د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

التخطيط للمشاريع Project planning ( تدوين الرؤية الصحيحة للمشروع )

يركز هذا المقال على وثيقة رؤية المشروع، وهي الأهم بين جميع مواد التخطيط المبكر للمشروع. ويشرح سبب استحقاق هذه الوثيقة للجهود المبذولة لكتابتها، وما المواصفات المميزة في وثائق الرؤية الجيدة، وكيف يمكن الاستفادة منها في كل مراحل المشروع.

April 27, 2024 عدد المشاهدات : 2454

إن أحد التحديات في قيادة فرق العمل هي أن تجعل الأشخاص يحافظون على تركيزهم على نفس الأهداف لفترة طويلة من الزمن. حيث يخشى جميع القادة أن ينسى أعضاء الفريق القرارات المتخذة. قد يحصل هذا نتيجة لأن الأسباب التي دفعتهم للإصغاء إلى قادتهم اليوم سوف تنسى أو يتم تجاهلها غدًا. والأسوأ من ذلك ربما، هو أن ينسى المدراء أنفسهم الاتجاه الذي يفترض بهم أن يقودوا المشروع إليه. وبالتالي فإن التحدي في إدارة المشاريع ليس فقط في ابتداء الأمور بالاتجاه الصحيح، بل المحافظة عليها أيضًا موجهة في الطريق ذاته.
سنركز في هذا المقال على وثيقة الرؤية، وهي الأهم بين جميع مواد التخطيط المبكر للمشروع. سوف أشرح سبب استحقاق هذه الوثيقة للجهود المبذولة لكتابتها، وما المواصفات المميزة في وثائق الرؤية الجيدة، وكيف يمكن الاستفادة منها في كل مراحل المشروع. إذا استخدمت هذه الوثائق بالشكل المناسب فإنها تلخص مرحلة التخطيط الأولى للمشروع.
 ولكنني سأعطي ملاحظة أخيرة قبل أن أبدأ. هناك العديد من الطرق المختلفة لتقسيم المعاني التي يغطيها كل من وثائق الرؤية ومتطلبات التسويق والمواصفات. حيث إن بعض المنظمات لا تستخدم وثيقة متطلبات التسويق أو أي وثائق مرجعية لكيفية إنجاز مهمة البحث عن التمويل من أجل تنفيذ الإعدادات الإدارية (business justification documents) على الإطلاق، وإنما تدون هذه المعلومات في وثيقة الرؤية نفسها. لقد رأيت مجموعات عمل تقوم بتقسيم ما أدعوه بوثيقة الرؤية إلى أربع أو خمس وثائق أصغر وتطلق عليها أسماء ظريفة. لقد عملت مرات قليلة على مشاريع صغيرة جدًا دمجت فيها المعلومات الخاصة بالرؤية مع المواصفات نفسها. لذلك لا تقلق من عدد الوثائق التي يجب أن تكون موجودة أو أسماء هذه الوثائق: فباعتقادي أنه أمر غير مهم بحد ذاته. وإنما يجب الاهتمام بتطبيق النصيحة القادمة بشكل جيد على أي عملية تخطيط تختار استخدامها.
قيمة تدوين الأشياء
لقد صرح Daniel Boorstin، وهو مؤلف العمل العظيم: المكتشفين والمبدعين، أن الكلام المكتوب هو أعظم تقنية أوجدها البشر على الإطلاق، وبدونها كنا مضطرين للاعتماد على ذاكرتنا المعروفة بعدم وثوقيتها لإنجاز الأمور المعقدة مثل تصنيع الديناميت (كم من النيتروغليسرين يجب أن يخلط مع كم من الكاركول؟) أو المفاعلات النووية (أين يوضع اليورانيوم؟). وخاصة بهدف إنجاز أعمال المشروع، فإن تدوين الأشياء يجعل تعريف العمل الهندسي أو تجميع الأهداف العامة من أجل كل الأعضاء في الفريق ممكنًا لمرة واحدة، ومن ثم يعاد استخدام هذه المعلومات مرات عديدة. إن توثيق تفاصيل القرارات المتخذة يخفف من الإزعاج الذي تسببه الحاجة إلى الدقة في إعادة تجميع المعلومات من أذهاننا لتدوينه على الورق، وكل ما نحتاجه حينها لاستعادتها هو إلقاء النظر على ما قد كتبناه. كما أن تحرر أدمغتنا من هذه الأعباء يسمح لنا بإنجاز المهام التي بين يدينا بأقصى سرعة ممكنة، مع ثقتنا بإمكانية العودة إلى ما دوناه عند الحاجة (ولنقل، عندما نفقد التركيز، أو نقع في الخلافات، أو تختلط الأمور علينا). إن هذا يؤدي إلى أنه كلما كانت الجهود المبذولة أعقد وأكثر تداخلاً في العمل، كان تدوين بعض من تفاصيلها أكثر احتمالاً لتحسين فرص النجاح.
إن تزايد عدد الأشخاص الذين يعملون معًا يؤدي إلى تزايد تعقيد وتداخل العمل الذي يجب إنجازه. من الممكن مثلاً لفريق مؤلف من ثلاثة أشخاص إجراء المحادثات في أي مكان بهدف التنسيق لكيفية تكامل جهودهم بالإضافة إلى إمكانيتهم لتذكر الأهداف النهائية للعمل على الدوام. من جهة أخرى فإن فريقًا مؤلفًا من 20، أو 100 أو ألف شخص لا يتمتع بتلك الرفاهية، وإنما يجب أن يقوم أحد الأشخاص بتعريف الخطط على أعلى مستوى للعمل كاملاً قبل إمكانية البدء بأغلب أجزائه، كما يجب على هذا الشخص أن يوثق بطريقة يمكن للجميع استخدامها كمرجع بسهولة.
إن تدوين الأمور مفيد أيضًا من أجل إعلان أهداف الفريق عبر المنظمات الكبيرة. فإذا تمكن الفريق س من تقديم أفكاره الأساسية والقرارات عالية المستوى بوثيقة قصيرة، سيتمكن الفريقان ع وص من تفهم أهداف الفريق س وطرح الأسئلة أو تزويده بالآراء بسرعة. إن مدى تعقيد وتداخل المشروع، يزيد من أهمية تشكيل وثائق قصيرة، وذلك لأن المشاريع المعقدة تكون ذات احتمالات أعلى للأخطاء المكلفة والتواصل الخاطئ. بالإضافة إلى أن الأشخاص الجدد (سواء كانوا مبتدئين أو مخضرمين) يمكنهم حينها (وهي ميزة) قراءة وثيقة ملخصة من الأفكار الأساسية للمشروع، وإنجاز عملهم بسرعة أكبر مما لو كان عليهم التعرف على هذه الأفكار الأساسية وفقًا لأساسات عشوائية.
كم تحتاج من الرؤية؟
لقد شاهدت وثائق رؤية بطول 50 صفحة، منسقة بعناية ومدعومة بالأبحاث والمخططات والتفكير الاستراتيجي، كما رأيت وثائق هي عبارة عن صفحتين من الأمور المدونة في قائمة، وإلى جانبها القليل من الجمل التي تصفها. إن الحاجة إلى مقادير مختلفة من التخطيط والهيكلية تعتمد على المشروع. ولا تخطئ بالاعتقاد أن وثائق التخطيط هي أشياء ثابتة وجامدة: إنها مجرد وثائق. ومدى كونها عميقة ومفصلة يعتمد على طبيعة المشروع وعلى ثقافة الفريق. من جهة أخرى، فإن وثائق الرؤية الجيدة تميل لأن تجيب نفس الأنواع من الأسئلة، مع اختلاف المادة في العمق والشدة.
