية الصارمة. ويستخدم هذا النمط في الأزمات والقرارات الحساسة. (Robbins, 2001: 76).
2- القيادة الجماعية (المشاركة)
درجة عالية من الثقة للقائد هنا بالمرؤوسين وقدراتهم. مع استخدام نظام الحوافز المبني على فعالية المشاركة. ودرجة عالية من التداخل بين الرؤساء والأفراد وكذلك الاتصال بجميع أنواعه. وعليه تكون مشاركة الجميع في تحسين أساليب العمل وتقييم نتائجه. ويستخدم هذا النمط مع أصحاب المهارات والخبرات وفي حالات التدريب. (ايف بوبوف، 2001: 55) (Ameron, 2000: 56).
3- القيادة المتسلطة العادلة
إن درجة الثقة للقائد هنا في المرؤوسين منخفضة. وتضع اعتبارات إنسانية متعلقة بتحقيق العدالة بين جميع الأفراد مع أولوية الصالح العام للمؤسسة. يشبه القائد الأب الذي يؤمن باستخدام سلطته الأبوية. (Schermerhorn, 2000: 86).
4- القيادة الاستشارية
درجة مرتفعة من الثقة للقائد بالمرؤوسين. وإن درجة المشاركة من قبل المرؤوسين أقل نسبياً. ويسمح للأفراد بإبداء آرائهم في بعض الأمور؛ لكن القرار النهائي من اختصاص القائد. (العتيبي، 2002: 140).
ت- الفاعلية والكفاءة
إن مرتكزات السلوك في هذا الجانب هو: الاهتمام بالعمل والاهتمام بالعاملين ودرجة الفاعلية ومن خلال تظهر ثمانية أنماط قيادية وهي كما يأتي:
1- القائد الانسحابي
القائد الانسحابي يكون غير مهتم بالعمل والعلاقات الإنسانية. وغير فعال وتأثيره سلبي على روح المنظمة. ويعد من أكبر المعوقات دون تقدم العمل والعاملين.
2- القائد المجامل
القائد المجامل يضع العلاقات الإنسانية فوق كل اعتبار. وتغيب عنه الفاعلية نتيجة لرغبه في كسب ود الآخرين. (Certo, Samuel, 2003: 87)
3- القائد الإنتاجي (أوتوقراطي)
القائد الإنتاجي يضع اهتمامه بالعمل فوق كل اعتبار. ضعيف الفاعلية بسبب إهماله الواضح للعلاقات الإنسانية. ويعمل الأفراد معه تحت الضغط فقط. (وصفي، 2000: 46).
4- القائد الوسطي (الموفق)
القائد الوسطي يعرف مزايا الاهتمام بالجانبين لكنه غير قادر على اتخاذ قرار سليم. وإن الحلول الوسط هي أسلوبه الدائم في العمل؛ فقد يطيب زكاما لكنه يحدث جذاما!. وإن تركيزه موجه على الضغوط الآنية التي يواجهها. (Daft, 2003: 56).
5- القائد الروتيني (البيروقراطي)
القائد الروتيني لا يهتم بالعمل ولا بالعلاقات مع الأفراد. حيث يتبع التعليمات والقواعد واللوائح. ليكون تأثيره محدودا جداً على الروح المعنوية للعاملين. ويظهر درجة عالية من الفعالية نتيجة إتباعه التعليمات.
6- القائد التطويري (المنمي)
يثق القائد التطويري في الأفراد ويعمل على تنمية مهاراتهم، ويهيئ مناخ العمل المؤدى لتحقيق أعلى درجات الإشباع لدوافع العاملين. وتكون فعاليته مرتفعة نتيجة لزيادة ارتباط الأفراد به وبالعمل. وهو ناجح في تحقيق مستوى من الإنتاج لكن اهتمامه بالعاملين يؤثر على تحقيق بعض الأهداف. (ياسين، 2002: 184)
7- القائد الأوتوقراطي العادل
يعمل القائد الأوتوقراطي العادل على كسب طاعة وولاء مرؤوسيه بخلق مناخ يساعد على ذلك. لترتكز فاعليته في قدرته على دفع العاملين لأداء ما يرغب دون مقاومة.
8- القائد الإداري (المتكامل)
يوجد القائد الإداري المتكامل جميع الطاقات تجاه العمل المطلوب على المدى القصير والبعيد ويحدد مستويات طموحة للأداء والإنتاج. ويحقق أهدافا عالية. وإنه يتفهم التنوع والتفاوت في القدرات الفردية ويتعامل معها على هذا الأساس. وتظهر فعاليته من خلال اهتمامه بالعمل والعاملين. (Linda, 2001: 41).
