د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

مهارات إدارة المشاريع Project management skills (كيف تتخذ قرارات جيدة)

إن القدرة على اتخاذ قرارات فعالة هي التي تفسر كيف يمكن لبعض الأشخاص إدارة خمسة أضعاف العمل (أو الأشخاص) التي يديرها الآخرون

May 4, 2024 عدد المشاهدات : 1873

في فترة تأليف سكوت بيركان لكتابه فن إدارة المشروعات قام بمقابلة أكثر من اثني عشر مدير مشروع. وكان أحد الأسئلة التي طرحها عليهم: كيف تتخذ قرارات جيدة؟. وقد تضمنت إجاباتهم أشياء مثلك موازنة الخيارات، وتعريف المعايير، والبحث عن طرق مختلفة لحل المشكلة الموجودة حالياً. ولكن عندما سألتهم عن عدد القرارات التي اتخذوها كل يوم وتواتر استخدامهم للتقنيات التي سموها، أدركوا أن هناك خطأ ما. واعترف معظمهم (بعد أن نظروا إلى الخلف ليتأكدوا من عدم وجود شخص آخر يسمعهم) أنه من المستحيل أن تتبع دائماً عمليات رسمية لاتخاذ القرارات، باعتبار الزمن الذي توفر لهم وعدد الأشياء التي كان يجب عليهم إنجازها. قد اعترفوا أنهم يعملون غالباً بالاعتماد على الفطرة، والافتراضات المنطقية والحجب السريع للبنود اللحظية مقابل الأهداف الأكبر للمشروع. وأنهم لو استطاعوا سيعيدوا تطبيق المنطق نفسه الذي استخدموه في القرارات السابقة أو خبرتهم من المشاريع السابقة. ولكن بقدر ما بدا هذا الجواب منطقيا في كل مرة سمعته فيها، إلا أنني ومدير المشروع كنا نجد فيه أمراً مخيباً للأمل. وأعتقد أننا جميعاً نرغب أن نصدق أن كل القرارات قد اتخذت مع توخي الحذر واعتبار كل شيء، رغم أننا نعلم أنه من المستحيل أ، يكون الأمر كذلك. حيث إن هناك زمنا محدودا وطاقة عقلية محدودة، ولا يمكن أن تتخذ جميع القرارات بنفس الدرجة من الجودة. بالنسبة لمدير المشروع، أعتقد أن الفشل في اتخاذ القرار يحدث غالباً لا بسبب أن صانع القرار قليل الذكاء أو الخبرة، وإنما لأنه استثمر طاقاته بشكل ضعيف عبر جميع القرارات المختلفة التي وجب عليه اتخاذها. هناك عملية متعلقة باتخاذ القرارات تستخدم لتقرير أي القرارات يجب استثمار الوقت والطاقة لأجله. إن التحسن في أعلى مستويات اتخاذ القرارات يتطلب الخبرة والإرادة لمراجعة الأخطاء والتعلم منها. (يمكن إجراء أنواع مختلفة من التدريب لتطوير هذه المهارات، لكنني لم أرها أو أسمع بها كجزء أساسي من أي منهج متعلق بعلوم الحاسب أو إدارة المشاريع). 
إن القدرة على اتخاذ قرارات فعالة هي التي تفسر كيف يمكن لبعض الأشخاص إدارة خمسة أضعاف العمل (أو الأشخاص) التي يديرها الآخرون، فهم يقسمون العمل فطرياً إلى أجزاء ذات معنى ويتخذون القرارات والإجراءات التي تعطي أكبر دفع ممكن، ويستثمرون طاقاتهم في جعل هذه القرارات بأفضل شكل ممكن. أما القرارات التي يجب أن يخصصوا لها وقتاً أقل، فإن أي أخطاء أو مشكلات تحدث بسببهم يجب أن يكون إصلاحها أسهل من تلك التي يقعون بها في القرارات الهامة. 
بالتالي، فإنه من الغريب أنه عندما تدرس (مهارات اتخاذ القرارات) في الجامعات، أن يتعلم الطلاب بشكل تقليدي طرق الأدوات النظرية أو تحليل شجرة القرارات، وهي العمليات التي يتم فيها إسناد قيم رقمية للخيارات، ومن ثم إجراء الحسابات عليها (تحليل كلفة الفائدة هي طريقة شائعة أخرى يتم تدريسها). يتضمن العديد من برامج درجة الماجستير في إدارة الأعمال وبعض شهادات إدارة المشاريع، هذا النوع من التدريب. إلا أن تغطية بسيطة تتوفر للقرارات ذات المستوى الأعلى أو أي اعتبارات عملية أخرى خاصة بموضوع اتخاذ القرار خارج غرفة الصف. إن طرقاً مثل تحليل شجرة القرارات تتطلب تعداد جميع العناصر، وهي مناسبة بشكل استثنائي للقرارات التي تعتمد على المالية، ولكنها محدودة في حال القرارات التصميمية الاستراتيجية او التنظيمية. وكما تكون الحالة غالباً، فإن العديد من العوامل المختلفة ووجهات النظر يجب أن تؤخذ بالاعتبار من أجل اتخاذ قرارات جيدة للمشروع، ولا توجد طريقة رسمية بين التي رأيتها تقوم أصلا بدمجها جميعاً.
وبالتالي، لم يكن مفاجئاً أن البعض فقط من مدراء المشاريع الذين قابلتهم قد حصلوا على أي تدريب رسمي لاتخاذ القرارات. أما الذين حصلوا عليه، فإن القليل منهم كان يستخدمه. إن هذه الملاحظة العامة تتوافق مع ما كتبه Gary Klein في كتابه: مصادر الطاقة، كيف يتخذ الناس القرارات (MIT Press,1999). "لا تثق بالتدريب الذي يدرس الطرق الرسمية لاتخاذ القرارات، حيث أنه يدرس طرقاً نادراً ما يستخدمها الناس" ويستمر Klein ليشرح الطرق العديدة المختلفة التي يستخدمها الطيارون الماهرون، والاطفائيون والممرضات المختصات بالكسور في اتخاذ القرارات، وكم من النادر وجود الطرق الرسمية في الكتب المستخدمة لإنجاز المهام. إن هذا لا يعني أن هذه الطرق سيئة، وإنما فقط أن هذه الكتب نادراً ما تقدم أي دليل عن من يستخدم هذه الطرق، أو عن مدى نجاحها بالمقارنة مع التقنيات الأخرى. لقد لاحظ Klein أن هؤلاء المحترفين المهرة، كما هي حال مدراء المشاريع، نادراً ما تتوفر لهم المعلومات أو الزمن اللازم لإنجاح هذه الطرق لاتخاذ القرار. بدلاً من ذلك، تتوفر لهم أربعة أشياء: الخبرة، والفطرة، والتدريب، وزملاؤهم. وهم يتخذون قرارات جيدة بتكبير هذه الموارد. في بعض الحالات مثل حالة الرائد المقاتل أو الطالب الذي يدرس الطب، فإن التدريب يصمم يأخذ هذا بالاعتبار. وبدلاً من مذاكرة الإجراءات أو النظريات المثالية أثناء التدريب، فإن التركيز يكون على تطوير الخبرة بتحفيز المشكلات والتحديات الشائعة. 
إن تغطيتي لموضوع اتخاذ القرار في هذا الفصل تركز على نواح ثلاث: استيعاب مخاطرة الربح والخسارة، وإيجاد وموازنة الخيارات (إذا لزم الأمر)، واستخدام المعلومات بالشكل المناسب. 
تقدير القرار (ما الأمور في حالة المخاطرة بين الربح والخسارة) 
إن كل ما نقوم به يوميا هو نوع من أنواع القرار- متى تستيقظ، ماذا تأكل في الفطور، ومن أول شخص تتحدث معه في العمل، أننا لا نفكر بهذه الأمور كقرارات، لأن نتائجها صغيرة، ولكننا نقوم دائما بالاختبار. لدينا جميعاً حكمنا الطبيعي الخاص عن أي القرارات في حياتنا التي تتطلب المزيد من التفكير والمنطق ذاته ينطبق على قرارات إدارة المشاريع. إن بعض الخيارات، مثل تشغيل/الاستغناء عن الموظفين أو الأهداف سيكون لها عواقب تمتد لأشهر أو سنوات، وباعتبار أن هذه القرارات سيكون لها تأثير أعمق وأطول، فإنه من المنطقي إمضاء المزيد من الوقت في اعتبار الخيارات والتفكير بتبادل المنافع المختلفة. من المنطقي أن القرارات الأصغر أو الأقل أهمية تستحق طاقة أقل. بالتالي فإن الجزء الأول من اتخاذ القرار هو تحديد أهمية القرار الحالي. في غالب الأحيان نقوم بذلك فطرياً، حيث إننا نستجيب للأمر ونستخدم حكمنا الشخصي. هل أنا واثق أنه بإمكاني اتخاذ قرار جيد حالاً أو هل أحتاج المزيد من الوقت؟ إن الأمر يحتاج غالباً إلى بضعة دقائق فقط لضبطه. من جهة أخرى، فإن هذا بالضبط حيث يقع غالبيتنا في المشكلات. إن هذه الغرائز يمكن أن تقاد بعوامل صحيحة أو خاطئة. ومن دون إمضاء الوقت الكافي، على الأقل بين الحين والآخر، لتقسيم ذلك، وتقييم الأجزاء التي تقود إلى ذلك الحكم، فإننا لا نعرف حقا ما الأساسات والافتراضات التي يمكن أن تقود تفكيرنا (مثل: الرغبة بترويج أو حماية ميزة محببة). بتذكر ذلك، إليك الأسئلة الأساسية لتستخدمها في تقدير قرار ما. يمكن استخدام هذه القائمة لحظياً للمساعدة في تقدير قرار محدد، أو كطريقة لإعادة تقييم معايير عالية المستوى من اجل تقدير القرارات. 