لمساعدتك على معرفة مدى احتياجاتك للهيكلة والاستثمار في وثيقة الرؤية، خذ بالاعتبار التساؤلات التالية:
• كم عدد الأشخاص المختلفين الذين سيتأثرون بالمشروع؟ كم عدد المنظمات التي يعملون فيها؟ كيف ستجهز للتوقعات وتدونها وتنشرها لكل منظمة بالشكل المناسب؟
• كم عدد الأسئلة المنطقية التي عند الفريق نفسه عن المستقبل؟ ما المقدار الذي يجب أن يعرفه الأشخاص عما سيقومون به، ولم سيقومون بذلك؟
• كم عمق الآراء الراجعة إليك عن توجه المشروع التي تحتاجها من الآخرين؟
• ما مدى تفسير القرارات الذي تحتاجه من أجلك شخصيًا؟ (إن الرؤية الجيدة يجب أن تعتمد على ذاتها في تقديم المشروع للعديد من الأشخاص).
• ما مدى عمق المعرفة والأفكار التي يجب على مدير المشروع تقديمها إلى المنظمة كجزء من اتخاذ القرارات على مستوى المشروع؟ (تقدم الرؤية دليلاً على ذلك).
• في كل مراحل المشروع، ما مدى عمق التفكير الاستراتيجي الذي يجب أن يتمكن الفريق من الوصول إليه؟
• ما الأبحاث التي يتوقع منك المدراء التنفيذيون أو الإدارة العليا القيام بها كجزء من التخطيط للمشروع؟ وكيف ستوصلها إليهم؟
• أسيحتاج الفريق لاحقًا إلى تذكيره بالأهداف؟ أسيتجادل الأشخاص لاحقًا من أجل أمور محددة قد تم الاتفاق عليها مؤخرًا؟
إن التفصيل والقوة في الإجابة على هذه التساؤلات تؤدي إلى استخلاص قيمة أكبر من وثيقة الرؤية.
من العدل القول إن هذه الأسئلة هي أدق في موضوع القيادة ويكف يجب على القائد التعامل مع تحديات القيادة، من مجرد كونها أمورًا تتعلق بموضوع الرؤية فقط. من جهة أخرى فإن هذه الوثيقة تمثل الطريقة الوحيدة التي أعرفها لتحديد العديد من تلك التحديات في ذات الوقت. وكذلك فأنا واثق أنه حتى في حالة العمل الفردي (الرجل الوحيد الخارق)، فإن تدوين وثيقة رؤية غير رسمية (مثلاً قائمة من الأهداف) للأسبوع أو الشهر أو العام القادم يقطع شوطًا طويلاً في إنهاء تلك الفترات الزمنية بإنجاز أشياء يمكن الافتخار بها. إن مجرد تدوين الأشياء يسهل تحميل مسؤوليتها للأشخاص، ولو كنت أنت الوحيد المسؤول أمام نفسك.
أهداف الفريق والأهداف الفردية
من أجل التفصيل في الحديث عن الرؤى، فإنني احتاج إلى تعريف بعض المصطلحات. الرؤى، وأهداف الفريق، والأهداف التي تستخدم غالبًا بشكل متداخل. وإليك توضيحًا عن كيفية استخدامي لها:
• الرؤية: تعرف الأهداف عالية المستوى للمشروع كاملاً. قد يتضمن هذا أيضًا تقرير رؤية أو هدف ذي قيمة عظمى (تعرف الأهداف عالية المستوى أحيانًا في وثيقة الرؤية على أنها أغراض، وذلك من اجل تمييزها عن الأهداف منخفضة المستوى).
• أهداف الفريق: الجزء الفرعي من الرؤية المسؤول عنها فريق العمل، التي تعرف بعمق أكبر من الرؤية. (على سبيل المثال، من الممكن أن يكون الفريق س مسؤولا عن نظام قاعدة البيانات وأهدافه، والفريق ع مسؤولاً عن نظام محرك البحث وأهدافه، وفي نفس الوقت يتشارك الفريقان في الرؤية نفسها).
• الأهداف الفردية: المجموعة الجزئية من أهداف الفريق التي يكون أحد الأشخاص مسؤولا عنها.
في حالة المشاريع الصغيرة، يوجد تمييز بسيط بين أهداف الفريق والأهداف الفردية (انظر الشكل 4-2). ربما يكون المشروع أصغر من أن تكون هناك حاجة إلى هذا التمييز. لكن في حالة المشاريع الكبيرة التي تضم 50 شخصًا أو أكثر، فإن هذه الطبقة الإضافية قد تكون ضرورية. لقد اعتدت رؤية الطبقات الثلاثة التالية بسبب عملي مع الفرق الكبيرة (المعرفة تقريبًا على أنها مؤلفة من أكثر من خمسين شخصًا). طبقة من أجل المشروع ككل (الرؤية)، وطبقة أخرى من أجل كل ميزة أو مساحة في المشروع (الفريق)، وأخرى من أجل الأهداف الشخصية الخاصة بكل موظف يعمل في المشروع (الفردية). إن الطبقتين الأولى والثانية هي سجلات عامة لكل الفريق، أما الأخيرة فتكون بين الموظف ومديره.
كمثال، دعنا نعتبر مشروع شركة هيدرا، وهو موقع وب لشبكة الشركة:
• رؤية الشركة: سيكون هذا الموقع هو المورد الأكثر استخدامًا للشبكة (البحث، المحاسبة، المستودع، الموارد البشرية، السفريات)، والذي يمكن الوصول إليه بسهولة من الموقع باستخدام واجهة تواصل سهلة الاستخدام.
• سيكون الفريق س مسوؤلا عن إجراء البحث والمحاسبة التي يجب أن تكون سهلة الولوج وبسيطة الاستخدام. والفريق ع سيكون مسؤولا عن المستودع، والموارد البشرية والسفريات.
• سيقوم فريد (من الفريق س) بتصميم وتنفيذ كل المزايا المطلوبة للبحث. أما ماهر فسيقود (من الفريق ع) جهود التصميم بشكل عام، ويدون كل مواصفات واجهة المستخدم للموقع. سوف يصمم باسل (من الفريق ع) وينفذ كل المزايا المطلوبة من أجل الموارد البشرية والسفريات.
إن الفكرة هنا هي أن الوراثة مطبقة بقوة من الأعلى إلى الأسفل: حيث إن أهداف الفريق تورث من أهداف المشروع، كما تشتق الأهداف الفردية غالبًا من مجموعة أهداف الفريق (والاستثناء الأساسي يكون في الاحتياجات الفردية للتدريب والتطوير التي لا يمكن إشباعها أثناء المشروع). فإذا تم تعريف هذه المستويات الثلاثة جيدًا، ينبغي أن يأتي الجميع حينها كل يوم متحفزين للقيام بالعمل الذي أصبح منطقيًا لهم، ويساهم مباشرة في المشروع الكلي. إن بناء مثل هذه البنية يستحق بجدارة الزمن الذي يستغرقه، فهي تمثل التجمع الطبيعي للأهداف المشتركة لكل الفريق، وتجعل إدارة المشروع أسهل بكثير.
يجب أن ترتبط وثائق مختلفة مع هذه المستويات الثلاثة للتعريفات (أو على الأقل القرارات المختلفة). أما الرؤية الخاصة بالمشروع كاملاً فيجب على مدير المجموعة أو القائد الأعلى للمشروع أن يقود تشكيل وثيقة رؤية عالية المستوى، ويتوقع بعدها من قادة المجموعات أو الأجزاء وراثة وتفسير تلك الموجهات عالية المستوى إلى أهداف تابعة لمساحاتهم الخاصة، بالإضافة إلى إمكانية استخلاص مواضيع وأهداف معينة منها. أخيرًا يجب على المساهمين على المستوى الإنتاجي أن يناقشوا مع مدرائهم وقادة فرقهم ما أهدافهم ومسؤولياتهم الخاصة، بالاشتقاق من أهداف الفريق.
المزايا الخمس للرؤى الجيدة
بما أن جميع الأشياء تشتق من الرؤية عالية المستوى، يجب على القائد العام للفريق أن يستثمر المزيد من الطاقة في تشكيلها أكثر من أي مادة أخرى خاصة بالتخطيط المبكر. والميزات الخمس الأهم هي: التبسيط، الاستهداف (القيادة بالأهداف)، التثبيت (التوثيق/ الترسيخ)، الإلهام، قابلية التذكر.