ث- حسب التوجيه والدعم
التقسيم الأخير لأنماط القيادة تبعاً للسلوك القيادي حسب التوجيه. ودرجة الدعم والمساندة، ومن خلاله تظهر أربعة أنماط وهي كما يأتي:
1- القائد الموجه (إخباري)
لدى القائد الموجه درجة توجيه عالية جداً، بينما درجة الدعم منخفضة. يشرف على التفاصيل الدقيقة ويحكم الرقابة والسيطرة. ويمارس هذا السلوك مع العاملين الجدد وهم ذوو الخبرة المنخفضة والالتزام المرتفع. (برنوطي، 2003: 371).
2- القائد المساند (مشارك)
يمتدح القائد المساند ويشجع العاملين ويصغي بشكل جيد لهم. حيث يقوم بدور الميسر والمساعد لتنفيذ الأعمال. ويمارس هذا السلوك مع العاملين ذوي الكفاءة العالية ومع متوسطي الالتزام. (Ferrell, 2003: 87).
3- القائد المفوض (مفوض)
يمنح القائد المفوض الحرية للعاملين لتحمل المسؤوليات. ويحيل إليهم المشكلات لاتخاذ القرارات المناسبة. ويمارس هذا السلوك مع العاملين ذوي الكفاءة العالية والالتزام المرتفع. (Jones, 2003: 43).
4- القائد الرئيس (استشاري)
يوجد القائد الرئيس ويساعد في الوقت نفسه. ليزود المرؤوسين بالتعليمات ويوضحها لهم ويساعدهم على تنفيذها. ويمارس هنا الأسلوب مع ذوي الكفاءة المتوسطة والالتزام المنخفض. (نيكي، 2005: 145).
خامسًا: أنماط القيادة الإدارية التبادلية والتحويلية
من خلال المحاور السابقة لأنماط القيادة الإدارية نلاحظ إن هناك أنماطا موجودة فعلياً في المنظمات الإدارية بعضاً إيجابي يحقق نجاحات وعلى مستويات وفترات مختلفة. وقد اختر الباحث اثنين من هذه الأنماط ألا وهما القائد التبادلي والقائد التحويلي (Jim, 2007: 2) واللذان سيتم تناولهم بالشرح والمناقشة والتحليل للإفادة منها في الحياة العملية:
أ- القيادة التبادلية
إن القاسم المشترك الأعظم للأنماط الإدارية السائدة في الواقع العملي هو المدير التبادلي transactional manager. وأن الأساس الذي يبنى عليه القائد التبادلي كل سلوكه هو: التدعيم الشرطي contingent re-enforcement. في ظل التدعيم الشرطي أو التدعيم المشروط يقبل المرؤوسين وعود الرئيس بالمكافآت أو تجنب العقاب بتنفيذ الأدوار المتفق عليها. (Griffin, 2006: 88) والتدعيم السلبي المشروط هنا يظهر في الإدارة استثناء حيث لا يتدخل الرئيس إلا إذا لم يستطع المرؤوسين استيفاء المعايير أو المعدلات الموضوعية. ومن منظور المرؤوسين فإن القائد يتدخل لضمان نجاح الأهداف والأدوار التعاقدية التي تم الاتفاق عليها. (الهواري، 2002: 255) وقد أثبتت الدراسات أنه بالتدعيم المشروط (السلبي والإيجابي) يستطيع الرئيس: رفع أداء المرؤوسين وتحسين الرضا الوظيفي وتخفيض مخاطر الدور الوظيفي (السلوك المتوقع من شاغلها) إن أسلوب المدير التبادلي transactional manager في تناول المنفعة للموظفين في مقابل الحصول على العمل المطلوب منهم: يوح العمل المطلوب من المرؤوسين وبالتالي يبني ثقة عند المرؤوسين للقيام بالمجهود اللازم لتحي المستويات المتوقعة من النتائج. يشعر بحاجة ورغبات المرؤوسين ويوح لهم كيف سيتم إشباعها عندما يقوموا بالمجهودات اللازمة لتحقيق مستويات النتائج المتوقعة منهم. (Shermerhorn, 2005: 45) هذه الترتيبات التبادلية تشجع المرؤوسين على القيام بالنتائج المتفق عليها. ويتبع المدير التبادلي الأسلوبين التاليين:
- الأداء بالاستثناء: التدخل فقط عندما تسوء الأحوال والانتقاد والتدعيم السلبي.
- الجزاء الشرطي: هو الجزاء المرتبط بتحقيق الأهداف. والتسهيلات اللازمة للمرؤوسين لتحقيق الأهداف المتفق عليها. (العطية، 2003: 240).
هذا ويتراوح أساليب المدير التبادلي بين الإيجابية والسلبية كما مبين كالآتي:
الشكل أساليب المدير التبادلي
المصدر: د. سيد الهواري، الإدارة الأصول والأسس العلمية للقرن 21، ص1، (القاهرة: دار الجيل للطباعة، 2002)، ص252.
ويستخدم المدير التبادلي المصطلحات الآتية: (اللوزي، 2002: 124) (Kinichi, 2006: 76) الجزاء: الثواب والعقاب، وصف الوظائف. وتوضيح المهام والحاجات والرغبات. إشباع الإدارة بالأهداف: وهو منظور تقييم أداء المديرين الإداريين باستثناء الانضباط وحل المشكلات الفعالية.
