د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

واجب الجندي المسلم تجاه قيادته The duty of the Muslim soldier towards his leadership

نتعرف في هذا المقال على واجبات الجندي المسلم تجاه قيادته، والتي حرص الإسلام على تربية الجندي المسلم عليه والقيادم بواجباته تجاه القيادة

January 17, 2025 عدد المشاهدات : 624

كما أوجب الإسلام على القائد العناية والاهتمام والرعاية بجنودة ومقاتليه وإعدادهم الإعداد السليم من جميع جوانب حياتهم ، فكذلك أوجب عليهم واجبات مقدسه ومهمة تجاة قادتهم ورؤسائهم تعبر عن مدى الاحترام والتقدير لهذا الشخص الذي يبذل الجهود المضنية لأعداهم وتأهيلهم وتربيتهم التربية السليمة الصحيحة نفسيا وبدنيا ،لذا فقد رتب عليهم حقوق وواجبات نستطيع ان نجملها بما يلي :


أولا:  السمع والطاعة:
إن أهم ما يميز العمل العسكري هو الطاعة واحترام الأوامر الصادرة من القادة والتي يجب على الجندي الالتزام بها والامتثال لها ،إذ بغير السمع والطاعة لا يمكن أن يستقيم الضبط والربط، وتسود الفوضى وتتداخل الواجبات ويعم الاضطراب في أرجاء المؤسسة العسكرية ، وهذا السلوك الايجابي يجب ان ينمو في نفس الجندي حتى في غياب الرقابة عليه ليصبح حاجه ذاتية تلقائية يقوم بأدائها في جميع المواقف والظروف ، وتنبت هذة الصفة في الإنسان العسكري من خلال قناعته بقادته وقيادته والمبادئ التي عنها يقاتل عنده يتولد الدافع الذاتي في نفسه بشكل عفوي وتلقائي ،  قال تعالى :" أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم " ،وقال ( صلى الله عليه وسلم ) :" اسمعوا وأطيعوا وان ولي عليكم عبد حبشي كان رأسه زبيبه " هذا وقد وضع الإسلام أسس عظيمة لبناء الانضباط في نفوس أتباعه ومقاتليه وجندة  نستطيع أن نوجزها بما يلي :

1.  الحرية :
ركز الإسلام على هذا المبدأ وقررة في نصوص قرانيه ونبوية  كثيرة واعتبره الركيزة الأساسية لبناء شخصيه الإنسان وكرامته لأنه بغير الكرامة والشخصية القوية يبقى الإنسان ضعيفا لا يقوى على الانضباط والالتزام بأي شيء مهما كان ، والتحرر في الإسلام مبدأ له من القداسة الشيء الكثير فقد جعله في كل الشؤون والأحوال ، فالتحرر من سلطان الخوف على الرزق والأجل ، والتحرر الفكري والعقلي ، والتحرر من العبودية لغير الله ، والتحرر من التفاخر بالأنساب والقبائل على حساب الانتماء للدين ... ،كلها حريات تصقل شخصيه الإنسان وتنمي فيها الكرامة الانسانيه التي تعمل على ضبط سلوكها وتطويعها لما يخدم الدين ،والانضباط العسكري لا يأتي إلا إذا  شعر الإنسان بكرامته وحريته ،لان الإنسان متى شعر انه يساق للأمور سوقا كالدواب فان ذلك لا يخلق منه مقاتلا شجاعا يحمل رسالة ، ولا مفكرا يحمل مشعل العلم والهداية  ولا بطلا مغوارا في ساحة القتال ، ولا قائدا له دور في قيادة أمته إلى سواء السبيل  ،بل إن الإذلال سيصنع منه شخصا متخاذلا جبانا خوارا لا يقوى على شيء ،فالحرية في الإسلام هي المرتكز الأساسي لصناعه الكرامة الانسانيه التي هي أساس الانضباط في السلوك وهي حق من حقوقه التي اقرها الإسلام قبل ان تقرها المواثيق والشرائع الدولية .