التبسيط
 إن الأمر الأهم للمناضلة من أجله هو أثر التبسيط على المشروع. إن الرؤية الجيدة تقدم إجابات عن الأسئلة الجوهرية عند أعضاء الفريق، وتوفر لهم أداة لاتخاذ القرارات في عملهم الخاص. على الرغم من أن الرؤية تحتوي أفكارًا تطرح بحد ذاتها أسئلة جديدة، فإنها يجب أن تكون أقل عددًا من تلك التي يجب ألا تطرح من جديد. يجب أن يعود الأعضاء دائمًا إلى وثيقة الرؤية في المراحل الأولى للمشروع -خلال النقاشات، وفي رسائل البريد الالكتروني، والاجتماعات -وأن يستخدموها بفعالية كأداة تساعدهم في اتخاذ القرارات وتحقيق التقدم. ويجب أن يشرف مدير المشروع على ذلك، وتكون لديه الإرادة لتعديل ومراجعة وثيقة الرؤية لكي تضم الأسئلة غير المتوقعة التي ستجعلها مفيدة للفريق. إن وثيقة الرؤية يجب ألا تكون كالأثر المقدس، المحفوظ بعيدًا في حاوية زجاجية. وإنما يجب أن تكون مثل كتاب قواعد اللعبة في الألعاب الإستراتيجية بالإضافة إلى تزويدها الوضوح لكل من له علاقة بالعمل. ويتحقق هذا بأن يجعل الحدود واضحة، ويحل الخلافات بشكل سريع. إن هذه الوثيقة يجب أن تشتق من الاستعمال والملاحظات المخربشة على الهوامش. وأثرها يجب أن يكون في وضع حد للأمور البدائية بسرعة وفي إدخال الناس في صميم العمل مع تزويدهم بالثقة أن المشروع سينجح.
الاستهداف (القيادة بالأهداف)
إن وثيقة الرؤية هي المصدر الأول لأهداف المشروع. فهي تحدد معيار الأهداف الجيدة، وكم الأهداف التي يجب أن تتضمنها الخطة، وكم تحتاج هذه الأهداف من التنقيح قبل أن تكتمل. إن الأهداف المحددة جيدًا تعرف أهدافًا واضحة لأعضاء الفريق. كما أن المعلومات اللازمة تكون موجودة في الهدف نفسه أو في المعلومات الداعمة للهدف، وسيطلع عليها الناس عندما يتحقق الهدف. ويجب أن يكون أعضاء الفريق قادرين على الفصل بسهولة بين النشاطات التي يحتمل أن تساهم في تحقيق الهدف وتلك التي لا تساهم. إن تعريف الأهداف الجيدة يعتبر أمرًا صعبًا وغاية في العمق، كما أن الحصول على هدف قوي ومعرف بشكل جيد يتطلب العديد من المراجعات. وكلما كان عدد الأهداف عالية المستوى أقل، ازدادت قوة وثيقة الرؤية. كقاعدة تقريبية من الحالات المشابهة يمكننا أن نقول إن وثيقة الرؤية للمشروع يجب أن تحتوي ما بين ثلاثة إلى خمسة أهداف عالية المستوى. (انظر اللائحة التالية من تقارير الرؤية الجيدة، كمثال).
إحدى الاختصارات الشائعة في مجال الأعمال هي SMART وهي اختصار لـ:
Specific: التوصيف.
Measurable: قابلية القياس.
Action-Oriented: الفعل الموجَّه
Realistic: الواقعية. 
Timely: التوقيت. 
والفكرة هنا هي أنه إذا اتسم الهدف بجميع هذه السمات، فإنه من المحتمل أن يكون قد عرف بشكل جيد بما يكفي للاستفادة منه (من جهة أخرى فإن الأحكام الأساسية تبقى حول مدى مستوى التوصيف والواقعية للهدف). إن تقنية أخرى يمكنها أن تساعد في صياغة الهدف، وهي طريقة محامي الشيطان: تساءل كيف يمكن للمشروع أن يفشل إذا كان هدفه محددًا بشكل جيد. ثم فكر إذا كان هناك صياغة أكثر دقة للهدف، أو إذا وجدت بعض المعلومات الداعمة التي يجب تزويدها لدعم الهدف.
التثبيت (الترسيخ)
من أجل أن تتمتع وثيقة الرؤية بأي نوع من السلطة، فإنها يجب أن ترسخ الأفكار المأخوذة من أماكن أخرى عديدة. حيث إنها يجب أن تستلهم الفكر الأساسي من الأبحاث والتحليلات والتخطيط الاستراتيجي وأي جهود أخرى، وأن تشكل أفضل تمثيل لتلك الأفكار. إن أي وثيقة رؤية مقدمة للفريق ستكون فاشلة إذا تطلب استيعابها أن يقوم القارئ بنصف مجهود الكاتب.
من أجل ذلك، فمن الأفضل فصل الأهداف والموجهات عن كل تلك الأبحاث والجدالات الداعمة في الخطة، حيث يجب أن يتوفر مكان واحد لاستكشاف كل تلك الأفكار والمواد الداعمة بسهولة (صفحة أو موقع وب)، كما أنها يجب أن تشجع الشخص الباحث عن الدقة (أو الشكاك) على الاتجاه إلى ما هو أعمق من وثيقة الرؤية بحد ذاتها.
إن الترسيخ لا يعني تكديس المراجع المنفصلة العشوائية، وإنما يعني وجوب وجود ترابط فيما بنيها. حيث يجب أن تستخدم تلك المراجع القوالب والتنسيقات نفسها. أو على الأقل أن تكون سهلة الطباعة كوحدة متكاملة، ليس من أجل المعالجة وإنما لان هذا يجعلها أسهل للقراءة، وهذا ما يجبر أحد الأشخاص (والأفضل أن يكون المدير نفسه) أن يحدد بالضبط عدد المراجع أو المصادر الهامة ليتآلف الأعضاء معها. إن هذا الرقم يجب ألا يساوي الصفر، ولكنه يجب ألا يكون 15 أو 20 بحثًا أو مقالة أو تقرير.
الإلهام
إن الإلهام لا يأتي أبدًا من الأشياء السطحية (وكملاحظة جانبية، حتى الأشخاص السطحيين يحتاجون إلى الإلهام الحقيقي). من أجل التواصل مع الناس يجب أن يكون هناك مشكلة واضحة تحتاج إلى حل، ويكون لدى أعضاء الفريق بعض الاهتمام والمقدرة على حلها. على الرغم من أن قائد الفريق ذا الشخصية المؤثرة بإمكانه المساعدة، فإن هذا لا يغير نوعية الأفكار المدونة في وثيقة الرؤية. إن تزويد القارئ بتفسير واضح للفرص الموجودة وتأمين خطة جيدة للاستكشاف سوف يلهم فعليًا الأشخاص الذين لديهم أي قابلية للإلهام. على الرغم من أن المهندسين والمبرمجين يميلون للاستلهام من التحديات التقنية فإنه من السهل اشتقاق تلك التحديات من المشكلة الحقيقية التي يجب أن يحلها المشروع. تأكد من إدراك الجميع لفكرة أن تمويل المشروع هو من أجل حل المشكلات الحقيقية في العالم لا المشكلات التقنية فقط.
قابلية التذكر
يؤدي التحلي بقابلية التذكر إلى أمرين. الأول: هو أن الأفكار منطقية، أو مثيرة بشكل ما، والثاني أنها تتناغم مع القراء، وستبقى في أذهانهم في الأسابيع أو الأشهر التي سيستغرقها المشروع. إنهم قد لا يذكرون أكثر من بضع نقاط، إلا أن هذا يعتبر كافيًا لهم ليشعروا بثقة بما يقومون به كل يوم. (لاحظ أنه إذا كانت وثيقة الرؤية معقدة جدًا لاستيعاب أي شخص، فإنه من المستحيل تحقيق هذا الأثر، قلما يتذكر الناس الأشياء التي لم يفهموها).