هناك أسباب وراء عدم فعالية القيادة التبادلية منها نقص مهارة القائد في استخدام نظم التدعيم الإيجابي بفعالية. (Jones, 2004: 65) وإن نظم التقييم التي يتم على أساسها الجزاء غالباً ما لا تكون سليمة نظراً لصعوبة عملية تقييم الأداء. وأنه غير قادر على تقديم الحوافز الإيجابية التي تناسب توقعات المرؤوسين نظراً لمحدودية الموارد المالية أو لخضوعها لقواعد خارجة عن سلطته. كما وأن ضغوط العمل لا تسمح بالتقييم الجيد أو بتطبيق الدعم الإيجابي المشروط. وأخيراً إن استخدام نظم التدعيم السلبي لتحفيز الناس على الإنجاز غير فعالية في الأجل الطويل.
وفيما يلي شعار القائد التبادلي: إذا لم تكن مكسورة فلا تصلحها
IF IT ALN'T BROKE, DON'T FIXIT
إن عدم وجود أخبار معناه أن الأخبار جيدة
NO NEWS, GOOD NEWS (Kreitner, 2004: 53)
ب- القيادة التحويلية
استخدم الفكر العلمي المعاصر مصطلح القائد التحويلي transformational Leader ليشير إلى قادة التغيير. وإن أهم ما يميز قادة منظمة القرن 21 هو أنهم يحبون التغيير. (إبراهيم، 2006: 657) هذا المصطلح هو القائد التحويلي، فمن هو القائد التحويلي؟ وكيف يفكر؟ وما هي مقوماته؟ وما هي نظرته للأمور؟ وما هي خصائصه؟ وما هي مصطلحاته؟ وما هي وظيفته؟
يفكر القائد التحويلي بطريقة مختلفة إلى حد كبير عن الطريقة التي يفكر بها معظم المديرين وإن كان امتدادا للمدير الفعال حيث يرى نفسه شخصاً له رؤية مستقبلية Vision وصاحب رسالة Mission. أنه يرى شيء بعيد برؤية جديدة يعتبر أنه شيئاً بعيداً وأحياناً يشعر إن وظيفته والمبرر من وجوده في الحياة هو نقل الناس من حوله نقلة حضارية. وأن أهدافه عالية والمعايير التي يطلبها مرتفعة وهو من أجل ذلك يتمتع باحترام الآخرين ويرى في نفسه قدوة. وعادة ما نجد إن الناس تقلده وتحب أن تنتمي إليه. (آل ياسين، 2006: 33) أنه يظهر مستوى عال من التعبير الانفعالي ونجده يتمتع بثقة ذاتية عالية وإحساس عال بالذات ويتمتع كذلك بإصرار ذاتي عال، (Kuratko, 2004: 76) ونجده حراً من الصراعات الداخلية وهذا الإحساس العالي يساعده على تجنب حالة الدفاع عن نفسه وإن له حضورا بدنيا ديناميكيا ونشاطا واضحاً وهو دائماً يستثير ويوضح المشاعر بين التابعين ويقدم لهم حلولا جذرية وأحياناً حلولا متطرفة لمشاكلهم. وعندما يتكلم مع الناس تجده يتصل بعيونهم اتصالاً مباشرة وكأنه يمارس التنويم المغناطيسي، وهذا الحضور الكبير يجعله يعبر عن مشاعر التباعين الذين لا يستطيعون هم أنفسهم التعبير عنها حتى فيما بينهم على المستوى الشخصي. أنه مثل الممثل ولكنه ممثل عظيم.. دائماً يتصرف وكأنه على مسرح وأن طريقته في التفكير وتصرفاته تلك تجعل لهذا القائد جاذبية شخصية نلخصها في كلمة واحدة كما هي في اللغة الإنجليزية Charisma. (علاء، 2006: 23) وهذه الجاذبية الشخصية يمكن أن تكون موجهه ذاتيا بمعنى الإحساس العالي بالذات الذي يصل إلى درجة الأنانية حيث يركز القائد على قوته وعلى مركزه وقيمته في عيون الآخرين وحيث يحبه الآخرون ويتبعونه لشخصه وليس بالضرورة للرؤية أو الرسالة أو الأهداف التي يتبناها ولا يناقشونه فيها.. كما يمن أن تكون هذه الجاذبية الشخصية موجهة نحو المجموعة (Helmreich, 2000: 133): فالتابعين يتبعونه للأهداف العامة التي يتبناها وليس بالضرورة لشخصه ولنا أن نتوقع أن يناقشوه ويحاوروه فيها. إن هذا النوع من القادة (حيث أهداف المجموعة التي يتبناها القائد هي سر انجذاب التابعين له) (واثق، 2005: 34) تعين بالضرورة إن ثقة التابعين في قائدهم نابعة من المعنى