2.الثقــــــة :
ان زرع الثقة في نفوس الجنود والمرؤوسين يولد لديهم الشعور بقدرتهم على تحمل المسؤولية وتحمل المسؤولية يولد الشعور لدى الإنسان بان عليه الانضباط والالتزام ، ويدفعه إلى التقيد بالأوامر والتعليمات حتى في غياب القائد أو غياب الأوامر وانقطاع الاتصال بينه وبين قيادته في ساحة المعركة ويدفعه إلى اتخاذ القرار الحكيم الصائب الذي فيه مصلحته ومصلحه من يقود ، وقد طبق النبي (صلى الله عليه وسلم ) هذا المبدأ في مواقف كثيرة وقد كان له الأثر الأكبر في صناعه جيل من القادة الأشاوس الذين أسهموا في صناعه تاريخ مجيد وبناء دوله الإسلام التي سطع نورها في كل أرجاء المعمورة بوقت قياسي وشهد لهم الأعداء قبل الأصدقاء بحسن التصرف وبفضائل الأخلاق ، حيث لم تكن قوتهم إلا دافعا لهم ليحسنوا التصرف مع أهل البلاد التي فتحوها مما دفع بهم لان يدخلوا في دين الله أفواجا وذلك لما لمسوه من حسن الخلق ولباقة التصرف .


3.القـــدوة :
عندما يكون القائد مطيعا للأوامر التي تصدر له ممن هو أعلى منه فانه يشكل قدوة حسنه ومثلا أعلى لمرؤوسيه ليطيعوا أوامره ويلتزموا بما يصدر اليهم من تعليمات ، ولا يصنع الضبط والطاعة بين الجنود إلا عندما يكون قائدهم مطيعا ملتزما عندها لا يجرؤ احد منهم على التطاول على الأوامر والتعليمات فيسود النظام والالتزام ويصبح الجند كلهم كخليه النحل يطبقون السمع والطاعة كجزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية ،قال تعالى :" ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " .


4.تنميه الوازع الديني في النفوس :
لم يعتمد الإسلام في بناء مبدأ الطاعة على القهر والقوة وسوق الناس الى ساحة الوغى كما تساق البهائم ، بل جعلها قوة ذاتية تنبع من ضمائرهم ، لذا فان الإسلام وبتربيته الدينية السليمة يمنح الإنسان القدرة والقوة الداخلية على الانضباط والطاعة وحسن التصرف والالتزام بما يطلب منه في غير معصية الله ، وضميرة الداخلي هو الذي يدفعه إلى استشعار عظمه خالقة في كل وقت وحين ويشعر أن الله مطلع عليه ومراقب له هاجسه في ذلك قول نبيه (صلى الله عليه وسلم ):" ان تعبد الله كأنك تراة فان لم تكن تراة فانه يراك ".


5.إتقان العمل والإخلاص فيه :
  قاعدة الإسلام العظيمة في هذا المجال هي حديث الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ):"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" وله في ذلك الأجر والثواب الجزيل من رب العالمين ،ولهذا الخلق ثمرات يجنيها من يلتزم به ويطبقه أولها أنها تنمي في نفسه بأنه مراقب من قبل الله في سرة وعلنه وان الله مطلع على كل عمل يقوم به مما يدفعه الى الإخلاص والانضباط في السلوك والتصرف فتستقيم أعماله وتنضبط سلوكياته من حيث لا يشعر لأنه يدرك ان الله يراه ويراقبه ويسمعه وينظر إليه هاجسه في ذلك قوله تعالى :"ومن أوفى بما عاهد الله عليه فسيؤتيه أجرا عظيما " .
ان الأخلاقيات السالفة الذكر هي أساسيات بناء الانضباط والطاعة في نفس الجندي المسلم ، طاعة مبنية على الاحترام المتبادل بين الرئيس والمرؤوس، طاعة تسودها أخلاقيات الإسلام العظيمة من احترام للكرامة وللنفس والعرض والمال ، طاعة ليس فيها تسلط او تجبر او تعالي او خيلاء على الآخرين ، طاعة ليس فيها تكبر القائد على جندة بل هي تشارك وتعاون في حمل المسؤولية للوصول الى الأهداف النبيلة ، إنها طاعة ليسن عمياء مستسلمة بل هي طاعة مبنية على الوعي والثقة بالقائد وبقدرته وبنفاذ بصيرته ، ان أسس الطاعة المذكورة أعلاه  قد يصعب أن تبرز الى حيز التنفيذ والوجود إذا لم يصاحبا التدريب العملي على الانضباط والطاعة حتى تصبح عادة من عوائده  وجزءا من سلوكه اليومي يصعب عليه أن يتخلى عنه .