إن قابلية التذكير تخدم جيدًا من كونك مخلصًا ومباشرًا. فإذا تمكنت من اختراق جوهر القرارات وأشهرتها بالشكل المناسب- ولو لم يوافق الناس كليًا على تلك القرارات- فإنها ستبقى في أذهانهم لفترة أطول من وثيقة رؤية مليئة بالأفكار التي يؤمنون بها كليًا ولكنها مدفونة في سجل ضعيف وضحل. لهذا ناضل من أجل جعل وثيقة الرؤية واضحة وموحية بالثقة. وامنح الفريق مفاهيم وأساليب تفكير قوية في العمل. تجنب الأفكار الجذابة والوامضة التي تلهم الناس على المدى القصير، أو اعتماد توجه جنوني وعصري، ولكنه يخرج من التيار بعد بضعة أسابيع، عندما تكون قيمة الفكرة قد انتهت.
نقاط أساسية يجب تغطيتها
يجب أن يتضمن جوهر الرؤية إجابات عن العديد من الأسئلة التالية. ومن الشائع أن تشكل هذه المواضيع العناوين الرئيسية في وثيقة الرؤية أو أن تسرد في نهايتها ممثلة قسم الأسئلة والإجابات (على الرغم من أنه عندما لا تصاغ هذه الأسئلة في جوهر الوثيقة، وتوضع كملحق، فإنه من المتوقع أن ينتقل المهندسون مباشرة إلى الصفحات الأخيرة، مما يوحي بشيء من السلبية عن قوة ما سبقها).
إن الإجابة عن العديد من هذه الأسئلة يتطلب تدخل قسم التسويق، وأبحاث الزبائن، ومصممي المنتج، أو أي خبراء آخرين موجودين- كما يجب أن لا يتأخر هذا الأمر. لقد قصدت التشابه بين بعض الأسئلة التالية والأسئلة المطروحة في الفصل السابق الخاصة بعملية التخطيط. والفرق هو أن هذه الأسئلة موجهة بشدة نحو الأولويات والقرارات أكثر منها نحو السياق والاستيعاب.
لقد كان هناك مساحة للاستكشاف أثناء التخطيط لكن الرؤية يجب أن تكون واضحة وغير قابلة للشك.
• ما الجملة الواحدة التي تعرف هذه النسخة المحددة من هذا المشروع المحدد؟ (يدعى هذا غالبًا تقرير الرؤية، أو تبعًا لشكوك الفريق، التقرير الخالي من الرؤية، وسوف نعرض لاحقًا أمثلة عن ذلك).
• كيف يساهم هذا المشروع في تحقيق أهداف المنظمة؟ لم يعتبر هذا المشروع أكثر علاقة من المشاريع الأخرى التي تساهم أيضًا في تحقيق أهداف المنظمة؟
• ما السيناريوهات/ المزايا الأساسية الخاصة بالزبائن لهذا المشروع؟ (أولوية 1).
• ما السيناريوهات/ المزايا الخاصة بالزبائن المرغوبة ولكنها ليست أساسية؟  (أولوية 2).
• من الزبائن؟ وما هي المشكلات التي يحلها هذا المشروع من أجلهم؟ وما الأدلة أو الأبحاث (المقابلة للآراء والتأملات) التي تدعم هذه التصريحات؟ وكيف سينجز الزبائن أعمالهم بدون هذا المشروع؟
• من المساهمون في المشروع بين الموجودين في المنظمة (الأشخاص الذين لهم تأثير على المشروع، دون أن يكونوا زبائن بالضرورة)؟ وما الدور الذي سيلعبونه في المشروع؟ (سنغطي موضوع هؤلاء الأشخاص في الفصل 16).
• لم يشتري أو يشترك الزبائن بهذه الخدمة؟ (إن الإجابات المشوشة مثل «لأنه ظريف» أو «لعدم توفر الخيارات الأخرى» تعتبر غير مقبولة. من جهة أخرى يجب أن تكون الإجابات عبارة عن تلخيص لما يدفع من أجله المستخدمون المستهدفون بهذا المشروع، وما مدى تناسب المشروع الجديد مع أنماط حياتهم، وميزانياتهم، أو عاداتهم اليومية. إن  الإجابة بالطبع في حالة تقنية المعلومات ستكون «لعدم توفر خيار آخر»).
• من المنافسون وكيف يقارن هذا المشروع بمشاريعهم؟ (يجب إدخال النسخ السابقة من مشاريع مشابهة ضمن المنافسة، أو ربما البدائل غير التقنية مثل الأوراق والأقلام، فالتصميم البسيط plam- pilot يعتبر الورق منافسًا أوليًا، وليست الأجهزة الالكترونية الأخرى).
• ما الحلول التي تم طلبها أو  اقتراحها بالنسبة للزبائن، ولكنها بالتأكيد لن تكون جزءًا من هذا المشروع؟
• كيف لا يعتبر هذا تقنية تستهدفها المشكلة؟
• ما الذي لن يحققه المشروع؟ (لا تكن محدودًا: عدد الأشياء التي يعتقد أو يفترض الناس أنها ستكون جزءًا من المشروع ولكنها ليست كذلك. أدخل السياسة، والعمل ووجهات نظر الزبائن إن لم تكن موجودة مسبقًا).
• ما الطرق التي يمكن أن يفشل بها المشروع وكيف يمكن تجنبها أو تقليصها؟ (في المسودات الأولى، ممكن أن توجد تقويمات فيها مخاطرة، دون أن توجد خطط لتجنبها أو إدارتها).
• ما هي المجموعات أو الشركات الأخرى التي يعتمد عليها نجاح هذا المشروع؟ وما المجموعات أو الشركات الأخرى التي تعتمد على هذا المشروع لكي تنجح؟
• على المستويات العليا، كيف سيتم تقسيم العمل بين أعضاء الفريق؟ ومن هم القادة لكل مساحة جزئية أساسية في المشروع، وما السلطات المخولة لهم؟
• ما الاقتراحات المقدمة التي يعتمد عليها المشروع؟ وما اعتماديات هذا المشروع على مشاريع أو شركات أو منظمات أخرى؟
يجب أن تتوفر الدراسة العميقة لكل نقطة أو سؤال يعتبر حرجًا أو صعبًا. كما يجب على مدير المشروع أن يبحث عن الأعضاء الأذكى والأكثر شكًا بين أفراد الفريق. وأن يدخلهم في البحث الفضولي عن الفجوات في الجدالات المنطقية والداعمة للنتائج الأساسية. وباعتبار أن هذه النقاط ستشكل أحجار الأساس لكل ما يلي، فإنها يجب أن تكون غير قابلة للجدل. وأفضل طريقة للحصول على هذه التغذية الراجعة هي إجراؤها بشكل غير رسمي، شخصيًا أو ضمن مجموعات صغيرة جدًا، مع قيام المدير بتضمين تلك الآراء والأخذ بالاعتبار وجهات النظر الجديدة بعد كل نقاش.
عن التدوين الجيد
إن وثائق الرؤية تقدم الاحتمالية المرتفعة للتفاخر، حتى لأولئك الأشخاص الذين يتواصلون أصلاً بشكل جيد مع الآخرين. حيث تظهر الفرصة فجأة لتظهر لجميع من في المنظمة كم كان تفكيرنا رائعًا -من الصعب مقاومة إغراء إظهار الذات. لكن التدوين المستخدم للمفاخرة يناقض الهدف الذي تم من أجله، حيث إنه سيشوش الأفكار بدلاً من إشهارها.