* ما المشكلات التي تمثل جوهر هذا القرار؟ تتخذ القرارات غالباً كاستجابة للمعلومات الجديدة، والطريقة الأولية التي يطرح فيها الموضوع تركز على النواحي الضيقة والدقيقة للمشكلة، وبالتالي فإن أول شيء تفعله هو أن تسال أسئلة سير، ومن ثم تصل إلى القرار الحقيقي الذي يجب اتخاذه، على سبيل المثال: قد تكون المشكلة عرفت أساساً كما يلي "ليس لدينا الوقت لإصلاح الأخطاء الخمسين المعروفة التي وجدناها". لكن الأمر الحقيق قد يكون "ليس لدينا معيار لكيفية ترتيب الأخطاء حسب أولوياتها". إن إعادة تعريف المشكلة والقرار إلى صياغة أكثر فائدة تقطع شوطاً طويلاً تجاه تحسين جودة القرار. وما يساعد على تحقيق ذلك هو الصبر والاستجابة بهدوء للأمور التي تبدو عاجلة. اطرح أسئلة مثل: ما سبب هذه المشكلة؟ أهي معزولة أم أنها ستؤثر على أشياء أخرى؟ لمن تتبع هذه المشكلة؟ ما الأهداف في الرؤية التي لا تتعرض للمخاطرة بسببها؟ هل اتخذنا هذا القرار سابقاً في المواصفات أو الرؤية، وإذا كان الأمر كذلك، هل هناك أسباب جيدة لإعادة اعتباره الآن؟
* ما مدى تأثير هذا القرار على المشروع زمنياً؟ وما مدى عمق هذا التأثير؟ إن قراراً كبيراً مثل اتجاه الرؤية أو التقنية التي يجب استخدامها، سيؤثر على المشروع كاملاً. أما القرار الصغير مثل توقيت الاجتماع أو ما برنامج العمل، فسيؤثر على عدد قليل من الأشخاص بشكل محدود. وإذا كان قراراً طويل المدى وتأثيره عميقاً، عندئذ يطلب الصبر والصرامة. أما إذا كان قرارا قصير المدى وذا تأثير سطحي، فاتجه نحو السرعة والوضوح، بالاعتماد على حس واضح بالقرارات الاستراتيجية المتخذة في الرؤية. بشكل عام، فإنه من الأفضل اتخاذ قرارات كبيرة باكراً أو في مرحلة محددة من المشروع، ليمكن اتخاذها مع توفر التفكير والاعتبار المتروي بدلاً من أن يتم ذلك مع نفاد الوقت ( إن هذا مشابه لبعض الاعتبارات التي تمت مناقشتها في الفصل2).
* إذا كنت مخطئاً، ما التأثير/ الكلفة؟ ما القرارات الأخرى التي ستتأثر كنتيجة لذلك؟ إذا كان التأثير صغيرا أو بسيطاً، إذن ليس هناك الكثير لتخسره. من جهة أخرى، فإن هذا لا يعني أن تبدأ بالمراهنة. في حال نواح معينة من المشروع مثل قابلية الاستخدام والوثوقية، فإن الجودة تأتي من تراصف العديد من القرارات الصغيرة بعضها جانب بعض. إن عبارة (الموت بسبب الآلاف) تأتي من هذه الحالة، حيث أن المشكلة لا تنتج عن خطأ كبير وإنما عن مشكلات صغيرة جداً، ولكن عديدة. وبالتالي، عليك على الأقل أن تفكر فيما إذا كان الخيار معزولاً حقاً. وإذا لم يكن كذلك، فإنه من الأفضل أن تحاول وتتخذ قرارات عديدة معاً. على سبيل المثال، إما أن تتبع نفس إرشادات تصميم واجهة المستخدم في كل الصفحات أو أن تبسط بنية الشيفرة التي تستخدم نفس واجهات تطبيق البرامج، أو أن تلغي كلياً تلك المزايا. استفد إلى أقصى حد ممكن من كل قرار تتخذه. 
* ما نافذة الفرص؟ إذا كان المبنى يحترق، ليس المهم حينها مدى تعقيد اختيار وجهتك للهروب. حيث يتوفر فقط وقت محدود يؤثر على قرارك. وإذا انتظرت طويلا لتتخذ القرار فإنه سيتخذ بدلاً عنك. سوف تغلق كل المنافذ، وتنتهي كل الخيارات. إن الطريقة التي يعمل بها الكون هي أن القرارات الكبيرة لا تأتي بالضرورة مع أزمنة طويلة ليتم اتخاذها. أحياناً عليك أن تتخذ قرارات استراتيجية هامة بسرعة بسبب النافذة المحدودة من الفرص المتوفرة لك. وأحياناً تكون سرعة اتخاذ القرار أهم من جودة القرار نفسه. 
* هل اتخذنا هذا النوع من القرارات من قبل؟ إن هذا اختبار للتفوق. إذا وضعتك في غرفة إسعاف فيها مريض يتلوي على طاولة العمليات وطلبت منك إجراء جراحة قلبية تحويلية، كيف ستكون ثقتك بنفسك؟ ليس من المعيب الاعتراف بالعجز، إن هذا يتطلب الشجاعة فقط، إذا كنت تعمل على أي أمر صعب أو شديد الأهمية، فإنك ستمر بأوقات لن يتوفر لديك فيها أية فكرة عن كيفية القيام ببعض الأشياء لا تخف هذا (إلا إذا كنت تفضل السرعة على الجودة في القرار المطروح). ولا تدع أي شخص آخر يخفيه. وإنما، حدد أنك تعتقد أن الفريق أو أنت شخصيا قليلو الخبرة بهذا النوع من الخيارات وانك بحاجة إلى مساعدة خارجية، أو إلى المزيد من الوقت للتفكير بالمشكلة، إذا اعترف قائد أو مدير بعدم خبرته، فإنه يسهل بذلك على كل الموجودين القيام بالشيء ذاته. وفجأة يتحسن اتخاذ القرار عند كل أعضاء الفريق بشكل عظيم، لأن الأشخاص أصبحوا أخيراً صريحين.
* متى يملك وجهة النظر الخبيرة؟ هل هذا قراري حقاً؟ إن مجرد طلب أحد الأشخاص منك أن تقرر في موضوع ما، لا يعني أنك أفضل من يقوم بذلك. إنك أفضل في بعض أنواع القرارات من بعضها الآخر. لذلك لا تعتمد على حدودك الخاصة في اتخاذ القرارات. يعتبر مدراء المشاريع غالباً خبراء محليين: يرى مسئولو التسويق مدراء المشاريع خبراء تقنيين، والمهندسون يرونهم خبراء أعمال. ولكن في الواقع، فإن مدراء المشاريع أقرب إلى أن يكون لديهم مهارات في مجالات متعددة دون أن يكونوا جيدين في أي منها. لا تخف أبداً من استدعاء الأشخاص الذين يعرفون أكثر منك في الموضوع الذي بين يديك. اطلب استشارتهم على الأقل وأجعلهم يحضرون النقاش. وفكر في توكيل الخيار كلياً إليهم. اسألهم إذا كانوا يعتقدون أنه شأنك أو شأنهم القيام بذلك. وإذا كانت علاقتك معهم جيدة. فقد يكون من الأفضل أن تتعاونوا في اتخاذ القرار، رغم أن هذا يتطلب غالباً معظم الوقت من الطرفين.
* من الذين نحتاج موافقتهم؟ من الذين نرغب أو نحتاج إلى آرائهم قبل أن نقرر؟ كلما كانت المنظمة أكبر، كانت التكاليف الإضافية للعمل بسبب القرارات أكبر. قد يتحول القرار الظاهر على أنه غير مهم إلى قرار معين عندما تتدخل سياسات ورغبات الشركاء والمشتركين في المنظمة. إن مدى تطلب القرارات غير الهامة للموافقة أو لصياغة اللجان هو اختبار جيد لمدى سلطاتك. كلما كان هناك عمليات أكثر على القرارات، وجب عليك أن تعمل أكثر من أجل التأثيرات أكثر من إصدار الأحكام. هناك تكاليف سياسية للقرارات التي لا تتعلق بالتقنية أو الأعمال، أو اعتبارات الزبون، وتأثير قرار يتضمنها.
إيجاد وموازنة الخيارات
 يعرّف klein في كتابه طريقتين أساسيتين يستخدمهما الناس لاتخاذ القرارات: التقييم الأحادي، والتقييم المقارن. في التقييم الأحادي: يؤخذ الخيار الأول بالاعتبار ويفحص بالمقارنة مع معيار ما (هل أرغب أن أرتدي هذا القميص الأخضر اليوم؟) فإذا حقق المعيار يتم اتخاذه، وينتقل صانع القرار إلى أشياء أكثر أهمية. وإذا لم يحقق المعيار يتم اعتبار فكرة أو خيار آخر، وتتكرر العملية (ماذا عن هذا القميص الأصفر). إن الذهاب إلى الحمام عندما ترغب حقاً في ذلك، أو محاولة إيجاد شيء لتأكله عندما تجوع، قد يكون مثالاً جيداً عن ذلك. إن أول حمّام أو مطعم تجده يفي بالغرض، ولا داعي لاستكشاف البدائل.