الذي يعطيه القائد لحاجات التابعين وأنه يدير بالمعنى manages meaning ويستخدم الرموز Symbols ليعبر عن تلك المعاني. ويطلق مجموعة من الإشارات Slogans والمصطلحات الجديدة Jargons ويستخدم لغة جديدة مستخدما اللهجات الجديدة المعبرة inspirational. إن هذا القائد يستخدم كل الأساليب الإلهامية والاستثارة العقلية: لأن هذا القائد التحويلي يستثير تابعيه عقليا intellectual stimulation فهو يشجعهم على إعادة دراسة أهدافهم ووسائلهم وذلك تقديم أهداف جديدة ووسائل جديدة ووجهات نظر وبدائل جديدة ورؤية جديدة وتحديات فكرية.. وباختصار أنه يستثير فكر التابعين. باهتمام عال ورعاية خاصة على المستوى الفردي (paulus, 2000: 237): وفوق كل ذلك فالقائد التحويلي يهتم با لناس اهتمامًا بطريقة جديدة.. صحيح أنه يهتم بكل الناس ولكنه يهتم بصفة خاصة بالأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة على المستوى الفردي individualized consideration فهو لا يعطي عناية خاصة لكبار القوم فقط ولكنه يعطي عناية خاصة أيضًا للضعفاء والمساكين والعجزة والصغار.. الخ. لذا فإن هذا القائد التحويلي لا يسعى إلى تحقيق رغبات التابعين كما يفعل كل ما عداه من المديرين ولكنه يرقى بها. فإذا كان التابعون يتكلمون عن الحاجات الفسيولوجية فإنه يدعوهم إلى التفكير في حاجاتهم الاجتماعية وفي دورهم ومكانتهم بين منافسيهم وأعدائهم وبين البشرية بشكل عام أنه يستخدم سيكولوجية الجماهير. (Siegall, 2000: 703) وباختصار فإنه يرى أن الجاذبية الشخصية التي يتمتع بها ويمارسها وأساليبه الإلهامية بالإضافة إلى استثارة تابعيه عقليا بالإضافة إلى اهتمامه بالناس وبالذات اهتمامه بمن يحتاجون الرعاية، كل ذلك يؤدي إلى دافعية أقوى عند التابعين لتحقيق أداء أكثر مما هو متوقع أو كان متصورا. تلك هي المعادلة التي يتعامل بها.
القائد التحويلي ينظر إلى نفسه على أنه وكيل تغيير change agent والتغيير في نظره رحلة وليست نقطة للوصول. القائد التحويلي شخص شجاع محب للمخاطرة المحسوبة، لا يحب الأحوال المستقرة من أجل تحسين الأحوال. أنه شجاع في مواجهة الواقع. وفي نقل الحقائق والمشاعر للآخرين حتى ولو كان ذلك مؤلما، حتى ولو كانوا لا يريدون أن يسمعوا. (كشمولة، 2007: 45) القائد التحويلي يؤمن بقيمة الناس. إنه ليس دكتاتورا. صحيح أنه قوي ولكنه حساس لمشاعر البشر وفي النهاية فهو يسعى إلى تزويد البشر بالتمكين بطاقة Empowerment. القائد التحويلي موجه بالقيم الأخلاقية المحورية ويتصرف في ضوء تلك القيم. إنه يخلق حضارة إنجاز مبنية على قيم إنجاز فالإنجاز غير العادي لا يأتي صدفة. (Atkinson, 2001: 84) القائد التحويلي يتعلم طول العمر، وعندما يخطئ ينظر إلى الخطأ على أنه تجربة استفاد منها. القائد التحويلي قادر على التعامل مع الغموض والمواقف المعقدة، إنه باحث يعمل بنظريات ويقوم بعمل فرضيات Hypotheses ويختبر الفرضيات ويضع منها نظريات جديدة. القائد التحويلي صاحب رؤية Visionary قادر على أن يحلم، قادر على ترجمة هذه الأحلام والرؤى للآخرين ليتقاسموها معه. (مصطفى، 2006: 188).
- ومن مصطلحات القائد التحويلي: (التحويل Transformation، الإلهام Inspiration، والرسالة Mission، والوعي Awareness، والتفكير التجريدي Conceptualization، والتأثير Influence، والاحترام Respect، والتزويد بالطاقة Energizing، والقيم Values، والقوة Power، والرؤية Vision، ورفع مستوى الحاجات والرغبات Elevation of need and wants، والمفاهيم Concepts، الفهم Conprehinsion).