من الصعب أن تكون بسيطًا
إن الخطأ الأكثر شيوعًا أثناء تدوين وثائق الرؤية هو مساواة تعقيد التفكير بمدى تعقيد طريقة العرض. وعلى عكس ما يظنه أغلب الناس، فإن التعبير عن الأفكار المعقدة بطريقة سهلة يحتاج المزيد من العمل أكثر من أي شيء آخر (مثل كتابة الشيفرة وكتابة مقالات تشارك بهذه العلاقة). إن 10 صفحات من الملخصات والتصريحات والمخططات والأشكال يمكنها بسهولة أن تشوش على الأفكار المركزية للرؤية. وقد يبرهن وجودها فقط على نقص الثقة والوعي عند كاتبها (اقرأ أي مجلة فلسفية أو مدرسية لتحصل على وفرة من الأمثلة عن هذا). وللأسف، من السهل تقليد هذا السلوك، كما أنه يميل لأن يبدأ انطلاقًا من المستويات العليا في المنظمة، ومن ثم يتدرج نحو الأسفل مسببًا مستويات من التواصل المتخم والفائض عن الحاجة. كما يصعب في بعض المنظمات التأكد من أن هذه الوثائق قد كتبت باللغة الأم لتلك الدول.
لهذا السبب فإن وثيقة الرؤية تجهز لأكثر من مجرد توجهات المشروع فهي تحدد مدى جودة التواصل والتنسيق الذي يجب أن يتوقعه الأشخاص بعضهم من بعض أثناء العمل على المشروع. وهي فرصة لقادة الفرق ليوضحوا للآخرين كيفية الوصول مباشرة إلى الهدف وإجراء التواصل فيما بينهم بالشكل الجيد. وعلى العكس إذا كانت وثيقة الرؤية متخمة بالمعلومات ومشوشة بالمصطلحات الخاصة، ومن النوع الرنان، وكثيفة بالأفكار التأملية، وغير متناسبة أو مضللة فإنه ليس من المفاجئ أن يتسم المشروع الناتج بنفس هذه السمات.
إن وثائق الرؤية الجيدة لا تخجل أبدًا من أفكارها الأساسية، وإنما تتجنب المقدمات والافتتاحيات وإنكار المسؤوليات، ولا تخفي أبدًا القرارات الرئيسة (التي قد تكون قابلة للجدل) التي ستعرف المشروع. ولذلك فإنها تكون عادة قصيرة وسهلة القراءة. لقد كان الكثير من وثائق الرؤية الضعيفة التي قرأتها ذات حجم كبير أرعبني، ليس بسبب ضياع بريق الأفكار التي عبرت عنها، وإنما بسبب حجمها المادي، الذي أدى إلى عدم قراءتها من قبل أي كان.
التدوين الجيد يتطلب كاتبًا أساسيًا واحدًا
لقد ولد العديد من أسوأ وثائق الرؤية التي رأيتها، من قبل مجموعات. يمكن أن تمثل اللجان الصغيرة أحيانًا هيئات استطلاع جيدة، لكنها يجب ألا تلعب أبدًا أي دور في مهمة الكتابة أو سلطة اتخاذ القرار إلا في حالة وجود توافق استثنائي ورؤية مشتركة (وهذا غير متوفر عادة، باعتبار سياسات اللجان) وإلا فستكون احتمالات كون الكتابة واضحة ودقيقة، قليلة جدًا. وبالتالي فإن مدير المشروع أو قادته بحاجة إلى السلطة من أجل كتابة وثيقة الرؤية وتوحيد الآراء ضمنها، مع الإدراك طبعًا أن وظيفة هذا المدير ليست أن يكتب ما ينعكس عن شخصيته، وإنما أن يغلف بهذه الوثيقة أفضل الأفكار الموجودة في المنظمة. إن هذا الكاتب الوحيد يجب أن يكون منسقًا جيدًا وقادرًا على ضبط أفضل الأفكار مع آراء الآخرين ضمن وثيقة واحدة.
إن المرجع الأساسي للتأليف هو تصريح الاستقلال في أمريكا. حيث شكل المجلس القاري عام 1776 لجنة لكتابة هذه الوثيقة، اجتمعت اللجنة عدة مرات، ولكن بسبب إدراكها لأهمية وضوح هذه الوثيقة طلبت من Thomas Jefferson كتابة مسودة للتصريح. تمامًا مثل اقتراحي لفريق العمل بالمشروع. فقد كتب Jefferson عدة مسودات ودخل في نقاشات مع المجلس في عدة مراجعات للوثيقة. وبعدها سلمت المجموعة المجلس وثيقة نهائية بعد عدة أسابيع. إن هذه المهمة لا تحتاج أن تكون مشهورًا، حيث إن Jefferson لم يجر حفلة توقيع للكتاب أو مصادقة للمنتج الذي شكله، وإنما ببساطة مُنح السلطة لاستغلال مهاراته في أفضل خدمة يؤديها لفريقه.
الحجم الكبير لا يعني الجودة
يجب أن تكون قد أدركت أن الأفكار الواضحة لا تحتاج الكثير من الصفحات، حيث إن معظم أفضل الوثائق الإدارية في العالم لم تكن طويلة. كما أن المفكرين الجيدين والواضحين قادرون على ترشيح أفكارهم إلى مكوناتها الأساسية والمركزية، كما أنهم قادرون على التعبير عنها بطريقة أقوى بضعفي التعبير عنها بصفحات عديدة: يجب ألا نخلط بين الحجم والنوعية، ولسوء الحظ، وباعتبار أن إنتاج الحجم الكبير أسهل من إنتاج النوعية الجيدة، فإننا ننساق أحيانًا وراء إغراء «إذا لم نستطع أن نكون جيدين، باستطاعتنا أن نكتب صفحات طويلة، وربما حينها لن يلاحظ ذلك أحد». (وهي عادة أخرى تتبعها المجموعات عند قيادة عملية التأليف). ويأخذ هذا بالاعتبار، من العدل أن يتساءل القارئ لم لم أستطع أن أجعل هذا الكتاب أقصر من الاعتراف بالخطأ.
تفرض جميع النقاط السابقة الحذر في توكيل مهمة التسويد والمراجعة لوثيقة الرؤية، وتكون احتمالات ألا يشغل أفضل شخص يجري الاتصالات في المنظمة منصبًا إداريًا جيدًا، مرتفعة. إن الاحتمالية الأعلى لتأليف وثائق رؤية جيدة تتطلب أن يعرف قائد المشروع نقاط ضعفه وقوته بالإضافة إلى نقاط ضعف وقوة الفريق.
التسويد، والمراجعة والتنقيح
إن لدى كل منظمة اعتبارات مختلفة تتخذها في كيفية التخطيط للمشاريع. ولا يمكنني أن أعرض خطة بسيطة مؤلفة من خمس خطوات تبين كيفية الانتقال من اليوم الأول في المشروع، دون وجود وثيقة رؤية، إلى اليوم 20 (أو 5 أو 50) بوثيقة رؤية مكتملة ومدعومة كليًا. إن هذا الأمر يستغرق وقتًا اعتباريًا للحصول على كل الموافقات والنقاشات اللازمة لتمهد الطريق للمشروع، وذلك تبعًا لما لديك أو ليس لديك من السلطة.   
لكن المهم هو أن تبدأ عملية تعريف الرؤية قبل أن ينتهي المشروع القائم حاليًا، بالنسبة للفريق. وأن تنتهي قبل أن يتوقع الفريق الانتقال بكامل طاقته إلى المشروع التالي. أحيانًا من الممكن أن ينسحب أحد الأفراد من المشروع في مراحله الأخيرة ويخصص نصف وقته للبحث والاستكشاف في الأسئلة الأساسية التي عددناها سابقًا. عندها يستطيع مدير المشروع أن يختار الزخم المطلوب من هذا العمل، ويتوجه إلى التسويد بسرعة أكبر من لو كان يعمل وحده.