 

ثانيا :المناصرة والتأييد :
من حقوق القيادة على الأتباع هي المناصرة والدعم والمؤازرة والتأييد وخاصة اذا ما كانت تقود الناس بما يرضي الله ورسوله وتقيم فيهم حكم الله وشرعه وتقوم بواجباتها تجاه الأفراد خير قيام وبما يخدم مصالحهم وأمورهم المعاشيه والحياتية ، وتدفع عنهم الأخطار والعاديات ،  وتتراوح صورة التأييد والمؤازرة بين المشاركة الوجدانية، والمناصرة باللسان من خلال الكلمة الصادقة التي تشد من أزر القيادة وترفع معنوياتها وتقوي صمودها في وجه المخاطر والتحديات التي تواجهها ، وقد تكون بالتضحية بالمال والنفس دفاعا عن الأوطان والأعراض ، وفي الإسلام فان الجندي المخلص هو الذي يمارس كل هذة الصور مجتمعه كواجب عليه تجاة قيادته ووطنه وأمته مقابل ما قدمته له من جهد وتضحيات .


ثالثا:النصح والإرشاد :
أن قاعدة الإسلام هي ان "الدين النصيحة لله ولرسوله وللمسلمين لائمتهم وعامتهم "فهي واجب كل مسلم لديه القدرة والامكانيه عليها،وللنصيحة أهميه كبرى وفوائد جمة وثمرات تظهر أثارها على المجتمع المسلم في حال تم تطبيقها بالطرق الصحيحة واستخدمت فيها الوسائل السليمة،لان تعطيل النصيحة تؤدي الى وقوقع المجتمع المسلم فريسة للتفكك والفوضى واختلاط الأمور على الناس ،ولا شك أن أقامه النصيحة وتأديتها يوحد صف ألامه ويدلها على الرأي الاصوب والارشد ويشد من أزرها ، وقد ربى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) جندة على القدرة على قول الحق والنصح للحاكم بل أنها واجب عليهم تجاة قيادتهم مما جعلهم  يمارسوها بكل جراءة وكفاءة  ، فها هو أبو بكر الصديق يخطب الناس ويدعوهم الى نصحه وارشادة إلى الحق " أيها الناس إني قد ووليت عليكم ولست بخيركم فان أحسنت فأعينوني وان أسأت فقوموني ، الصدق أمانه والكذب خيانة ،......أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ...... "، ان الإسلام فتح باب النصح والمشورة ليكون متاحا لكل فرد منهم مهما كان موقعه في المجتمع ومهما كان مركزة الاجتماعي وضيعا ،مقتدين في ذلك برسولهم وقائدهم العظيم الذي كان دستورة في ذلك هو كلام رب العالمين ودعوته له بان ينصح الناس ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنه، "ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه " .


هذة هي واجبات الجندي المسلم تجاة قيادته الرشيدة الحكيمة ، فكما يطلب منها الحقوق فعليه تجاهها الواجبات  التي لا يجوز له أن يتخلى عنها او يتقاعس بأدائها لأنها واجب شرعي  يؤثم  إن قصر بأدائه، مبتغيا  في ذلك المصلحة العامة التي تخدم ألامه وتنهض بها بين الأمم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: طشطوش، هايل عبد المولى، كتاب: أساسيات في القيادة والإدارة، النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة، دار الكندي للنشر والتوزيع، إربد- الأردن ، الطبعة الأولى لعام 2008 .

تحميل محتوى الصفحة رجوع