جدول الطريقتان الأساسيتان اللتان يستخدمهما الناس لاتخاذ القرارات.

طريقة القرار كيف تعمل مثال
التقييم الأحادي أول بديل منطقي مكتشف يتم قبوله أنت بحاجة جديا للذهاب إلى الحمام.
التقييم المقارن يتم تقييم عدة بدائل ومقارنتها قبل اتخاذ القرار. أنت تقرر أي جزيرة استوائية سوف تشتري.

في الطرف الآخر لاتخاذ القرارات، يتطلب التصميم المقارن البحث عن البدائل قبل اتخاذ القرار. إن مثالاً جيداً عن القرارات المتخذة بالتقييم المقارن هو التفكير بالمدينة التي ستنتقل وعائلتك إليها.
إن التقييم الأحادي يعتبر منطقيا في حالات يكون فيها الفرق بين الحل الرائع والمتوسط ليس مهما. يصف Klein هذه الحالات بوجودك في منطقة اللافرق، لأن صانع القرار لا يبالي بالنواحي الأساسية للناتج طالما أنه يتم تحقيق معيار معين. إن كونك قادراً على معرفة متى تكون جميع البدائل في منطقة اللافرق، يمكن أن يوفر وقتاً هاما في المشروع مما يمكنك من إنهاء المناظرات والنقاشات باكرا، وتركيز طاقتك على القرارات المعقدة التي تستحق المزيد من التفكير. إن صانعي القرارات الجيدين لا يضيعون الوقت في جعل الأمور مثلى، بينما هي لا تحتاج أن تكون كذلك. كما يقول Tyler Durden « إن ما هو غير هام حقاً، يجب ألا يكون مهما ».
إن التقييم المقارن يعتبر أفضل للحالات المعقدة التي تتضمن العديد من المتغيرات، أو لها نتائج من الصعب استيعابها بسرعة، أو تتطلب نتائج ذات جودة عالية. إن الحالات أو المشكلات الجديدة ذات الطبيعة الاستراتيجية تشكل الأمثلة الأساسية للتقييم المقارن. كلما كان عدد العناصر التي تقع في المخاطرة بين الربح والخسارة وتحتاج إلى قرارات أكبر، وكان تآلف الأشخاص مع طبيعة الخيارات أقل، كان التقييم المقارن مناسباً أكثر لتلك الحالات لفرق العمل، وكان أفضل إطار عمل يستخدم إذا كان عليك إقناع الآخرين أو رغبت بمشاركتهم في اتخاذ القرار. إن التقييم المقارن يجبرك على إجراء نقاشات نسبية وتطوير علاقات أكثر عمقا من أجل العمل، وهذا يعتبر مفيداً للمناقشات والتواصل الاجتماعي.
غالباً، يكون هناك أسباب عديدة لإجراء المقارنات، وهناك طرق عديدة لإجراء التقييم المقارن، وبعضها يكون أقل تفصيلاً من الطرق الأخرى. على سبيل المثال، إن سرد بعض البدائل لقرار ما على اللوح الأبيض وإصدار أحكام سريعة عن قيمتها النسبية لا يستغرق أكثر من بضع دقائق. وحتى عندما تعمل لوحدك، فقد وجدت أن وضع قائمة قصيرة بالمقارنات هي طريقة رائعة لاختبار أحكامي الخاصة. وإذا لم أتمكن من استنباط أكثر من خيار واحد، من الواضح إذن أنني لا أفهم المشكلة جيداً. بما يكفي، فهناك دائماً بدائل.
العواطف والوضوح
هناك دائماً نواحٍ عاطفية ونفسية متعلقة باتخاذ القرار. على الرغم من أن قلة من الناس فقط يتحدثون عنها. لقد كتب  Richard Restak، مؤلف الحياة السرية للدماغ (Joseph Henry press, 2001) « ليس هناك ما يماثل اللحظة غير العاطفية » لدينا جميعاً مخاوف، ورغبات وحوافز شخصية بالنسبة للأشياء، سواء كنا نعلم بها أم لا، حتى الحوافز ذات المنفعة العامة، مثل الرغبة في تحقيق أفضل نتيجة للمشروع أو للأشخاص المتدخلين به، فإن أحد مكوناتها عاطفي.
إن هذا يعني أنه حتى الشخص الأكثر منطقية في الأعمال ستكون لديه مشاعر تجاه ما يفعله سواء كان يدرك ذلك أم لا. أحيانًا يمكن أن تكون عواطفنا مفيدة في اتخاذ القرارات، ولكنها أحيانًا تبطئ أداءنا أو توجهنا بعكس اتجاه الأشياء التي يجب أن نأخذها بالاعتبار. وبعيدا عن المشاعر الشخصية، فإن موضوع اتخاذ القرار يتضمن الضغط النفسي، ويمكن أن يخلق مشاعر وأحاسيس فينا لا علاقة لها مباشرة مع الأمر الحالي. بواسطة جعل عملية اتخاذ القرار خارجية بالكتابة أو التحدث، فإننا نجعل مشاركة العبء العاطفي والتفكير بوضوح بالخيارات التي لدينا، ممكنة، ولو وقعت علينا مسئولية اتخاذ القرار فإن فتح العملية أمام الآخرين يعطينا نظرة أوضح عن أفضل تسلسل للخطوات الممكنة.
الطريقة السهلة للمقارنة
يمكن أن يحصل التقييم المقارن فقط إذا وضحت الموضوع أو المشكلة التي سيتخذ القرار لأجلها سوف تحتاج أيضًا إلى حس تجاه النواحي المرغوبة في النتائج (انطلق فوراً، وحسن الجودة، وأسعد الأشخاص المهمين، الخ). يجب أن تتوفر كل الدوافع لاستعادة الكلمات والعبارات من وثيقة الرؤية أو المواصفات أو قائمة المتطلبات. إن هذه الوثائق تعكس القرارات عالية المستوى التي تم اتخاذها للتو. وعليك أن تستخدم أكبر قدر ممكن من قيمتها (وهذا بالضبط هو السبب في وجود تلك الوثائق). أحيانًا يكون الحوار مع العميل أو الزبون أو كاتب هذه الوثائق بنفس جودة (أو ربما أفضل) الوثائق نفسها.
إذا كانت متآلفا مع مواصفات الأمر، أو يمكنك أن تصطحب معك شخصاً متآلفا معها إلى الغرفة، عندئذ ستحتاج فقط إلى بضع دقائق لاستنباط قائمة معتدلة من الخيارات الممكنة. ومع هذه القائمة السريعة يبدأ شعورك بالتحسن تجاه البدائل المتوفرة لديك. ويتوفر لك أساس لاستقطاب النقاش. أحيانًا يكون واضحاً أن أحد البدائل أفضل من الباقي ولا داعي للمزيد من التحليلات. إلا أنك ستجد العكس غالباً، إن ما يبدو بسيطا جدًّا يكون أكثر تعقيدا مما اعتقدت في البداية. بتدوين الخيارات، فإنك تحصل على فرصة للتعرف على الأمور التي كانت خافية عليك.
أبسط طريقة للقيام بذلك، هي استخدام قائمة مزايا ومساوئ قديمة (انظر الشكل 8-2). لست واثقا متى نتعلم ذلك في حياتنا، ولكن تقريباً فإن جميع من عملتهم أو قمت بإدارتهم كانوا متآلفين نوعاً ما مع تشكيل هذا النوع من القوائم، والغريب أنه لم يكن شائعا رؤية الناس يستخدمون هذه القوائم في الاجتماعات أو النقاشات، ربما لأنهم يخافون أنهم بكتابة أفكارهم، فإن الآخرين سيظنون أنهم ليسوا أذكياء بما يكفي ليتمكنوا من تذكرهم.
المشكلة: انسحاب المبرمج القائد، الأهداف: لا تقسم الجدول، حافظ على الجودة، أرض الزبون إلى أقصى درجة.
من الواضح أن قائمة المزايا/ المساوئ تعود على الأقل إلى القرن 15، عندما استخدمت كأداة مساعدة على استقرار المناظرات العامة، وبعد عدة قرون Benjamin franklin طبق  التقنية في اتخاذ قراراته الخاصة، وبالتالي زاد من اعتماده بإشهارها في الولايات المتحدة.
إليك بعض الاعتبارات الهامة لاستخدام هذا النوع من القوائم بفعالية، بمدى بساطتها:
* ضع دائماً الخيار (لا تفعل شيئاً): لا تتطلب كل مشكلة أو قرار القيام بفعل ما. أحيانًا تكون أفضل طريقة للاستمرار هي ألا تفعل شيئاً. دعْ ما سيحدث يحدث. واستثمر طاقتك في مكان آخر. إن التكاليف الفائتة نادراً ما تستحق محاولة استرجاعها، أعط نفسك دائماً هذا الخيار، ولو كان فقط لكي تجبر الفريق على استيعاب ما هو في حالة مخاطرة بين الربح والخسارة في القرار. تبعاً لسياستك المحلية، فإن وجود الخيار (لا تفعل شيئاً) في القائمة يمكن أن يعطي قيمة نسبية لأي قرار آخر تتخذه، لأنه يذكر الناس أنه لا يوجد قانون عام يقول إن عليك القيام بشيء ما تجاه المشكلة.