غالبًا يكون الجزء الأكثر إلحاحًا في هذه العملية، في المنظمات المتوسطة والكبيرة، هو العمل مع الإدارة العليا والفرق الأخرى من أجل تنسيق الاحتياجات التي يجب إنجازها (راجع الفصل 16). هل توجد خطط مقدمة من قبل المدير العام أو التنفيذيين لكامل الشركة التي قد تؤثر على هذا المشروع التالي؟ هل هناك حاجة إلى استشارة أي مهندسين أو مفكرين آخرين؟ من القادة في منظمتك (سواء في فريقك أو في المنظمة كاملة) الذين عندهم الخبرة، أو التأثير السياسي، الذين تحتاج إلى معرفتهم وبناء العلاقات معهم؟ هل توجد أفكار أساسية يتوقع منا الوصول إليها أو على الأقل أخذها بالاعتبار؟ هل توجد مشاريع أخرى في المنظمة تحتاج منا أن ننجز شيئًا ما تجاهها، لكي تنجح؟
في الحالات الجيدة، تزود الإدارة العليا إجابات واضحة لبعض من هذه الأسئلة ويعترفون بالشكوك التي يسببونها للمشروع عندما يتركون هذه الأسئلة الجيدة دون إجابات. أما في الحالات السيئة، فيقع العبء على مدير المشروع ليخلق إجاباته الخاصة، ويتعلم فقط من المحاولة والخطأ ما الحدود الحقيقية. (إذا كنت تدير متجرًا صغيرًا، ولا يوجد سواك وزملائك، عندها سيقع عبء التساؤلات والإزعاجات المترتبة على الإدارة العليا بشكل طبيعي، وفي كلتا الحالتين، الجيدة والسيئة، عليك).
لكن طبيعة العمل تبقى نفسها في جميع الحالات، وباعتبار وجود خط زمني معروف بين اكتمال المشروع الحالي والمرحلة الزمنية التي يجب أن يكون فيها المشروع  الجديد قد انطلق، يجب وضع نقاط وسطية من أجل مسودات تقريبية، وإجراء المراجعات مع القادة الذين يمثلون الفريق كاملاً، وإنهاء المسودات الأولى للرؤية من أجل المشروع. توقع أنه في كل مرحلة مراجعة سوف يمضي الوقت في مراجعة وتحسين المسودة (على عكس الافتراض أن جميع اللقاءات ستنتهي بالموافقة الكاملة من قبل جميع الموجودين). ابدأ بدعم صغير ومتزايد تدريجيًا للعملية والأفكار الأساسية عبر الوقت، مما يجعلها أفضل بعد كل فرصة للحصول على التغذية الراجعة. إن الخط الزمني لهذه العملية يجب أن يكون معروفًا للجميع (انظر الشكل 4-3)، حيث يجب ألا يختفي أعضاء المجموعة الصغيرة في مكاتبهم الخاصة أو في أبنية الشركة الأخرى. وإنما يجب أن يتمكن الفريق من رؤيتهم والوصول إليهم (على الرغم من وجوب أخذ الحذر حتى لا يتشتتوا عن مشروعهم الحالي). إن تشجيع الأسئلة وتوضيح الرؤية يساعد دائماً على تسهيل الانتقالات إلى العمل الجديد.
إن أحد أجزاء هذا العمل يجب أن يضمن عرضا تقديميا للأفكار الرئيسية ومسودة الرؤية لأعضاء الفرق جميعاً (وهو ما عرف سابقًا بالاجتماعات التي تشمل الجميع) بوقت مبكر بما يكفي لكونها عروض غير كاملة ولكن تتم جدولتها بوقت متأخر بما يكفي ليكون هناك أمور حقيقة للتحدث عنها. إن إجراء اللقاءات في الفترة التي ما تزال فيها الأفكار الأساسية قوية ولكن مع وجود بعض التساؤلات، يخلق الفرص للجميع لرؤية وثيقة الرؤية كشيء حقيقي، ويمكن الوصول إليه، ولكنه يعتبر مخيفا للقادة الجدد. وهم لن يرفضوا إذا كانت عبارة عن شيء ما بإمكانهم التأثير عليه وطرح الأسئلة عنه. وإذا تطورت وثيقة الرؤية عبر العديد من المحادثات وفرص التغذية الراجعة، فإن طرح المنتج الجديد سيبدو طبيعياً لكل من له علاقة بالمشروع.
تنتهي مرحلة التخطيط عندما تكتمل وثيقة الرؤية (انظر الشكل 4-3)، ويجب أن يكون الفريق عندها قد حصل على المعلومات اللازمة للقيام بعمل تصميمي جيد ويحقق الأهداف. وإذا استخدمت عملية مراجعة مثل الموصوفة في الشكل 4-2 فإن الفريق عندها يجب أن يحصل على بداية جيدة للتصميم، لأنهم إذا أدركوا الاتجاه العام في وقت مبكر.
قائمة من تقارير الرؤية الضعيفة (التي يجب تجنبها)
قرأت أثناء عملي العشرات من وثائق الرؤية، وقد تشاركت السيئة منها على نماذج محددة. إن الوثائق الضعيفة ينقصها التكامل، حيث إنها لا تقدم خطة ولا تعبر عن رأي، وإنما تفترض وتتجنب احتمالات أن تكون خاطئة. إذا لم تعرض وثيقة الرؤية رأيا واضحاً عما يجب أن يحصل ، لن يتمكن قادة الفريق من الاستثمار الكامل للجهود المبذولة ، مما يهيئ المشروع للفشل. يقول احد الممثلين في أحد أفلامه: "أن لصق الريش على مؤخرتك لا يجعل منك دجاجة". وكذلك فإن كتابة وثيقة رؤية تحوي كلمة الرؤية في سطر العنوان لا يعني أنها أصبحت وثيقة رؤية ، حيث انك ربما أجريت كل الاجتماعات اللازمة واستخدمت القوالب الصحيحة للوثائق ولكنها ما زالت تفتقد للمعنى الكامل الذي يجب أن تحققه وثيقة الرؤية ، وهذا مساو للمنطق الذي يقول أن كونك مديرا للمشروع لا يجعل كل ما تقوم به (سحريا) تصرفا قياديا ، وكذلك فان إطلاق اسم وثيقة الرؤية على شيء ما لا يعني أنها سيكون لها الأثر الذي شرحناه سابقا. يظهر الجدول بعضا من الأمور الهامة التي رايتها في وثائق الرؤية ذات المظهر المؤثر التي جعلتها غير مؤهلة لامتلاك قيمة قيادة المشروع.

 جدول تقارير رؤية عامة ضعيفة

تقارير رؤية ضعيفة مثال  لماذا حصلت أو فشلت
حوض الماء في المطبخ رفع إمكانية انجاز الزبائن لأعمالهم إلى أقصى درجة ممكنة  عنوان اكبر من أن يكون مقيدا
فهي عبارة عن تقرير بمهمة منظمة
وليست تقرير رؤية للمشروع
اللغة المربكة  تطوير وتوزيع وإدارة  مجموعة متنوعة من أدوات المعرفة الاستراتيجية والقابلة  للتوسع من اجل أفضل خدمة لعناصرنا وشركائنا والمنظمات المتعاونة معنا لتحسين احتمال الانجاز الكلي بين الأنواع العديدة لزبائننا  مصطلحات لغة المجموعات تستخدم لغة معقدة لتخفي غياب الأفكار القوية لا يستطيع احد أن يعرف ماذا تعني هذا ، وبالتالي لا يمكن أن تكون مفيدة
The wimp-o-matic  من المحتمل أن نأخذ بالاعتبار في النهاية محاولة تنفيذ شيء ما أفضل نوعا ما مما قمنا به سابقا على الأقل فان هذا ما نعتقد أن الرؤية ستكون عليه الآن ، ولكن لا تتأمل كثيرا لأننا نظن انه من المحتمل أن يتغير قريبا جدا. سيدرك الجميع مدى الضعف وانه لا يوجد ما يمكن أن يتعاون الفريق من أجله.
ما يريده قسم الإنتاج والاعتمادية أن نظرة قسم الإنتاج والاعتمادية لمنظمتنا هي أن تكون أفضل منتجين للأدوات الصغيرة في الأسواق المتوسطة وسنعمل جاهدين للوصول إلى مقاييسهم مستخدمين كل الموارد المتوفرة لنا لتحقيق ذلك أن عبارة "لقد قلت كذلك" لا تعتبر نقاشا دائما حيث يجب أن يقدم أولئك الأشخاص أسباباً  للقرارات الهامة وهذا هو الهدف من وثيقة الرؤية.