تختلف مهام القائد التحويلي عن مهام أي مدير. ويمكننا تمييز ست مهام مرتبطة بإدارة التغيير على الوجه الآتي: (Daft, 2000: 212)
- أولاً- إدراك الحاجة للتغيير Arousing need for change
- ثانيًا- صياغة الرؤية والرسالة Formulating vision & tracks
- ثالثًا- اختبار نموذج التغيير ومساراته transformation model & tracks
- رابعًا- تكوين الاستراتيجية الجديدة Formulating the new strategy
- خامسًا- تعبئة الالتزام من خلال حضارة المنظمة Commitment thru culture change
- سادسًا- إدارة الفترة الانتقالية Transition management
على منطق مهام القائد التحويلي في منظمات الأعمال يستمد من السوق فهو يوجه كل فكره وكل مهامه بتحقيق تمييز واضح في السوق: سواء كان ذلك في توسيع السوق أو زيادة الحصة في السوق أو تحقيق رضا وولاء العملاء... الخ.
إن المتغيرات العالمية المعاصرة تفرض وجود قادة من نوع جديد يحبون التغيرات قادرون على تغيير التكيف المميت الذي تشرحه ظاهرة الضفدعة المغلية، وكذلك من ظاهرة التغيير البطيء في المنظمات مثل تحريك الفيل. (المعيلي، 2007: 190) (التكيف المميت وظاهرة الضفدعة المغلية) فإذا ذهبنا إلى العمل ووضعنا ضفدعة في وعاء به ماء بارد والوعاء يسمح للضفدعة بأن تقفز في أي وقت تشاء. ووضعنا هذا الوعاء على نار وقمنا بزيادة درجة الحرارة بالتدريج سنلاحظ أن الضفدعة تتكيف مع كل وضع ساخن جديد. ولكنها لن تقفز وسنلاحظ أنها في النهاية تموت هكذا نجد كثيرًا من البشر كثيرًا من المنظمات تتكيف مع التغيرات الخارجية ولا تشعر أبداً بأي حالة للتغيري فهي لم تستجيب للإشارات لأنها لم تكن قوية بشكل كاف. (David, 2001: 123) دعنا نضع ضفدعة أخرى مباشرة في ماء في درجة الغليان في نفس الوعاء فإن أغلب الظن أن الضفدعة لن تبقى ساكنة وتقفز: ذلك إن الإشارة كانت قوية بحيث كانت كافية للضفدعة أن تخرج من هذا الوعاء. والبشر والمنظمات كذلك لا بد أن يشعروا بحاجة للتغيير وبالحاجة للقفز بدلاً من التكيف والتدهور والموت. (المنظمات بطيئة مثل الأفيال (عبد النبي، 2008: 9) ولقد قال (جيمس بيلاسكو) في كتابة (تعليم الفيل الرقص) أن المنظمات بطيئة مثل الأفيال. أنها تحتاج إلى قيادة لها رؤية قوية واضحة، إلى قيادة قادرة على التأثير في التابعين وإلهامهم، ويقررون بإرادتهم المشاركة الفعالة في إدارة التغيير ومتطلباته. المعروف أن الفيل بطيء في الحركة ولا يتحرك إلا إذا شعر أن هناك خطراً (مثل مشاهدة نار) فهو يجري حينئذ فقط. (Schlieckert, 2002: 231) ونحن نلاحظ أن التغيير في المنظمات يكون بطيئاً ولذلك فإنه من الضروري إشعال نار لكي يحس الناس بضرورة التغيير.
سادسًا: أنماط القيادة الإدارية السيئة
تشير إحدى الإحصائيات التي تناولت عينات من مواقع العمل إلى أن 1% من الموظفين راضين عن عملهم، بل ومنهم من هم راضون جداً، (Anna E, 2007: 3) إلا أن نسبة من يعتقدون أنهم يتلقون معاملة جيدة، أو يعملون ضمن دائرة مدراء بارعين في بناء الفرق، أو مدراء يتخذون قرارات جيدة وفي الوقت المناسب 36% فقط أفادوا بأن شركاتهم تلتمس اقتراحاتهم من أجل التطوير. تقول أهم المعطيات الثابتة في دائرة العمل التي تمضي فيها سحابة نهارك إن الشخص الذي يمتلك نفوذا كبيراً على سلوكك العملي هو مديرك المباشر. وبالرغم من إن هذه الحالة ليست عامة، مثل الاستثناء الذي تحمله مجموعة الموظفين تجاهك على ترك العمل باعتبارك قادم جديد، فإنها أثبتت صحتها في معظم الأوقات. (Lights, 2007: 44). يدفعنا هذا إلى النظر بشأن العلاقة بين الموظف وبين المدير بصورة أوضح، ومع افتراضنا أسوأ الاحتمالات، سيتم طرح نموذج المدير السيئ للنقاش، والسؤال هنا يطرح نفسه: كيف يتوجب عليك التعامل مع مدير سيء؟ لمزيد من التركيز على هذا السؤال سيتم مناقشة خمسة أنواع من المدراء السيئين:
(مدير لا يستمع واستبدادي ولا يصنع قرارات ومتسلط ويستأثر بجميع الامتيازات)
أ- لا يستمع ولا يريد أن يستمع
يعتبر عدم الاستماع مؤشرا واضحاً على عدم احترام الآخرين، (Hoffman, 2000: 23) كما أنه يعرض لعادة سيئة جداً تستند إلى فكرة أن الاتصال الشفهي أمر غير ذي بال وليس من الضروري أن يؤخذ مأخذ الجد. (المعامرة، 2004: 67) لمواجهة هذا النوع من المدراء هناك نوعين من الإجراءات المضادة، يمكن تطبيق كل منهما على حدة أو تطبيقهما معاً. الأول هو عن طريق طرح نفس الفكرة من قبل عدد من الأفراد في وقت واحد وبأكبر قدر من الإصرار، هنا لن يتمكن المدير من الاستخفاف بما يقال بسبب حجم الكلام المضاعف عن نفس الموضوع من جهة وبسبب عدد الناطقين به من جهة أخرى. (Wheelen, 1998: 21) الإجراء الثاني هو الانتقال النحويين التواصل الكتابي. يمنح العديد من المدراء قسطا وافرا من اهتماماهم إلى الأشياء المكتوبة لأنها تتخذ طابع السجلات الرسمية.