 * كيف تعرف ما تعتقد أنك تعرفه؟ إنه سؤال يجب أن يكون الجميع مرتاحا في طرحه. حيث يسمح الناس باختبار الاقتراحات والتساؤل عن التصريحات التي لا تعتمد على أي نوع من المعطيات أو المعرفة الأولية أو الأبحاث رغم أنها ملائمة. إن الإدلاء بتصريحات كبيرة لا بأس به « أنا واثق 100% أن هذا الإجراء سيكون موثوقا » -طالما أن الجميع يعرف أن الأمر  الوحيد وراءه هو رأي الشخص الذي يدلي به (ويمكن بالتالي الحكم عليه على هذا الأساس). ابحث عن المعطيات وأجر الأبحاث بالشكل الملائم لتساعد على الإجابة عن الأسئلة أو التصريحات الهامة.
* اطرح أسئلة صعبة: توجه مباشرة إلى تأثير القرارات. كن مباشرا وصريحاً. اعمل جاهدا للوصول إلى جوهر الخيارات (راجع المقطع (حافظ على كونها حقيقية) في الفصل 13). وكلما وصلت إلى قلب الموضوع والفهم الحقيقي للخيارات بشكل أسرع، تمكنت من الانتقال المباشر إلى القرار التالي. كن ناقدا أو شكاكا. اطلب من الجميع وضع المشاعر والتفضيلات الشخصية جانبا، لا تسمح للأفكار الجيدة بالاختباء خلف الخوف من إيذاء مشاعر أحدهم. أعرض القائمة على باقي أعضاء الفريق وأضف إليها تساؤلاتهم أو التعليقات ذات المعنى. ضع أي أسئلة أو اقتراحات ممكنة لفكرة ما في عمود المزايا أو المساوئ. يمكن لسؤال غير مجاب أن يساعد في توضيح ما يعنيه أحد الخيارات حقاً.
* اجعل رأيك معارضاً: في حال القرارات الهامة، فإنه من الصعب جدًّا تضمين الخيارات غير الشائعة رغم كونها منطقية. تأكد من تضمين الآراء أو الخيارات التي لا تعجبك شخصيا، ولكن يمكن إجراء النقاشات حولها. إن هذا يجعلك صادقاً، ويعطي فرصة لكل من يرى قائمة المزايا/ المساوئ لإقناعك باتخاذ قرار أفضل من الذي قد تكون وصلت إليه لوحدك. لا تخش أن تسأل نفسك « ما الخيار الذي يجعلني أبدو بأسوأ شكل، ولكنه مع ذلك يساعد في المشروع؟ » أو « هل هناك أي خيارات جيدة قد تتطلب مني الاعتراف أنني مخطئ في أمر ما؟ ».
* فكر بالخيارات الهجينة: من الممكن أحيانًا أن تأخذ سمة من أحد الخيارات وتضيفها إلى خيار القرار. من ناحية أخرى، احذر أن هذا قد يزيد عدد الخيارات، مما يؤدي إلى إبطاء الأمور ويخلق تعقيدا أكثر مما تحتاج، تطلع إلى منطقة اللافرق ولا تضيع الوقت فيها.
* ضمن أي وجهات نظر ذات صلة بالموضوع: فكر فيما إذا كان هذا القرار يؤثر على أشياء أكثر من التأثير على التقنية المستخدمة في المشروع. أهناك نواح في العمل ستتأثر؟ أو في قابلية الاستخدام؟ أو في التعيين؟ إذا كانت تلك الأشياء هي أهداف المشروع وتتأثر بالقرار، إذن أضفها إلى المزيج. وإن كان قرارا تقنيا بحتا، فإن هناك منطلقات مختلفة ذات صلة: الأداء، والوثوقية، وقابلية التوسع والكلفة.
* ابدأ بورقة أو بلوح أبيض: عندما تتدافع الأفكار/ الخيارات لأول مرة، فإنك ترغب أن تكون العملية سهلة وسريعة. إنها يجب أن تكون كذلك لكي تحذف أشياء، وتشكل مزائج أو تدون الأشياء بسرعة (بما يشبه بدايات عملية التصميم). لا تبدأ بتشكيل ورقة عمل جميلة باستخدام برنامج Excel ذات 15 عمودا ملونا وفيها ميزة الجداول المحورية لأنك ستضيع الهدف منها. إن القوائم المكتوبة على اللوح الأبيض تكون أحيانًا هي كل ما تحتاجه في القرارات المتخذة بسرعة. وإذا تحول الموضوع إلى ضرورة عرض قائمة المزايا/ المساوئ ضمن اجتماع هام، عندئذ اقلق بشأن تشكيل ورقة عمل متقنة.
* واصل التنقيح حتى يحصل على الاستقرار: إذا تابعت العمل على القائمة، فإنها ستستقر في النهاية كمجموعة متوازنة. وسيتواصل تولي الأسئلة أو الآراء الجوهرية. ولن تسمع المزيد من التعليقات الهامة من الأشخاص الأذكياء الذين تعمل معهم. وعندما تختبر كل الأفكار المنطقية والمعقولة، ويؤدي عرض القائمة على الأشخاص إلى الحصول على نفس المجموعة من الخيارات التي قد سمعتها سابقًا، فربما حان الوقت للمواصلة واتخاذ القرار.
ملاحظة
تمرين بسيط للقارئ، أن يضيف إلى القائمة المعروضة في الشكل 8-1 باعتبار المقدار البسيط من التفاصيل المزودة، فإن هناك عشرة على الأقل من الخيارات المعقولة الأخرى التي يمكن إضافتها وسيتم إعطاء جائزة جيدة لأي شخص يتمكن من تسميتها جميعاً.
ناقش وقيّم
يمكن اتخاذ القرارات الفعالة فقط عندما تتوفر قائمة بالخيارات والقليل من الاستيعاب لمقارنة الخيارات بعضها ببعض. يمكن للشخص بوجود هذه القائمة المرور على الخيارات وتطوير رأي عن أي الخيارات فيها الاحتمالات أعلى. إن تطوير الآراء القوية يكون غالباً بالنقاشات وتعمل على قائمة الخيارات كوسيلة تسهيل طبيعية للنقاشات.
أحاول دائماً أن أضع مصفوفة القرارات على اللوح الأبيض، ليمكنني عندما يدخل الناس إلى مكتبي ويسألوني عن حالة شيء ما، أن أدلهم تماماً على وضعي وأريهم ما أميل إليه في اتجاه محدد. ولو لم أصل إلى نتيجة بعد، فإنه من السهل عليهم استيعاب السبب (ربما يعطونني المزيد من الوقت من أجل اتخاذ القرار). وأكثر من ذلك، يمكنني أن أطلب منهم مراجعته معي. والإصغاء إلى منطقي، وعرض آرائهم. وبدلا من محاولة شرح كل شيء ديناميكيا، فإن قائمة المزايا/ المساوئ توثق كل الاعتبارات وتضيف الاعتمادية إلى أي رأي قد طورته.
في حال الفرق التي تتواصل بشكل جيد، من الطبيعي مناقشة القرارات الحرجة كمجموعة. حيث يحاول كل شخص مشترك في النقاش أن ينسق الاقتراحات المأخوذة من قائمة المزايا/ المساوئ ويشكل برهانا لقرار محدد. سوف تسمع كل شخص يعبر عن رأيه كقصة - « إذا قمنا بهذا، فإن X سيحدث أولاً، ولكننا سنتمكن من القيام بـ Y»، وبعدها سيبرز شخص آخر ويراجع القصة أو يطرح تساؤلات على أحد الاقتراحات. يتم تنقيح القصة، وضبط قائمة المزايا/ المساوئ للخيارات من أجل تجميع أفضل الأفكار التي وصل إليها الفريق. ومع مرور الوقت (الذي قد يكون دقائق أو أياماً) سيكون لدى كل من له علاقة، خاصة صانع القرار، فهم كامل لمعنى القرار، وما التبادلات التي تجري لصالح المشروع. عندما تستقر قائمة المزايا/ المساوئ، وتضاف بعض المعلومات الجديدة، يكون قد حان الوقت للمحاولة والاستغناء عن الخيارات.
شارلوك هولمز أو  Occam's Razor  والانعكاسات

قال شارلوك هولمز ذات مرة « إذا ألغيت الأمور غير الممكنة، فإن مهما تبقى، ورغم أنه قد يكون غير ملائم، يجب أن يعبر عن الحقيقة ». وهذا ينطبق على اتخاذ القرار، إذا ألغيت أسوأ الاحتمالات، فإنه مهما تبقى، ومهما كان سيئا يجب أن يكون أفضل خيار. إن هذه طريقة متطرفة في موضوع القرارات، ولكن في حال القرارات الصعبة، فإن منطق الإلغاء قد يكون الطريقة الوحيدة لتحسين الضغط النفسي الذي تشعر به، واكتساب الزخم تجاه اتخاذ قرار نهائي.