أمثلة عن الرؤية والأهداف
أقدم في هذا المقطع بعض الأمثلة عن تقارير رؤية وأهداف مشروع جيدة مأخوذة من خبرتي الشخصية، على الرغم من أنني غيرت التفاصيل، ولكن من السهل تخيل ماذا يعني العمل على هذه المشاريع، بالإضافة إلى ما قد تحتويه الأهداف خلف هذه الرؤى. 
إليك أمثلة عن تقارير رؤية جيدة: 
•    النسخة الأفضل 3.0، أداة التحرير للمحررين المحترفين: ستسهل استخدام سيناريوهات أفضل خمسة زبائن متكررين، وهي أكثر وثوقية وأسرع في العمل من النسخة 2.0.
•    Superwidgets.com: سيكون أفضل موقع واب لشراء الأدوات الصغيرة عن طريق الانترنت لوكالات الشراء في المؤسسات المتوسطة حيث انه سيجعل من عملية شراء هذه الأدوات للمؤسسات المتوسطة بسيطا وسهلا وأمنا.
•    موقع الخدمات المؤتمنة لندعم التقني النسخة 5.5: سيحدد أهم 10 شكاوى للمستخدمين في الجامعة، دون أي تأثير سلبي على الأداء العادي أو الوثوقية أو زمن استجابة النظام. 
كمثال عن أهداف جيدة للمشروع، أقدم لك ما استخدمه أعضاء الفريق الذي طور Palm Pilot لتعريف مشروعهم: 
1.    الحجم: مناسب لجيب القميص، خفيف الوزن بما يكفي دون ان يجعل استخدامه صعبا. 
2.    الكلفة: أقل من المنظم الورقي باهظ الكلفة. 
3.    البساطة: يجب أن يكون ببساطة استخدام الورق، ويعمل لحظيا ويستخدم وسائل بسيطة. 
4.    متوافق مع الحاسب الشخصي: يستخدم الحاسب الشخصي كوسيلة ترابط معروفة بالنسبة للزبون.
إن أهدافا جيدة للمشروع، مثل السابقة ، تكون واضحة وبسيطة ، وتصف العالم كما سيكون عند انتهاء العمل، تذكر أن البساطة تختلف عن الصعوبة، لقد كان تصنيع منتج يحقق هذه الأهداف تحديا تصميمياً وتقنياً هاماً، قد تمثل الأمثل السابقة عن تقارير الرؤية الجيدة تحديات هائلة لتلك المشاريع، كما أن وجود تحديات كبيرة أمام هذه المشاريع يعتمد على مدى (أفضليتها، وسهولة استخدامها، والشكاوي الأكثر أهمية منها).
دعم تقارير الرؤية والأهداف
يجب أن تدعم الادعاءات الموجودة في تقارير الرؤية أو أهداف المشروع، أو أن توضح في مكان ما ضمن الوثيقة، وبالتالي يجب أن تعرف ما تعنيه هذه التقارير بكل من (احتياجات المستخدم)، و (أسهل للأداء)، و ( الوثوقية)، و (أكثر التذمرات أهمية) بشكل جيد مما يكفي لطلب دعم الخبراء لتفصيلها بنفس الدقة والتفاصيل الموجودة في الأهداف التقنية ، فإذا وجد ادعاء مثل (سهل الاستخدام) دون وجود أي شخص لديه الخبرة في موضوع سهولة الاستخدام، عندها لن يكون الفريق جاهزا لتحقيق الهدف، كما يجب على القادة أثناء إنتاج وثيقة الرؤية تقويم الموارد اللازمة للنجاح وكيف ستملأ الفجوات في هذه الموارد والخبرات ( تشمل الخيارات: التدريب ، وتشغيل موظفين جدد، وتغيير الرؤية ، أو انتظار الحظ).
يجب أن تكون الرؤية مرئية 
حصلت الرؤية على اسمها بسبب انه من المفروض أنها تحسن قدرتنا على التخيل والتبصر بنوع محدد من النتائج، فعندما ننظر إلى صورة ما ، تحصل على مستويات عديدة من المعلومات دفعة واحدة فالصور تقدم فهما أسرع ووضوحا اكبر من زمن اقل لعدد اكبر من الناس مما تقدمه الكلمات، وذلك نتيجة للعديد من الأفكار والمفاهيم المعقدة، لقد جرى العديد من النقاشات في مكتبي مع المبرمجين أو المهندسين الذين ناضلوا لتوضيح نقاط الجدالات التي "كانت تنتهي فقط عندما يتوجه احدنا أخيراً  إلى اللوح الأبيض، ويرسم مخططا للفكرة، ويقول "هل تعني هكذا؟"، وكنا نضحك عادة على الوقت الذي أهدرنا في محاولة شرح نماذج الأشياء أو التصاميم باستخدام كلماتنا وأيدينا، في حين كان اللوح الأبيض وقلمه أسرع بكثير في انجاز ذلك اعتقد أن الثقافة الأمريكية، تؤكد على أهمية المهارات الكلامية والرياضية ، أكثر منها على مهارات الفنون والرسم، كما تم تدريب الأفعال الانعكاسية عند معظم المحترفين ضمن هذا الاتجاه، لكنني مقتنع أننا وللأسف قد نسينا قوة الصور في التغيير عن الأفكار.
لقد احتوت أفضل وثائق الرؤية التي شاهدتها على صور حيوية ، حيث قدمت رسومات تقريبية، ونماذج ذات أحجام طبيعية ، أو نماذج أولية عن الحالة النهائية في حال اتباع وثيقة الرؤية ، حيث قدم كل ذلك كاقتراحات وأشكال تقريبية، لتعطي الأشخاص ما يكفي من الأفكار للمساعدة على بلوة الأهداف الموجودة في وثيقة الرؤية ضمن أذهان القراء، لقد بدا واضحا أن هذه النماذج ذات الأحجام الطبيعية كانت بعيدة جدا عما ستكون عليه النسخة النهائية لما تبنيه، وقد كانت بعيدة جدا ولكنها قدمت فقط كمحاولة مبكرة لعرض الأفكار الموجودة في وثيقة الرؤية أن هذا النوع من التأمل يمكن الأشخاص من التحدث عن العمل نفسه، بدلا من التحدث عن تجريد العمل المقدم في الرؤية.
 تتوافق النماذج ذات الحجم الطبيعي والنماذج الأولية غالبا بشكل اكبر مع المهندسين الأكثر التزاما والمبرمجين، من أي مخطط لنموذج ما أو عينة من الشيفرة، حيث تعرض لنماذج الأولية البصرية شيئا ليس موجودا بعد، ولكن وجوده محتمل، على عكس تلك النماذج المألوفة التجريدية للتعبير. يصنع مهندسو المركبات الفضائية ومصممي السيارات العديد من النماذج ذات الحجم الطبيعي الفيزيائية، والنماذج الأولية لمساعدتهم على فهم الأفكار التي يعملون عليها، ولكي يحصلوا على التغذية الراجعة عن هذه الأفكار من الآخرين، يجب ألا تمانع وثائق الرؤية الجيدة استخدام تقنيات مشابهة، حيث أن عرض مخطط للمنتج النهائي يسمح للجميع أن يضع عمله الخاص ضمن سياق اكبر، وبالتالي فإن أعضاء الفريق لا يقومون فقط ببناء العناصر، وإنما لديهم فكرة عن التسهيلات التي ستقدمها هذه العناصر عند انتهائها. 