ب- استبدادي إلى درجة كبيرة
تعتبر هذه الطريقة في الإدارة أشبه ما تكون بالإنسان البدائي (Neanderthal) بالنسبة لنظريات وممارسات الإدارة العصرية. حيث قد يكون أفضل ردة فعل على هذا النوع هو أن يمرر له بعض المواضيع التي تعرض لطرق بديلة للتعامل؛ وفي حال الاستدعاء إلى محاورة لشرح الموقف يتم بالنقاش الهادئ ومحاولة أن يكون الحوار خفيفاً قدر المستطاع. (كشك، 2006: 7).
ت- لا يصنع القرارات
هذه منطقة حرجة في طيف التواصل مع المدراء، لأن أسباب الفشل في صنع القرارات كثيرة ومتنوعة. قد تكون بسبب اختلاف الاحتياجات للموظف كلياً عن احتياجات المدير، لذلك لا يوجد توافق بينهما وأنه يتوجب أن يتم التحري وإثبات فشل المدير في اتخاذ القرارات بالاشتراك مع الزملاء، لكي لا يؤخذ موقفا تجاهه على محمل شخصي، أو يظن أنهم يتوهمون فيه هذا الفشل لأسباب كامنة خاصة بهم. (Yeh, R, 1999: 61) إذا وافق الزملاء قد يتوجب أن يتم قيادة المهمة بنفسك وتدير حوارا خاصاً تعرض فيه للقرارات التي لم تتخذ في الوقت والطريقة المناسبين. إذا لم يفلح الحوار الخاص يمكنك أن تحاول الاستعانة ببعض المساعدين من زملائك لإقحامهم في النقاش المحتدم. (منير، 2007: 43).
ث- التسلط
هذه في الواقع شكوى نموذجية عن المدراء، كما أنها صعبة بالنسبة للكثير من الأشخاص لأن ردود الأفعال نحو سلوك كهذا يمكن أن يتحول إلى غضب متطرف بسرعة كبيرة. الغضب يحتاج إلى استيعاب، يتبعه إجابة سريعة تشرح أن المدير يدير العمل بشكل غير ملائم في الوقت الحالي، وأنه يعتقد أن هذا السلوك مضاد للإنتاجية، ولا يقود إلا إلى نتائج سيئة مع الأعمال التي تكون في طور التنفيذ. في هذه الحال يجب أن تكون ردود الأفعال سريعة، لأن الكثير من المدراء لا يدركون أن الطرق التي يسلكونها في إدارة العمل سيئة ما لم يتم وضع المرآة أمامهم في لحظة الإساءة. (Razik, 2001: 80)
ج- يستحوذ على جميع الامتيازات
يعتبر هذا التصرف مدمرا في مجال التحفيز والقيم التنظيمية، وفي عالم اليوم لا يمكن مواجهة هذا النوع إلا بسلوك مضاد يمكن أن تعتبره الإدارة إيجابياً. إذا كان مديرك غير متفاعل ويحب أن يكون هو دائماً في المقدمة، يجب أن تكون ردة الفعل جماعية بحيث يصر جميع الموظفون على مقابلة المدير ومواجهته بحقيقة تصرفه السيئ. (Mc Nergney, 2001: 208) هذا النوع هو نوع من الإدارة الاستبدادية، والمستبد لا ينفعل إلا إذا واجهته قوة حقيقية. خطط للمواجهة بحذر، أضف إليها اعتبارات عندها في معظم الأحيان يكون التصرف المنصوح به مع المدير السيئ هو مناقشة المشكلة معه على طاولة الغداء بطريقة بعيدة عن المواجهة العدائية. (الباسط، 2003: 8) لا يوجد ضمان لنجاح هذه الطريقة، وعليك أن تكون مهيئا إلى تصعيد الموقف. احرص أن يكون حوارك عقلانيا وحقيقيا قدر الإمكان، وتذكر أنه لا زال لديك طريقتان يمكن أن تتبعهما: الأولى: أن تذهب إلى رئيس مديرك وتطلب منه نقلك إلى قسم آخر، الثانية: أن تجد لنفسك مكاناً في شركة أخرى. (Stephen 1996: 212) وهذا ما كان يتبع وستبقى الطريقة الأمثل في التعامل مع مدير سيء جداً" ...!!! هل فشلت أنت عندما انتقلت إلى العمل في شركة أخرى؟ الأغلب أن الشركة التي تركتها هي التي فشلت وليس أنت!!