إذا كنت قد شكلت قائمة بالخيارات، واحتجت إلى تضييق النطاق، ابحث عن الخيارات التي لا توافق أقل معايير المشروع. قد تكون ضمنتها في البداية أو أضيفت في النقاش وقدمت فرصة لإيجاد الخيارات المختلطة، أو بسبب إعادة اعتبار المتطلبات، ولكن حان الوقت الآن للتخلص منها. راجع وثائقك وقوائم المتطلبات مع زبونك أو محاميه، وألغ الخيارات التي لن تكون جيدة بما يكفي. إذا كنت محظوظا، فإنك ستكون قادراً على تضييق النطاق إلى أكثر من النصف وتصغر القائمة إلى خيارين أو ثلاثة تستحق اعتبارها فعلياً.
إحدى الوسائل الأخرى لتقليص الاحتمالات هي مبدأ يعرف بـ  Occam's Razor. كان William of Occam فيلسوفا من العصور الوسطى، في القرن الثاني عشر ، وقد اشتهر باستخدامه لرمز البساطة في قيادة القرارات. آمن Occam أن الناس يعقدون الأمور غالباً ولو لم يساعدهم هذا في حلها. واقترح أفضل طريقة لاستكشاف الأشياء، ألا وهي أن تجد أبسط تفسير وتستخدمه أولاً. لأنه في معظم الأحيان، يكون هو التفسير الصحيح (بما يعني، بلغة العصر، اجعله بسيطا ومحدودا).
يشير Occam's Razor إلى عملية محاولة إلغاء كل التفاصيل غير اللازمة التي تظهر وتعود إلى الأمر الأساسي في جوهر المشكلة. كما يفرض أن الحل ذا الفرص الأكبر هو الحل الأفضل وهو ذلك ذو المنطق الأبسط. قد يتوفر خيار واعد ضمن القائمة يتطلب عملاً هندسيا معقدا ويحتمل المخاطرة أو يضم اعتماديات جديدة على أشخاص أو تقنيات غير موثوقة. أما بتطبيق مبدأ Occam's Razor ، فربما يكون نقص البساطة والوضوح معيارا لإلغاء أحد الخيارات والالتزام بالخيار البسيط الموثوق.
لكن لكي تطبق  Occam's Razor بفعالية، فإنك بحاجة إلى الوقت للتأمل والتفكير. وعندما تمضي الوقت في التفكير في الأمور ذاتها، فإنك في النهاية ستخسر المنطلق، وعندما تبدأ الخيارات بالتشابه، يكون قد حان الوقت للخروج. اخرج لتتمشى، أو تناول القهوة مع صديق، أو افعل أي شيء لتريح ذهنك، وتفكر بشيء آخر. لأنك يجب أن تكون قادراً على تأمل الخيارات بذهن صاف ومنعش لكي تتخذ قرارا فعالا، ولا يمكنك القيام بذلك إذا واصلت التحديق بها طوال اليوم.
يعتبر التأمل أداة غير مرغوبة إلى حد كبير في مجال اتخاذ القرارات. إن التأمل يعني أن تتراجع وتسمح للمعلومات التي تعمل عليها أن تضيع. يحدث الفهم الحقيقي غالباً فقط عندما نسترخي ونسمح لأدمغتنا بمعالجة كل المعلومات التي ألقيناها فيها. برأيي أن إجراء التمارين مثل الركض أو المشي هو أفضل طريقة للسماح للدماغ بالاسترخاء. وأحياناً أخرى يمكن أن ينفع في هذا الموضوع، القيام بأي شيء لمجرد التسلية، مثل مشاهدة فيلم جيد، أو اللعب مع القطة. من الصعب أيضًا مقاومة نومة هانئة (ربما تكون مسبوقة بجولة عميقة بين الأوراق) من أجل تصفية الذهن، ولكن يختلف كل إنسان عن الآخر، وعليك أن تكتشف أفضل طريقة تعطي فيها دماغك الوقت لهضم كل ما تفكر به.
عندما تعود إلى قائمة المقارنة، ذكر نفسك باختصار البنود، وبعدها، بالتفكير بـ  Occam's Razor ، تأمل البدائل واسأل نفسك أي الخيارات يؤمن أفضل طريقة لحل المشكلة الحالية. قد لا يعدُ أبسط خيار بأفضل نتيجة ممكنة، ولكن بسبب بساطته فقد يؤمن الاحتمالات لحل المشكلة بنجاح إلى درجة مقبولة.
المعلومات عبارة عن ضوء استكشافي
إن معظم الناس الذين يدرسون في الغرب يتعلمون الثقة بالأرقام. حيث إننا نجد التعامل مع الأرقام أسهل وكذلك إجراء المقارنات باستخدامها بدلاً من استخدام المشاعر أو الأفكار المجردة. إن نظرية القرار والمنفعة المذكورة سابقًا باختصار تعتمد على هذا التصور بالإدعاء بأننا نتخذ قرارات أفضل إذا استطعنا تحويل رغباتنا واحتمالات خياراتنا إلى أرقام، وأجرينا عليها الحسابات. وعلى الرغم من انتقادي السابق لهذه النظريات، فإن إجبار أنفسنا أحيانًا على ربط الأشياء بقيم رقمية أن يساعدنا في تعريف آرائنا الحقيقية واتخاذ قرارات حيالها.
لكن بوضع القرارات جانبا، فإننا نحب بشكل عام أن نرى دليلاً على الإدعاءات بصيغة رقمية. هناك فرق بين القادة وقابلية تصديق شخص ما يقول: « إن محرك البحث خاصتنا أبطأ بنسبة 12% في الاستعلامات ذات الثلاث كلمات » وبين (النظام بطيء). إن القيم الرقمية تضفي نوعاً من الدقة لا توفره اللغة البشرية. وأكثر من هذا، فالقيم الرقمية تكون غالباً مطلوبة لدعم الإدعاءات التي يدلي بها الأشخاص. إن عبارة (النظام بطيء) تطرح السؤال « كيف تعرف هذا؟ ». كما أن نقص الدراسة أو الأبحاث نوعاً ما في الإجابة يصعّب الثقة بالإدعاء، أو تجعله يعتمد على الرأي أو الحكم للشخص الذي يدلي به. أحيانًا تجيب قطعة محدودة من المعلومات عن سؤال هام وتنتج قرارا أسرع من أي حالة ممكنة أخرى.
البيانات لا تصنع قرارات
إن أول اعتقاد خاطئ عن المعلومات هو أنها نادراً ما تصنع لك قرارا. إن كمية جيدة من المعلومات تعمل كالضوء الاستكشافي. وتساعد على إضاءة المجال، وتسمح لمن يبحث بدقة أن يرى الحدود والتفاصيل التي لم تكن ظاهرة من قبل. إذا لم تتوفر حاليا المعلومات أو الأبحاث في التصريحات الهامة، فقد يساعد إمضاء الوقت للحصول على البيانات في تسريع علمية اتخاذ القرار، حيث يبدأ التشويش بالزوال وتصبح الأمور واضحة. لكن الفوائد تزول مع الوقت، فبعد إضاءة الضوء لأول مرة وانكشاف التفاصيل الأساسية، لن تتمكن أي كمية من المعلومات أن تغير من طبيعة الأشياء التي شوهدت. إن هذا يشبه حالتك عندما تكون على شاطئ المحيط الهادئ وتعرف أن درجة حرارة الماء أو المخلوقات البحرية المجاورة لن تؤثر كثيرًا في أي من القرارات التي يحتمل أن تتخذها (لكنك تعرف أن تيار الماء أو الطرق التجارية أو الأبراج يمكنها أن تؤثر). في معظم القرارات الصعبة، فإن المشكلة ليست في نقص الدراسات أو البيانات، فهذه القرارات موجودة في كل مكان بغض النظر عن مقدار المعلومات التي لديك. اعتقد أن ظاهرة التحليل عاجزة عن حل المشكلة، حيث يجري الناس النقاشات والتحليلات إلى حد كبير. وهذا يعتبر مؤشرا للاعتقاد اليائس منهم أنه فقط لو توفرت المعلومات الكافية، لكان القرار سيحل نفسه بنفسه. ولكن للأسف، فالأمر ليس كذلك، لأن المعلومات مفيدة ولكن إلى درجة معينة فقط.
