إن القيادة هي مظهر من مظاهر التفاعل بين الجماعات البشرية المختلفة ولان ممارستها برغم كونها معقدة فهي ظاهرة سلوكية شائعة وطبيعية للغاية وتحدث كلما اثر إنسان في سلوك الآخرين من اجل غاية معينه، وهي جزء من نشاط الإنسان وحركته الدؤوبة في هذه الحياة، وما أرادها الإنسان لنفسه الا لفوائدها وثمراتها العظيمة في حياته العملية ،حيث تشكل القيادة جوهر النجاح وسره في كل منظمة مهما كان نوعها او مستواها او حجمها ، فبدون القائد الموجة لا يتم الأمر مهما كان ولا يبلغ الإنسان هدفه ومبتغاة ، وبالتالي فان القيادة- الناجحة- هي الموجه لنشاط الأفراد والجماعات وهي الداعم لنجاحاتهم وتحقيق أهدافهم ، وتزداد أهمية القيادة بازدياد تطور المجتمعات وزيادة التشابك والتعقيد في الحياة الإنسانية ، وذلك لان الأهداف المبتغى تحقيقها تزداد ويزداد طموح الإنسان ليحظى بثمراتها وفوائدها ، وبدون القيادة الناجحة الكفؤه القادرة الحكيمة لن يتم لة ما يريد.
ونستطيع أن نلخص فيما يلي بعضا من ثمرات وفوائد القيادة في الحياة العملية:
1. تسهم القيادة في تنظيم وترتيب مجريات الحياة وحمايتها من الاضطراب والتشويش والفوضى ، لان الناس بدون حكماء وقادة يصبحون فوضى تحكمهم "الديموغوجيه " البغيضة التي يأكل فيها القوي الضعيف ويضيع الصغير فيها بين أقدام " الكبار" .
2. تسهم القيادة في أقامه العدل والحق والإنصاف في المجتمع ونصب موازين الحق بين ألناس وإعادة الحق لأصحابه، لان القيادة هي مزيج من السلطة والقوة والقدرة وبدون هذه العناصر لا يستقيم أمر الناس.
3. أنها ضرورية لتوجيه الطاقات والتنسيق بينها بما يضمن توحيد جهود العاملين في إطار خطة المنظمة وتصوراتها المستقبلية.
4. القيادة وسيل التخلص من السلبيات وتعظيم الايجابيات أثناء ممارسة البشر لنشاطاتهم الإنسانية.
5. لا تتحقق الأهداف والغايات في أي عمل مهما كان نوعه ومستواه إلا بالسيطرة والقيادة، وذلك من خلال قيامها بأدوارها في التنظيم والتخطيط والتوجيه والرقابة ..... الخ من الوظائف.
6. تساهم القيادة في توظيف القدرات والطاقات البشرية وتنميتها ورعايتها بهدف تحقيق إنسانيتها وتهذيب سلوكها وتوظيفه لخدمة غايات الإنسان ومقاصده.
7. بدون رسم الخطط المتقنة والمحكمة لا يتم بلوغ الأهداف والغايات، وهذه المهمة لا يقوم بها إلا " القيادة " الهادفة الناجحة.
8. القيادة هي حاجة فطرية ورغبة طبيعية ولدت مع الإنسان أثناء بحثه عن قوة خارقة تحميه من بطش غيرة من المخلوقات بة ، لذا فهي وسيله حماية ومرجع يعود لة الإنسان عندما تقتضي الظروف ذلك .
9. القيادة هي وسيلة الحفاظ على التوازن في الحياة الذي قد ينتج عن تولي الغير صالحين لقيادة زمام أمور الناس .
وأخيرا فان ثمرات القيادة في حياة الأفراد والجماعات تكاد لا تعد ولا تحصى لأهميتها، فالناس ان لم يكن لهم قائد بحثوا عنة ونصبوه وأرادوه سيدا لهم ، وان المتتبع لتاريخ نشوء "الدولة " يتبين لة من خلال استعراض النظريات التي تحدثت عن ذلك ان الإنسان الأول لم يستطع ان يعيش وحيدا بل أنة سعى للعيش في إطار الجماعة والتي تحولت فيما بعد الى مجتمع منظم ، وبسبب حاجة الناس للأمن والحماية والرعاية واتساع المصالح وتباينها ،أرادوا أن يتنازلوا عن جزء من حقوقهم - بل حقوقهم كاملة – لشخص من بينهم يتمتع بصفات ومميزات تؤهله لتولي قيادتهم وتامين الحماية لهم ،فاختاروا من بينهم "القائد"،عندها ولدت القيادة ، فالقائد للجماعة كالرأس لجسد والجماعة بدون قائد كالقطيع بلا راع تائهة هائمة إلى الضياع والى الفناء إذن هي قديمة قدم الإنسان ، ولا غنى للإنسان عنها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: طشطوش، هايل عبد المولى، كتاب: أساسيات في القيادة والإدارة، النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة، دار الكندي للنشر والتوزيع، إربد- الأردن ، الطبعة الأولى لعام 2008 .