مما تقدم عن الأنماط القيادية يتضح بأنه يجب معرفة الأدوات السليمة للعمل the right tools for the job لكي تعرف متى تستخدم هذا النمط القيادي أو ذاك؟ القادة الأكثر تجاوبا يتجاوزون العملية الآلية المواءمة بين الأنماط لتناسب قائمة محددة من المواقف. فهم أكثر انسيابية. أنهم يفحصون بدقة الأشخاص فرادى وجماعات، ويقرءون التلميحات في اللحظة التي ترشدهم إلى النمط القيادي الصحيح المطلوب، وتجدهم يعدلون نمطهم بشكل خفيف. هذا يعني أنهم لا يستطيعون استخدام أنماط معينة مرنة لبناء التجاوب فقط، بل أيضًا بمقدورهم أيضًا أن يكونوا ضابطي إيقاع أو حتى يصهروا الجانب الإيجابي من نمط السيطرة والتحكم -باتجاه قوي وملح- وبالشكل المناسب. ولكنهم عندما يقودون عبر هذه الأنماط الأكثر خطورة، فإنهم يقومون بذلك على وفق شيء من الالتزام الذاتي وضبط النفس حتى يتفادوا إحداث التنافر بالتصرف بغضب أو نفاد الصبر أو الانصياع وراء غريزة التهجم على الأشخاص. وكنتيجة، فإن هؤلاء القادة لا يحصلون فقط على نتائج أداء بل يبنون أيضًا الالتزام والحماس لدى من يقودون. بسبب الأهمية القصوى للقيادة الفعالة ذات المخزون الكبير من الأنماط القيادية، أن درسا فوريا ينطبق على الاستقدام، والترقية، والتخطيط المتعاقب. ويعتبر مبسط، عندما يتعلق الأمر بشغل منصب قيادي، من المفيد أن نجد الشخص الذي يمتلك الرصيد المرن أكثر من نمط هو الذي يميز القادة الأكثر نجاحا. وإذا فشلت في هذا المطلب الأساسي، اسأل الشخص الذي تنوي تعيينه في منصب قيادي على الأقل ما إذا كان قد تمكن من النمط أو الأنماط المحددة التي تناسب أكثر واقع نشاطه. فالقائد المطلوب لإحداث تحول، مثلاً، يحتاج إل مهارات القائد ذي البصيرة - القدرة على تشكيل رؤية جديدة من شأنها أن تحدث التغيير. وفي حال كون المنصب يتطلب خطوات ضرورية، مثل التخلص السريع والجذري من الأشخاص غير الأكفاء، فإن ذلك الشخص (المرشح للقيادة) سيحتاج اعتماد نمط السيطرة لإنجاز المهمة، ثم تخلى عن ذلك النمط ثانية. وإذا كانت المنظمة في حاجة إلى إجماع رأي بين الموظفين، وبناء الثقة، أو فقط توليد أفكار جديدة، فإن ذلك الشخص سيحتاج إلى نمط ديمقراطي. وإذا كان المطلوب فقط توجيه فريق ذي كفاءة عالية ولديه دوافع ذاتية - مثل المحامين أو صيادلة باحثين- فإن « مخزون » القائد يجب أن يتضمن الاستخدام الصارم لنمط ضابط الإيقاع. ومهما كان رصيد القائد من الأنماط اليوم، فإنه ينمو ويتطور غداً. إن السر يكمن في تعزيز قدرات الذكاء العاطفي الأساسية التي تدفع هذا النمط أو ذاك. فالقيادة شيء قابل للاكتساب (نتعلمه) - والعملية ليست سهلة، بل تستغرق وقتاً طويلاً، وخاصة الالتزام. لكن المنافع التي تنجم عن القياد بذكاء عاطفي متطور جداً بالنسبة للفرد والتنظيم، تجعل منها جديرة بالاهتمام، بل ومنعشة ومنشطة.