من السهل إساءة تفسير البيانات
إن الاستعمال الخاطئ الآخر للبيانات هو أنها قد تشكلت جميعاً بشكل متساو. حيث يتحول هذا إلى إساءة تفسير البيانات بسهولة، عندما يتعامل مع الأرقام، كما كتب  Darrell Huff في كتابة « كيف تغش بالإحصائيات » (W.W.Norton,1998). « إن اللغة السرية للإحصائيات وهي المرغوبة جدًّا في الثقافة المعتمدة على الحقائق، توظف لإثارة المشاعر، والتضخيم والإرباك والمبالغة بالتبسيط ». يصف Huff الطرق البسيطة المتعددة التي يمكن فيها معالجة البيانات نفسها لتشكيل براهين متعاكسة، ويعرض النتائج التي يجب أن تشكل التدريب القاسي لأي صانع قرار في أي مكان.حيث يتضمن معظم الخدع إلغاء التفاصيل الهامة أو الاختيار الاستثنائي للمعلومات التي تدعم إعاءا مرغوبا.
دعنا نعتبر على سبيل المثال، أن مشروبا رياضيا مشهوراً، يعرض إعلانا يدعي أنه (يستخدم من قبل 5 بين كل ستة نجوم)، يبدو هذا مثيرا، ولكن من أولئك النجوم؟ وما الذي يفرق بالضبط بين الشخص المشهور والنجم؟. وبغض النظر عمن هم هؤلاء النجوم، كيف تم اختيارهم للاستفتاء؟ كيف يستخدمون المشروب -لغسل سيارتهم؟ هل دفع لهم أم أنهم استثنوا من الاستفتاء لأنهم لم يستخدموا المشروب أساسا؟ من يعلم. فالإعلان لن يدلي بذلك التأكيد، إذ تأملت بعناية كل أنواع البيانات اعتبارا من الدراسات الطبية حتى تحليلات الأعمال إلى التوجهات التقنية، فإنك سوف تجد كل أنواع البيانات اعتبارا من الدراسات الطبية حتى تحليلات الأعمال إلى التوجهات التقنية، فإنك سوف تجد كل أنواع الاقتراحات المذهلة والتوضيحات (التخديرات) المكتوبة بشكل غير لافتة للانتباه أو أنها غير مذكورة على الإطلاق. إن معظم الاستفتاءات والأبحاث تكون ممولة بشكل أساسي من قبل الأشخاص الذين سيربحون أرباحا هائلة من الحصول على نتائج معينة. والأسوأ من ذلك، أنه في معظم الحالات، فإن المقالات المعروضة في الصحف والمجلات تكون مكتوبة من قبل أشخاص مختلفين عن أولئك الذين يجرون الأبحاث والذين يشكلون مصدر المعلومات بالنسبة لنا، وكذلك فإن أهدافهم ومنطلقاتهم المدرسية الأولى لا تكون غالباً بالمستوى الذي نرغب أن تكون عليه. 
اعتبار الأبحاث ذخائر
إن آخر ما ننتبه إليه هو الدعائم التي تبدو كالأبحاث والدراسات. حيث إن هناك فرقاً شاسعا بين محاولة استيعاب شيء ما ومحاولة دعم نظرية محددة محببة. وما يحدث غالباً هو أن شخصاً ما لندعه X) لديه فكرة ما، ولكن دون بيانات، فيقوم بالبحث عن البيانات التي تناسب نظريته. وحالما يجدها، يعود إلى كل من حاول إقناعهم ويقول « أرأيتم، إن هذا يثبت صحة ما أقول » وبدون أي سبب للشك في البيانات فإن هذا الشخص سيتنازل ويمضي X في طريقه ولكن للأسف، فإن الدليل الداعم لدى X لا يثبت أي شيء تقريباً. إن كومة واحدة من الأبحاث تقول إن Pepsi أفضل من Coke لا تنفي وجود كومة أخرى في مكان ما تثبت العكس تماماً. فلكي تستخدم الأبحاث بصدق يجب أن تبحث عن الأدلة للادعاء المطروح والأدلة لتناقش الادعاء (إن هذا شرح جزئي وبسيط جدًّا لما يشار إليه غالباً بالطريقة العلمية). فالعلماء والباحثون الجيدون يفعلون هذا، لكن لا يقوم به المعلنون أو المسوقون أو الأشخاص الذين يحاولون بيع الأشياء بما في ذلك الأفكار).
إن الدفاع الأفضل ضد معالجة وسوء تفسير البيانات هو التواصل المباشر بين الأشخاص، تكلم إلى الشخص الذي كتب التقرير بدلاً من مجرد قراءته. وتجنب قدر المستطاع المعلومات المعاد استخدامها ثانية وثالثة ورابعة. فالتحدث مع الخبير مباشرة يبين غالباً التفاصيل والفروقات الدقيقة المفيدة، ولكن غير الملائمة لتوضع في تقرير أو عرض تقديمي. وبدلا من أن تعتمد حصريا على البريد الإلكتروني المتبادل، اتصل بالمبرمج أو المسوق هاتفيا، واحصل على رأيه بالقرار الذي تواجهه. فالفوائد دائماً تأتي عن طريق الأشخاص أكثر بكثير من المعلومات. فالشخص الذي يكتب التقرير يتعلم آلاف الأشياء التي لا يستطيع تضمينها في التقرير، ولكنه يحب أن يشاركها مع شخص فضولي بما يكفي ليسأل عنها.
بالإضافة إلى اعتبار الأشخاص موارد، فإن ثقافة طرح الأسئلة هي أفضل طريقة للاستيعاب وتقليل مخاطر استخدام المعلومات. وكما فصلنا سابقًا في أمور التصميم واتخاذ القرار، فإن الأسئلة تقود إلى إيجاد البدائل وتساعد الجميع على اعتبار ما قد يكون فقد أو افترض في المعلومات المعروضة. كما أن الأسئلة تقود إلى الرغبة في الحصول على بيانات من مصادر مختلفة، ربما من أشخاص أو منظمات ذات أساسات أو أدلة أعمال مختلفة، مما يسمح لصانع القرار والمجموعة بالحصول على صورة صافية للوضع الذي يحاولون اتخاذ القرار من أجله.
التقريب لا يعني الدقة
ملاحظة أخيرة عن المعلومات والبيانات، فإن الكثير منا ينسى الفرق بين التقريب والدقة. فالدقة هي مدى تحديد قياس ما. أما التقريب فهو مدى اقتراب هذا المقياس من الواقع. إن مجرد حصولنا ببساطة على رقم تقريبي (ولنقل تقدير العمل بـ5.273 يوم) لا يعني بأي احتمال أنه دقيق أكثر من رقم غامض مثل (4 أو 5 أيام). إننا نميل عادة لأن نخلط التقريب بالدقة، لأننا نفترض أنه إذا قضى أحدهم الوقت في اكتشاف مثل هذا الرقم المحدد، فإن التحليلات يجب أن تحسن احتمالات كون تقديره جيداً. والفخ هنا هو أن الدقة الزائفة مجانية. فإذا خمنت أرباح السنة القادمة (5.5$ مليون) وأن مصاريفها (2.35# مليون) عندها يمكنني دمج ما سبق لأنتج إسقاطا ربحيا ظاهريا بـ3.15# مليون، هل هذا تقريبي؟ نعم. هل هو دقيق؟ من يعلم. ومن دون التساؤل « كيف تعرف ذلك؟ » أو « كيف نتجت هذه البيانات؟ » فمن المستحيل التأكد أنه إذا كانت هذه الفواصل العشرية تمثل بالضبط أو أنها مجرد تقريب. تعود على كسر عادات الآخرين السيئة في إساءة استخدام التقريب.
الشجاعة في اتخاذ القرار