إظهار الأشياء غير المرئية
إن مجرد كون المشروع لا يحتوي على واجهة تواصل او تفاعل مع الزبائن لا يعني انه يمكن جعله كيف سيصبح العالم عند انجاز هذا المشروع؟ من المحتمل أن تكون الرؤية باتجاه إزالة بعض المشكلات أو مصادر القلق التي يعاني منها الناس (مخدمات بطيئة، أو قواعد بيانات معطلة، الخ...) يمكن جعل هذا إظهاريا يعرض مشاهد قبل – بعد (او محاكيات) لنفس موقع الواب – أو نموذج أولي يقارن تسلسل الخطوات التي يجب على الزبائن القيام بها قبل وبعد- معبرة عن مدى سهولة الأمور بعد انجاز البنية أو قواعد البيانات الجديدة. يوجد العديد من الطرق للتعبير عن الأفكار إظهارياً، بغض النظر عن مدى تجريدها أو تقنيتها، فإذا سمح المشروع مثلاً للزبائن بقضاء وقت أقل خلف مكاتبهم، اعرض كرسياً فارغاً خلف المكتب، إما إذا كان المشروع سيجعل قاعدة البيانات أسرع، اعرض نموذجين تجريبيين، قبل وبعد، إذا كانت نسبة الخطأ لواجهة برمجة التطبيقات المدمجة في النظام المضمن ستنخفض بمقدار10% ، اعرض الحالة الاختبارية المستخدمة لقياس ذلك قبل وبعد انتهاء المشروع. 
أعط الفريق صورة إظهارية بغض النظر عن مدى كونها تافهة أو مملة، وذلك من أجل تحديد إطار لعملهم الفردي _ إذا لم يكن من أجل إظهار النتيجة النهائية_ ولو كمخطط أو نموذج طبيعي أو رسم تخطيطي، وإلا فسأشك إن الرؤية غير واضحة، فإذا لم تتمكن من إيجاد أي عرض إظهاري لأثر المشروع على العالم، يجب أن تقلق بشأن أن مشروعك يتوجه نحو شيء ما لا يحتاجه العالم، أو انه ليس معرفا بشكل جيد مما يكفي لينجح.
أن هذه المهارة في تخيل المستقبل والتعبير الإظهاري للأفكار، خاصة عندما يتدخل الزبائن في ذلك، هي ضمن نطاق عمل المصممين الذين يدعون أحياناً المصممين التفاعليين او مصممي المنتج أو مصممين صناعيين، فهم الخبراء المحترفون الذين تدربوا على كيفية تحويل الأفكار إلى صورة، وتحويل التفكير التجريدي إلى تفاصيل سيراها الزبائن ورغم أن بعض المهندسين لديهم هذه المواهب، إلا أن القليل منهم صقلها لتتحول إلى مهارات، وإذا كان إرضاء الزبائن وسهولة الاستخدام من ضمن الأهداف، عندها يجب استدعاء خبرات المصممين في مراحل مبكرة من المشروع وإشراك هذه الناحية في الرؤية ستكون واحدة فقط من المساهمات الطبيعية التي سيقومون بها من أجل المشروع، وإذا استعين بهم باكراً بما يكفي ومنحوا السلطة للتدخل الحقيق، فإنهم لن يكتفوا بجعل المنتج يبدو جيداً، وإنما سيساهمون أيضاً بشكل عام في جعل المنتج نفسه يبدو جيداً.
اختبار منطقية الرؤية: الفرض اليومي 
تقبع إحدى النسخ الأصلية للدستور الأمريكي في مكان مظلم، خلف حواجز سميكة من البلاستيك الشفاف، في متحف في واشنطن، فإذا لم يكن الوصول إلى الأفكار سهلاً، أو إذا لم يلق عليها الضوء، فإنها ستتلاشى (إلا إذا كانت هامة لدرجة أن تعرض في المتاحف)، من السهل فقدان متابعة مدى ملائمة القرارات اليومية للعمل الكلي، حتى للمشاريع قصيرة الأمد، وغياب الرؤية الخاصة هذه الأفكار الأساسية يشجع على هذه الفوضى، قد يكون الناس مشغولين إلى درجة كبيرة، ويشعرون بالرضا عن النماذج والأجزاء التي يشكلوها، ولكن من دون إجراء المراجعات العامة والمتكررة من الصعب معرفة فيما إذا كان كل ذلك ما زال يمضي في الاتجاه الصحيح إن الرؤية والأفكار الأساسية والأهداف التي هي جزء منها يجب أن تبقى حية في ممرات ومكاتب الأشخاص الذين يقومون بالعمل.
لكي تبقى الرؤية ظاهرة، يمكن تمثيل بعض الأهداف الأساسية على قصصات ورق مقوى كبيرة ووضعها في الأجزاء الأكثر ازدحاماً في الممرات، ويجب أن تتم مناقشتها ضمن اللقاءات الأسبوعية أو الشهرية وقراءتها بصوت عال أمام جميع الموجودين في الغرفة قبل بدء الاجتماع.
كما يجب أن يحتفظ أعضاء الفريق بهذه النقاط الأساسية على أول صفحة في مذكراتهم، أو في أول درج من دروجهم، ويجب أن يتمكن معظم أعضاء الفريق غالبا من تسمية أهداف المشروع على الأقل، وبالتأكيد تلك التي تتعلق مباشرة بما هم مسؤولون عن إنجازه. 
إلا أن هذه الإظهارات لا تجعل من الرؤية حية بالضرورة، إن كون الناس قادرين على تذكرها لا يعني أنهم مستمرون باستخدامها وتقويمها لتساعدهم في عملهم، وإنما يتطلب ذلك إجراءات من قبل قادة الفريق، حيث يجب عليهم أن يستمروا بالإلحاح على الأسباب نفسها التي أدت إلى تشكيلها.
اطرح الأسئلة التالي في كل لقاء قيادي أو خاص بتوضيح حالة المشروع طوال فترة المشروع. 
1.    هل تعكس الرؤية بدقة أهدافنا ومقاصدنا من هذا المشروع؟ 
2.    هل تساعد الرؤية القادة، أو باقي المشتركين في المشروع على اتخاذ قرارات ورفض المطالب التي تكون خارج مجال المشروع؟ 
3.    هل هناك أي تغييرات في الرؤية يجب أخذها بالاعتبار يمكن ان تلبي السؤالين 1 و 2؟
إذا تمكن قادة منظمة ما من جعل وثيقة الرؤية شيئاً حياً ، فإنهم يدفعون الجميع بذلك للقيام بالشيء ذاته، حيث تبقى الرؤية والأهداف صحية ويكن اعتبارها مصدراً مستمرا للتحفيز والوضوحية لكامل أعضاء الفريق. 
إن هذا لا يعني أنه يجب أن تتعدل الرؤية باستمرار ، بل على العكس يجب ان تكون التغييرات الرئيسية نادرة بعد ابتداء المشروع بكامل طاقته، ولكن كتعديل قانوني، يجب أن يبقى الاحتمال مطروحاً، حيث إن حالات معينة ستسوغ وجوب التغيير، حيث يساعد هذا الاحتمال على جعل الجميع ملتزمين، ويحافظ على الرؤية وأفكارها الأساسية عالقة في أذهانهم. 
خلاصة

  • تؤدي وثيقة الرؤية إلى استخلاص مواد التخطيط الآخرىن ووضعها ضمن خطة وحيدة على أعلى مستوى. 
  • إن تدوين الأشياء يساعد كلاً  من الكاتب وأعضاء الفريق، حيث يؤمن ذلك أساساً للنقاشات ونقاطاً مرجعية لا تعتمد على ذواكرنا القابلة بسهولة لحياتنا. 
  • يختلف مقدار التفصيل في وثيقة الرؤية بحسب طبيعة المشروع والفريق. يجب أن تشتق أهداف الفريق من الأهداف المعرفة في الرؤية، كما يجب اشتقاق الأهداف الفردية من أهداف الفريق.
  • الرؤية الجيدة تكون بسيطة، ومقودة بالأهداف، ومرسخة، وملهمة، وقابلة للتذكر.
  • الحجم لا يساوي النوعية. ويتطلب مراعاة الدقة المزيد من الجهد. 
  • حافظ على حيوية الرؤية بطرح أسئلة عن مدى مساعدة الرؤية في اتخاذ القرارات اليومية في المشروع.

المرجع
كتاب : فن إدارة المشروعات، تأليف : سكوت بيركان، ترجمة حلا قش قش، دار شعاع للطباعة والنشر والتوزيع. ص 87 إلى ص 109

تحميل محتوى الصفحة رجوع