عند مراجعة الأنماط القيادية السابقة نجد أن معظمها يندرج تحت عنوانين رئيسيين القيادة القديمة أو القيادة الجديدة، وعند تفحص الفروق بين القيادتين نجد إن القيادة القديمة ركزت على الشكل لا على المضمون وبالتالي تلاشت وزالت، وأما القيادة الحديثة فقد ركزت على الأرواح التي تؤثر على العقول القيادة القديمة هي البيروقراطية بالتسلط وينظر إلى المرؤوس على أنه قليل الفهم والإدراك وتكون الأهداف لديه قصيرة المدى ولا يقيم علاقة مع الأتباع ولا قيمة لهم وكأنهم عمال أو عبيد وبالإضافة لذلك فهم عمال متكاسلون والتعامل هنا يكون بلغة الأجساد واتخاذ القرارات من الأعلى إلى الأسفل وتكون سياسة العمل أي إدارته بالأنظمة واللوائح وتكون هذه المنظمة قليلة الإنتاجية وتزول بزوال القائد. أما معالم القيادة الحديثة فإنها ديمقراطية بالشورى وينظر إلى المرؤوس على أنه واسع الفهم والإدراك وأهداف القائد بعيدة المدى ويحترم الأتباع وكأنهم أصدقاء أو شركاء لأنه يتخاطب معهم بلغة الأرواح لأنهم عمال منتجين ويتم إدارة العمل بالقيم والمبادئ حيث إن القرارات من الأسفل إلى الأعلى وعليه تكون إنتاجية المنظمة في زيادة وتبقى هذه المنظمة حتى بعد ذهاب القائد. ولمزيد من المعلومات عن القيادة يمكن الاستفادة من مواقع الانترنت الموجودة في مصادر البحث للاطلاع عليها وتوسيع مدارك الشخص.
من خلال نماذج أنماط القيادة السابقة ظهر للباحث شيئين يتفقان مرة ويختلفان مرة أخرى ألا وهما القائد والمدير أو القيادة والإدارة، فأوجه الشبه بين القيادة والإدارة في إن كل منهما يحدد ما الذي يجب علمه ويخلق الجو الذي يساعد على تحقيقه ثم التأكد من تحقيق المطلوب وفقا للأسس الموضوعة. أما أوجه الخلاف بينهما فالإدارة تركز في أعمالها على التخطيط والتنظيم وإعداد الأنظمة التي تتضمن استمرارية العمل ولا تعتمد على فرق العمل ولكن حسب التدرج الهرمي الوظيفي وتعتمد الإدارة على ثبات الممارسات وتتفادى الإلحاح والسرعة كما إن رجال الإدارة يتعاملون مع خطط مفصلة وموازنات لتسيير العمل مع القدرة على السيطرة على الأحداث إلى حد كبير وليس رؤية للمستقبل. أما القيادة فتعتمد على التكامل والالتزام والتحفيز وشحذ الهمم (Motivation/ Empowerment) وإحداث الحركة والتغيير وتعتمد أيضًا في أداء أعمالها وممارساتها على فرق العمل والمناخ الملائم لأداء العمل مع النظر إلى المناصب على إنها محفزة للعمل لا معيقة له وجميع هذه الأعمال تنصب نحو رؤية واضحة ومحددة (Empowerment Toward this Vision). وعليه فإنه لا غنى لأي منظمة عن وجود القيادة والإدارة فوجود الإدارة فقط يؤدي إلى وجود الجمود وعدم مسايرة التقدم أما وجود القيادة فقط فإنه يصبح التركيز على الخطوط العريضة والصورة الشاملة دون الاهتمام بالتفاصيل. أي إن المنظمات في الوقت الحاضر وفي المستقبل بحاجة إلى القادة أكثر من المدراء أي بحاجة إلى القائد ذو المهارات الإدارية. والجدول الآتي يبين مصفوفة المدير القوي والضعيف مع القائد القوي والضعيف:
مصفوفة المدير والقائد
قائد قوي | قائد ضعيف | |
مدير قوي | 1- الرؤية واضحة لجميع العاملين. 2- وضوح وتحديد الأهداف والخطط اللازمة لها. 3- معاملة العاملين كشركاء في النجاح. 4- توفير الجو المناخي الصحي لزيادة الإنتاجية. 5- الارتباط عضوي |
1- العمليات تتجه نحو البيروقراطية. 2- التخصص الزائد. 3- مزيد من السياسات والإجراءات. 4- نظم الإدارة تصطدم بالابتكار. |
مدير ضعيف | 1- الرؤية منفصلة عن الواقع. 2- توجيه الأفراد إلى هدف دون تنظيم. 3- الاستراتيجيات ينقصها التخطيط الرسمي والموازنات المعتمدة. |
1- عدم وضوح الرؤية. 2- لا يوجد أهداف محددة. 3- انعدام الثقة بين القيادة والعاملين. 4- جو العمل غير صحي قليل الإنتاجية. 5- الارتباط غير عضوي. |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العمري، قاسم شاهين بسيم، أطروحة دكتورة بعنوان: أنماط القيادة الإدارية وـاثيرها في نجاح المنظمات الحكومية، دراسة تحليلية لآراء عينة من المدراء والعاملين في محافظة ذي قار، أطروحة دكتوراه تقدم بها الباحث إلى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد جامعة سانت كليمنتس وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في الإدارة العامة، كلية الإدارة والاقتصاد ، جامعة البصرة ، العراق، 1430هـ - 2009م.