« الجميع يعرفون الطريق، ولكن القليل منهم يمشون فيه فعلياً »
Bodhi dharma

هناك فرق كبير بين معرفة الخيار الصحيح وإجراء الاختيار الصحيح. وفي أغلب الأحيان يمكن لأي عدد من الأشخاص اكتشاف القرارات الصحيحة، ولكن القليل منهم ستكون لديه الإرادة للوقوف ووضع أنفسهم خلف هذا القرار. ستجد غالباً أن عدد الناس الذين يرغبون بانتقادك وتسفيه قراراتك، أكبر من عدد الأشخاص الذين يرغبون بتحمل المسئولية والضغط النفسي لاتخاذ القرارات بأنفسهم. تذكر هذا دائماً. إن اتخاذ القرارات عمل شجاع، وغالباً تكون أفضل قرارات المشروع غير شائعة، وستزعج أو تخيب ظن بعض الأعضاء المهمين في الفريق، وستجعل منك هدفا سهلاً لإلقاء اللوم إذا سارت الأمور بالاتجاه الخاطئ.
إن هذه الأعباء شائعة عند أي شخص يحاول التدخل في نشاطات القيادة. واتخاذ القرار هو واحد من أكثر الأمور أهمية التي لن يقوم بها القادة والمدراء، وكلما كان القائد أفضل، تطلب منه ذلك شجاعة أكبر في أنواع القرارات التي يتخذها راجع المقطع (الاعتماد على الذات)).
بعض القرارات ليس لها فرص للنجاح
إن أحد أبشع القرارات التي اتخذها في حياتي كمدير للمشروع، كان متعلقاً بعناصر شريط المستكشف لمتصفح الإنترنت 6.0. حيث كان هذا الشريط جزءا جديداً من واجهة المستخدم، وأضاف خطاً عموديا إلى الجزء اليساري من المستكشف  ليساعد المستخدمين في الإبحار عبر نتائج البحث، أو قائمة المفضلة، أو المواقع القديمة التي زاروها. 
عندما تبقي أسابيع قليلة على إصدار النسخة بيتاً المعروفة سابقًا بالاختبارية)، تطورت لدينا مخاوف تجاه موضوع التصميم. لقد عرفنا بهذه المشكلة في مرحلة ما، ولكن مع ازدياد الضغط العالم لما دعوناه (حروب المستكشف) بدأنا نخاف أن تؤذينا هذه المشكلة إعلاميا إذا تابعنا العمل بوجودها.
لقد كان الأمر كالتالي: كان ممكنا في حالات خاصة، رؤية شريط المستكشف في نفس النافذة كمستكشف لملفات النظام، مما يسمح للمستخدم بتشكيل مستعرض وب يقسم الشاشة إلى ثلاثة أجزاء عمودية قبيحة، ويترك مساحة صغيرة للعرض الفعلي لصفحات الوب. بعد رؤية الصحافة والصناعة تدقق وتتفحص مستكشف الإنترنت 5.0 خفنا أنه من المحتمل أن يكتشف مستخدمو النسخة التجريبية أو الصحفيون هذه الحالة، ويأخذوا عينة منها وينشروها كجزء من أحكامهم. وقد كانت الأحكام على المنتجات حساسة في أهميتها، خاصة للنسخ التجريبية، وقد اجتمعت آراء الفريق والضغط من قبل الإدارة العليا على أنه علينا اتخاذ الإجراءات والقيام بشيء ما.
شكلت قائمة مزايا/ مساوئ سريعاً وناقشتها مع المبرمجين ومدراء المشاريع الآخرين، وعرفت ثلاثة خيارات صالحة. وقد كانت جميعها سيئة. فقد تطلب إصلاح المشكلة بالشكل المناسب خمسة أيام عمل، ولم تكن متوفرة. كما كان علينا إلغاء ميزة أخرى لإنجاز العمل في الوقت المطلوب، وكان هذا مدمرا بالنسبة لجودة النسخة. كما وجد حل سريع تطلب يومين من العمل، وأزال بعض الحالات التي سببت هذه الحالة، ولكنه كان عملاً يجب الاستغناء عنه لاحقاً (فقد كان جيداً بما يكفي فقط للنسخة التجريبية، وليس للنسخة النهائية). أما الخيار الأخير فقد كان ألا نفعل أي شيء ونراهن على ألا يكتشف أحد هذا الأمر. وقد بحثت بيأس عن بدائل أخرى، ولكنني لم أجد. ف قد كانت كل فكرة أتي بها الأشخاص تقود ثانية إلى هذه الخيارات الثلاثة. 
أتذكر أنني بقيت في إحدى الليالي في مكتبي لوقت متأخر جدًّا، أحدق فقط في اللوح الأبيض، وأقع في دوامات تجاه ما يجب علي فعله. يمكن لكل مدير مشاريع أن يروي قصصا عن الخيارات الصعبة التي وجب عليه اتخاذها، وإذا كان لديك مسؤوليات، فإنك يجب أن تتقبل تلك الظروف التي قد تتضمن قرارات تتعلق بالميزانية أو بتشغيل أو فصل الأشخاص، أو صفقات العمل أو التقنية، أو الخصومات أو المفاوضات أو التصميم أو استراتيجية العمل، عليك أنت أن تحددها. عندما تواجه قرارا صعباً، لا تفترض وجود أي إجابة صحيحة واحدة، في الحقيقة، فإنه من الممكن جدًّا أن تحدث الأشياء بشكل لا يمكن معه لأي من الخيارات المتوفرة أو جميعها أن تقود إلى النجاح. كما أن موضوع اتخاذ القرار، بغض النظر عن مدى جودة الدراسات أو الأبحاث التي أجريت، هو إجراء تنبؤي، وإلى مستوى معين، فإن أي قرار صعب يعود في النهاية إلى محاكمة وشجاعة مدير المشروع -وشجاعة الفريق- لاتباعه.
في هذه الحالة الخاصة بـ IE6 اخترت ألا أفعل شيئاً. وبعد ليلة لم أنم فيها، قررت أنه من الأفضل أن أتدبر أمور الإعلام عندما تحصل (إن حصلت)، وسيستغرق ذلك وقتاً مني، لا من المبرمجين، بدلاً من إيجاد الضمانات لأمر ما لم يحدث بعد. لم أكن سعيدا بهذا، إلا أنني شعرت أنه أفضل خيار للمشروع، وقد اتفق الفريق سابقًا أن اتخاذ القرار هو مهمتي الشخصية، وتابعنا على هذا الأساس. 
يمكن أن تؤدي القرارات الجيدة إلى نتائج سيئة
إن إدراكنا المتأخر للأحداث الماضية، كان ظالما للكثير من صانعي القرارات. فمجرد كون الأمور لم تحل بطريقة معينة، لا يعني أنها تشكل خياراً جيداً مع المعلومات التي توفرت لها. كما أنه من المستحيل أن تغطي كل الإمكانيات وتأخذ بالاعتبار كل الاحتمالات عندما تتعامل مع قرارات معقدة أو صعبة (رغم أن بعض الأشخاص سيحاولون القيام بذلك). وكلما قضيت وقتاً أكبر في محاولة تغطية كل الإمكانيات (وهي عادة شائعة عند المدراء المبتدئين)، سيتبقى لك وقت أقل للنتائج المحتملة.
إن مجرد فشل أحد أجزاء المشروع لا يعني بالضرورة أنه قد اتخذ قرار سيء. فمن الشائع أن تحدث أمور خارج نطاق سيطرة مدير المشروع، أو الفريق أو المنظمة. ومن المستحيل التنبؤ بأمور كثيرة أو تحمل مسؤوليتها. ومن الظلم تحميل المسؤولية لصانع القرار تجاه الأشياء التي لم يكن بإمكانه معرفتها أو إجراء أي شيء بشأنها. على الرغم من أنه، في العديد من المنظمات، هذا ما يحدث بالضبط. وإذا خسر الفريق إحدى الجولات، ستميل الآراء العامة للوم العمل الشاق والجهود البطولية للذين سببوا وصول الفريق الخاسر إلى هذه المرحلة. يجب أن يوزع اللوم بحذر على صناعة القرار. لأن صانعي القرار الشجعان يميلون للفشل بشكل واضح أحيانًا أكثر من أولئك الذين يتخذون دائماً خيارات آمنة وحذرة. فإذا رغبت بوجود صانعي قرار شجعان، يجب أن توفر نوعاً من الدعم لهم للمراهنات الكبيرة، ولتساعدهم على العودة عند الفشل.
إن مدراء المشاريع مسؤولون بشكل مطلق عن قدر المشروع. وأنا لا أقترح أنه يجب توجيه اللوم إليهم بسبب فشل الفريق. وإنما فقط يجب توخي الحذر من لوم مدير المشروع على اتخاذ قرار جيد أدى إلى نتيجة سيئة. إذا ساد منطق وطريقة تفكير هذا المدير قبل اتخاذ القرار، فإنها ستبقى ذات أثر حتى في الإدراك المتأخر، بعد اتخاذ القرار. إن حالة العالم في اللحظة التي اتخذ فيها القرار لا تتغير لاحقاً لمجرد أننا نعرف الآن أكثر من معرفتنا حينها. وإذا وجد أمر ما لا يعرفه مدير المشروع والفريق، أو لم يتمكنوا من رؤيته، رغم اجتهادهم في المحاولة لمعرفة ورؤية تلك الأشياء، فهذا لا يعني أنه يجب اتهامهم لهذا السبب. وإنما يجب أن يفكر الفريق بمدى قدرته على تجميع المعارف والبيانات التي فقدت، وتطبيق ذلك على القرارات التالية التي يجب عليهم اتخاذها.
الانتباه والنظر إلى الوراء
من أجل تحسين مهارات اتخاذ القرار يجب أن يحدث أمران. أولاً عليك أن تتخذ قرارات تتحداك وتجبرك على العمل بجد. فإذا لم تتخذ أبداً قرارات تجدها صعبة، وكنت نادراً ما تخطئ، ربما يكون قد حان الوقت لتطلب من رئيسك أن يحملك المزيد من المسؤولية. ثانيًا، عليك أن تنتبه إلى نتائج قراراتك وأن تقيمها بمساعدة الآخرين الذين لهم علاقة بالموضوع إذا تمكنت من القيام بشيء مختلف من أجل تحسين جودة النتائج. إن التجارب تنفع فقط أولئك الذين يمضون الوقت للتعلم منها.
في التدريب والمهام الحقيقة، يلتقي الطيارون المقاتلون في جلسات استخلاص للمعلومات لمراجعة ما قد حدث. وتقاد هذه الجلسات من قبل فريق خبير ومخضرم. ويكون الموضوع الأساسي هو أن الطريقة الوحيدة للتطوير والتعلم عن شيء ما معقد مثل أن تكون طيارا مقاتلا، هي أن تستعرض المهام، وأن تربط مع الآخرين ما قد حدث ولماذا، وترى إذا كان هناك أي طرق لتحسين النتائج. إن هذه النقاشات تتضمن غالباً تحليلات للاستراتيجية والتكتيك وتبادلا للأفكار والآراء عن الطرق البديلة للتعامل مع الحالة نفسها.
إن المجتمع الطبي يجري شيئاً مشابها لما ندعوه بـ M & M أو جلسات النسبة المرضية والموت الجماعي التي يشار إليها سخرية D & D، الموت والحلقات). رغم أنها تقام بشكل نموذجي في الحالات الخطيرة أو عندما يحصل شيء ما معقد أو بدائي تحديداً.
في كلا الحالتين، يعود الأمر إلى قائد الجلسات لتجنب جعل الجلسة أشبه بمحاكمة أو لإحراج الأشخاص بسبب أخطائهم. وإنما يجب أن يكون الهدف هو جعلهم يشعرون بالراحة بما يكفي بسبب ما قد حدث كما كانوا ينوون إمضاء الوقت في المراجعة وإعادة التقييم لما قد حدث، لكي يتعلموا من تلك التجربة، ويعطوا الفرصة للآخرين للاستفادة منها أيضًا.
فيما يلي قائمتي التقريبية من الأسئلة اللازمة لمراجعة القرارات. فعندما يتم استدعائي لمساعدة الفرق في تقييم العمل السابق، فإن هذه القائمة تشكل إطار العمل الذي أبدأ به. إن هذا ينجح كنشاط جماعي (لأنك تستفيد من وجهات نظر مختلفة)، كما يوظف أيضًا في مراجعة أفكارك الخاصة:

  • هل حل القرار الموضوع الأساسي؟ يجب أن يكون هذا جزءا من عملية اتخاذ القرار بحد ذاتها. ولو وصلت إلى القرار الصحيح، سيكون الاختلاف غالباً بمدى جودة تنفيذ الفراق للقرار. إن صانع القرار بحاجة إلى الاختبار والتأكد من أنه قد تم الالتزام بالقرار وتنفيذه بالشكل المناسب بعد يومين من اتخاذ القرار، وعلى مدى ساعتين. حيث إن هذه الساعات القليلة الأولى من اليوم تمثل التوقيت الذي يكون فيه احتمال ظهور المشكلات غير المتوقعة كبيراً. ويجبر هذا على إعادة التفكير بالقرار. وهو أمر طبيعي، ويجب أن يكون متوقعا. 
  • هل يوجد منطق أو معلومات أفضل كان من الممكن استخدامها لتقليص الخيارات بشكل أسرع؟ أين قضي الوقت من أجل اتخاذ القرار؟ هل توفرت أي معرفة أو نصيحة كان بإمكانك الحصول عليها تسرع عملية إيجاد أو اكتشاف البدائل؟ ما أدوات البحث المستخدمة؟ هل ذهب أي شخص إلى المكتبة؟ أو مخزن الكتب؟ أو بحث عن طريق الإنترنت؟ أو استدعى خبيرا أو مستشارا؟ لِمَ لم تستخدم تلك المصادر؟ 
  • هل ساعدت وثيقة الرؤية أو المواصفات أو المتطلبات في صنع القرار؟ يجب أن تساهم الأولويات والقرارات الجيدة على مستوى المشروع في القرارات ذات المستويات الأقل لمرات أكثر من المرات التي لم تشارك بها. حيث إن هذا بالضبط سبب وجودها. هل أظهر القرار ضعفاً أو خطأ في الرؤية؟ هل تم تحديث الرؤية/ المواصفات/ المتطلبات بعد اتخاذ القرار بهدف تجميع وإزالة الأخطاء؟ 
  • هل ساعد القرار في تقدم المشروع؟ أحيانًا، يحافظ القرار السيئ على دفع المشروع إلى الأمام. لأنه يحفز الأشخاص. إن اتخاذ قرار سريع للاتجاه نحو الشرق، وتغيير المنطلق قد يساهم في إيضاح أن الاتجاه الصحيح فعلياً هو نحو الشمال. ولكن إلى أن يبدأ الفريق بالتحرك شرقاً، يحتمل أنهم لم يكونوا قد اكتشفوا ذلك. وبالنظر إلى الماضي، يتوضح سبب نجاح القرار الأولى. أهو بسبب أنك فكرت بشكل صححي، أم لأنك اتخذت القرار في الوقت المناسب؟ 
  • هل تم استدعاء الأشخاص الأساسيين إلى العملية وكانوا هم وراء هذا القرار؟ هل كان هناك حاجة إلى دعم أو خبرة أي شخص لم يستدع؟ أحاولت الاتصال بهم وفشلت، أم أنك لم تحاول أصلاً؟ هل وجدت طريقة لإحضارهم بشكل أكثر فعالية من الطريقة التي استخدمتها؟ (يجب أن تحصل على آرائهم بهذا الشأن إذا كنت ترغب بوجهة نظر صادقة).
  • هل منع أو سبب القرار، مشكلات أخرى؟ قد يكون الأمر المباشر قد تم حله، ولكن هل سبب القرار مشكلات أخرى؟ هل انخفضت المعنويات؟ هل انزعج الفريق أو الشركة المشاركة؟ ما التأثيرات السلبية الجانبية التي نتجت عن القرار. وهل كان تجنبها ممكنا؟ هل كانت متوقعة؟ أو هل كانت مفاجأة؟ 
  • في الإدراك المتأخر، هل كانت الأشياء التي أقلقتك أثناء اتخاذ القرار هي الأمور الصحيحة؟ إن الإجهاد والضغط النفسي يمكن أن تسبب تشتتا في تركيز الشخص عن أي الأشياء التي تستحق الاهتمام. في تلك المرحلة، يجب أن تكون قادراً على رؤية الأشياء التي كانت مشتتة في الأهمية من قبلك أو قبل الآخرين وتسأل نفسك كيف حدثت، برأي أو تأثير من، ومن حاول تخفيصه ولكن تم تجاهله؟ 
  • هل توفرت لك السلطة الكافية لاتخاذ القرار الصحيح؟ ربما كانت لديك فكرة رغبت بتجريبها، ولكن تنازلت عنها لأسباب سياسية. أو ربما أنك أمضيت الوقت في المناضلة للسيطرة على أشياء شعرت أنها يجب أن تكون تحت سلطتك من البداية. فكر كيف يلعب النفوذ دوراً في القرارات وكيف تبدل التغييرات في توزيع القوى كيفية متابعة الأمور لمسارها.
  • كيف يمكن تطبيق ما تم تعلمه في اتخاذ هذا القرار على نواح أخرى في المشروع؟ لا تجعل الدروس التي تعلمتها محدودة بالقرار وما يتعلق به. انظر إلى الموجة التالية من القرارات القادمة إلى المشروع (مثل المهمة أو موعد التسليم التالي)، وطبق عليها تلك الدروس. استخدم وجهات النظر الجديدة واحترس من المستقبل، بدلاً من أن تفكر بالماضي فقط. تذكرة مقولة Burmese « يخاف الإنسان من النمر الذي عضه في المرة الماضية، بدلاً من أن يخاف من النمر الذي سيعضه في المرة التالية ».

خلاصة

  • توجد مهارات خاصة لاتخاذ القرارات ذات المستوى الأعلى، أو القرارات المتخذة بشأن أي القرارات التي يجب استثمار الوقت من أجلها.
  • قيم القرارات قبل أن تمضي الكثير من الوقت عليها. 
  • ابحث عن منطقة اللافرق والفرص للاستخدام الفعال للتقييم الأحادي. 
  • استخدم التقييم المقارن للقرارات التي تستحق المزيد من الاستثمار.
  • لدى كل القرارات مكونات عاطفية، سواء اعترفنا بذلك أم لا.
  • إن قوائم مزايا/ مساوئ هي الطريقة الأكثر مرونة للتقييم المقارن، حيث إنها تسهل تدخل الآخرين والحصول على وجهات نظر إضافية في القرارات.
  • البيانات والمعلومات لا تصنع لك القرار. 
  • إنك تتحسن في اتخاذ القرار بمراجعة القرارات السابقة والبحث فيها عن الدروس والفرص لإيجاد تكتيك أفضل. 

المرجع
كتاب : فن إدارة المشروعات، تأليف : سكوت بيركان، ترجمة حلا قش قش، دار شعاع للطباعة والنشر والتوزيع.

تحميل محتوى الصفحة رجوع